الجذور التأريخية لظاهرة التكفير

(1-3)

المهندس قاسم ضعيف

ُيعد التكفير منهجاً قديمًا لازم ظهور الاسلام، واستمر مع التاريخ الاسلامي يضعف تارة ويشتد اخرى تبعاً للظروف السياسية والاجتماعية ومستوى وعي الامة. ولذا سنتعرض لهذه الظاهره في اطارها التاريخي وصولا الى وا قعنا المعاصر، وبيان أسباب نشوءها والآثار التي أنتجتها في بعدها الفكري ـ والعملي لأنها من الظواهر الخطيرة والمهمة التي لم يتعرض للخوض فيها والحديث عنها إلا القليل بسبب حساسية هذا الموضوع وخصوصيته، بعد أن أضفى عليه من تبنى هذا الفكر طابع القدسية وحولهُ إلى اتجاه مذهبي داخل الفكر والجسد الإسلامي معبراً عن فكره ورايه بالقوة والتصفية إلى حد القمع وهدرالدم، والتشدد بل والتعسف في تطبيق الشريعة بناءاً على تصور يقسم العالم على دار كفر ودار إيمان أو إلى عالم كافرـ عالم مؤمن، معتمدين في ذلك على قاعدة((الولاء والبراء)) التي تعد من المرتكزات الأساسية المعتمدة لديهم على مستوى الفكر والممارسة خصوصاً بعد أن ادعى اصحابها امتلاك الحقيقة المطلقة وطرحوا أنفسهم على انهم هم العلماء دون غيرهم من العلماء والتيارت الإسلامية الاخرى، من خلال حصر الاسلام بهم. ويتضح هذا في إطلاق صفة التوحيد وحصرها فيهم !

 وفي أتباعهم ووضع الطرف اللآخر ((حسب مفهوم المخالفة)) في دائرة الكفر، حتى وإن كان من المسلمين، بالرغم من كون هذه الآراء خاضعة لمزاج وهوى النفس الانسانية غير المعصومة من الخطأ، لأنها بالنتيجة تعد نتاج العقل البشري وإجتهاداً منه. وبالتالي لايمكن إطلاق الأحقية وصفة التقديس لفكر من هذا النوع لذلك سوف نناقش الآراء المطروحة في هذا الاتجاه، وعرض الادلة التي اعتمدوا عليها، مراعين بذلك الضوابط الشرعية والموضوعية في الطرح والتحليل، من خلال ثلاث محاور رئيسية لها صلة بظاهرة التكفير ونشوءها

المحور الأول: الجذور التاريخية لنشوء ظاهرة التكفير.

المحور الثاني: سيد قطب ـ و المودودي ودورهم في احياءها.

المحور الثالث: تنظيم الجهاد والجماعة الاسلامية وظاهرة التكفير.

المحورالأول: الجذور التاريخية لنشوء ظاهرة التكفير

بدأت ملامح الفكر التكفيري منذ صدر الاسلام وخصوصاً في فترة علي بن أبي طالب (ع) حين تحول من كونه فكراً الى مصاديق واضحة وجلية وذلك في اعقاب معركة صفين لاسيما في مسألة (التحكيم) التي كانت المحور الأساس في بروز ظاهرة الخوارج الذين رفضوا مبدأ التحكيم وكَفَّروا علي(ع) والاخرين بدعوى التجاوز على صلاحيات الله وهو الحكم لقوله تعالى "إن الحكم إلا لله" وعدوا فاعلها كافر لانهُ ينازع الله في حكمه، وقد كفروا الامام علي (ع) لانه رفض التوبة عن قبول التحكيم مما اعتبروه معصية تستحق التكفير، وهكذا نشأت العقيدة التكفيرية في المجتمع الاسلامي، على يد الخوارج التي عدها البعض انها اول حركة تكفيرية عرفها التاريخ الاسلامي مارسة التكفير، بسبب شبهة الحاكمية وما انتجته من اختلاف حول تحديد المفهوم ودلالته، فأفرزت اتجاهين اختلفا في الاصل والدلالة، فثمة اتجاه يرى بمشروعية هذا المفهوم وتأصيله للسلطنه الالهيه بالمعنى "التكوينى والتشريعي" سواء كان مرتبط بالاحاطة التامه بالمخلوقات اوفي الحكم والتدبير، واتجاه اخر يذهب الى شخصنة الموضوع وربطة بضروف تاريخية وسياسية كان لها الدور في صياغة هذا!

 المفهوم واعادة انتاجة وفق رؤية هذه الجماعة وافرادها كما فعل " الخوارج "، التي وظفت هذا المبدأ ضمن اطر ومفاهيم الحاكمية التي ليس لها تأصلا او ورود لافي القراّن ولا في السنه وانما مستوحات من مفهوم الحكم الذي ورد في بعض النصوص القراّنية، لتؤسس لحكم شرعي بعيد عن روح الاسلام ومنهجه، الذي أُنيط بالانسان ممارسة دور الخليفة عن المستخلف بموجب الجعل الإلهي (وإذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة)...البقرة ٣٠

والذي يبدو ان ظاهرة التكفير وان ارتبطة بالخوارج تأريخياً الا انها واقعاً تمتد الى ابعد من ذلك حيث برزت بين المسلمين بعد وفاة رسول الله (ص) مباشرةً، وقد تجلت مصاديقها كما ورد في كتب التاريخ عن عائشة، انها قالت بحق عثمان "اقتلوا نعثلاً فقد كفر"، والحقيقة وان تعددت الآراء حول نشوء هذه الظاهرة، لكن يبقى سببها واحد هو "الشبهةٍٍٍٍ والفهم الخاطىء" في التقدير كما حصل مع الخوارج "الجذر الرئيسي لنشوء ظاهرة التكفير" التي تجاوزت بموجبها حد توصيف الاخر بالكفر فيما يوجب التكفير شرعاً ضمن حدوده وضوابطة، الى التوسع في هذا المفهوم ليشمل بذلك افراداً وجماعة تحت مسألة ما يسمى بـ "علاقة الظاهر بالباطن" الذي أدى الى تكفير من شذ عن هذه "القاعدة" كما حصل بالحكم على مرتكب الكبيرة بالكفر، وفي ذلك مخالفة للأصل في ثبوت وصف الاسلام ابتداءاً وهو الاقرار اي "النطق بالشهادتين" وقد انتجة هذا الحكم اتجاهات فكرية معارضة كما حصل مع المعتزلة بعد ان اختلف واصل بن عطاء مع الحسن البصري في مسألة مرتكبي الكبائر وتقريرة انة لامؤمن ولاكافر، بل هو بين منزلتي الايمان والكفر، وقد ذكر البغدادي في "الفرق بين الفرق" وأيده المسعودي في"مروج الذهب"، أن كلمة اعتزال في اصطلاح مذهب المعتزلة هو القول بالمنزلة بين المنزلتين، اي باعتزال صاحب الكبيرة عن المؤمنين والكافرين، ولذا يرى ان منشأ التسمية جاءت لمعتقد فكري.

 الا ان هنالك اراء تذهب بأتجاة مغاير في تعليل هذة التسمية فالبعض قال ان منشأه سياسي، والاخر قال انه ديني غلفة بالسياسة، وهنالك اراء اخرى تتحدث عن سبب هذه التسمية، تركنا الخوض والتفصيل فيها، اولا. لاننا وجدنا ان الرأى الاول هو الاقوى في بيان اصل التسمية، وثانياً. ان الاسهاب فيها يشذ بنا عن اصل البحث ومضمونة.

لذلك يتضح ان الاصل المعتبر في ثبوت الاسلام هي قاعدة النطق بالشهادتين عند المدارس الاسلامية بما فيها المعتزلة التي لم تنُفي ثبوت الاسلام لمرتكب الكبيرة مع ترددها بالقطع في كفرة او ايمانه.

ولكن هنالك من لم يقف عند حدود هذه القاعدة بأعتبارها اصلا في ثبوت الاسلام، كالخوارج ومن سايرهم في ذلك بناء على شبة فاسدة بعيدة عن روح الاسلام ومنهجة للاسباب الآتية:

أولاً: لانهم قد اقحموا الالتزام الظاهر في أصل الدين وانزلوه منزلته أي "ماكان شرطاً للايمان وضع شرطاً لثبوت الاسلام" التحقق من صحة الظاهر وتلازمه مع الباطن بشروط هم وضعوها ورتبوا على ذلك حكماً على الناس بالكفر ابتداءاً.

ثانياً: ان الالتزام الظاهر هو التزام تفصيلي، بمعنى انه مرتبط بالتكاليف الشرعية من الواجبات والمحرمات، بخلاف الأول فانه التزام اجمالي منشأه الارادة ومصداقه اللفظ بالشهادة، فإن الأول موجب لدخول الاسلام، اما الثاني موجب لدخول الايمان، لان بينهما عموم وخصوص فالايمان أخص من الاسلام وعدم الالتزام به لا يخرج الشخص عن دائرة الاسلام، وهذا ما دل عليه قوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان قلوبكم) الحجرات ١4 لهذا فإن الثاني يسقط حكمه عن المعذورين شرعاً وغير القادرين على ادائها، بخلاف الأول الذي لا يعذر فيه احد بعد إلقاء الحجة.

ثالثاً: لو تنزلنا وقلنا بهذا الرأي فإن ذلك يقتضي قيام الحجة التفصيلية على المكلف، ثم يجب أن يكون هنالك حداً فاصلاً بين مراتب الاسلام لان القول بالتلازم يقتضي "تعدد الاسلام" بتعدد الظاهر وبتفاوت درجات الايمان لكون الناس يختلفون من حيث العلم بالحكم او بالموضوع جهلاً وعلماً وقدرةً وضعفاً، سواءاً أكان ذلك بالمنهي عنه أم المأمور به، وقد ورد في القران الكريم مايلزم بقبول الاسلام عمن تظاهرة به حتى لوكان في لفظ السلام، (ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيراً)...النساء 94 وقد بين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ان الاقرار بالشهادتين هو الحد الفاصل بين الاسلام والكفر في قوله (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا إلا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الاسلام)..البخاري/25. مسلم/22،كتاب الايمان

فالنص يبين شرط ثبوت الاسلام للمكلف أولا. وبيان احكام الحقوق التي يرتبها دخول الاسلام ثانياً فأن قال البعض أن عصمة الدم والمال لاتستلزم ثبوت الاسلام، قلنا ان عصمة الدم والمال احكام شرعية يتوقف تحققها على تحقق الشرط الاول، فلو كان الشرط الاول منعدم "قبول الاسلام" لستلزم انعدام الاثر وعدم عصمة دماء واموال من هم غير مسلمين، لان النتيجة سالبة بانتفاء الموضوع.

رابعاً: ان من المعلوم ان الاحكام "وهي العقوبات الجزائية" في الاسلام تختلف، فمنها مايستوجب حد القتل( كالقصاص بالقتل من القاتل، والردة عن الاسلام، وحد القتل من الزاني المحصن)، ومنها ماله احكام اخرى. بعد ان وضع الشرع حداً لكل جريمة بذاتها كالزاني المحصن والغير محصن والسارق وقذف المحصنات وشهادة الزور، لذلك فإن الحكم يختلف تبعاً لإختلاف الموضوع، ولو كانت هذه الكبائر كفراً لوجب قتل كل من ارتكب كبيرة، وهذا مخالف لأحكام الحد وبنص القرآن وسنة الرسول (ص) الفعلية الدالة على خلافه.

وقد ذهب المرجئة الى نقيض هذا الاتجاه واعتبروا الالتزام الظاهر من جهة الالتزام بجنس العمل بالكلية من اصل الدين لنفس الشبهة وهي ان الالتزام الظاهر لو كان داخلاً في اصل الدين لكان شرطاً في اجراء الاحكام على المسلم. أي ان العمل إذا كان من الايمان فيلزم انتفائه بانتفاء بعضه وإذا لم ينتفي فلا يعد هذا العمل ايماناً، وقد استمدت التيارات الاسلامية المعاصرة تصوراتها ومنهجها من هذا التراث وسيطرت عليها الرؤى السلفية خاصةالمتمثلة بمدرسة ابن تيمية وإعادة احيائها وبعثها بطريقة "عقل سابق وممارسة حاضر" لذلك اصبحت هذه التيارات تعيش حالة من الصراع والقلق الفكري بين منظومة الافكار السلفية التي تحملها بتصور مثالي عن طبيعة المجتمع الاسلامي وبين الواقع الذي تعيشة هذة المجتمعات، الامر الذي أنشأه ازمة الطموح وارادة الواقع الذي دفع البعض الى الانفصال عن الواقع والانعزال عنه، او تتحرك في ظله والعيش على ساحته ولكن منعزلة عنه.

 وبسبب والصراع الجدلي بين فقه الماضي واستحقاقات الحاضر الذي تعيش فيه، برزت الحركة الوهابية في الجزيرة العربية القرن الثالث عشر الهجري على يد محمد بن عبد الوهاب ١3٠٦ھ وهي منغمسة بهذا الفهم ومؤطرة بهذه الرؤى وقد افرزت تياراً عريضاً معبأ بهذه الأفكار الى درجة الغلو تجاه الأفكار الاخرى، ولذا تعد هذه الحركة هي اول من اعاد انتاج مفهوم الخوارج عن التكفير في العصر الحديث والذي اسهم فيما بعد بظهور المملكة السعودية، ضمن اطر راديكالية في فرض الافكار والاراء فضلا عن قبول الاخر، وقد وسعوا مفهوم الجاهلية بعد سحبة من ظرفة التأريخي المرتبط بواقع الجزيرة العربية ما قبل الاسلام الى تطبيقة على المجتمعات المسلمة بوصفهم "انحرفوا عن القراّن والسنة" وهم محكومون بحرفية النص وسلفية الافكار.

لذا يرى احد الكتاب "من هنا كان هذا الطرح شديد العداء للمخالفين من اهل العقل والفكر، الذين يناهضون الروايات ويحكمون عقولهم فيها، من الشيعة والمعتزلة والفلاسفة". و من المفارقة زعم بعضهم انهم عملوا على تحجيم التكفير بعد ان كان مطلقاً منتشراً، رغم ان سياستهم او إرثهم الذي انتجه محمد عبد الوهاب كان يصب في الغلو والتكفير الى درجة انه كفر من ليس بكافر وادخل في الشرك من ليس مشركاً وهذا واضح لمن يطلع على كتبه ككتاب التوحيد او كشف الشبهات او مسائل اهل الجاهلية وهي من اهم المصادر التي اعتمدت عليها مدرسة عبد الوهاب واتباعه مرتكزة في ذلك على فكر ابن تيمية وابن القيم بأعتبارهم اول من اصَّلَ لهذه الفقه بعد الخوارج، وقد رفعت شعار توحيد الالوهية او العبودية وان كان البعض يرى ان هذا الشعار يستبطن " الاصل الخفي في الشعار" تمزيق المسلمين وإثارة الفتن والحروب فيما بينهم خدمة للمستعمر الغربي، فهو الاصل الحقيقي الذي سخر له الأصل المعلن من اجل إغراء البسطاء وعوام الناس. وقد وضعت قاعدة "التكفير" بإعتبارها هي الحاكم والفيصل في علاقتها مع عامة المسلمين وفق رؤى وتصور وهابي لقراءة الاسلام وبمقاسات "شعار التوحد المعلن وقاعدة التكفير" التي افضت الى تقسيم العالم الاسلامي الى كافر ومرتد ومشرك. حيث لم تعد قاعدة من شهد الشهادتين هي الحد الفاصل بين الاسلام وعدمة، وانما فقط لمن يسير لاهثاً وراء ثنائية "الكفر والتوحيد" ومن محكوم بعقلية افرادها، ويبدو ان الخلل البنيوي في المجتمعات الاسلامية هو الذي انتجة هذا الفكر الذي لم يكن خلل عارض، وخصوصاً عند هذه التيارات بسبب العقلية الساذجة التي يتمتع بها افرادها، والتي أدت الى إختزال الاسلام بأفراد أوجماعة مؤطر ذلك بصفة "القدسية" الأمر الذي انتجه حكم العقل الواحد وتحولنا من أجماع الأمة الى أجماع الفرد الذي خلقه هيجان طوطمي تحكمه قدسية الأفراد ومن ثم أدى الى أنقسامات تراكمية اضفت الى تمزيق الأجماع فقهياً وسياسياً، وقد حاولت السلطات في إعادة انتاجه مستغلة هذه الانقسامات والعمل عليها بطريقة بشعة بعد ان تبنت افكار وعقائد بعينها، منها الفكر الاصولي السلفي لتوفير الغطاء الفقهي الذي يبرر استئثارها بالسلطة بعد ان فشلت في اقامة نظام يقوم على مبدأ الشورى والانتخاب وقد تحول الى اعتقاد وفكر رسمي سلطوي بعد ان كان فكراً واعتقاداً تتبناه افراد وجماعات وزج ضمن مؤسسات رسمية مسخرة له كل الامكانات المادية والمعنوية، على مستوى الداخل. وان كان البعض يرى ان الموقف الرسمي قد تبدل في الفترة الاخيرة، بعد ان اخذ اتجاهاً اخر يتصف بالتضيق والتشدد على هذة الجماعة.

ويبدو ان هذا التحول هو اقر ب للموقف السياسي منة للتبدل الفكري والايدلوجي بعد ان فرضته استحقاقات الداخل والخارج، ابتداءً من الاستعداء الداخلي بين هذه الجماعات وحكامها وانتهاءً بالضغط الدولي الذي الزمها بالجوء الى هذا التغير. ولكن في الوقت الذي اتخذت السعودية مواجهة التيارات المتشددة وخصوصاً جماعة ابن لادن، فأنها شجعت ومولت الحركات الوهابية او من يحمل هذا الفكر في العالم الاسلامي وخارجة، ولهذا كانت سبباً في انتشار الافكار المتطرفة في المجتمعات الاسلامية المعاصرة، كما حدث في مصر عندما دعمت الجماعات الاسلامية بدعوى مواجهة المد القومي المتمثل بعبد الناصر، من خلال الدعم المالي او توفير الملجأ للكثير منهم.

وقد ساهم الدعم الاخر لما سمي بـ " بالجهاد الافغاني ضد السوفيت " من تزاوج الافكار واختلاطها بين الوهابيين والمجاهدين ولاصوليين الامر الذي خلق عملية اخصاب فكري انتجته مجاميع وخلايا مهدت الطريق لارهاب شامل كالذي مارستة الجماعات الاسلامية في مصر او الجماعة الاسلامية في الجزائر.

وكان التحول الاخير لهذة الجماعات خطره الكبير بعد ان لفه بصبغة الامتداد الطائفي من خلال زجه بقوة ضمن المذهب الواحد ودق اسفين بين المسلمين وتقسيمهم الى:

الأول: وهو الذي يوسم بخط الاعتدال وهم القاعدة الاوسع في المجتمع الاسلامي وتتصف بالاعتدال في المنهج والطرح.

الثاني: وهو الاتجاه الذي يوصف بالتكفيري والذي انتهج الغلو في اثبات افكاره ومنهجه الى الحد الذي انتهى الى تكفير اغلب المسلمين وإستباحة دمائهم وهو ما يسمى بالخط السلفي الذي يعتقد احتكار الحقيقة المطلقة بل إدعائة النجاة دون غيره من المسلمين، وتبدو واضحة هذه النزعة على هذه التيارت من خلال توظيفها النص الوارد عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) المعروف بحديث الفرقة الناجية، " ان بني اسرائيل تفرقت على اثنين وسبعين ملة وتفرقت أمتي الى ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار الا ملة واحدة، قالوا من هي يا رسول الله (ص)؟

 قال ما انا علية اصحابي".... سنن الترمذي5/26

النهي عن تكفير الآخر

 لقد شدد الشارع كما ورد في الكتاب والسنة من خلال التحذير والنهي والتأكيد على ضرورة عدم التسرع والإسراف في ممارسة تكفير الآخر وأمَرَنا بضرورة الالتزام بذلك وأخذ الناس بالظواهر اما السرائر فمردها الى الله سبحانه فإنه هو يتولى السرائر وبهذا لا يجوز ان نأخذ الناس بالشبهة اما لفعل فعلوه او قولاً ذكروه بل علينا ان نمتثل بقوله (ص)،((إدرأوا الحدود بالشبهات)) فإذا كان الشرع يلزمنا بدفع الحد بالشبهة فما بالك بالكفر الذي هو أشد من الحد عقوبةً واثراً لذلك ورد في قوله تعالى التحفظ الشديد ((ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمناً))........النساء ٩٤ وقصة اسامة بن زيد معروفة كما ورد في اسباب النزول عندما بعث أُسامة الى بعض قرى اليهود فقتل ذلك الشخص الذي شهد الشهادتين، فلما اخبر رسول الله بعد ان رجع فقال له رسول الله قتلت رجلاً شهد ان لا اله الا الله واني رسول الله ! فقال: يا رسول الله (ص) انما قالها تعوذاً من القتل فقال (ص) أفلا شققت الغطاء على قلبه، لا ما قال بلسانه قبلت ولا ما كان في نفسه علمت. كما ان النبي (ص) قد قبل الاسلام ممن أقر بالشهادتين بلسانه ولم يؤجل ذلك حتى وقت الصلاة او أي فعل من الافعال الاخرى كالصوم والزكاة، ليحكم عليه بالاسلام.

يتبع الجزء الثاني...

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين  21/تموز/2008 - 17/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م