مبدأ اللاعنف الطريق الوحيد لبناء المجتمع

شبكة النبأ: يمثل العنف في العراق ظاهرة متنامية خلال السنين التي اعقبت سقوط النظام السابق عام 2003، وصدرت خلال الأعوام الماضية عدة تقارير من جهات دولية ومحلية تؤكد سقوط مئات الالاف من العراقيين بين قتلى وجرحى ومعاقين، ومنهم نساء واطفال، ضحية للعنف المتعدد الأوجه والأشكال..

وفي الفترة الاخيرة اخذت صيحات المجتمع المدني تتعالى بشأن المطالبة بنبذ العنف بكافة أشكاله وسلوك مبدأ الحوار والتفاهم كحل لجميع المشاكل التي تعصف بالمجتمع، فقد شدد ناشطون واعلاميون في مؤسسات المجتمع المدني، على ضرورة نبذ ثقافة العنف في المجتمع العراقي وتبني منهج "اللاعنف" طريقاً وحيداً للعمل من أجل بناء مجتمع ديمقراطي مسالم ومزدهر.

تقول زينة باسم عضو (جماعة اللاعنف) العراقية لوكالة أصوات العراق ان "فكرة اللاعنف مثالية بالنسبة للظرف الذي يمر به العراق من اجل تحكيم العقل في حل القضايا بشكل أقل دموية وبناء مجتمع ديمقراطي مزدهر ومسالم."

وتضيف زينة ان "اللجوء الى العنف في حل المشاكل والحصول على الحقوق معناه دائما وقوع خسائر مادية وبشرية لا تتعلق بالمطالبين بها فحسب بل يتعدى ذلك تأثير الضرر الذي يتسبب به العنف الى الابرياء في حين قد يتعرض الشخص المتبني للوسائل السلمية الى الاعتقال والاذى الا انه يتحمل نتيجة تبنيه للقضية لوحده".

تتعدد اساليب النضال اللاعنفي، بحسب زينة، من "الاضراب عن الطعام والمقاطعة والاعتصام والتظاهر ليصل الى حد العصيان المدني وهو نضال طويل الامد وقد لا تتحقق اهدافه الا بعد فترة طويلة" وشروطه "تحكيم العقل وهو سلاح انساني بامتياز وهو عمل بطولي وليس حيلة الضعفاء كما يعتقده البعض".

ويمثل العنف في العراق ظاهرة متنامية خلال السنين التي اعقبت سقوط النظام السابق عام 2003، وصدرت خلال الأعوام الماضية عدة تقارير من جهات دولية عن أعداد ضحايا العنف في العراق، لكن الحكومة العراقية كثيرا ما كانت تتحفظ على الأرقام الواردة فيها وتعتبرها غير دقيقة أو مبالغا فيها.

وشهدت السنوات التي شملتها الإحصاءات ذروة تصاعد العنف في العراق، تخللتها حالات استهداف للعلماء والأساتذة ورجال القانون والصحفيين والرياضيين وغيرهم فضلا عن العاملين في المؤسسات الحكومية. فيما اشتد مسلسل العنف في السنتين الاخيرتين  اللتين تميزتا بتصاعد حالات الاستهداف الطائفي على خلفية إجراء انتخابات عامة واستفتاء على الدستور، لكن حالات العنف خفت تدريجيا مع نهاية العام 2007 خصوصا في الأنبار وبغداد.

وكانت آخر احصائية قام بها  مرصد الحقوق والحريات الدستورية في تقريره نصف السنوي حول طبيعة أعمال العنف في العراق للفترة من 1-1-2008 ولغاية 30-6-2008، حيث كشف إن مجموع عمليات العنف التي تعرض لها المواطنون وصلت إلى ما يقارب 25 ألفا و147 ضحية تراوحت بين عملية (قتل، إصابات، اغتيالات، خطف، الجثث المجهولة التي تعرض أصحابها للقتل والتعذيب والاعتقالات).

فيما كشفت وزارة حقوق الإنسان، الاثنين الماضي، في احصائية لها، عن أن 340 أكاديميا ورجل قانون قتلوا في عموم العراق بحالات قتل عمد جرت خلال ثلاث سنوات (2005 - 2007) شهدت أيضا مقتل 2334 امرأة عراقية في حالات مشابهة و533 طفلا.

وعن تأثير الاعلام على فكرة اللاعنف يرى الاعلامي الناشط في (جماعة اللاعنف) علي الزيدي ان حملة التوعية بأهمية تبني نهج لاعنفي في المطالبة بالحقوق المدنية جاء بعد ان "شهد العراق موجات عنف غير طبيعية اوقعتنا فرائس لكل القوى المتناحرة على ارضه"

ويضيف لـ اصوات العراق ان (جماعة لاعنف) خططت ليكون التوجيه متركزا في المدارس والجامعات العراقية" حيث ان "الوسط الجامعي هو الافضل كونه مختلطا بطبيعته ما يعني وصول الدعوة لنبذ العنف الى مختلف الشرائح الدينية والاجتماعية".

و(جماعة لاعنف)  كما تعرف نفسها تجمع مفتوح لمجموعة من العراقيين، أفرادا ومنظمات، تسعى الى تبني  منهج "اللاعنف"  ونشر ثقافته في المجتمع كاسلوب للتعبير والتغيير وتؤمن بأهمية البعد الإنساني في النضال "اللاعنفي " وتأسست  الجماعة في العراق في أوائل شهر نيسان من عام 2006 الميلادي على اثر ورشة عمل عقدت في كانون الأول من عام 2006  في العاصمة الاردنية عمان.

وانتقد الزيدي الدور الاعلامي "السلبي الذي لم يتوجه بشكل صحيح بل كان في كثير من الاحيان مروجا للعنف ما سبب ضررا كبيرا للعراقيين".

أما عن التركيبة النفسية والاجتماعية اللتين تتأثران بالعنف فترى عضو الرابطة الاسلامية لنساء العراق شيماء كافي ان "فكرة اللاعنف تحتاج الى القناعة الذاتية للانسان حيث ان "الشخصية العراقية تحمل في طياتها ارثا طويلا من العنف كونها تخضع لمجتمع ذكوري يعتمد على القوة في التعامل وحل المشاكل" بل ان معتنق منهج اللاعنف قد "يواجه تهمة الضعف".

وفي هذا السياق ترى مديرة منظمة شبكة النساء العراقيات هناء عمانؤيل "صعوبة توجيه الشخص البالغ الذي اعتاد على العنف كمنهج وسلوك في حياته" لذلك تطالب بـ "زراعة منهج اللاعنف كبذرة في الانسان وهو لايزال جنينا من خلال سيطرة الام الحامل على انفعالاتها" وتوجيه الطفل نحو "مساعدة الآخرين وتقبل الناس بمختلف مشاربهم دون شروط مسبقة".

وحثت عمانؤيل الامهات على توجيه الطفل نحو "احترام الآخرين بغض النظر عن دينهم ولونهم، ومعالجة مشاكل طفلها بالاقناع وتربيته على الحوار والاحترام".

واتفقت الاعلامية ماجدة الجبوري في الرأي مع سابقتها، اذ شددت على ان الطفل هو اللبنة الاساس للمجتمعات المدنية الحديثة".

وركزت في حديثها على "ضرورة التنشئة على تقبل الرأي والرأي الآخر  وهو ما حرمت منه اذ تعرضت للاعتقال مرتين ابان النظام السابق" بسبب آرائها.

 وشددت على ان إن "أسلوب اللاعنف إنساني وأخلاقي واقتصادي وهو أسلوب يحقن الدماء ويحفظ الكرامة الإنسانية وكثيرا ما يلعب النشاط اللاعنفي الناجح دور المحرض على حشد الدعم المعنوي والسياسي لتغيير الأوضاع الاجتماعية والسياسية

شبكة النبأ المعلوماتية- االخميس  10/تموز/2008 - 6/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م