الإتفاقية الامنية.. تعثر الخطوات أم تقديم المصالح

اعداد/ميثم العتابي

شبكة النبأ: رغم الشد والجذب والأخذ والتحذيرات التي يطلقها الساسة في العراق وأمريكا بين الفينة والأخرى، تستعد الحكومتين للإنتهاء من تشكيل ملامح الاتفاقية الأمنية والتي تجري المفاوضات حولها بين واشنطن وبغداد منذ أشهر، بيد ان تسريبات إعلامية بيّنت ان الاتفاقية قد تكون مؤقتة بل انها قد تُترك الى ما بعد انتخابات الرئاسة الامريكية وما بعد انتخابات المجالس المحلية في العراق لأنها جاءت في توقيت انتخابي حرج للطرفين فيها...

لكن الذي فاجأ الإدارة الأمريكية هو الإصرار الجديد من قبل الكتل السياسية عامة والحكومة خاصة بوضع جدولة للإنسحاب الأمريكي من العراق، وهذا ماتعارضه الولايات المتحدة بشدة، متعللة بان هذا الإعلان ستهيأ على ضوئه الجماعات المسلحة نفسها بالإستعداد على ماأسمته الإنقضاض على المشروع العراقي بعد مغادرة الجيش الامريكي.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير الخاص عن مجمل وآخر التطورات الحاصلة في قضية الإتفاقية الأمنية بين واشنطن وبغداد، مع عرض لآراء بعض الساسة ورجالات الدولة العراقية والأمريكية، وموقفهم حيال التقدم الحاصل في المفاوضات:

الاتفاق الامني المؤقت وجدولة الإنسحاب

وذكرت صحيفة واشنطن بوست نقلا عن مسؤولين امريكيين كبار ان المفاوضين الامريكيين والعراقيين انهوا جهود التوصل لاتفاق امني رسمي قبل ان يترك الرئيس جورج بوش السلطة وانهم سيستعيضون عن ذلك باتفاق مؤقت.

ويتفاوض الجانبان على اتفاق يضع اساسا قانونيا لوجود القوات الامريكية في العراق عندما ينتهي تفويض الامم المتحدة لها بنهاية العام الحالي.

لكن القادة العراقيين تحدثوا عن مجرد اتفاق على ما وصفوه بمذكرة تفاهم. كما اثار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للمرة الاولى احتمال وضع جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية من العراق. بحسب رويترز.

ونقلت واشنطن بوست عن مسؤول امريكي قريب من المفاوضات قوله: نحن نتحدث عن مواعيد رغم رفض بوش الشديد من قبل النداءات بوضع جدول زمني.

والعراق قضية كبرى في معركة انتخابات الرئاسة الامريكية التي ستجرى في نوفمبر تشرين الثاني بين الجمهوري جون مكين والديمقراطي باراك اوباما. ويؤيد مكين الاستراتيجية الحالية لادارة بوش فيما دعا اوباما لوضع جدول زمني للانسحاب.

وقال لتلفزيون العراقية في مقابلة اذيعت في وقت متأخر ان العراقيين يجب ان يعرفوا متى ستغادر القوات الامريكية والقوات الاخرى ارض العراق. واضاف ان من حق العراقيين ان يعرفوا ما اذا كانت هناك نية لدى القوات الامريكية لمغادرة العراق ام لا.

وقالت الصحيفة ان وثيقة الامن المؤقتة ستكون محدودة من حيث المدة والنطاق وستسمح باستمرار عمليات الوحدات العسكرية الامريكية الاساسية عندما ينتهي تفويض الامم المتحدة.

واوضحت الصحيفة ان الوثيقة التي يجري بحثها حاليا مع العراق ستغطي عام 2009 فقط على الارجح.

واضافت واشنطن بوست ان المفاوضين يتوقعون ان تشمل الوثيقة أفقا زمنيا مع اهداف محددة بانسحاب للقوات الامريكية من بغداد ومدن ومنشات اخرى.

وهناك ضغط داخلي قوي في العراق لتحديد مواعيد لانسحاب القوات الامريكية خاصة مع تراجع العنف لادنى مستوياته في اربعة اعوام وزيادة حجم القوات العراقية وتوليها قيادة مزيد من العمليات الامنية.

وسيحاول خصوم المالكي السياسيون على الارجح استغلال قضية وجود القوات الامريكية دون جدول محدد للانسحاب في انتخابات المحافظات في وقت لاحق من العام الحالي.

وقالت واشنطن بوست ان اكثر القضايا الخلافية التي لم تحسم حتى الآن هي الحصانة القانونية للقوات الامريكية في العراق.

وكان مسؤولون امريكيون قد اعلنوا ان هذه القضية غير قابلة للتفاوض. لكن نائب رئيس البرلمان العراقي قال ان النواب سيعترضون على الارجح على اي اتفاق يعطي الجنود الامريكيين حصانة من المحاسبة امام القانون العراقي.

وتعارض ادارة بوش دائما وضع اي جدول زمني للانسحاب قائلة ان ذلك سيمكن الجماعات المسلحة من الاعداد للعمل سرا والانتظار حتى مغادرة القوات الامريكية للعراق لتعاود الظهور.

ويجري خفض مستويات القوات الامريكية بالفعل مع توقع ان ينسحب هذا الشهر اللواء الاخير من الالوية الخمسة المقاتلة التي امر بوش بنشرها العام الماضي. وسيترك ذلك 15 لواء مقاتلا في العراق او نحو 140 الف جندي.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين من الادارة والجيش الامريكيين ان واشنطن تدرس سحب قوات اضافية اعتبارا من سبتمبر ايلول.

واضافت الصحيفة انه لم يتخذ بعد قرار نهائي بشأن سحب القوات لكن يمكن سحب ما يصل الى ثلاثة الوية مقاتلة في العراق او من المقرر سحبها بنهاية ولاية الادارة في يناير كانون الثاني.

قلق المرجعية الدينية وترقب الشارع العراقي  

وذكر مصدر مقرب من المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيستاني أن المرجعية تنظر بعين القلق للاتفاقية الاستراتيجية الأمنية التي يجرى الاعداد لها حاليا بين العراق والولايات المتحدة.

وقال صدر الدين القبانجي امام وخطيب صلاة الجمعة في مدينة النجف: ان شعب العراق ينظر بعين القلق الى الاتفاقية العراقية الأمريكية المجهولة والتي يراد لها أن توقع في ظلام وأن الشعب العراقي لا يقبل ذلك مهما كانت. بحسب د ب أ.

وأضاف: أخبركم أن المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف تنظر بعين القلق لهذه الاتفاقية التي توقع في ظلام وعلى مجهول. مشيرا الى أنه حتى الآن لم يطلع الناس على بنود الاتفاقية ولا على شخوص المفاوضين.. اذن كيف المرجعية تقبل.

وقال القبانجي: نحن لا نرضى بأي اتفاقية تكبل أيدي وأرجل العراقيين على مدى عشرات السنين ويجب أن تطرح الاتفاقية على الناس والمرجعية تطلع عليها ومن ثم يكون لنا وللأحزاب والكيانات والعلماء رأي فيها. وأضاف: الاتفاقية تجري الآن في غرف مغلقة ولا نطلع عليها.. لا يمكن للشعب العراقي الموافقة عليها.

وتساءل: لماذا الخوف من عرض بنود الاتفاقية على الناس والمرجعية الدينية والمفاوضون لا أحد يعرفهم.

ثقة العراقيين بأنفسهم في مفاوضاتهم مع واشنطن 

وقالت صحيفة نيويورك تايمز في عددها الأخير، إن العراق يزداد ثقة بنفسه ويصبح أكثر صرامة في مفاوضاته مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاقية الأمنية طويلة الأمد.

ونشرت الصحيفة تحليلا إخباريا بشأن تحول الموقف العراقي الرسمي من طبيعة الاتفاقية الأمنية التي يجري التفاوض بشأنها حاليا بين واشنطن وبغداد، ذكرت فيه أن سعي إدارة بوش إلى إبرام معاهدة مع العراق ستتيح للقوات الأميركية أن تبقى فيه إلى أمد غير مسمى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس بوش، يبدو انه لن يحقق غايته. والمفارقة، كما تقول الصحيفة، إن هذا المسعى سيكون ضحية نجاحات الإدارة الأميركية في الحرب.

وكان "إعلان مبادئ" قد وقعه الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء نوري المالكي في كانون الأول ديسمبر الماضي وقد خطط للتوقيع عليه في 31 من تموز يوليو المقبل ليدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني يناير من العام القادم. بحسب اصوات العراق.

وتحكم الاتفاقية تواجد القوات الأمريكية في العراق بعد عام 2008، إذ يعتمد تواجدها حاليا على تفويض من الأمم المتحدة يجدد عند نهاية كل سنة بطلب من الحكومة العراقية. ولن تكون نافذة المفعول ما لم يصادق عليها البرلمان العراقي الذي يضم 275 عضوا.

وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وكبار مساعديه يطالبون الآن صراحة بوضع جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية على الورق في أدنى الأحوال. وهذا الأمر كما ترى الصحيفة، يلمح في جزء منه إلى الحقائق السياسية العراقية، منذ أن اخذ سياسيون عراقيون يتحدثون عن إنهاء الاحتلال الأميركي. فلا أحد في العراق يتوقع رمي الأميركيين خارج البلاد في أي وقت قريب وقلة في العراق يعتقدون أن من الأفضل تنفيذ ذلك فورا.

إلا أن المالكي، كما تعتقد الصحيفة، الذي عزز موقع حكومته، متشجعا بالنجاحات العسكرية الأخيرة، يحرص على تأكيد سيادتها. من هنا وضعت المطالب العراقية بوش في وضع سياسي محرج.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قال أثناء زيارته أبو ظبي إن التوجه الحالي في المفاوضات مع الأمريكان هو التوصل إلى مذكرة تفاهم إما لجلاء القوات الأمريكية من البلاد أو جدولة انسحابها.

الأمر الذي رد عليه غوردون جوندرو المتحدث باسم مجلس الأمن القومي قائلا إن أية إتفاقية لن تتضمن جدولا صارما لسحب القوات العسكرية من العراق ولكن قد يتم تضمينها رغبة كل من واشنطن وبغداد لسحب القوات الأميركية شرط الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع على الأرض.

وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس الأميركي عارض بوضوح وضع أي جدول ملزم بالانسحاب سواء من جانب العراقيين أم من جانب منتقدي الحرب في أميركا، لكنه وعد قبل اقل من شهر انه يمتثل لإرادة القادة العراقيين في ذلك.

إذ قال الرئيس بوش في باريس خلال جولته الأوربية الأخيرة: بالطبع تعرفون أننا هناك (في العراق) على أساس دعوة منهم، وأضاف، فالعراق دولة ذات سيادة.

ورأت الصحيفة أن من السهل التعرف إلى هذه الثقة العراقية الجديدة، فالكثير من التصريحات تثبت ببساطة أن الديمقراطية العراقية قد نضجت إلى درجة أن القادة المنتخبين بوسعهم التوجه إلى قضايا مهمة، حتى على الرغم من اعترافهم الهادئ بالحاجة إلى دعم الجيش الأميركي على مدى المستقبل المنظور.

لكن يبقى إن قادة أميركيين كبار يقولون الآن إن العراق يتولى المزيد من مسؤولية الأمن بعد سنوات من التطور المرتبك غير المؤكد. ففي كلام له أمام الكونغرس قال اللفتنانت جنرال جيمس دبك، الذي كان يتولى الإشراف على تدريب القوات العراقية مؤخرا، إن القوات البرية العراقية من الممكن أن تكون فاعلة تماما في منتصف العام المقبل.

وإلى جانب النجاحات العسكرية في البصرة ومدينة الصدر، ببغداد، والموصل، كما ترى الصحيفة، فإن حكومة المالكي بدت أكثر صلابة مما كانت عليه قبلا.

وشنت القوات الأمنية العراقية منذ مطلع العام الحالي حملات عسكرية واسعة في عدد من المحافظات من ضمنها ميسان والبصرة ونينوى بهدف القضاء على المسلحين وبسط الأمن والاستقرار فيها.

نتيجة لذلك، كما يقول مسؤولون ومحللون، فإن العراق غدا اقل رغبة مما كان عليه في قبول أي طلب أميركي في المفاوضات الجارية الآن لإقامة وضع قانوني للقوات الأجنبية في العراق بعد نهاية العام الحالي.

فقد رفض المفاوضون العراقيون طلب الإدارة الأولي في إن المتعاقدين الأميركيين كلهم، ومن بينهم حراس الأمن التابعين لشركات من قبيل بلاك ووتر، يحظون بالحصانة من المحقة القانونية، حسب ما نقلت الصحيفة عن مسؤول على اطلاع على المحادثات.

وتعتقد الصحيفة أن الفشل في التوصل إلى إبرام اتفاقية صارمة ستكون مشوشة بالنسبة للرئيس بوش وهو في شهوره الأخيرة في منصبة، كما بالنسبة لإستراتيجيته في إرسال آلاف القوات الإضافية إلى العراق في مطلع العام الماضي التي عرفت بـ"الاندفاع" وتؤتي ثمارها الآن. وهذا ما قد يلزم الإدارة الأميركية على تقديم تنازلات إضافية.

الآلوسي والحديث عن مستقبل الإتفاق الأمني 

وطالب النائب عن حزب الأمة العراقي مثال الآلوسي، بأن تكون الاتفاقية الأمنية طويلة الأمد بين العراق والولايات المتحدة عنصر توازن عسكري وسياسي، محذرا من أن إعطاء أي تطمينات لدول تريد الأضرار بالبلاد، وهو خطير جدا.

وقال الآلوسي: يجب أن تكون الاتفاقية الأمنية بين العراق وأمريكا عنصر توازن عسكري، وسياسي في المنطقة كي نحافظ على سلامة العراق وامن المنطقة، مؤكدا على ضرورة الحفاظ على سيادة العراق واستقراره. بحسب اصوات العراق.

وأضاف، أن إدراج  أي مادة إلى بنود الاتفاقية تتضمن إعطاء تطمينات لدول تريد الإضرار بالعراق بعدم استخدام أراضيها كقاعدة للشن الحرب عليه، خطير جدا.

وأعرب الآلوسي، وهو رئيس حزب الأمة العراقي الذي يشغل مقعدا واحدا في مجلس النواب البالغة مقاعده 275، عن أمله في أن تصبح الاتفاقية الأمنية عملية رد وردع للدول التي تريد شن الحروب على العراق دون أن يحدد أسماء تلك الدول.

وتحكم الاتفاقية تواجد القوات الأمريكية في العراق بعد عام 2008، إذ يعتمد تواجدها حاليا على تفويض من الأمم المتحدة يجدد عند نهاية كل سنة بطلب من الحكومة العراقية. 

ولن تكون الاتفاقية نافذة المفعول ما لم يصادق عليها البرلمان العراقي الذي يضم 275 عضوا، إلا أنها جوبهت بكثير من الجدل في الأوساط السياسية والشعبية العراقية.

التيار الصدري والتظاهرات المستمرة ضد الاتفاقية

وواصل التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشاب مقتدى الصدر تظاهراته بعد صلاة الجمعة للتعبير عن موقفه الرافض لتوقيع اتفاقية طويلة الامد تنظم وجود القوات الاميركية في العراق.

وقال الشيخ صلاح العبيدي الناطق باسم التيار الصدري في خطبة صلاة الجمعة امام حشود المصلين في جامع الكوفة (150 كلم جنوب بغداد) ان على التيار الصدري الاستمرار بالتظاهر لرفض الاتفاقية طويلة الامد حتى الغائها.

وتظاهر المئات من المصلين من انصار التيار بعد الصلاة مطالبين بعدم ابرام اتفاقية مع الولايات المتحدة. بحسب فرانس برس.

ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها: الاتفاقية المشبوهة استعباد ابدي للعراق. والاتفاقية مخالفة للشريعة والدستور، ولن نسمح ان يكون العراق مستعمرة اميركية.

وهتف المتظاهرون: كلا كلا امريكا .. كلا كلا اسرائيل.

وفي مدينة الصدر معقل التيار الصدري شرق بغداد تظاهرت حشود مماثلة بعد الصلاة. وحمل المتظاهرون لافتات ترفض الاتفاقية.

وهتف المتظاهرون في شارع غطت اعلام عراقية كبيرة المباني المحيطة به: كلا كلا اتفاق. كلا كلا يا محتل، واخرج اخرج يا محتل.

كذلك تظاهر عشرات المصلين من ابناء التيار الصدري في مدينة الكوت (175 كلم جنوب بغداد) لدعم مطالب الحكومة العراقية برحيل كامل لقوات الاحتلال او جدولة انسحابها من البلاد. وهتف المتظاهرون الذين رفعوا اعلاما عراقية: نعم نعم للعراق كلا كلا للاحتلال.

مخطط أمريكي لسحب الألوية القتالية من العراق   

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز على رأس صفحتها الأولى، أن الولايات المتحدة تنظر في سحب ألوية قتالية إضافية من العراق، بحلول أيلول سبتمبر المقبل، مشيرة إلى احتمال تواصل الانسحاب مع تزايد قوة الحكومة العراقية والثقة بقواتها.

وقالت الصحيفة إن إدارة بوش بصدد النظر في سحب أعداد من قواتها القتالية من العراق مع مطلع أيلول سبتمبر المقبل، طبقا لمسؤولين في الإدارة وعسكريين، الأمر الذي يفتح الباب أمام خطة انسحاب أكثر طموحا مما كان متوقعا قبل شهور قليلة.

وعلقت الصحيفة بالقول إن مثل هذا الانسحاب سيكون على عكس ما كان عليه مسار الحرب في العامين 2006 و2007، مضيفة أن احد العوامل، التي دفعت إلى ذلك، هو الحاجة الملحة لقوات إضافية في أفغانستان، حيث توسعت رقعة التمرد على يد طالبان وجماعات أخرى وارتفاع نسبة الخسائر في صفوف الأفغان والقوات التي تقودها أميركا في ذلك البلد.

فقد ارتفعت تلك الخسائر بنحو اكبر مما في العراق في شهري أيار مايو وحزيران يونيو الماضيين، وبقيت على معدلاتها في الشهر الحالي. بحسب اصوات العراق. 

وتابعت الصحيفة بالقول إنه على الرغم من عدم اتخاذ أي قرار إلى الآن، ومع اقتراب مغادرة الرئيس بوش مهامه في الـ20 من كانون الثاني يناير المقبل، سيصار إلى سحب من لواء إلى ثلاثة ألوية من الألوية القتالية الموجودة الآن في العراق، وعددها 15 لواء، أو على الأقل وضع جدول زمني بانسحابها، بحسب المسؤولين.

وتقول الصحيفة إن الرغبة في التحرك بسرعة تعكس آراء العديد من شخصيات البنتاغون، الذين يريدون تخفيف الضغط على الجيش الأميركي وتهيئة قوات إضافية إلى أفغانستان ومهام أخرى محتملة.

وفي أكثر التقديرات تفاؤلا، سيبقى في العراق من 120.000 إلى 130.000 عسكري أميركي، وهو عدد اقل مما بلغته القوات الأميركية مع زيادة حجمها في إطار إستراتيجية الاندفاع التي أمر بها الرئيس الأميركي، حيث وصلت إلى 170.000عسكري في وقت متأخر من العام الماضي.

وتلاحظ الصحيفة أن أي تقليل لحجم القوات وقت اشتداد سخونة الانتخابات الرئاسية الأميركية سيذيب الخلافات الحادة بين المرشحين، السيناتوران جون ماكين وباراك اوباما، حول مدة البقاء في العراق. لذا فان النفع السياسي من وراء هذه الخطوة ستكون لصالح ماكين أكثر من أن تكون لفائدة اوباما. فالسيناتور ماكين من اشد الداعمين للإستراتيجية الأميركية الحالية في العراق، وأي خفض لحجم القوات سيشير إلى أن هذه الإستراتيجية فاعلة وبوسعها تذويب الشعور المناهض للحرب لدى الناخبين.

وحتى عندما يتجادل المرشحان حول الحكمة من الحرب وبقاء القوات الأميركية في العراق، إلا أن الوضع الأمني في البلاد شهد تحسنا كبيرا، ومع ازدياد الثقة بالحكومة العراقية وقواتها من الجيش والشرطة، ستزداد احتمالات إجراء تخفيضات إضافية، وهو ما كان بعيدا عن التصور قبل عام من الآن.

وبينما يحذر مسؤولون من أن الأمن النسبي في العراق هش، إلا أن العنف والهجمات التي تستهدف قوات التحالف قد تدنت إلى اقل مستوياتها عما كانت عليه في وقت مبكر من العام 2004.

تأكيد واشنطن في المفاوضات مع بغداد بعدم الإنسحاب 

اكدت الولايات المتحدة انها لا تتفاوض مع العراق بشأن تحديد "موعد ثابت" لانسحاب عسكري من العراق رغم دعوات بغداد الى تحديد جدول زمني لذلك لكنها لم تستبعد اجراء محادثات حول "اطر زمنية" في هذا الشأن مع بغداد.

وكان رئيس الوزراء العراقي قد صرح انه طلب تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الاميركية من العراق خلال المناقشات مع الحكومة الاميركية حول اتفاقية تتعلق بوجود هذه القوات في العراق بعد 2008 .

لكن المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ستانزل قال ان المحادثات تهدف الى التوصل الى اتفاق اطار حول مستقبل العلاقات الاميركية العراقية والترتيبات التي ستنظم الوجود العسكري الاميركي في العراق. بحسب فرانس برس.

وقال ستانزل: من المهم ان ندرك ان هذه المحادثات لا تتعلق بتحديد موعد ثابت لانسحاب. واضاف، كما قال السفير الاميركي في بغداد راين كروكر نحن ندرس الشروط وليس جداول زمنية والجانبان متفقان على هذه النقطة. وتابع، ان ابرام اتفاق لا يعني انه لن يكون هناك تفاهم حول اطر زمنية.

واكد ستانزل ان الرئيس الاميركي جورج بوش تحدث مرارا عن جداول زمنية كما حدث عندما اشار الى امكانية سحب وحدات جديدة قبل نهاية العام وبعد مغادرة آخر لواء ارسل في اطار التعزيزات الى العراق بحلول نهاية تموز/يوليو الجاري.

وحرص ستانزل على الاشارة الى تصريحات بوش المعارضة للانسحاب من العراق على امل تجنب اي تناقض مفتوح مع موقف المالكي.

وكان المالكي صرح للسفراء العرب المعتمدين في الامارات العربية المتحدة ان التوجه الحالي يقضي بالتوصل الى مذكرة تفاهم مع الاميركيين اما لجلاء القوات او لجدولة انسحابها.

ونفى ستانزل ان تكون تصريحات المالكي حول مذكرة التفاهم هذه مؤشرا على تعثر المفاوضات حول شراكة استراتيجية اوسع بين العراق والولايات المتحدة.

وقال: لا اعتقد ان الامرين متنقضان. موضحا ان ابرام مذكرة تفاهم يشكل واحدا من خيارات كثيرة لتنظيم العلاقات. وشدد على ان الهدف هو التوصل الى اتفاق قبل نهاية الشهر الجاري.

وردا على تصريحات المالكي قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) براين ويتمان: في ما يتعلق بالجداول الزمنية ساكرر ما اقوله بشأن الوضع الامني وهو ان ذلك يعتمد على الظروف على الارض. واضاف ان الولايات المتحدة اكدت بوضوح اننا لا نريد بقاء قواتنا بشكل دائم في العراق.

وتابع ويتمان: لكن الجداول الزمنية مصطنعة في طبيعتها وفي وضع تتسم فيه الامور بحراك كما في العراق من الافضل عادة ان ننظر الى هذه الامور حسب الظروف على الارض.

تحويل الاتفاقية إلى بروتكول أمني واقتصادي

ورجح القيادي بالائتلاف العراقي الموحد حسن السنيد، أن يتم تحويل الاتفاقية طويلة الأمد بين بغداد وواشنطن إلى بروتكول أمني يلحقه اتفاقية اقتصادية واعمارية في حال عدم الوصول إلى صيغة تفاهم بين العراق والولايات المتحدة حولها.

وأوضح السنيد: إذا لم نستطع التوصل إلى تفاهم حول الاتفاقية طويلة الأمد بيننا وبين أمريكا سنلجأ لتحويلها إلى بروتكول امني متكون من صفحة أو صفحتين يلحق باتفاقية الإطار الاقتصادية والاعمارية. بحسب اصوات العراق.

وتابع السنيد وهو نائب مقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي، فضلا عن كونه أحد قيادات حزبه (الدعوة الإسلامية): سنكتفي في الأيام القادمة بالحديث عن بروتكول بجلاء القوات الأمريكية أو بروتكول بجدولة رحيل القوات الأمريكية من العراق.

وبين أنه ما زالت أمام الاتفاقية شوط كبير قائلا: هناك ميل لدينا أن يكون هناك بروتكول يحدد زمن وعمل وجدولة وصلاحيات القوات الأمريكية من العراق.

وينتمي السنيد للائتلاف العراقي الموحد، صاحب الأغلبية في مجلس النواب الحالي، وله 83 مقعدا من أصل 275، ويتكون من تحالف أحزاب وتنظيمات سياسية ودينية، أكبرها المجلس الأعلى الإسلامي وحزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء نوري المالكي.

وتحكم الاتفاقية تواجد القوات الأمريكية في العراق بعد عام 2008، إذ يعتمد تواجدها حاليا على تفويض من الأمم المتحدة يجدد عند نهاية كل سنة بطلب من الحكومة العراقية.

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت  19/تموز/2008 - 15/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م