ثورة الإنترنت في الإنتخابات الامريكية

شبكة النبأ: تغير أسلوب العمل في الحملات الانتخابية في حملة الانتخابات الرئاسية للعام 2004 عندما استخدم الساعي إلى الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي، هوارد دين، شبكة الإنترنت منصة يخاطب عبرها المواطنين، وتجاوب معه الناخبون فتبرعوا له بوقتهم ومالهم. وقد ازداد جمع التبرعات على الإنترنت كثيراً عما كان عليه قبل أربع سنوات، وحالف النجاح فيه المرشح الديمقراطي للرئاسة باراك أوباما أكثر من غيره بفضل أدوات موقع الويب 2.0 التفاعلي وأدوات شبكة تواصل واتصال اجتماعية تعزز مشاركة مجتمع الإنترنت.

ويدير فيل تاجتسو ناش، وهو محام وكاتب وناشط ومناصر منذ زمن طويل لاستخدام الإنترنت أداة في الحملات الانتخابية، الذي يساعد المنظمات على وضع وتطبيق استراتيجيات لجمع التبرعات على الإنترنت.

وقد أوضح ناش لموقع أميركا دوت غوف أن "جمع التبرعات الناجح على الإنترنت لا يتطلب التكنولوجيا فقط، ولا يتطلب المرشح فقط، وإنما أيضاً رسالة يكون لها صدى في نفوس مجتمع الإنترنت. وما يعنيه ذلك هو أن  المرشحين العاملين خارج أساليب الحزب التقليدية، بشكل عام، يتمتعون بفرصة أكبر لجمع التبرعات (بهذه الطريقة)."بحسب موقع يو اس انفو.

وقال إن الأمور تغيرت عما كانت عليه في العام 2000، عندما "كان من الصعب جداً إقناع الناس بإنشاء موقع على الشبكة العنكبوتية وإقناعهم بفوائد ذلك." وأضاف ناش أن الذين يشغلون المناصب التي يجري التنافس عليها هم الذين تشبثوا، بشكل خاص، بأساليب جمع التبرعات القديمة: كلمة تلقى خلال حفل عشاء يتلقون بعده شيكا. ولكن بعض المرشحين، وبينهم مرشح الحزب الجمهوري المتوقع للرئاسة في 2008، جون مكين، جمعوا بضعة ملايين من الدولارات كتبرعات من خلال الإنترنت في العام 2000. وأشار إلى أن "ذلك اعتبر إنجازاً هائلاً إلى حد جعل عمليات جمع التبرعات التقليدية الضخمة تبدأ في النظر إلى الإنترنت بجدية."

ظاهرة دين

وقال ناش إن هوارد دين، الطبيب وحاكم ولاية فيرمنت السابق، نجح في العام 2004، في جمع "مبلغ ضخم من المال وأثبت أنه يمكن لمتنافس عامل خارج أساليب منظمات الحزب التقليدية أن يجمع التبرعات بشكل فعال."

ورغم أن دين لم يفز باختياره مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة، إلا أنه حقق سابقة في تاريخ  جمع التبرعات السياسية. وقد تبنت الآلات السياسية بعد تلك الحملة أساليب دين: استقطاب المواطنين الأميركيين العاديين على الإنترنت والجمع بينهم  من خلال "لقاءات" تولدها الشبكة العنكبوتية.

وقال ناش إن "أوباما هو في الحقيقة هوارد دين رقم 2 عندما يتعلق الأمر بجمع التبرعات على الإنترنت،" مضيفاً أن إدراك أوباما لقيمة الإنترنت كان واضحاً في حملته الانتخابية للفوز بمقعد في مجلس الشيوخ في العام 2004، "ولكن حملته استفادت بشكل حقيقي من الأشخاص الذي كانوا في حملة هوارد دين وحملة جون كيري ( المرشح الديمقراطي للرئاسة في انتخابات العام 2004)."

كانت حملة هوارد دين في العام 2003، من أوائل الحملات الانتخابية التي سخرت الإنترنت لجمع التبرعات للحملات الانتخابية.ويعود نجاح السناتور أوباما، السناتور عن ولاية إلينوي، إلى تسخيره طاقة مجتمع الإنترنت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل Facebook. وقد ترك أحد مؤسسي ذلك الموقع، كريس هيوز، الشركة في العام 2007 لينضم إلى حملة أوباما. وساعد في تصميم موقع حملة أوباما على الشكبة العنكبوتية، حيث يتصل الناس بمجموعات من سكان الحي ويتطوعون ويتبرعون بالمال ويطلعون على آخر أخبار حملة أوباما. وقد أصبح لدى أوباما الآن أكثر من مليون مؤيد على موقع  Facebook وحده. كما أن له وجوداً في مواقع اجتماعية أخرى أيضاً مثل MySpace وTwitter وMyBatanga وMiGente وAsianAve. أما عدد مؤيدي خصم أوباما المتوقع، الجمهوري مكين، على موقع Facebook فلا يصل إلى 200 ألف شخص.

ولكن أوباما ليس المرشح الوحيد الذي حقق النجاح في جمع المال على الإنترنت. فقد حصل المتنافس السابق للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، رون بول، على تأييد ضخم عبر حملة على الإنترنت نجحت رغم أن وسائل الإعلام السائدة الرئيسية أهملته معظم الوقت. وقد جمع بول في أحد أيام شهر تشرين الثاني/نوفمبر، 2007، مبلغ 6 ملايين دولار، تم جمع أكثر من 4 ملايين منها على الإنترنت.

وقد ضخ مكين أخيراً مزيداً من النشاط في حملته على الإنترنت، مستخدماً البريد الإلكتروني والمدونات الإلكترونية وشبكته الاجتماعية الخاصة، McCainSpace، لاستقطاب التأييد. ولدى ابنته ميغان مدونة إلكترونية تهدف إلى اجتذاب الناخبين المحتملين الشباب.

وأصبح السياسيون يصغون باهتمام الآن بمجرد ذكر الإنترنت أمامهم. وقال ناش: "الكل يهتم بالإنترنت من حيث أنهم يعتقدون أنها ذلك الجني المحبوس في قمقم (الذي يستطيع تحقيق الأمنيات). ولذا يقصدون المرء قائلين، "هل يمكنك جمع مبلغ ما بين 50 (ألف دولار) إلى 100 ألف دولار لي على الإنترنت؟" ولكن مهما كانت رغبتك جامحة في وصول هذا المبلغ إلى حسابك، يجب أن تكون ممن يفهمون الإنترنت، ويجب أن تكون ممن يفهمون كيفية عمل التكنولوجيا، ويجب عليك أن تكون قادراً على مسايرة أحدث التطورات في التكنولوجيا."

ولعل المرشحين المحليين الذين لا تسلط عليهم الأضواء هم الذين يمكنهم الاستفادة أكثر من أي من الآخرين من جمع التبرعات على الإنترنت لأن العملية مجانية. فلجان العمل السياسي مثل ActBlue الديمقراطية، التي تقابلها Slatecard لدى الجمهوريين، هي قنوات للتبرعات للحملات الانتخابية. وأوضح ناش أن مثل دور المقاصة هذه تهدف  إلى إزالة العبء المالي الذي لا يستهان به لجمع المال على الإنترنت عن كاهل المرشحين من خلال السماح للمرشحين بإنشاء حسابات لدى لجنة حزبهم "سواء كان (المرشح) من أتباع حزب الحرية في الفكر والعمل أو حزب الإصلاح أو الخضر أو الزرق أو أي حزب. ما عليه إلا الانضمام فيقومون بجمع المال له ووضعه في حسابه. وأعتقد أن هذا هو المستقبل بالنسبة للكثير من الحملات الأصغر" التي لا يمكنها تحمل كلفة رسوم الإنترنت."

وأردف ناش: "إن ثلثنا (نحن الناخبين) من المستقلين، ونحتاج حقاً إلى خدمة تساعد الناس الذين ليسوا إما جمهوريين أو ديمقراطيين فقط لا غير."

وتنشر لجنة ActBlue على موقعها تحديثاً للحساب يظهر ما تم جمعه من تبرعات وعدد الأشخاص الذين تبرعوا بها. وقد فاق ما جمعته من تبرعات في شهر حزيران/يونيو 50 مليون دولار، تبرع أكثر من 395 ألف شخص بها لأكثر من 3 آلاف مرشح ولجنة، وبلغ معدل ما تبرع به كل شخص 50 دولاراً.

وقال مدير ActBlue، جوناثان زكر، "إن التبرعات بمبلغ قليل من الدولارات هي مفتاح قوة الحزب الديمقراطي. ... وليس من الضروري أن تكون الحملة حملة قومية لتسخير قوة المانحين الصغار."

وأوضح ناش أنه يمكن للإنترنت أن تمكّن المرشحين الشعبيين وتحفز الحوار في المجتمعات المحلية. وأضاف: "إن الخطاب المدني تعطل إلى حد كبير في هذا المجتمع. وأعتقد أنه يتعين علينا إعادة تنشيطه. وتستطيع الإنترنت جمع الجميع حول المائدة."

الانترنت تعطي دفعة لأوباما لكنها تخلق مخاطر أيضا

ويشعر المحللون السياسيون بالدهشة لتفوق باراك اوباما مرشح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الامريكية في استخدام شبكة الانترنت حيث وجد غالبية المتبرعين لحملته الذين بلغ عددهم 1.5 مليون مساهم وأنشأ موقع www.my.barackobama.com الاجتماعي لحشد جماهير الناخبين من الشباب.

لكن المحللين يحذرون من ان وسيلة الاعلام الجديدة التي مازالت في طور التكوين تفرض أيضا مخاطر جمة على المرشح الديمقراطي الذي من خلال فتح حملته الانتخابية امام العديد من الوكلاءأصبح عرضة لفقدان السيطرة على الرسالة التي يريد توصيلها.

فقد وفرت شبكة الانترنت منتدى لحملات الهمس مثل الموقع الذي روج لمزاعم زائفة بأنه مسلم. كما كثفت جماعات تفوق الجنس الابيض على الانترنت حملتها التي تزامنت مع الصعود السياسي لرجل اذا فاز في انتخابات الرئاسة التي ستجري في نوفمبر تشرين الثاني المقبل سيصبح أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة. ويواجه عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ايلينوي المرشح الجمهوري جون مكين في الانتخابات العامة.

وقال رافي سينغ المدير التنفيذي لشركة ايليكشن مول تيكنولوجيز وهي شركة استشارات تكنولوجية للحملات السياسية "من الامور الاساسية في أي حملة انتخابية السيطرة على الرسالة التي ترغب في توصيلها. وعندما تنفتح بهذا القدر من خلال الانترنت لا يمكنك السيطرة على رسالتك."

وبعض مؤيدي اوباما الليبراليين استخدموا موقعه على الانترنت في توجيه انتقادات له لانه تحرك الى الوسط في الساحة السياسية وخاصة لانه غير موقفه بشأن اصلاح تشريعي يدخل تعديلات على قوانين التجسس الامريكية.

وبينما تمكن اوباما فيما يبدو من السيطرة على المخاطر حتى الان فما زال امامه أربعة أشهر على الانتخابات التي ستجري في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني.

وقالت ليزا ليندين المدير التنفيذي لشركة ليندين السكولر اند كابلان للعلاقات العامة في نيويورك "انهم يحتاجون الى قضاء وقت للسيطرة على الاضرار تماما مثل الوقت الذي يحتاجون اليه في التحرك بمهارة بالغة لنقل رسالتهم."

وأنشأت حملة اوباما موقع www.fightthesmears.com المستقل على الانترنت خصصته للرد على ما وصفته بأنه سلسلة من الاكاذيب التي انتشرت بشأن المرشح الديمقراطي.

وما يحدث على الانترنت يؤكد كيف ان مدى السرعة التي وصلت اليها الانترنت امتد الى الحياة السياسية. والانترنت التي لم تكن عاملا يذكر في انتخابات عام 2000 تبين انها اداة لها قيمة في انتخابات عام 2004 .

وقال مايكل تشيني زميل معهد الحكم والشؤون العامة "في دورة حملة الانتخابات القادمة سينتقل الى الانترنت ما كان التلفزيون يفعله في الحياة السياسية الامريكية منذ عام 1960 ."

وأشاد تشيني بالكيفية التي اقام بها اوباما وسيلة اعلامية جديدة مع مجتمع تقليدي يجري تنظيمه ليشعر الناخبون انهم جزء من الحملة الانتخابية.

وقال "اننا نعلم من دراسات كثيرة انه كلما زاد عدد المشاركين في العملية السياسية كلما زاد تمسكهم بها ... وكلما زاد اقبالهم في يوم الانتخابات."

كما حصل اوباما على درجات عالية من ليندن التي وصفت سناتور ايلينوي بأنه "اعجوبة التسويق لمئتي مليون انسان" وقالت ان شركات التجزئة وشركات التسويق والسياسيون سيستعينون بتكتيكاته في المستقبل.

وقال سينغ المدير التنفيذي لشركة ايليكشن مول ان المشكلة تكمن في كيفية ادارة حملة انتخابية على الانترنت. واضاف "بمجرد ان تبني مقر قيادة افتراضيا بين قاعدة شعبية افتراضية ضخمة فانك تواجه وقتا عصيبا في ادارته."وبالاضافة الى ذلك فان خصوم اوباما يمتلكون نفس السلاح.

واستخدم دعاة تفوق الجنس الابيض في الولايات المتحدة ترشيح اوباما في تنبيه الجماعات الراديكالية عن طريق الانترنت الى ما يرون انه مخاطر يفرضها المرشح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة.

وقال مارك بوتوك وهو محقق في مركز قانوني "قطاعات كثيرة في حركة تفوق الجنس الابيض تعتقد ان هذا الامر سيكون صفعة على الوجه توقظ ملايين الامريكيين البيض لما يرون انه رعب رئاسة سوداء."

ووثق بوتوك عبارات تنشر على مواقع المدونين من حركة تفوق الجنس الابيض الذين يحتفلون بترشيح اوباما على اساس نظرية ان "الاسوأ هو الافضل".

وقال بوتوك "انهم يعتقدون انه سيكون امرا جيدا للحرب بين الاجناس وثورة اريان" مضيفا " من الواضح ان هذا خيال جامح من جانبهم."

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين  14/تموز/2008 - 10/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م