بالكلمة الطيبة البسيطة الهادفة والمفهومة لجميع عوام الناس،
استطاع العالم الراحل السيد محمد رضا الشيرازي أن يتجاوز جميع
الحدود والحواجز، وان يخترق جميع الشرائح والفئات بيسر وسهولة، وان
يتربع على صدور هولاء، وان يجعل له مكانة كبيرة في قلوبهم، ويحفر
صورته الجذابة والهادئة، واسمه في عقولهم، وفي سجلات التاريخ،
ويكون الشخصية المحبوبة.
ليس من المستغرب أن يشعر أصحاب القلوب المحبة والعاشقة للكلمة
الطيبة الهادفة التي تتقاطر من جوانب السيد الراحل بأعذب وارق ما
تحمله كلمتي الإيمان والأخلاق.. بهزة وحالة عدم التصديق لخبر
الوفاة!.
ما الذي يجعل أبناء الأمة الإسلامية من الرجال والنساء الكبار
والشباب، يشعرون بمرارة الفجيعة لرحيل السيد محمد رضا الشيرازي،
وماذا قدم السيد لهولاء ليسحرهم؟
الراحل السيد محمد رضا الشيرازي قدم ما هو مطلوب من كل فرد في
الأمة، وبالذات من قبل المتصدين للمجتمع، ومنهم رجال الدين... بأنه
تحدث إلى الناس من القلب إلى القلب، ومن العقل إلى العقل بروحانية
وصفاء وإخلاص وشفافية.. وكانت أعماله وأفعاله، وكلماته وحركاته
ونظراته.. مصداق لحديثه ورسالته..., وتحدث بكلمات بسيطة مفهومة
لعامة الناس.., فشعر المتلقي بإخلاص المتحدث وتقاته وصدقه...
ومن يتابع أسلوب حديث السيد محمد رضا يرى بان كلماته تخرج بثقل
.. وكأنه يعرضها على الميزان العقلي والفكري, والموقف والمسؤولية
الدينية والاجتماعية... قبل أن يتفوه بها، وهذه تأتي من شدة الخوف
من الله والذوبان في الله.
لقد بين السيد الراحل في سلوكه، وتفاعل أبناء الأمة معه، مدى
وأهمية وحاجة أبناء الأمة الإسلامية للكلمة الطيبة الخالصة لله
القادرة على اختراق القلوب والتأثير عليها... ، والى الشخصية التي
تمثل مصداق الرسالة..، ومدى تأثير الإعلام المرئي.. حيث استطاع
السيد أن يبني علاقة قوية ومؤثرة مع محبيه بالتواصل عبر الشاشة
التلفزيونية... التي أظهرت جانب من ورعه وأخلاقه وعلمه.
بالكلمات الطيبة الهادفة المفهومة استطاع السيد محمد رضا
الشيرازي أن يكسب محبة الناس، وينجح في إيصال رسالته, وهو نفس
الأسلوب الذي استخدمه والده المرجع الديني الراحل آية الله العظمى
السيد محمد الشيرازي، في فترة السبعينيات " حيث قوة التيارات
اليسارية والقومية على الساحة وضعف التيارات الإسلامية"، في نشر
الفكر الرسالي وجذب الشباب عبر الكتيبات الصغيرة المتنوعة ذات
الأفكار الهادفة التي تخاطب جميع الفئات وبالخصوص الشباب..حيث
أصبحت تلك الكتيبات مطلبا للشباب الثائر الساعي للثقافة الإسلامية
الرسالية، وتحمل المسؤولية التغيرية, وان ينجح في تأسيس مدرسة
جديدة عالمية تتخذ من الصناعة الحديثة ومنها الوسائل الإعلامية
وسيلة في نشر فكر أل البيت (...).
والسيد محمد رضا الشيرازي هو امتداد لسيرة عمه الشهيد السعيد
السيد حسن الشيرازي العالم الذي تعرض لأقسى عمليات التعذيب.. (حرم
بسبب ذلك من نعمة الزواج!!)، عذب نتيجة أعماله في المجال الديني
والثقافي والسياسي والرسالي، وفضح النظام البعثي في داخل وخارج
العراق، بالإضافة إلى أعماله لأبناء الأمة وللمذهب إذ أسس أول حوزة
رسمية معترف بها في سوريا ببلدة السيدة زينب التي تعتبر نواة تحول
السيدة زينب إلى مركز علمي شامخ كما نشاهد الآن.. بالإضافة إلى
أعماله الكبيرة (...), وقد سقط السيد حسن شهيدا بعدما تعرض جسده
وبالذات رأسه نحو 13 رصاصات على يد المخابرات العراقية في بيروت
أثناء توجه للمشاركة في تأبين السيد الشهيد المفكر الإسلامي آية
الله العظمى السيد محمد باقر الصدر.. الذي استشهد على يدي النظام
البعثي... بسبب نشاطه وخدماتية في الحوزة، وأعماله الجليلة على
صعيد الفكر الإسلامي والعمل السياسي ضد البعثيين.
وتصادف هذه المناسبة الحزينة رحيل السيد محمد رضا الشيرازي...
ذكرى رحيل الإمام القائد آية الله العظمى السيد روح الله الخميني،
الذي فجر وقاد اكبر حدث "الثورة الإيرانية" في النصف الثاني من
القرن العشرين، مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إذ ببزوغها
ولد تاريخ جديد في المنطقة والعالم, وقوة مؤثرة في العالم لغاية
اليوم.
ولنتذكر في هذه المناسبة أبطال وشهداء الأمة الاعلام من المراجع
الكبار والعلماء والمفكرين، والشخصيات والكفاءات المؤثرة في جميع
المجالات خدمة للأمة... فالأمة التي تتخذ من هولاء قدوة ونبراس،
وتطور أفكارهم إلى كلمات يستوعبها الجميع، .. أمة لا تموت.
وفي الأخير الحياة كلمة, والإنسان كلمة .. فاختار اي كلمة.. كي
لا نموت؟! |