جامعاتنا...  آيلة للسقوط

سعد الكعبي

تعاني جامعاتنا العراقية هذه الايام من ظواهر سلبية عديدة على الصعيدين المهني والمجتمعي اذا صح التعبير.

فالجامعات العراقية التي كانت ذات يوم مثالا في الانتظام والمنهجية العلمية الرصينة صارت ومنذ ايام نظام العفالقة مأوى لرجال مخابرات صدام واذنابهم ممن حولوا تلك القلاع العلمية الى اوكار لممارسة اعمالهم الاجرامية القذرة.

وتحولت تلك الجامعات الى ثكنات عسكرية لاعوان النظام وازلامه الذين نجحوا في جعلها تسير على وفق النمط البعثي والعسكري في التعامل مابين الهيئات التدريسية والطلبة من جهة وبين الهيئات التدريسية وادارات تلك الجامعات من جهة اخرى، وانسحب ذلك الامر برمته على الكليات والمعاهد التابعة لهيئة المعاهد الفنية كافة وصارت تلك المعاهد والكليات مثالا سيئا في الحصول على الشهادة العلمية التي  صارت مجرد (يافطات) توضع هنا وهناك فيما تمارس الكوادر البعثية المخابراتية عملها في تخريب ومراقبة عقول الطلبة وتحويلها الى النهج الصدامي الطائفي.

والادهى من ذلك كله لم يكتف النظام الصدامي بالمراقبة وتثقيف الاجيال بالتشوهات التاريخية والاخلاقية بل زرع جراثيمه وسط العملية العلمية، وبين ليلة وضحاها اندس رجاله في مقاعد الدراسات العليا ليحصلوا على شهادات علمية كبيرة بطرق ملتوية وبادنى جهد يبذل للحصول على مثل هذه الشهادات في ظروفها الطبيعية.

وهكذا صار ضابط المخابرات ورجل الامن والحرس الشخصي لفلان وعلان اساتذة في الجامعات وتوابعها من الكليات وكذلك المعاهد. وغدا العلم مجرد اضحوكة بلا لون ولا طعم ولا رائحة.

ومع تغير الاحوال في التاسع من نيسان عام 2003 وانقلاب كل الامور راسا على عقب وهروب اقطاب واذناب ذلك النظام الدكتاتوري وجدنا ان ازلام الصدام في المجال التعليمي ظلوا على حالهم يمارسون اجنداته في زمن الديمقراطية التي على مايبدو غفلت او عجزت عن ملاحقتهم وكشف الطرق غير المشروعة التي صاروا فيها من حملة الشهادات العليا.

ومما يؤسف له ان تلك النماذج صارت قدوة في جامعاتنا اليوم فالحصول على الشهادة العلمية الرفيعة عملية  سهلة مادام هنالك احزاب وشخصيات قادرة على ان  تجبر تلك الجامعات والكليات بطريقة او اخرى على قبول هذا او ذاك.

فصارت المهنية العلمية في خبر كان واصبحت المنهجية شيئا ليس مهما مادام التزاوج الفكري قد حصل بين رجال العهد البائد ورجال العهد الديمقراطي واحزابه المتنفذة واصبح الحصول على شهادة جامعية عليا لا يتطلب اكثر من ستة اشهر وعلاقات مع هذا المسؤول الجامعي او ذاك.

ويكفي للمرء زيارة واحدة للاطلاع على الانحلال العلمي والاخلاقي في تلك الكليات والمعاهد اما الفساد الاداري والفوضى التدريسية فقد اصبحت من الثوابت في صروحنا العلمية.

فهذا العميد يتقاضى عشرين مليون دينار اجورا عن محاضرات ومناقشات لرسائل علمية وامور اخرى مخفية في مقابل استاذ جامعي لا يتعدى راتبه واجور محاضراته بضعة مئات من الالاف من الدنانير مع فارق ان الاول من اتباع النظام البعثي ومتملق للاحزاب والكتل السياسية الكبيرة والثاني  رجل علم ومهمته بالدرجة الاولى والاخيرة خلق جيل اكاديمي يسهم في تطور البلاد .

واعتقد ان استمرار الاوضاع في الجامعات والمعاهد والكليات التابعة على هذا المنوال فان مصير هذه البلاد سيكون مجهولا بايدي اذناب البعث وزمر الاحزاب والكتل الجديدة التي على مايبدو شعارها الاول على غرار من سبقها نحن اول من نستفيد واخر من يضحي.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء  23/تموز/2008 - 19/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م