هل سيغادرون العراق؟

فيصل حسين بوشهري

مر العراق بعدة مراحل تاريخية منذ سقوط الحزب البعثي الكافر بدخول القوات الأجنبية أراضيه بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. في هذا العام عام 2008 تكمل الولايات المتحدة الأمريكية عامها الخامس على أراضيها. ولا نزال نتساءل و يشارك تساؤلنا الكثير.. متى ستغادر الولايات المتحدة الأمريكية العراق؟ بل هل ستغادر العراق؟ و كيف سيكون العراق في الأربع سنوات القادمة بقيادة الرئيس الأمريكي الجديد؟ ما هو موقف الجمهوريون؟ و ما هو موقف الديمقراطيون؟  قبل أن أشرع بحديثي أود أن أذكر نقطة مهمة.

قضيتنا و قضيتهم

مغادرة الولايات المتحدة الأمريكية العراق ليست قضيتنا نحن فقط كون أن العراق نال اهتمام مرجعياتنا الدينية و أصحاب الشأن الذين كتبوا و تحدثوا ولا يزالون كذلك حتى يومنا هذا لجعل غد العراق أفضل من اليوم الذي يعيشه حاليا.. و ليست قضيتنا نحن فقط كون أن العراق يضم أقدس بقع الأرض لنا و محطة للعديد من أنبياء الله و رسله. بل هي قضية الأمريكيون أيضا و يعتبرها البعض أنها أهم تحدي تواجهه الولايات المتحدة الأمريكية حاليا نظرا للتأثير التي تركته على اقتصادهم.. قواتهم الدفاعية.. والمركز الذي تحتله بين دول العالم. ليس المتضررون من التواجد الأمريكي في العراق نحن فقط.. و لا الشباب الأمريكيون الذين أرسلوا عن طريق حكومتهم للعراق ليعرضوا انفسهم للخطر أو ليخسر العديد منهم أرواحهم بسبب التكفيريين و اعداء الانسانية. بل الحرب تركت أثرا كبيرا على الأمريكيين في أراضيهم أيضا الذين بدؤوا يدفعون ثمن الحرب عن طريق هبوط قيمة الدولار الأمريكي.. و زيادة أسعار الغاز الطبيعي و النفط. هذا بالإضافة لعجز أعظم دولة في العالم حاليا بدعم تواجدها في العراق اقتصاديا و اللجوء لطلب مساعدات من الصين.

مغادرة أراضي العراق و بقاءها مستقلة بدون أي معاهدات مع دول أجنبية مطلبنا نحن. فأي معاهدة عسكرية.. اقتصادية.. أو أمنية تجعل دولة المسلمين تحت سيطرة أي قوة أجنبية حرام شرعا كما ذكر الإمام الشيرازي الراحل قدس سره في وصفه للدولة الإسلامية. و مغادرة أراضي العراق مطلب الأمريكيون أيضا نظرا للثمن الغير ظروري الذي بدؤوا يدفعونه سواء شاركوا في الحرب أم لم يشاركوا.

متى سيغادرون العراق؟

كما ذكرنا مقدمة المقال أن العراق مر بعدة مراحل تاريخية منذ سقوط الحزب البعثي الكافر و دخول القوات الأجنبية أراضيه. و بعد مرور خمسة سنوات نتساءل و يتساءل معنا الأمريكيون.. متى ستغادر الولايات المتحدة العراق؟ و للأسف في كل مرة نجد الجواب نفسه بعذر مختلف.

فعندما تزيد الأوضاع سوءا يقولون بأن علينا البقاء حتى تتحسن الأوضاع. و عندما تتحسن الأوضاع يقولون بأن جهودنا و مكتسباتنا يجب أن لا تضيع. يقولون بأننا نريد أن نقيم نظام ديمقراطي في العراق و ندرب قوات الدفاع العراقية ليكونون على قدرة للدفاع عن أنفسهم في غيابنا. و لله الحمد العراق الآن يملك دستورا وصفه البعض بأنه من أرقى دساتير العالم. العراق يملك برلمان منتخب.. و آلاف من قوات الأمن. فمتى سيغادرون العراق؟

كانوا يكررون بأن الحكومة العراقية تحتاج لقواتنا على أراضيها و لو طلبوا منا الرحيل لرحلنا. رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي طلب مؤخرا من الولايات المتحدة الامريكية تحديد موعد لمغادرة قواتها العراق.. و لكنهم كالعادة رفضوا.

سوء الأوضاع أو تحسنها لم يحرك القوات الأمريكية. و لا حتى طلب الحكومة لتحديد موعد لرحيلها حركها. فمتى ستغادر؟

الجواب بسيط و المتتبع لتلك الأحداث سيجيب بنفس الإجابة.. بغض النظر عن الأسباب التي تدفعها للبقاء.. إنهم لا يريدون مغادرة العراق.  و ستستمر الحالة على ما هي عليه حتى إنتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية العام الحالي التي يتنافس عليها مرشحان لهما وجهات نظر نوعا ما متباينة حول تواجدهم في العراق.

مكيين وأوباما والعراق

جون مكيين مرشح الحزب الجمهوري يرى الوضع كما يراه معظم من كان ينافسه على تمثيل الحزب.. لا يمانع من بقاء الولايات المتحدة الامريكية لخمسين سنة أو مئة كما ذكر في سؤال أجابه في لقاء عقده في ولاية نيو هامسفير. يعتقد مكيين أن تواجد قواعد أمريكية في كوريا الشمالية .. ألمانيا.. اليابان أو أي دولة أخرى أصبح عادة أمريكية و يجب أن  يربح الأمريكيون حربهم ضد الإرهاب في العراق و بناء دولة ديمقراطية.

في الجهة المقابلة يأتي باراك أوباما مرشح الحزب الديمقراطي الذي يرى بضرورة عودة القوات الأمريكية لأراضيها و يقول في خطة وضعها مع خبراء عسكريون بأنه سيقوم بسحب القوات العسكرية الأمريكية تدريجيا إلى صيف عام 2010. لن يسحب أوباما القوات الأمريكية بشكل كامل و إنما سيجعل قواعد غير دائمة لمحاربة الإرهاب و حماية المكتسبات الأمريكية و تدريب القوات العراقية.

و ما بعد؟

الواضح أن أوباما أكثر دبلوماسية من مكيين في هذه القضية و عدة قضايا اخرى و لكن اختلافهم ليس جذريا حول المسألة. و في هذا الشأن يذكر عضو الكونغرس الأمريكي رون بول بأنه لمدة سنين طويلة الحزب الجمهوري و الحزب الديمقراطي يتنافسان على كرسي الرئاسة و كلاهما يحملان نفس الفكر و الاستراتيجية و لكن باختلافات بسيطة حول قضايا اخذت اهتمام الشارع كالعراق و الإجهاض أو غيره.

سواء  نجح الديمقراطيون في استرجاع البيت الأبيض أو نجح الجمهوريون في البقاء فيه.. لن تتغير السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية. ستبقى هناك حوال 130 قاعدة عسكرية أمريكية موزعة حول الكرة الأرضية  و قد اضيفت العراق الى قائمة تلك الدول منذ عام 2003.

نعلق ما تبقى من آمالنا على قيادتنا الدينية و أصحاب الشأن الذين أعطونا الأمل حين سلبوه منا.  و نسأل الله أن يحمي العراق بمقدساته و شعبه و نسأله أن يرينا عراقا تحكمه الأغلبية التي تحترم الأقليات و تعطيها من الحقوق مالا تعطيها أكثر الأنظمة ديمقراطية إنه سميع مجيب.

* بنسيلفينيا - الولايات المتحدة الامريكية

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد  27/تموز/2008 - 23/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م