زواج الطفلة في ظل قانون القبيلة والإيذاء النفسي

شبكة النبأ: تختلف القيم الاجتماعية من دولة إلى أخرى، كذلك العادات والتقاليد، وهذا كله متوقف على المستويات الإدراكية، بينها نسب التعليم، والثقافة، والمدنية، والتطور العلمي، وغيرها كثير من الأمور التي تعد مسلمات في تقدم البلدان ونموها وتطورها. أما الجانب الإقتصادي في هذا كله يكون المحور الرئيس في جميع التغيرات والتحولات.

الفتيات، البنات، طرق التعامل معهن، تزوجيهن، تربيتهن، كل هذه الإمور أكيد متوقفة على العناصر التي ذكرناها سابقا، كما ينبغي التعامل مع هذه الإمور في تربية الفتيات بحساسية مفرطة، في ظل جيل انفتح على العالم أجمع، وبدت الرقميات تتسلل إلى غرفنا الصغيرة.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير نسلط الضوء على بعض المشاكل الخاصة بتربية الفتيات، وماتعانيه الفتاة في بعض الدول العربية من الحرمان لحقوق والإعتداء عليه بإسم العرف والتقليد:

بنات اليمن والزواج في سن الطفولة المبكر

في الزمن البعيد، وبالتحديد في العصر التوراتي، عُرف اليمن باسم الشيبة، ولاحقا في العصر الروماني، عرف هذا البلد الآسيوي باسم فيلكس العرب، أي اليمن السعيد، وذلك بسبب المساحات الطبيعية الكبيرة.

ومؤخرا، تعالت أصوات عديدة في البلاد تطالب بإعطاء الأطفال حقوقهم، وفي المقدمة، حقهم بعدم الزواج إلا بعد وصولهم للسن القانوني.

فبسبب الوضع الاقتصادي للبلاد، وانعكاس ذلك على اليمنيين أنفسهم، يقوم عدد كبير من الأهالي بتزويج بناتهم في سن صغيرة، وذلك للتخلص من أعبائهن المالية.

إلا أن هناك عددا من الفتيات اللاتي أبين الخضوع لمثل هذه العادات، وقررن التحدث إلى العالم عبر العدالة والإعلام حول ما تعانيه النساء في اليمن جراء ممارسة عادات وتقاليد عفى عليها الزمن. بحسب (CNN).

إحدى هؤلاء الفتيات هي نجود علي، التي وبعمر العاشرة تزوجت وطلقت، وقررت الحديث عن تجربتها، والتي تحكيها وكأنها فيلم سينمائي طويل.

تقول نجود: عندما أرغمت على الزواج كنت خائفة للغاية، ولم أكن أريد ترك أخوتي وأخواتي وأمي وأبي.

والعائلة التي لم ترغب نجود في تركها كانت السبب الرئيسي في إرغامها على الزواج برجل يكبرها بثلاثة أضعاف عمرها.

وتضيف نجود: لم أرغب في النوم مع ذلك الرجل، إلا أنه أجبرني على ذلك، وقام بضربي وإهانتي.

والدة نجود، حاولت الدفاع عن نفسها وزوجها، فقالت: عندما سمعت ما قالته نجود، اشتعل قلبي حرقة على صغيرتي، فلم يكن من المفترض أن يجبرها زوجها على النوم معه.

أما والدها، فيقول: لقد كان مجرما بالفعل، فقد آذاها بطرق شتى، ولم يف بوعده لنا في أن لا يقربها حتى تصبح في العشرين من عمرها.

ولكن في النهاية، لم يكن في يد الوالدين أي حيلة، فنجود الآن هي ملك لزوجها فقط، كما يقولان.

وقصة نجود ليست الوحيدة في اليمن، فهناك آلاف الآباء الذين يتبعون العادات والتقاليد القبلية، ويزوجون بناتهم قبل سن العشرين.

هذا ما تؤكده مجموعة العون الدولية أوكسفام، حيث تقول إن أكثر من نصف الفتيات في اليمن يتزوجن قبل سن الثامنة عشر من رجال يكبرهن بأعوام كثيرة.

إلا أن السبب الآخر خلف هذه الزيجات المبكرة، كما تقول أوكسفام هو خوف الأهل من العار أو الفضيحة في أن تهرب ابنتهم مع شخص ما، وتجلب العار للعائلة.

وتقول سهى باشرم، من أوكسفام: هناك خوف دائم لدى العائلات في اليمن في أن تجلب الفتاة العار لأهلها، كأن تهرب مع أحدهم، أو أن تقيم علاقات مع شباب خارج إطار الزواج.

وتؤكد سهى أن مثل هذه المشاكل تشكل بحد ذاتها كارثة عالمية، وأوكسفام بالتالي تحاول مساعدة هؤلاء الفتيات عبر منع هذا النوع من الزواج، أو بمحاولة منع العنف الناتج عنه.

وتقول: بالنظر إلى قضية نجود، سنرى أن اليمنيين لا يعتبرون هذا الزواج خطأ، وأن ما لقيته الطفلة من تعذيب وإهانات هو أمر طبيعي بالنسبة للفتيات في اليمن.

المبهر في قضية نجود هو أنها لم تصمت كغيرها، بل قررت التحدث عن تجربتها، والخروج للعلن، ليعرف العالم بأسره ما تعانيه، وغيرها من الفتيات في اليمن.

فبعد كل ما واجهته نجود من تعذيب، قررت، وبإذن من والديها، الذهاب إلى المحكمة العليا في اليمن، ودخلت إحدى قاعات المحاكم، وجلست على كرسي، وطلبت لقاء أحد القضاة لتخبره بمشكلتها.

وتقول نجود: عندما رآني القاضي سألني: ماذا تريدين؟ فأجبته أنني أريد الطلاق، فرد علي باستغراب: هل أنت متزوجة؟ فقلت له نعم.

ما حدث بعد ذلك هز المجتمع اليمني بأسره، فقد تم حبس الزوج والأب حتى موعد النطق بالحكم، لتضمن المحكمة عدم هربهما. بينما بقيت نجود في عهدة محامية تدافع عن حقوق المرأة في اليمن، لضمان سلامتها.

هذه المحامية، التي تدعى شذى ناصر، تحدثت لشبكة CNN، عن تجربة نجود المؤلمة، فقالت: لقد تم سلب نجود جميع حقوقها.. فهي لا تملك الحق في الدراسة، ولا الحق في العيش كطفلة. لذا طلبت من تلك الصغيرة ألا تخاف، لأنها على حق، وسنضمن حصولها على جميع حقوقها.

وفي النهاية، حصلت نجود على حريتها بالطلاق، وتنازلت عن جميع ما تملكه لزوجها، الذي خرج بعد ذلك طليقا.

وتقول نجود: لقد فعلت ذلك حتى يسمعني الناس، ويفكروا قبل تزويج بناتهم في سن صغيرة.

وحاليا، لا تركض نجود كغيرها من الأطفال في شوارع صنعاء، ولا تلعب بالألعاب في الخارج كبنات سنها، فالمجتمع من حولها لا زال يرى أنه ما كان عليها فعل ما فعلته، لأنها وببساطة تحدت مجتمعا بأكمله.

ولعل أبرز أمنيات نجود هو أن يصلح حال الأطفال في الجيل القادم، وبالطبع أن لا يطرق باب بيتها أي عريس، لأنها قررت عدم الزواج أبدا.

ويذكر أن اليمن يعتبر من الدول الفقيرة في منطقة الشرق الأوسط، حيث أن أكثر من ثلثلي السكان هم تحت سن الخامسة والعشرين.

مراهقات أمريكا وتحذير من حمل الصغيرات

قال معهد الصحة القومي الأمريكي إن البيانات الموجودة لديه تؤكد بأن حالات الحمل بين المراهقات سجلت ارتفعاً خلال الفترة الماضية، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1991، مشيراً إلى أن ذلك يشكل خطراً صحياً على الأمهات والأجنّة.

واعتبر المعهد، وفق تقرير أعده حول الحالة الصحية لأطفال البلاد للعام 2008، أن المراهقات بين سن 15 و19 عاماً غالباً ما يفتقدن العناية الصحية المناسبة، كما أنهن يملن إلى التدخين أكثر من الأمهات الأكبر سناً، ويعاني أطفالهن من نقص في الوزن، وبشكل عام فإن ثلث الفتيات في الولايات المتحدة ينجبن أطفالاً قبل سن العشرين. بحسب (CNN).

وقال إدوارد سودنيك، مدير الدائرة القومية للإحصائيات الصحية لدى مركز الوقاية والعلاج من الأمراض في الولايات المتحدة: يعد حمل المراهقات من بين المؤشرات الأساسية لصحة الشباب، لأنها لا تعكس حقيقة وضعهم الصحي في لحظة معينة فحسب، بل وتحدد مسار هذا الوضع للعقود المقبلة.

وأضاف: كما أن حمل الفتيات الصغيرات في السن يدل على مستقبل أطفالهن، إذ سينجبن أولاداً دون الوزن المثالي، على الأغلب، وهذا الأمر مثير للقلق.

ووفقاً للأرقام المتوفرة، فقد كان عدد المراهقات الحوامل بين سن 15 و17 عاماً قرابة 133 ألفاً عام 2005، بمعدل 21 حالة لكل ألف فتاة، غير أن الرقم ارتفع عام 2006 إلى 139 ألفاً، بمعدل 22 حالة لكل ألف فتاة.

أما إذا جرى توسيع دائرة البحث لتشمل الفتيات حتى سن 19 عاماً، فسوف يتضح أن الأمهات من تلك الشريحة أنجبن 435 ألف طفل، ويشمل ذلك قرابة ثلث المراهقات في الولايات المتحدة.

من جهتها، ألقت ميشال أوزومبا، مديرة برنامج حماية المراهقات من الحمل في ولاية جورجيا الأمريكية، اللائمة في هذه الظاهرة على عاتق الحكومة بسبب خفضها الإنفاق على مراكز التوعية الاجتماعية للمراهقات.

وذكرت أوزومبا أن العديد من تلك المراكز، وخاصة الموجودة في الأماكن النائية، "تصارع لإبقاء أبوابها مفتوحة بسبب نقص الاعتماد"، غير أنها دعت إلى التمهل قبل تعميم الأحكام، باعتبار أن ازدياد عدد الحوامل خلال فترة معينة قد يعكس حالة خاصة، وليس اتجاهاً عاماً.

الإيذاء النفسي والجسدي جراء الضغط الاجتماعى

قال باحثون بريطانيون ان الفتيات يتأذين نفسياً بسبب الضغوط المتزايدة عليهن ليكبرن بسرعة.

وأفادت صحيفة دايلى مايل البريطانية ان الدراسة أظهرت ان الصور الجنسية فى الإعلانات ومجلات المراهقين تتسبب بمشاكل فى الصحة العقلية، مثل اضطرابات الغذاء ونوبات الذعر وإيذاء النفس.

وقالت فتيات لا يزيد عمرهن عن 10 سنوات ان الضغط الاجتماعى عليهن حتى يكبرن كان من بين أكثر الأمور تأثيراً على وضعهن. بحسب العرب اونلاين.

وبحسب الدراسة التى أجرتها مجموعة غيرل غايدز بالاشتراك مع المؤسسة الخيرية للصحة العقلية، فإن الفتيات يجدن أنفسهن مضطرات إلى ارتداء ملابس تظهرهن أكبر سناً إلى جانب التعامل مع الأمور الجنسية التى يعرضها الشبان.

وأشارت الدراسة إلى المخاوف الناجمة عما تنشره المجلات والمواقع الإلكترونية التى تحث الصغار على فقدان الوزن ووضع مساحيق التجميل أو حتى التفكير فى إجراء جراحات تجميلية.

وتبين ان 40 % من الفتيات المستطلعات يشعرن بالسوء بعد النظر إلى صور عارضات الأزياء ونجمات البوب أو الممثلات.

وقالت إحدى الفتيات: عندما كنت فى الـ11 قرأت أول مجلة خاصة بالمراهقين وعندها ذهلت وتساءلت هل يفترض أن أكون هكذا؟.

وقالت الفتيات للباحثين انهن يجدن أنفسهن أمام متطلبات كثيرة ما يخلق لديهن حالات من الإجهاد والقلق الشديد. وتبين ان من بين الأمور المسيئة لنفسية الفتيات أيضاً كانت تعليقات الأصدقاء.

يشار إلى ان ما يثير القلق هو ان الدراسة وجدت ان إيذاء النفس يعتبر تصرفاً طبيعياً بين الفتيات طالما انه يحصل بوتيرة غير دائمة. وقال 40 % ايضا من المستطلعات انهن يعرفن شخصاً تسبب بأذى لنفسه.

وقالت إحدى الفتيات: أظن ان قطع شرايين اليد للمرة الأولى أمر مقبول إذ ان السبب وراء ذلك قد يكون الإحباط. وأوضحت ثلث المستطلعات انهن يعرفن شخصاً يعانى من اضطراب غذائي.

يشار إلى ان الدراسة التى تحمل اسم "جيل تحت الضغط" شملت فتيات تتراوح أعمارهن بين 10 و15 سنة.

وحذرت الدراسة من ان الفتيات يتعرضن لضغوط من جيل جديد من المحفزات التى تؤدى إلى مشاكل عقلية، كما حذرت من تفكك العائلات وضغوط الامتحانات.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء  23/تموز/2008 - 19/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م