التأخير في إعمار شارع المتنبي يجبر باعة الكتب على الرحيل

جلال العتابي

شبكة النبأ: بين تدمير شارع المتنبي وبين انجاز إعماره فترة طويلة دفعت باعة الكتب الى الرحيل بحثا عن سبيل الرزق في اماكن اخرى، واضطر يوسف جوحي 42 عاما ان يتخذ  من مكان منزو في سوق الشعلة ليمارس عمله في بيع  الملازم المدرسية وبعض الكتيبات الصغيرة بعد احتراق مخزنه في بناية الشابندر اثر تفجير ارهابي طال شارع الثقافة.

ويقول جوحي: كنت متخصصا في بيع الكتب الطبية والهندسية والتاريخية وانواع القواميس على طلبة الكليات العلمية واساتذة الجامعات وطلبة الدراسات العليا.

وكانت سيارة مفخخة نوع كيا تحمل اكثر من طن من المتفجرات يقودها انتحاري انفجرت يوم الخامس من اذار من العام الفائت وسط شارع المتنبي موقعة 60 شهيدا و 70 جريحا فضلاعن احتراق اكثر من 30 مكتبة و 25 محلا للقرطاسية.

ويرى جوحي ان مهنة بيع الكتب تعتمد على ثقافة البائع في معرفة محتويات الكتاب، وان الكتب التي ابيعها حاليا لا تحتاج الى جهد كونها كتب ابراج وسحر ونغمات موبايل.وحمل جوحي وزارة الثقافة والامانة عدم الاسراع  باعمار الشارع وتعويض الشهداء والجرحى واصحاب المكتبات المتضررة على الرغم من مرور اكثر من  عام و ثلاثة اشهر.

ويقول عبد الواحد شبل رسام تشكيلي يبيع الكتب على رصيف شارع المتنبي منذ 16 عاما، تعتبر المكتبة العصرية اقدم مكتبة في الشارع وتأسست عام 1908 وتضم نفائس الكتب الثمينة ولا تقدر بثمن، كذلك مكتبة النهضة وهي اكبر المكتبات احترقت بالكامل وتحتوي على آلاف الكتب التاريخية والادبية والسياسية والعلمية، وان الانفجار احدث حفرة وسط الشارع وان مايقارب 55 محلا تضررت و30 دمرت بالكامل اضافة الى عدد كبير من المطابع الميكانيكية واطنان من الورق والقرطاسية والاجهزة المكتبية والبوسترات واللوحات الزيتية والمخطوطات.

 ويضيف: وتحتوي مكتبة عدنان والرباط والتربية والقانونية والقاموسي على موضوعات وكتب تاريخية ودينية ومصاحف نادرة ومهمة جدا وغير موجودة الا في هذه المكتبات.

وحمل شبل الحكومة  تأخير اعمار شارع المتنبي في الوقت الذي تتصاعد فيه تصريحات المسؤولين باعمار الشارع على الطراز العباسي وتعويض المتضررين على الرغم من الفترة التي تجاوزت عاما وثلاثة عشر شهرا من دون ان تحرك ساكنا.من جانبها قالت أمانة بغداد  انها انجزت (50%) من مشروع إعمار وتطوير شارع المتنبي التراثي بكلفة (5) مليارات دينار بعد ان تعرض الى عمل تخريبي أدى الى إلحاق أضرار بالغة به وتدمير واحتراق عدد كبير من المكتبات والأبنية التراثية القديمة.

وذكرت الأمانة ان المرحلة الأولى لعملية التطوير التي نفذتها دائرة المشاريع شملت تأهيل البنى التحتية للشارع من شبكات ماء ومجار وتوصيلات كهربائية ومنظومة الاتصالات السلكية فضلاً عن إكساء وتأثيث الشارع والأرصفة والساحات القريبة بالمقرنص الملون بهدف المحافظة على الملامح والسمات التراثية التي يمتاز بها الشارع المذكور.

وأضافت الامانة ان حملة الإعمار شملت تطوير وتأهيل واجهات المباني التراثية التي يبلغ عددها زهاء (12) مبنى وأهمها مقهى (الشابندر) الشهير إضافة الى عدد آخر من الأبنية والمكتبات التي تم ترميمها وإعادة صيانتها باعتبارها واحدا من أهم صروح ومناخات الثقافة العراقية الأصيلة.

ويأمل شبل ان يعود شارع المتنبي الى سابق عهده بعد انجاز عملية اعماره وخوصاً بعد تحسن  الاوضاع الامنية ويتابع: كنت اتعامل مع اساتذة الجامعات وطلبة الدراسات العليا واجد نفسي في متعة بيع الكتاب حين اقلب مؤلفات علي الوردي وعباس العزاوي وجواد علي والطبري والمسعودي وابن رشد والفارابي والمخزومي والجواهري وحسين علي محفوظ وتفاسير القرآن الكريم.

ويضيف: ان الشارع يشهد انحسارا واضحا لترويج الكتاب نتيجة الاهمال وفقد رواده وربما سيغيب اكثر باعة الكتب عنه. ويصر بائع الكتب جعفر كريم 53 عاما على التمسك بالبقاء في شارع المتنبي كونه يمثل مصدر رزقه الوحيد ويقول: لا املك أي بديل عن مهنتي التي امارسها منذ ما يقرب من 15 عاما، لاني اتعامل مع شرائح ادبية مثقفة من شتى الفئات الاجتماعية.

وطالب الحكومة بالاسراع في ترميم المكتبات لانها تمثل ثروة ثقافية كبيرة للبلاد ومعلما ادبيا وتراثيا يعكس وجه العراق الحضاري والثقافي.

وعلى الرغم من قيام بعض اصحاب المكتبات ببناء مكتباتهم على نفقتهم الخاصة لكنهم يشعرون بامتعاض شديد من وعود المسؤولين في وزارة الثقافة التي قطعت على نفسها عهد بناء الشارع وعقدت عدة اجتماعات مع اصحاب المكتبات وباعة الكتب لكنها تخلت عن التنفيذ ويقول نوري عبد الرزاق الدايني صاحب مكتبة في عمارة المصرف، ان التأخير في تأهيل شارع المتنبي اضطرني الى بناء مكتبتي على نفقتي الخاصة وحمل وزارة الثقافة والامانة سبب التأخير.

ويعد شارع المتنبي رئة العـراق الثقافية وابرز معالمها التاريخية ويقع على مقربة منه سـوق السـراي الذي يزخـر بجميع انواع القرطاسية والمكتبات، كذلك منطقة القشلة التي تمثل مقر الحكـومة في العهد الملكي ومازالت تحتفظ بمعمارها وتعد ساعتها معلما تاريخيا لمدينة بغداد، ويعتـبر مقهى الشابندر ملتـقى الادباء والمثقفين والكتاب والفنانين والشخصيات السياسية.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين  7/تموز/2008 - 3/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م