امريكا وايران: إنفتاح غير مسبوق وحوار بلا شروط

شبكة النبأ: المحادثات، المباحثات والحوار، طرق كفيلة بتجنب ويلات الحرب والدمار والقتل، وحقن الدم البشري بدل من إراقته لأسباب غير كافية لأن تكون حجة أو ذريعة لبدء فتيل الحرب وإشعال أوارها.

ربما هذا ما رآه كل من المسؤول الإيراني والأمريكي على حد سواء، بعد الاتفاق مؤخرا على الجلوس إلى طاولة الحوار وتقديم كل ما من شأنه ان يسهل العمل الدبلوماسي بين البلدين، مع عرض إمكانية فتح تمثيل رسمي لهما عند الآخر، خاصة وان العلاقات انهارت بين إيران والولايات المتحدة، أبان إندلاع الثورة الإسلامية في إيران.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي نسلط الضوء على أهم المستجدات في البرنامج النووي الإيراني، وتقبل الولايات المتحدة لفكرة الحوار غير المشروط، وإمكانية إجراء المحادثات بين الطرفين:

تجنب الحرب هل هو ممكن؟

مع تبقي بضعة اشهر لادارة الرئيس الامريكي جورج بوش في الحكم قامت الادارة بما يشبه المواجهة من خلال انضمامها لمحادثات مع طهران بشأن برنامجها النووي وهي الخطوة التي يقول محللون انها مدفوعة جزئيا برغبة في تجنب الحرب ضد ايران.

فلسنوات قالت ادارة بوش انها لن تنضم الى المحادثات النووية مع ايران الا اذا تخلت عن تخصيب اليورانيوم لكن مع انتهاء ولاية بوش في يناير كانون الثاني وتصاعد التوتر مع طهران تشعر واشنطن أنها لا تستطيع تحمل استبعادها.

وينضم وليام بيرنز وكيل وزارة الخارجية الامريكية الى خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي ومسؤولين من الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا في جنيف، في محادثات مع رئيس فريق التفاوض الايراني في المحادثات النووية سعيد جليلي لمناقشة عرض طرحته القوى الست الكبرى الشهر الماضي. بحسب رويترز.

وقال انتوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن: الادارة لا تريد صراعا. لقد بات من الواضح بشكل مؤكد أن الولايات المتحدة تتبع خيارا دبلوماسيا.

والانطباع بتزايد احتمال المواجهة بين ايران والولايات المتحدة او اسرائيل خاصة في أسواق المال العالمية هز الاسواق النفطية في الاشهر الاخيرة مما ساعد في ارتفاع الاسعار ارتفاعا قياسيا.

ويقول شبلي تلحمي الخبير في شؤون الشرق الاوسط بجامعة ماريلاند ان ادارة بوش التي تشجعت بسبب المحادثات النووية مع كوريا الشمالية حيث شهدت انفراجة في الاشهر الاخيرة تريد أن تتخذ خطا مماثلا مع ايران. وأضاف، اذا كانوا يريدون حلا دبلوماسيا لهذه (المسألة) عليهم أن يبذلوا مزيدا من الجهد.

ومن بين الاسباب الاخرى لارسال بيرنز سفير الولايات المتحدة السابق لدى روسيا وثالث اكبر مسؤول في وزارة الخارجية الامريكية ضمان عدم تقديم الكثير من التنازلات خاصة من جانب لاعبين مثل الصين وروسيا اللتين أظهرتا مزيدا من التعاطف تجاه طهران.

وقال جاري سامور نائب رئيس مجلس العلاقات الخارجية: انه هناك بمثابة الشرطي السيء. هناك توتر من أن سولانا وبعض من الدول الاخرى مثل الصين وروسيا قد تكون راغبة في تسوية تقل عن التعليق الكامل (لتخصيب اليورانيوم).

وأضاف، الادارة تريد أن تكون متأكدة بشكل مطلق من أنها مشاركة في شكل هذا (الاتفاق).

وفي يونيو حزيران قدم سولانا لطهران حزمة من الحوافز الاقتصادية والحوافز الاخرى التي اقترحتها قوى عالمية لوقف الانشطة النووية الحساسة بما في ذلك التعاون في برنامج نووي سلمي.

ورفضت ايران مرارا تعليق تخصيب اليورانيوم بناء على طلب القوى الست قبل بدء المفاوضات الرسمية بشأن العرض.

وتنفي ايران رابع اكبر دولة منتجة للنفط في العالم الاتهامات الغربية بأنها تريد انتاج أسلحة نووية وتقول ان برنامجها مصمم لتوليد الكهرباء لزيادة ناتجها من النفط والغاز.

وقطعت طهران وواشنطن علاقاتهما الدبلوماسية ببعضهما بعضا بعد فترة قصيرة من قيام الثورة الايرانية عام 1979 وفي حين كان اعلان حضور بيرنز مفاجأة فأن الولايات المتحدة كانت تجري محادثات على مدار العام المنصرم مع ايران بشأن دورها في العراق كما أجرت مناقشات معها فيما سبق بشأن أفغانستان.

ومسألة التعامل مع ايران من بين قضايا السياسة الخارجية الكبرى في حملة الانتخابات الرئاسية الامريكية قبل انتخابات نوفمبر تشرين الثاني. وانتقد جون مكين مرشح الحزب الجمهوري منافسه المرشح الديمقراطي باراك اوباما لرغبته في الحديث دون شروط مسبقة مع زعماء دول أجنبية معادية مثل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد.

وصرح مسؤول أمريكي بارز بأن الاوامر لبيرنز هي توضيح موقف البيت الابيض بأن التعليق الكامل لتخصيب اليورانيوم شرط لبدء أي محادثات على نطاق كامل.

وتساءل راي تقي الخبير في الشؤون الايرانية الذي ألمح الى أن بيرنز يستطيع اقامة قناة سرية مع الايرانيين: هذا هراء... ماذا سيفعل.. هل سيجلس هناك.

وفيما يتعلق بالتوقيت يقول مسؤولون أمريكيون ان واشنطن كانت واعية برزنامتها السياسية وأرادت الاستفادة مما بدت أنها انقسامات داخل المؤسسة الايرانية بشأن قبول الاتفاق من عدمه.

الخطوة الذكية الأمريكية في محادثات جنيف

وقال شون مكورماك المتحدث باسم وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ان الوزيرة اعتبرت التخلي عن السياسة المعتادة وايفاد الدبلوماسي البارز وليام بيرنز الى جنيف يوم السبت لاجراء محادثات مع ايران الى جانب القوى الكبرى الاخرى خطوة ذكية، فيها خروج عن الدبلوماسية المعتادة.

واضاف مكورماك للصحفيين: انها تبعث باشارة قوية الى العالم وتبعث برسالة قوية الى الحكومة الايرانية بان الولايات المتحدة ملتزمة بالدبلوماسية.

وتفاقمت التوترات مع ايران ولاسيما بعد أن اجرت طهران اختبارا على صورايخ مما ادى الى ارتفاع اسعار النفط وزيادة قلق اسرائيل ودفع واشنطن الى القول انها ستدافع عن حلفائها من اي هجوم محتمل. بحسب رويترز.

وقال البيت الابيض ان ايفاد بيرنز وهو وكيل وزارة الخارجية الامريكية، الى جنيف للمشاركة في المحادثات لم يغير موقف الحكومة الامريكية وهو ان واشنطن لن تنضم الى مفاوضات كاملة الا اذا تخلت طهران عن أنشطة تخصيب اليورانيوم.

وقالت دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الابيض: لم يتغير شيء.. اذا لم يقبلوا هذا العرض.. أولا.. فلن تكون هناك مفاوضات. وثانيا.. ستكون هناك عقوبات اضافية. جوهر السياسة مازال كما هو ولكن هذا تكتيك جديد.

وقال مسؤولون امريكيون ان بيرنز ليس مخولا بالتفاوض في جنيف مع المفاوض النووي الايراني سعيد جليلي.

وقالت بيرينو: سيكون هذا مشاركة امريكية لمرة واحدة... سنكون هناك لنستمع. لسنا هناك لنتفاوض.

وقالت عدة مصادر دبلوماسية ان القوى الكبرى كانت تضغط على واشنطن منذ بعض الوقت من اجل المشاركة في المحادثات املا في ان يؤدي هذا الى خروج من المأزق.

وايدت بريطانيا وهي حليف مقرب من الولايات المتحدة في المحادثات مع ايران بشأن برنامجها النووي خطوة ايفاد بيرنز الى جنيف.

وقال جون ساويرس السفير البريطاني في الامم المتحدة: حقيقة ان وليام بيرنز يشارك في هذا الاجتماع، وهو امر مرحب به وبادرة تدل على الجدية في الجهود العالمية.

ويدور جدل حام داخل حكومة بوش بشأن ما اذا كان يجب التفاوض مع الايرانيين وتوقيت ذلك وتعارض العناصر الاكثر تشددا في الحكومة اجراء محادثات. ويشير البعض الى النجاح الذي تحقق في المحادثات مع كوريا الشمالية.

وانتقد جون بولتون وهو سفير سابق للولايات المتحدة في الامم المتحدة وهو معلق محافظ قرار ايفاد بيرنز بشدة. وقال: هذا انهيار فكري كامل لادارة بوش والدليل واضح امامنا جميعا. واضاف، كنت اعتقد ان احتمالات لجوء ادارة بوش للخيار العسكري في شهورها الستة الاخيرة (من ولايتها) صفر. لكني اعتقد الان انها اقل من الصفر.

وقال المرشح الديمقراطي للرئاسة الامريكية باراك اوباما الذي انتقده الجمهوريون لاقتراحه اجراء محادثات مع ايران انه يرحب بانباء ايفاد بيرنز.

وقال مكين السناتور عن ولاية اريزونا للصحفيين: لا أمانع في هذا على الاطلاق. لكنه أوضح انه يعارض موقف اوباما المعلن انه سيكون مستعدا لاجراء مباحثات مع الايرانيين بغير شروط مسبقة. وقال مكين: من الواضح جدا ان الجلوس بغير شروط مسبقة مع دولة راعية للارهاب سيكون خطأ.

مجلس الشيوخ يقر بجولة جديدة وتشديد العقوبات على إيران

من جهة ثانية تستعد لجنة بمجلس الشيوخ الامريكي لدراسة تشريع لتشديد العقوبات الاقتصادية والتجارية على ايران بعد أيام من تجربة الجمهورية الاسلامية اطلاق صواريخ قالت انها قادرة على الوصول الى مصالح أمريكية بالمنطقة.

وقال أكبر عضوين جمهوري وديمقراطي بلجنة الشؤون المصرفية بمجلس الشيوخ إنهما اتفقا على تشريع لتشديد العقوبات استجابة لمخاوف واشنطن بشأن انتشار الاسلحة النووية ودعم ايران لنشطاء اسلاميين في الشرق الاوسط.

وقال السناتور الديمقراطي كريس دود رئيس اللجنة: يعزز مشروع القانون هذا المدعوم من الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) العقوبات الاقتصادية ضد ايران ويفوض بتجريد الشركات التي تقوم بأعمال مع قطاع النفط الرئيسي في ايران من الاستثمارات لزيادة الضغط على حكومتها لتلبية مطالب المجتمع الدولي. بحسب رويترز.

وأضاف، انه يساعد أيضا في منع التحويل غير القانوني للتكنولوجيا الامريكية الحساسة الى ايران.

وطبقت وزارة الخزانة الامريكية عقوبات على نطاق واسع من الشركات والمؤسسات المالية في ايران في مسعى لقطع التمويل عن برنامج طهران النووي.

وتنطبق تلك العقوبات أيضا على شركات ومؤسسات حكومية مشاركة في تطوير صواريخ قادرة على حمل أسلحة دمار شامل.

وسيوسع التشريع الجديد تعريف الموارد البترولية، بموجب القانون ليشمل خطوط أنابيب النفط والغاز الطبيعي المسال وناقلات النفط والغاز الطبيعي المسال والمنتجات التي تستخدم في انشائها أو صيانتها. كما سيوسع مشروع القانون دائرة الاشخاص الذين يمكن تجميد أرصدتهم وأصولهم.

وسيشجع التشريع أيضا حكومات الولايات والحكومات المحلية على تجريد أي شركة من الاستثمارات اذا استثمرت 20 مليون دولار أو أكثر في قطاع الطاقة الايراني أو قدمت 20 مليون دولار أو أكثر كقروض للاستثمار في هذا القطاع.

وتحاول الشروط التي يتضمنها مشروع القانون تعزيز جهود منع التحويل غير القانوني للتكنولوجيا الامريكية الحساسة الى ايران. وستدرس لجنة الشؤون المصرفية بمجلس الشيوخ مشروع القانون الجديد.

مكتب لرعاية المصالح الأمريكية في طهران  

من جهة اخرى ذكرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية ان الولايات المتحدة ستعلن الشهر المقبل خطة لاقامة وجود دبلوماسي في ايران للمرة الاولى منذ ثلاثين عاما.

وقالت الصحيفة من دون ان تحدد مصادرها ان ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش تفكر في فتح شعبة دبلوماسية لرعاية المصالح شبيهة بتلك الموجودة في كوبا. ورفض البيت الابيض ووزارة الخارجية التعليق على الخبر.

ولا توجد علاقات دبلوماسية بين ايران والولايات المتحدة منذ قطع العلاقات الدبلوماسية عام 1980 بعد احتجاز دبلوماسيين اميركيين رهائن في طهران لمدة اكثر من سنة في مقر السفارة الاميركية. بحسب فرانس برس.

وكان مسؤول في وزارة الخارجية اقر الشهر الماضي بان مسؤولين اميركيين يفكرون في احتمال فتح مكتب لرعاية المصالح الاميركية في طهران.

واعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد تأييده افتتاح قسم لرعاية المصالح الاميركية في ايران. وقال: اننا نتعامل بايجابية مع اي عمل من شأنه المساعدة على تعزيز العلاقات بين الشعوب.

وتأتي هذه المعلومات التي نشرتها "ذي غارديان" غداة اعلان االدارة الاميركية ايفاد المسؤول الثالث في وزارة الخارجية وليام بيرنز للمشاركة في المحادثات بين مسؤول الملف النووي الايراني سعيد جليلي والممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا في جنيف.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء  23/تموز/2008 - 19/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م