بين الحين والآخر تتصاعد حملات العديد من مناوئي الإسلام الذين
أخذوا يصعّدون الأجواء ضدّ الإسلام والإسلاميين ويتّهمونهما
بالتطرّف والميل إلى العنف والقوّة.
ومع تصاعد مثل هذه الحملات الضارية اضطرّ الإسلاميون للتصدّي
إليها والدفاع عن حرمة الإسلام الذي دعا إلى السماحة واللين في
مختلف أمور الحياة. وحيث إنّ دفاع الإسلاميين عن الإسلام وتركيزهم
على دفع شبهة العنف الموجّهة إليه لم يأت إلاّ بعد أن أُكيلت
التهم ضدّهم; فإنّ قبول كثير من الناس لتوجيهاتهم عادة ما يكون
ضعيفاً.
وممّا يؤسف له حقّاً أنّ القليل ممّن تصدّى إلى بيان سماحة
الإسلام ومدى تأكيده على التسامح واللين استطاع أن يثبت للخصوم مثل
هذه الحقيقة.
ومن هؤلاء القلّة الذين وفِّقوا إلى بيان سماحة الإسلام وظلّ
ينادي طيلة عمره قولاً وفعلاً إلى اللاعنف واللين هو سماحة آية
الله العظمى السيّد محمّد الشيرازي قدّس سرّه.
فقد تصدّى هذا المرجع النحرير إلى بيان الإسلام الأصيل الذي دعا
إليه القرآن الكريم، وأكّده الرسول الأكرم وأهل البيت الأطهار
عليهم السلام.
وقد كان الإمام الشيرازي ملتزماً بهذا المبدأ معتقداً به
اعتقاداً راسخاً لم يتراجع عنه يوماً ما بل ولا ساعة واحدة.
الملفت للانتباه أنّه -قدّس سرّه- أخذ ينادي إلى اللاعنف منذ
بداية شبابه عندما كان في مدينة كربلاء المقدّسة، أي قبل أن تطرح
تهمة التطرّف ضدّ الإسلام، وبقي يدعو المسلمين إلى الالتزام به
والاطّلاع على سيرة الرسول والأئمّة الأطهار -عليهم السلام- التي
ضمّت بين دفّتيها العديد من الشواهد الجليّة والمفيدة الدالّة على
اعتنائهم الخاصّ بقضيّة اللين واللاعنف.
وقبل أن ندخل إلى تفاصيل هذه الأطروحة التي دعا إليها القرآن
الكريم وحثّ عليها أهل البيت عليهم السلام، لا بأس أن تكون لنا
وقفة عابرة نوضّح من خلالها مدى التزام الإمام الشيرازي - قدّس
سرّه - شخصياً بقانون اللاعنف.
فقد نقل بعض المؤمنين الثقات أنّ الإمام الشيرازي -قدّس سرّه-
عندما كان مقيماً في الكويت كان أحد العلماء يحاربه بشدّة ويثير
ضدّه الناس ويحرّكهم عليه بضراوة. وفي أحد الأيّام اتّفق بعض
المؤمنين الذين كانت لديهم علاقة حميدة مع الإمام الشيرازي وذاك
العالم على أن يدعوهما في مجلس ثمّ يسعون للإصلاح بينهما.
وبالفعل فقد دعَوا الطرفين وجاءا والتقيا ببعض، ولكن ليس كما
أراد الإخوة المؤمنون، فقد أخذ ذلك العالم يهاجم الإمام الشيرازي -قدّس
سرّه- ويكيل إليه كلماته الحادّة غير اللائقة دون أن يجيبه الإمام
بكلمة أو حتّى ينظر إليه شزراً، بل تركه يتمّ حديثه الذي استمرّ
ربع ساعة تقريباً، وبعدها قال له بكلّ هدوء وبرود أعصاب: تفضّلوا،
لقد برد شايكم وقد كان المؤمنون قد وضعوا الشاي أمامهما.
ونُقل أنّ أحد العلماء أيضاً كان يتهجّم على سماحته أمام مريديه
ومحبّيه، فما كان منهم إلاّ أن جاءوا إليه -قدّس سرّه- وشكوه عنده
متوقّعين أنّه سيتّخذ موقفاً حادّاً ضدّه أو أنّه سيدعوهم إلى ردّ
الصاع بصاعين أو على الأقلّ أنّه سيسمح لهم بمواجهته، إلاّ أنّه -قدّس
سرّه- لم يتّخذ أيّ شيء من ذلك القبيل، سوى أنّه قال لهم: لعلّه لم
يقصدني في حديثه.
وهناك الكثير من أمثال هذه القصص الدالّة على التزام الإمام
الشيرازي -قدّس سرّه- باللاعنف وتقيّده التامّ به طيلة عمره الشريف.
اللاعنف وصيّة الرسالات السماوية
يعتقد الإمام الشيرازي -قدّس سرّه- أنّ الدعوة إلى اللاعنف
واللين غير مقتصرة على الدين الإسلامي الحنيف وحده، بل أنّ
الرسالات السماوية كافّة على طيلة التاريخ كانت تؤكّد وتسلّط
الأضواء على هذه القضية الحسّاسة.
وكان يستشهد بعدّة شواهد على ذلك، منها:
1 - الآية القرآنية المباركة التي كشفت للبشرية جمعاء عن التزام
هابيل باللين قبال تهديدات أخيه قابيل حيث قال: «لَئِنْ بَسَطْتَ
إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِط يَدِيَ إِلَيْكَ
لاَِقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. إِنِّي
أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ
أَصْحَابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ» (سورة المَائدة،
الآية 28 - 29).
فإنّ مثل هذه الآية المباركة تدلّ بوضوح على التزام هابيل
باللين والرفق قبال تهديدات قابيل ; فإنّ الآية المباركة في مقام
ذمّ الظلم والتجاسر على الآخرين وإيضاح مساوئ التعامل مع الغير
بالعنف والقوّة اللذين لا يجنيان للإنسان سوى الآهات والحسرات ;
ولذا قال شيخ المفسّرين الطبرسي في تفسيره «مجمع البيان» عند
تفسيره لهذه الآية: «قيل إنّ معنى الآية (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ
يَدَكَ) على سبيل الظلم والابتداء لتقتلني، ما أنا بباسط يدي إليك
على وجه الظلم والابتداء» (مجمع البيان ج3 ص317).
2 - تصريح الآية القرآنية الكريمة بتأكيد الخالق تعالى على قضية
اللين واللاعنف حتّى قبال ألدّ أعداء الرسالات، والجبابرة كفرعون
الطاغية الذي ادّعى الربوبية وتغطرس على الناس وقال لهم: «أَنَا
رَبُّكُمُ الأعْلَى».
ففي قبال مثل هذا الطاغية يقول الباري تعالى لنبيّه موسى ووصيّه
هارون: «اذْهَبَا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى. فَقُولاَ لَهُ
قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (سورة طَه،
الآية 43 - 44).
وهذا الإمام الكاظم -عليه السلام- يوضّح لمحمّد بن أبي عمير
وأمثاله من طالبي الحقيقة المراد الحقيقي لهذه الآية فيقول عليه
السلام: «أمّا قوله: (فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) أي كنّياه
وقولا له يا أبا مصعب، وكانت كنية فرعون أبا مصعب» (تفسير نور
الثقلين ج4 ص415 - 416).
إلى غير ذلك من الشواهد التي استفاد منها الإمام الراحل تأكيد
رسالات السماء وتركيزها على قضية اللاعنف، كقول النبيّ عيسى -عليه
السلام- لأتباعه: «ما لا تحبّ أن يُفعل بك فلا تفعله بأحد، وإن لطم
خدّك الأيمن فأعط الأيسر» (بحار الأنوار ج14 ص187 ح10).
وفضلاً عن تأكيدات الرسالات السماوية على قضية اللين واللاعنف،
فقد أشار الإمام الشيرازي إلى أنّ القرآن الكريم أكّد بنحو حثيث
علي هذا القانون وإن لم يصرّح به بالنصّ بل استفاد من عبارات أخرى
مثل الآيات الكثيرة المنادية إلى العفو والصفح، ومنها قوله تعالى:
«وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ
بَيْنَكُمْ» (سورة البقرة، الآية 237). وقوله تعالى: «إِنْ
تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوء فَإِنَّ
اللهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً» (سورة النساء، الآية 149). وقوله
عزّ من قائل: «فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ
فِي الاَْمْرِ» (سورة آل عمران، الآية 159). إلى غير ذلك من الآيات
الكثيرة المنادية إلى العفو والسلم والصفح عن الآخرين.
الجدير بالانتباه أنّ اللاعنف جاء نصّاً في بعض الروايات
الشريفة التي كان المرجع الراحل يؤكّدها بشدّة:
منها: ما عن أبي عبد الله -عليه السلام- أنّه قال: قام رجل يقال
له همام وكان عابداً ناسكاً مجتهداً إلى أمير المؤمنين -عليه
السلام- وهو يخطب، فقال: يا أمير المؤمنين صف لنا صفة المؤمن
كأنّنا ننظر إليه، فقال عليه السلام:
«... لا جشع ولا هلع، ولا عنف ولا صلف» (الكافي
ج2 ص227).
ومنها ما عن أمير المؤمنين -عليه السلام- في وصيّته لمن كان
يستعمله على الصدقات فقال: فإن كانت له ماشية أو إبل فلا تدخلها
إلاّ بإذنه، فإنّ أكثرها له، فإذا أتيتها فلا تدخلها دخول متسلّط
عليه، ولا عنيف به. (نهج البلاغة، من وصيّة له -عليه السلام- كان
يكتبها لمن يستعمله على الصدقات).
وعن رسول الله -صلّى الله عليه وآله- قال: «واعلم أنّ خلاصك
ونجاتك من حقن الدماء، وكفّ الأذى من أولياء الله، والرفق بالرعيّة،
والتأنّي، وحسن المعاشرة، مع لين في غير ضعف، وشدّة في غير عنف». (بحار
الأنوار ج75 ص 272).
ومنها ما في عهد أمير المؤمنين -عليه السلام- إلى مالك الأشتر
حيث قال له: «فولّ من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولإمامك..».
إلى أن يقول: «لا يثيره العنف، ولا يقعد به الضعف». (نهج البلاغة،
الرسائل: 53).
الرسول الأعظم - صلّى الله عليه وآله -
واللاعنف
لقد كانت للإمام الراحل -قدّس سرّه -علاقة وطيدة بسيرة جدّه
المصطفى صلّى الله عليه وآله، حيث كان يدعو الجميع إلى الاطّلاع
عليها والانتهال من دروسها المفيدة التي لا يمكن الحصول على نظير
لها أبداً.
ومن جملة الأمور المهمّة التي نالت حصّة وافرة من وصايا هذا
المرجع العظيم هي كيفيّة تعامل الرسول الأكرم -صلّى الله عليه وآله-
مع مناوئيه باللاعنف ومدى التزامه -صلّى الله عليه وآله- باللين
والرفق مع ألدّ أعدائه ومحاربيه.
وفي مثل هذا الصدد كان -قدّس سرّه- يستشهد بالكثير من الوقائع
التاريخية ويطرحها على الآخرين ويطلب منهم التأمّل ولو قليلاً فيها.
ونحن لو أردنا بيان جميع تلك الشواهد لاحتجنا إلى مؤلَّف ضخم،
ولكن يكفي القارئ الكريم أن يراجع مؤلّفاته -قدّس سرّه- المليئة
بالقصص والحوادث التاريخية الدالّة على التزام الرسول الأعظم -صلّى
الله عليه وآله- باللاعنف، ومنها على سبيل المثال: ما نقله
المؤرّخون عن الرسول الأكرم -صلّى الله عليه وآله- يوم أُحد،
فعندما انكشف المسلمون وانهزموا، وعمد المشركون إلى رسول الله -صلّى
الله عليه وآله- فرشقوه بالحجارة حتّى شجّ في وجهه وأدميت شفته
السفلى، وكادوا أن يقتلوه -صلّى الله عليه وآله- لولا حفظ الله
تعالى له...
آنذاك قام -صلّى الله عليه وآله- رافعاً يديه نحو السماء وهو
يقول: إنّ الله اشتدّ غضبه على اليهود حين قالوا: عزير ابن الله،
واشتدّ غضبه على مَن أراق دمي، وآذاني في عترتي.
وقد قيل له صلّى الله عليه وآله: ألا تدعو عليهم؟
فقال صلّى الله عليه وآله: اللهمّ اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون.
وكان الإمام الشيرازي-قدّس سرّه- كثيراً ما يستشهد بقول النبيّ
-صلّى الله عليه وآله- لمشركي قريش الذين آذوه حتّى قال: «ما أوذي
نبيّ بمثل ما أوذيت»، و«اذهبوا فأنتم الطلقاء».
الأئمّة الأطهار واللاعنف
وقد كان الإمام الراحل -قدّس سرّه- يقول: إنّ الأئمّة الأطهار
ساروا على نفس نهج الرسول في الدعوة إلى اللاعنف، وكثيراً ما كان
يستدلّ بمواقف أمير المؤمنين -عليه السلام- الذي حكم البلاد
الإسلامية طبق قانون اللاعنف والرأفة واللين.
فقد كان كثيراً ما يذكر الواقعة التالية وهي: أنّ أمير المؤمنين
-عليه السلام- كان يصلّي صلاة الصبح فقال ابن الكوّاء من خلفه: «وَلَقَدْ
أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ
أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ» (سورة الزُّمَر، الآية 65)، فأنصت الإمام علي -عليه
السلام- تعظيماً للقرآن حتّى فرغ من الآية، ثمّ عاد -عليه السلام-
في قراءته. فأعاد ابن الكوّاء الآية، فأنصت الإمام علي -عليه
السلام- أيضاً. ثمّ قرأ فأعاد ابن الكوّاء، فأنصت الإمام علي -عليه
السلام- ثم قال: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلاَ
يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ» (سورة الرُّوم، الآية
60) ثمّ أتمّ السورة وركع.
بالإضافة إلى ذلك كان - قدّس سرّه - يقول: تأمّلوا في مواقف
الإمام علي -عليه السلام- وكيف أنّه كان يعامل مناوئيه، ثمّ
يستشهد بوقائع ; منها ما نقل: أنّ امرأة جميلة في عهد أمير
المؤمنين -عليه السلام- مرّت فرمقها القوم بأبصارهم، فقال عليه
السلام: إنّ أبصار هذه الفحول طوامح وأنّ ذلك سبب هناتها، فإذا نظر
أحدكم إلى امرأة تعجبه فليمسّ أهله، فإنّما هي امرأة كامرأة. فقال
رجل من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه! فوثب القوم ليقتلوه،
فقال عليه السلام: رويداً إنّما هو سبّ بسبّ أو عفو عن ذنب.
الإمام الحجّة واللاعنف
يعتقد الإمام الراحل -قدّس سرّه- أنّ الإمام الحجّة -عجّل الله
تعالى فرجه الشريف- إذا ظهر وحكم فإنّ حكمه لا يتجاوز سيرة أجداده
رسول الله وأمير المؤمنين وبقيّة الأئمّة الأطهار عليهم السلام.
أمّا الروايات الكثيرة التي ربّما يُستفاد منها أنّه إذا ظهر
سيحكم بحكم نبيّ الله داود، فهذه لها معارض، وبعضها ضعيفة السند،
أو أنّها تحمل على بعض الموارد الخاصّة. فضلاً عن ذلك فإنّه -عجّل
الله فرجه الشريف- لا يلجأ إلى السيف إلاّ بعد تهيّؤ كلّ أسباب
الهداية وإتمام جميع الحجج الدامغة، وحينها -حيث لا يبقى إلا
المعاند الناصبي- يلجأ الإمام -عليه السلام- إلى القوّة.
أمّا ما يثيره بعض الأشخاص من أنّه -عجّل الله تعالى فرجه- إذا
ظهر فسيقتل الكثير من الناس، فهذا ممّا لا دليل معتبر عليه، فإنّ
البشريّة تنتظر مصلحاً لا جزّاراً...
من جانب آخر فهو -قدّس سرّه- يؤكّد بأنّ ما يدّعيه بعض الناس من
أنّه -عجّل الله فرجه الشريف- إذا ظهر سيقتل العديد من العلماء،
فهذا لا دليل فيه أيضاً. وكان يقول: إذا رأيتم دليل كهذا ايتوني به
فأنا لم أره أصلاً.
اللاعنف في كلّ شيء
إنّ الذي يلاحظ مؤلّفات الإمام الشيرازي الكثيرة ويتتبّع ما
فيها من مباحث قيّمة يدرك مليّاً أنّه -قدّس سرّه- لم يكن يدعو إلى
اللاعنف في التعامل البشري فقط، بل كان يقول: إنّ اللاعنف يجب أن
يكّون في كلّ شيء، في الفعل، في الكلام، في النظرات، في الحركات،
بل حتّى في الفكر.
ويجب أن يكون اللاعنف مع كلّ الأشياء، مع الحيوان، مع النبات،
مع البيئة وما أشبه.
وإنّ اللاعنف له مجالات عديدة منها: المجال السياسي والاجتماعي
والعقائدي وغيرها.
كونوا دعاة إلى اللاعنف
بالرغم من كلّ الحملات الضارية التي واجهها الإمام الشيرازي
-قدّس سرّه- طيلة عمره الشريف، إلاّ أنّه لم يدعُ الناس -لاسيّما
مريديه- إلى اللجوء إلى القوّة والطيش، بل كان دائماً يقول: كونوا
دعاة إلى اللاعنف، عليكم بنشر قانون اللاعنف بشتّى الوسائل، في
كلامكم، عبر قلمكم، ومن خلال أفعالكم وأقوالكم.
بل كان كثيراً ما يتحسّر ويقول: انشروا الإسلام الأصيل الذي دعا
إليه القرآن وضحّى من أجله الأئمّة الأطهار عليهم السلام. فالإسلام
لم يكن عنيفاً أصلاً، وما ترونه من مظاهر العنف هذه بعيدة كلّ
البعد عن وصايا الرسول -صلّى الله عليه وآله- وأهل بيته الأطهار
عليهم السلام.
يبقى القول: إنّ للإمام الشيرازي مؤلّفات عديدة نادى فيها إلى
اللاعنف، منها كتابه القيّم «اللاعنف في الإسلام» الذي استوفى فيه
جميع مناحي البحث واستدلّ بأدلّته الوافرة على عظمة الإسلام الحنيف
الذي دعا إلى هذا القانون الإلهي العظيم. |