زيارة الجارات المتكررة

ومدى تأثيرها على كياننا الأسري...؟

تحقيق:عبد الأمير رويح

شبكة النبأ: في هذا التحقيق سنتحدث عن زيارات ولقاءات. لكن ليست تلك الزيارات الرسمية التي تجري بين الدول المتجاورة وتنقلها وسائل الإعلام والتي يتم الاتفاق والإعداد لها مسبقا.. تحقيقنا سيكون عن زيارات من نوع آخر نعيشه بشكل يومي متكرر تقريبا. أنه زيارة (الجارات) المتبادلة والمتكررة هذه الظاهرة  القديمة المتجددة التي أصبحت من العادات المألوفة في مجتمعاتنا الشعبية المجامِلة.

فليس من الغريب أن تدخل بيتك وترى ضيفك الدائم قد بادرك بالسلام وليس من العجيب أن يقرع باب دارك ليصرخ الأطفال أنها جارتنا ياأمي! البعض منهن أصبحن كـ(أم زكي) تلك  السيدة التي مثلت دور الخطّابة في مسلسل باب الحارة فهي لم تترك بيتاً في حارتها المسالمة لم تدخله وتجلس فيه وقد يكون هذا من صميم عملها لذا نعطيها العذر بذلك.

في هذا التحقيق سنحاول أخذ مجموعة من الآراء لكلا الجنسين عن هذه الظاهرة وما مدى تأثيرها على كيان الأسرة والمجتمع، وقد كانت بدايتنا مع صاحبات الشأن أنفسهن أي بتعبير أصح مع السيدات. حيث تحدثت لنا السيدة (أم مهدي)52 سنة ربة بيت عن هذه الظاهرة فقالت لـ شبكة النبأ المعلوماتية: عرفت هذه الظاهرة منذ صغري وألفتها ولازلت أقوم بها حتى اليوم فالسؤال عن الجار مطلوب وقد أوصانا الرسول(ص) بهذا ولكن بحدود المتعارف الذي لا يسيئ للجار وخصوصياته.

واضافت ام مهدي، سابقا كانت الزيارات مألوفة ولقاءات النساء متكررة كانت أحاديثنا تدور عن الحياة ومعاناتها كنا نجتمع ونشكو همومنا. أما عن سلبياتها فهي كثيرة ولا أخفي عليك أنها لاتخلو من الغيبة والنميمة ونقل الأخبار المفبركة لقصد التسلية. وقد أثرت بعض هذه الزيارات على نفسية بعض الأسر بشكل سلبي وولدت بعض المشاكل بسبب أللامبالاة من قبل بعض السيدات.

أما الأخت (أم مهند) 33سنة فقالت. من الجميل أن تجد من يسأل عنك ويبادلك الزيارة فهذه الظاهرة جميلة إذا التزمت الجارة بحدود الزيارة وأعني بذلك ترك بعض الأشياء الغير مبرره  كتدخل والاستفسار عن الإسرار أو المشاكل التي لا تهم السائل وأنمى يأتي ذلك من باب الفضول ليس إلا.

أبتهال21سنة قالت لـ شبكة النبأ، انا لا أحب هذه الظاهرة فهي مملة إن أصبحت طبيعة لدى بعض السيدات وهذا موجود بالفعل فأنا اذكر أحدى جاراتنا اللاتي اعتدن الخروج لزيارة الجيران وبصراحة كنت أمقت هذه الحالة المزعجة فهي لا تعرف وقت محدد للزيارة وتتحدث عن الناس وتنقل أسرار الآخرين وتفرض نفسها وتتدخل بكل صغيرة وكبيرة وهذه ظاهره سيئة وغير لائقة.

وتقول أحدى الأخوات أني لا أجد مايعيب هذه الممارسة الاجتماعية فأنا أعتبرها متنفس حقيقي للمرأة فبهذه الزيارة يمكن لها التنفيس عن الكبت الذي قد يلحق بها وهي وحيده داخل المنزل كما ويمكن لها الأستفاده من خبرات بعض جاراتها المتخصصات في مجالات معينة.

 وأضافت لـ شبكةالنبأ، على السيدات تجنب الزيارات اليومية المتكررة عديمة الفائدة التي تتحول إلى مجالس سوء لاحديث نافع فيها سوى الانتقاص من الآخرين وتقضية أوقات الفراغ.

عند الخيّاطة..!!

السيدة (م.ق) تقول هذه الزيارات مطلوبة في مثل مجتمعنا ولكن بحدود المتعارف والمقبول كقضاء الواجب وعيادة المريض والمشاركة في المناسبات الخاصة للجيران.

واضافت م.ق، هناك حادثة مرت بي أحب أن أذكرها وهي. في احد الأيام وأثناء زيارتي لجاراتي الخيّاطات وبعد الجلوس بدئنا نتحدث بأمور عامة وكانت هناك سيدة أربعينية عرفتُ أنها أرملة تستعد لزواج أخر! وكانت سعيدة جدا. وبعد خروجها أخبرتني صاحبة المكان أن هذه السيدة لجئت إلى الحيلة في هذا الزواج فهي ستتزوج من زوج جارتها وصديقتها!!، فبعد التردد ومعرفة كل أسرار ومشاكل صديقتها العائلية التي كانت لا تخفي عنها شيئ بدأت بنصب شِباك المكر من أجل الحصول على مبتغاها، وقد نجحت بإستدراج ذلك الزوج وإيقاعه.

وقد قرر الرجل  الزواج منها لعله يحضى بحياة هانئة!.هذه أحدى مكائد بنات حواء كما تقول، لذا يجب الحذر في طرح بعض الأمور الخاصة وعلينا اقتناء واختيار الأصدقاء المناسبين حتى لا نقع في مثل هكذا أخطاء مدمره لقوام الأسرة والمجتمع.

وللرجال حديث..

أما وقفتنا الأخرى فكانت مع الرجال حيث كانت لهم آرائهم الخاصة بهذا الموضوع. حيث يقول الحاج (أبوزهير)، لا ضير من هذه الزيارات فالاختلاط مطلوب والمجاملة محببة لدينا.

واضاف ابو زهير لـ شبكة النبأ، أنا شخصيا أؤيد مثل هكذا زيارات فالجيران أهل ولا توجد فواصل أو موانع بين الأهل. فما يعرفه جاري عني  أكثر مما يعرفه أخي الساكن بعيداً عني فجاري أقرب من حيث المسافة والتردد والسؤال عن أحوالي، فما المانع من زيارة أهله المتكررة لنا.

أما رب الأسرة (أبو صلاح) فيقول: الزيارات المتكررة والمستمرة خطأ لابد لرب لأسرة من معالجته وذلك من خلال المراقبة والسؤال ومعرفة وجهة الزوجة فبيت الزوجة أولى بالاهتمام, وأن مثل هكذا زيارات قد تسبب المشاكل بين الأزواج فمن المعروف لدى الجميع أن مسألة التباهي بين السيدات موجودة كأن تتباهى إحداهن بأن زوجها الميسور قد أهدى لها خاتما ذهبيا أو أشترى لها شئ جديد أو أخرجهم في نزهة، فبالتالي هذه الأمور تؤثر في نفسية السيدة الأخرى التي قد يكون زوجها فقير أو عامل بسيط لا يقدر على توفير مثل هكذا أشياء. نعم قد أقبل ببعض هذه الزيارات لكن من باب رد الجميل والواجب فلا مانع من حضور مناسبات الفرح والحزن وأداء الواجب وبحدود المتعارف.

الأخ (إبراهيم حسن) يقول أنا شخصيا لا أؤيد  مثل هكذا زيارات مستمرة  لأنها تعيق عمل المرأة داخل البيت وقد تخلق توترات في محيط العائلة فالجلوس لساعات متعددة وتداول الحديث سيؤدي إلى إهمال أغلب الأعمال المنزلية وكذلك سيشغل الزوجة عن مراقبة ومتابعة أمور الزوج والأولاد وبتالي ستتولد مشاكل نحن في غنى عنها، لابأس من تبادل الزيارات ولكن مع مراعاة الجوانب الأدبية في الزيارة وعدم الإطالة واختيار الأحاديث المفيدة والأطروحات النافعة التي تخدم الجميع.

إلى هنا انتهت رحلتنا مع الجارات متمنين أن نكون قد وفقنا بتقديم ما يفيد القارئ العزيز. تاركين له حرية الحكم وإبداء الرأي بهذا الموضوع.. مع الأعتزاز.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد  20/تموز/2008 - 16/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م