تنظيم القاعدة.. ضياع المتعاطفين ونهاية عصر الإفتاء

إعداد: ميثم العتابي

شبكة النبأ: مازالت موضوعة العنف والإرهاب تلقي بظلالها على الحياة اليومية العالمية، ولاسيما الحياة العربية، والتي دفعت بالكثير من الضحايا من أجل لاشيء، سوى تحقيق رغبات ومصالح التنظيمات الإسلامية المتطرفة، بيد ان تلك التنظيمات كانت تحتفظ لنفسها بالأمس الغير بعيد، بعدد غير محدد من المعجبين والأنصار.

أما اليوم فالحال أنعكس وأنقلب السحر ضد الساحر، وردت تجارتهم عليهم، فمن أبرز رجالات ومفكري الجهات التنظيمية الإسلامية نراهم يوجهون إتهامات لتنظيم القاعدة أو أي تنظيم آخر ينادي بالجهاد، ذلك لما ترتكتبه هذه الجماعات بإسم الإسلام، وكيف ان الفتوى تنقصهم، وان بساط الإفتاء قد سحب من تحتهم منذ زمن، فلم يبق لهم شيء، والغشاوة التي فرضوها على الناس ردحا من الزمان، أُزيلت وبان قبحهم.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تعرض عليكم دراسات مهمة بشأن تنظيم القاعدة، وهيكلته الداخلية وسير أعماله على شكل شبكات متصلة بالداخل والخارج:

الامن العالمي وخطر القاعدة بإتجاه الزوال

اعتبرت صحيفة ديلي تلغراف أن أسوأ عدو يتربص بالقوات البريطانية في أفغانستان ليس عناصر طالبان وإنما التكتيكات العسكرية العتيقة والنقص الحاد في المعدات.

الصحيفة قالت إن الأسبوعين الأخيرين كانا جيدين بالنسبة لطالبان، فقد قتلت فيهما تسعة بريطانيين خلال عشرة أيام وأفرجت فيهما عن مئات من معتقليها، فضلا عن كونها فندت ما قاله قائد القوات البريطانية في المنطقة من أن طالبان على شفا الانهيار.

وأكدت أن القوات البريطانية تعاني من نقص حاد في المعدات، وخاصة المروحيات، مما يضطرها إلى التحرك برا رغم ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر الألغام والعمليات الانتحارية.

وفي المقابل قالت ديلي تلغراف إن الأميركيين تتوفر لديهم كل المعدات الضرورية لتنفيذ مهامهم، وهو ما مكنهم من بسط الأمن في المنطقة الجنوبية من إقليم هلمند.

ونقلت عن أحد الجنود البريطانيين قوله: على الحكومة إن كانت مهتمة حقا بقواتها أن توفر لها الموارد الضرورية لأداء مهامها على الوجه الأكمل.

القاعدة وإلقاء الضوء على مؤسساتها وتشكيلاتها

من جانب آخر أثارت العمليات الإرهابية، التي شهدتها منطقة المغرب العربي منذ مطلع العام الحالي، هواجس مصالح استخبارات دول المنطقة من توسع نشاط فرع القاعدة في شمال أفريقيا، ومن التهديد الكبير الذي أصبح يشكله على استقرار هذه الدول ومصالح القوى الأجنبية، من خلال استهداف رعاياها المقيمين بالمنطقة.

وكان الهجوم على ثكنة بمنطقة لمغيطي شمال موريتانيا في 5 يونيو (حزيران) 2005، مؤشرا خطيرا على منعطف جديد في مسار الجماعة السلفية للدعوة والقتال آنذاك، معناه أن أتباع أسامة بن لادن في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل الافريقي، عازمون على فتح مواجهة مع حكومات دول الساحل، وفي نفس الوقت دعوة غير مباشرة لتدخل القوى الغربية المعروفة بنفوذها بالمنطقة. وقد عززت حادثة اختطاف سائحين نمساويين في عمق الأراضي التونسية في فبراير (شباط) الماضي، هذا التوجه ثلاث سنوات بعد عملية لمغيطي.حسب جريدة الشرق الأوسط.

وموازاة مع اعتماد العمل الانتحاري أسلوبا لزعزعة الاستقرار في الجزائر والمغرب، تميز نشاط القاعدة بعمليتين لافتتين في الصحراء، كانتا مؤشرا على أن شيئا جديدا يجري التحضير له في الجنوب، وعلى تخوم الحدود الجنوبية الشرقية للجزائر. أولاهما كانت الاعتداء على مطار جانت (1800 كلم جنوب الجزائر، قرب الحدود مع ليبيا) في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. والثانية، وهي الأخطر، اغتيال 8 دركيين من حرس الحدود في كمين بمنطقة بالوادي في فبراير الماضي.

وقد كان لافتا، بالنسبة للأجهزة الأمنية أن تنفيذ عملية مسلحة بالقرب من الحدود الشرقية، مقدمة لعمليات أخرى خارج الحدود قد تتم في تونس، أو في مالي أو النيجر أو حتى في ليبيا.. المهم أن مصالح الاستخبارات كانت قد أشارت عبر تسريبات للصحافة، أن القاعدة تبحث عن صدى إعلامي يشد إليها الانتباه مدة طويلة. وقد تكرست هذه القناعة بتنفيذ عمليتين إرهابيتين، إحداهما بالعاصمة والثانية في شرقها واستهدفت موظفي شركة فرنسية، كانوا قد تعرضوا لهجوم في الخريف الماضي.

وموريتانيا ملاذ السلفيين المغاربيين ومن أبرز تجليات نقل الارهاب خارج الجزائر في المدة الأخيرة، اغتيال ثلاثة جنود موريتانيين بمنطقة الغلاوية شمال موريتانيا، وبعدها تفجير ملهى بالقرب من سفارة إسرائيل بموريتانيا، إضافة إلى اغتيال فرنسيين بنواكشوط، وإن لم تعلن القاعدة مسؤوليتها عنه، فهو يحمل حسب خبراء أمنيين بصمات عناصرها.

ويتفق متخصصون في محاربة الارهاب، على أن موريتانيا أضحت ملاذا لكل الاصوليين الحركيين الذين يسعون للاطاحة بأنظمة المنطقة. فزيادة على توفر أتباع كثيرين للقاعدة، لا يجد السلفيون الجزائريون أية صعوبة في التوغل إلى عمق الأراضي الموريتانية بما فيها العاصمة نواكشوط، لشن اعتداءات ضد أهداف مدنية محلية وأجنبية، وتنظيم عمليات استعراضية ضد ثكنات عسكرية خصوصا في الشمال. وقد كانت الأحداث الأمنية الأخيرة خطيرة، في نظر مصادر تتابع التطورات، أكدت شعورا بالنشوة لدى عناصر القاعدة بعد فترة من الركود في الصحراء، سببها توقف بلمختار عن النشاط، إثر ظهور مؤشرات عن رغبته في تطليق الارهاب. بحسب صحيفة الشرق الأوسط.

غير أن أكثر ما سجلت بها القاعدة حضورها، خارج حدود الجزائر هي دفع فرنسا إلى الضغط على منظمي سباق رالي داكار، لإلغائه نهاية العام الماضي. حيث نجحت في تحقيق صدى إعلامي غطى على خسائرها طول عام 2007، ضمن ما يعرف بـ"خطة ضرب الرؤوس"، التي أفقدتها قيادات مؤثرة في التنظيم، أهمهم زهير حارك وعبد الحميد سعداوي وسمير سعيود، وعبد الفتاح أبو بصير وغيرهم.

ولهيكلة الجماعة وتوزيع نشاطها عبر المناطق، ليبقى السؤال من أين يستمد التنظيم كل هذه القوة التي أربكت دولا وأجهزة أمنية تملك خبرة كبيرة في محاربة الارهاب؟ وأين تنتشر هياكله في الجزائر ومن هم قياداته، وكيف يتم توزيع الأدوار بينهم؟.

يتحرك التنظيم بشكل حصري، بأمر من قائده العام عبد المالك دروكدال الشهير بأبي مصعب عبد الودود، الذي تولى القيادة في خريف 2004 خلفا للزعيم نبيل صحراوي المعروف بمصطفى أبي إبراهيم، الذي قتل في عملية استخباراتية تمت بفضل تعاون عناصر من الجماعة مع مصالح الأمن.

ويعد دروكدال رابع مسلح يتولى قيادة التنظيم، بعد المجيد ديشو، وحسان حطاب وصحراوي. الاول قتل في عملية عسكرية عام 1999 والثاني استقال في 2003، ثم سلم نفسه للسلطات العام الماضي.

ويذكر التنظيم في أدبياته أن الأمير يختار وفقا لمقاييس محددة، أهمها العلم الشرعي والأمانة والقوة والأقدمية وأن يكون سليما من العاهات التي تعيقه عن إدارة شؤون الجماعة.

ويأتي بعد القائد من حيث الأهمية، أهل الحل العقد وهم حاليا مجلسان: مجلس الأعيان ومجلس الشورى، والفرق بين الأول والثاني أن الأول يعتمد على قادة مناطق النشاط المسلح ومن ينوب عنهم، وهم من ذوي النفوذ لدى أقوامهم. أما الثاني فيتكون من أهل الخبرة في العمل المسلح والتخصص في مجالات كثيرة، أبرزها العسكرية والشرعية والسياسية والطبية والهندسية. ويدخل فيه مسؤولو اللجان والهيئات العسكرية والطبية والاعلامية والشرعية.

ومن الوجوه الحالية في مجلس الأعيان، قاضي الجماعة أبو الحسن رشيد ومسؤول المالية أحمد أبي عبد الله، ومسؤول الدعاية الذي يحرر بيانات تبني الأعمال المسلحة صلاح ابو محمد. وزعيم المنطقة الشرقية يونس الباتني، وقائد المنطقة الوسطى الغربية عاصم أبي حيان.

وتملك أجهزة الأمن معطيات عن مجلس الأعيان مفادها أن أعضاءه يؤثرون في اتخاذ القرار ولهم حظوة لدى القائد العام. ومن بين أبرز هؤلاء: أحمد جبري قائد العمل المسلح بالشرق أيام الجماعة الاسلامية المسلحة، وأبو دجانة الاغواطي وأبو داود موسى وآخرون.

وبخصوص طريقة اتخاذ القرار، قال أحد مؤسسي الجماعة السلفية، التي أصبحت القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي (تخلى عن الارهاب عام 2006)، رفض نشر اسمه: نعتمد كثيرا على الشورى عند اتخاذ أي قرار، بحيث نتناول الموضوع من وجوهه العديدة مع استشارة أهل الخبرة والاختصاص وأهل الرأي، ومع مراعاة أيضا توصيات المكتب السياسي الذي يدرس ويناقش ويتابع الأحداث والتصريحات، ويجمع المتغيرات السياسية والملفات المهمة تحسبا لرفعها للقيادة كي تطلع عليها مع إرفاقها بتوصيات ملائمة ونصائح في كل ملف.

وتابع نفس الشخص في مقابلة قصيرة مع الشرق الأوسط: إننا نحرص على تنظيم لقاءات دورية في مجلس الأعيان ومجلس الشورى كي نتدارس أوضاع الجماعة ونناقش المستجدات ونتابع الخطط ونضع الاستراتيجية، ونتدارك الأخطاء ونضع الخطط البديلة. ونأخذ بعين الاعتبار تعليمات وأوامر القيادة العامة تحت إشراف شيخنا أسامة بن لادن، من دون توضيح كيف يتلقى التنظيم الأوامر من بن لادن ولا كيف يجري التواصل معه.

ويتوفر التنظيم المسلح على لجان، أهمها العسكرية والشرعية والاعلامية والمالية والطبية والاتصال وديوان الأمير والمكتب السياسي. مع العلم أن كل لجنة تطرح برنامجها السنوي وفق الاستراتيجية العامة، ويتم عرض البرنامج على المجلسين السابقين وتتم مناقشته واعتماده ثم تقييمه والمحاسبة عليه.

ويعتمد التنظيم في تنفيذ عملياته على حوالي 700 مسلح، منتشرين في سبع مناطق حسب التقسيم الجغرافي لنشاط الجماعة يجري العمل به منذ تأسيسها عام 1998. وهي المنطقة الأولى (وسط غرب) والمنطقة الثانية (شرق العاصمة) والخامسة (جنوب شرق البلاد) والسادسة (شرق البلاد) والرابعة (غرب البلاد)، إضافة إلى المنطقة الصحراوية التي تضم جهاديين من منطقة الساحل وهي مسؤولة عن اختطاف السائحين النمساويين.

الطرق الوعرة في تجنيد وإرسال المقاتلين إلى العراق

من جهة أخرى خرجت أبحاث قسم مكافحة الإرهاب في المغرب بنتيجة مفادها أن شبكات تجنيد مقاتلين للقاعدة بالمملكة تستخدم دورا ازدواجيا يتمثل في تجنيد متطوعين للقتال في العراق وتنسيق الهجمات داخل المغرب.

وتشير معطيات الأجهزة الأمنية إلى أنه، منذ سنة 2003 حتى نهاية 2007، جرى تفكيك حوالي 30 خلية مرتبطة بتجنيد مقاتلين مغاربة في العراق، 16 منها أشرفت على إرسال أكثر من 130 متطوعا في ظرف ثلاث سنوات.

وكشفت تحقيقات الشرطة أن عمليات تهجير الأشخاص الذين يجندهم الطاهر للذهاب للعراق، غالبا ما تجري من الدار البيضاء باتجاه تركيا، ومن هناك يلتحق المجندون بسوريا عبر الحافلة، ليجري تسريبهم إلى العراق. بحسب موقع ايلاف.

وأن المتطوع يحجز تذكرة من مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء على متن الطائرة المتوجهة نحو مطار إسطنبول الدولي بتركيا، في رحلة تستغرق حوالي أربع ساعات. وما إن ينزل بالمطار، حتى يطلب سيارة أجرة تتوجه به إلى محطة المسافرين، حيث يقتني تذكرة بـ 35 أورو على متن الحافلة المتوجهة إلى دمشق، في رحلة قد تستغرق حوالي 22 ساعة. وأبرزت المصادر أن المجند، عندما يصل إلى العاصمة السورية، يتوجه نحو أقرب فندق لحجز غرفة، حيث ينزل هناك لمدة ليست بطويلة.

وبعد ذلك، تشرح المصادر، يعمل على اقتناء بطاقة إلكترونية خاصة بالخطوط السورية، ليربط الاتصال مع مستقطبه ليخبره أنه وصل بأمان، ويحدد له المكان الذي يقطن به، لينقل بدروه هذه المعلومة ورقم هاتف المتطوع إلى المكلف باستقباله في دمشق عبر البريد الإلكتروني، حسب ماجاء في اعترافات متهمين ضمن شبكات مفككة أخيرا.

ويشترط في المجند أن يتوفر على 10 آلاف أورو لتغطية مصارف الرحلة، كما يتوجب عليه إجادة قيادة السيارات حتى يكون على استعداد لتنفيذ هجمات بواسطة سيارات مفخخة.

ودفع تزايد شبكات "استقطاب" المقاتلين لإرسالهم إلى العراق بالسلطات الأمنية إلى تكثيف تنسيقها مع الأجهزة الأمنية في العراق والمخابرات الأميركية بهدف الحصول على معلومات حول المغاربة الذين نفذوا عمليات في العراق.

وبفضل هذا التنسيق، توصلت السلطات إلى معلومات حول مغاربة نفذوا عمليات في العراق، ما أفادها كثيرا في التعرف على المحيط العائلي لهؤلاء الأشخاص والعلاقات التي نسجوها قبل سفرهم، الأمر الذي ساعد بدوره في إخضاع العديد من المشتبه فيهم للمراقبة، التي أدت إلى تفكيك شبكات كانت في طور التشكل.

وطوى القضاء المغربي، أخيرا، ملف خلية تطوان، ضمنهم متهم سويدي الجنسية، وخلية محمد رحا المواطن البلجيكي من أصل مغربي، التي توبعت في إطار قانون مكافحة الإرهاب، بعد أن قررت غرفة الجنايات الدرجة الثانية، المختصة في قضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، بتأييد أحكام ابتدائية جنائية، تراوحت بين البراءة وعشر سنوات سجنا نافذا.

وتوبع أعضاء هذه الخلية، والبالغ عددهم 21 متهما، ومن بينهم خال المتهم الرئيسي المدعو أحمد الزموري، وهو الآخر بلجيكي من أصل مغربي، بالإضافة إلى (م مزوز) و (إ. بنشقرون)، وهما من بين المعتقلين السابقين بقاعدة غوانتانامو، بتهم تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية لها علاقة بمشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام وجمع وتدبير أموال بنية استخدامها في ارتكاب أعمال إرهابية.

وتفيد محاضر التحقيق أن الشرطة القضائية تمكنت في نونبر 2006 من تفكيك خلية إرهابية قيد التشكيل، تتكون من21 عنصرا يشتبه في ارتباطهم بحركة إسلامية متطرفة تقيم روابط وثيقة بتنظيم القاعدة، والتي كانت تسعى إلى استقطاب شباب مغاربة وإرسالهم إلى الخارج لإخضاعهم لتداريب شبه عسكرية وإرجاعهم، بعد ذلك، إلى المغرب للقيام بأعمال تخريبية فيه. وأظهرت دراسة، نشرت أخيرا، أن نسبة المغاربة الذين دخلوا إلى العراق لا تتجاوز 6 في المائة، ليحتلوا بذلك المرتبة السادسة بعد السوريين والجزائريين والليبيين، بحوالي 50 مقاتلا مغربيا.

التكتيكات الحديثة للقاعدة ونزوحهم الجديد في العراق

على الصعيد العراقي ومن خلال التفجير الانتحاري الضخم في مدينة الحرية، تتأكد تحذيرات المراقبين من أن الوضع الأمني المتحسن، قد يتعرض في أية لحظة للكسر بسبب توزّع عناصر القاعدة والمتمردين في مناطق عدة.

وطبقاً لخبراء عسكريين في الولايات المتحدة فإن تنظيم القاعدة بعد هزائمه المتكررة لجأ الى تكتيكات (الزمر الصغيرة) و (خلايا النساء) وعمليات (التفجير من بعد) فيما جرى التركيز على العمليات الانتحارية أو بالسيارات المفخخة ضد التجمعات السكانية وعناصر الصحوة ودوريات الشرطة، خاصة بعد أن شددت القوات الأمنية الحكومية والقوات الأميركية الحراسات ونقاط التفتيش والرقابة، وأيضا بعد المداهمات العسكرية واسعة النطاق التي أدت الى اعتقال المئات من العناصر المهمة في تنظيمات القاعدة في بلاد الرافدين.

وبالنسبة لحصيلة القتلى التي زادت عن 70 مدنياً وجرح اكثر من 80 آخرين في عمليات عنف وهجمات مختلفة، كان أقساها تفجير سيارة مفخخة في موقف للباص بمدينة الحرية في بغداد. بحسب الملف برس.

وتؤكد شبكة أنتي وور والأسوشييتد برس أن تفجير الحرية وحده أدى الى مقتل 50 شخصاً وجرح عشرات آخرين. وفي الغدير انفجرت قنبلة طريق بسيارة لدورية شرطة المغاوير، وأدت الى جرح ثلاثة من رجال الدورية ومدني واحد.

كما قام مسلحون يقودون دراجات بخارية بقتل شرطي في حي الجمعية ببغداد. وفي الوقت نفسه قام انتحاري يستخدم دراجة هوائية بتفجير نفسه في نقطة تفتيش تابعة لعناصر مجلس الصحوة بمنطقة سبع أبكار، فقتل أربعة منهم وجرح اثنين آخرين.

وفي بعقوبة أدى انفجار سيارة مفخخة بالقرب من مقر للشرطة الى مصرع أحد رجالها وجرح 21 آخرين. كما قتل أربعة مواطنين في الموصل بنيران القوات الأميركية التي زعمت أنهم من الميليشيات التابعة للقاعدة، لكن الشرطة وذوي القتلى أكدوا أن القتلى الأربعة من عائلة واحدة (الأب وثلاثة أبنائه) فيما ألقى القبض على أربعة آخرين من العائلة نفسها. وجرت في المدينة عمليات قتل أخرى نفذها مجهولون ضد امرأة قتلت في بيتها غيلة، أو ضد رجال شرطة في مناطق مختلفة. 

وفي تفصيل لحادث الحرية، ذُكر أن الهجوم الانتحاري حدث قبل الساعة السادسة مساء في سوق بالحرية مكتظ بالناس الذين كانوا يستعدون لتناول وجبات طعامهم المسائية. وقالت الوكالة إن أحداً لم يعترف بتنفيذ الهجوم لكنه يحمل بصمة القاعدة المعروفة على نطاق واسع باستخدام السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية التي غالباً ما تستهدف مناطق الاكتظاظ السكاني الشيعي.

ونقلت الصحيفة عن (كامل جاسم) بائع مشروبات متجول شهد الانفجار، قوله إن السيارة المفخخة انفجرت بالقرب من بناية ذات طابقين وتشغل طابقها الأسفل محلات عديدة فيما يتوزع طابقها العلوي الى شقق سكنية.

وأضاف شاهد العيان قوله إن النار اندلعت في مولدة كهرباء كانت قريبة فأدى انفجارها الى انهيار عدة بيوت وإشعال الحرائق في أخرى غيرها.

وحسب الأسوشييتد برس فإن التفجير الضخم كسر الهدوء النسبي الذي تتمتع به العاصمة بغداد في الأقل منذ الأشهر الأخيرة. وتؤكد أن القادة العسكريين الأميركان كانوا قد حذروا من عناصر القاعدة الهاربين من الموصل أو من الملاذات التي طردوا منها في الأنبار وفي ديالى، مشيرين الى أن المتمردين مازالوا يحتفظون بالقدرة على تنظيم الهجمات البارزة.

ويشار الى أن هجوم الحرية هذا، هو الأخطر منذ انفجار 13 آذار الماضي عندما انفجرت سيارة مفخخة في ساحة التحرير ببغداد وأدت الى مقتل 18 شخصاً.

الإمارات وتهديد القاعدة الوشيك لأراضيها

لأول مرة ترفرف فيها أجنحة تنظيم القاعدة فوق سماء الإمارات العربية المتحدة فيما يمكن أن يعتبر سابقة تاريخية في سجل بلادٍٍ لطالما نعمت بالرخاء الاقتصادي والسلم الداخلي على عكس جيرانها الذين طالتهم أصابع الإرهاب أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة.

ولفتت التحذيرات التي أطلقتها لندن وواشنطن أنظار المراقبين إلى التبعات الممكنة لهذا التهديد الأول من نوعه الذي تواجهه الإمارات، وكيف يمكن أن تتعامل معه على الرغم من أن اللحظات الأولية كشفت عن نوعٍ من الارتباك تمثل في رفض مصادر أمنية محلية التعليق حتى تصدر وزارة الخارجية بيانها الرسمي. بحسب موقع ايلاف.

وبعد يوم من تحذير بريطانيا لمواطنيها من ارتفاع خطر الإرهاب إلى مستوى عالٍ في الإمارات العربية المتحدة، أطلقت الولايات المتحدة الأميركية تحذيرًا مشابهًا، قالت فيه إن خطر حصول اعتداء إرهابي في المنطقة، بما فيها الإمارات، حقيقي فعلاً، داعية الأميركيين إلى التنبه بإستمرار.

وأشار التحذير الأميركي إلى احتمال أن تكون القاعدة والتنظيمات المتحالفة معها تفكر في شن هجمات متفرقة في دولة الإمارات خلال الفترة القليلة المقبلة.

ومن الخارج لا يبدو أن هنالك أي شيء في هذه الأزمة يهم الغرب أكثر من دبي؛ فهي بيضة القبان بالنسبة إليه حيث مليارات الدولارات التي تعمل وتُغسل وعشرات الشركات ومئات الألوف من العاملين في هذه الإمارة التي تحولت إلى ماركة عالمية بفضل خطط نمو طموحة يشرف عليها حاكم واسع الأفق.

كما أنه بالنسبة إلى هؤلاء فإن الأمر الأكثر أهمية هو كيفية معالجة دبي، بشكل خاص، لأي عمل إرهابي يحدث على أرضها الصغيرة والمزدحمة بالأبراج الشاهقة والرافعات العملاقة، في ما يمكن أن يعتبر أكبر تحدٍ قد يواجه هذه الأمارة، الشركة في تاريخها. ويمكن أن يُبنى عليه مستقبلها.

ومعروف أن دبي على وجه التحديد تدير شبكة داخلية أمنية لا مثيل لها في منطقة الخليج، تم تكوينها من رجال مخابرات متقاعدين أمضوا سنوات طويلة على رأس عملهم في أجهزة دولية مثل المخابرات البريطانية والأميركية والروسية، حسب ما قالته مصادر إستخباراتية مطلعة.

وتعمل هذه الشبكة جنبًا إلى جنب مع الجهاز الحكومي الرسمي المحلي والاتحادي. ولديها مجموعة مجندين بعدد لا حد له، إذ يعمل فيها كل من لا تتوقعهم بدءًا من سائقي التاكسي، مرورًا بعمال التنظيف في المطاعم، وليس انتهاء بموظفي الاستقبال في الفنادق من ذوات النجوم الخمسة.

ويأتي التحذير الأميركي في أعقاب آخر بريطاني، نبهت خلاله الخارجية البريطانية إلى ما سمته مخاطر كبيرة، من احتمال وقوع هجوم إرهابي في الإمارات، حسب ما قالت القنصلية البريطانية في دبي.

يُشار إلى أن أكثر من 100 ألف بريطاني يقيمون في دولة الإمارات، بحسب البيان الصادر عن السفارة.

ويأتي التحذير البريطاني، على الرغم من مزاعم خبير أمني دولي سابق أن ثمة ثقة متبادلة، أو ما يشبه الاتفاق غير المكتوب، بين تنظيم القاعدة ودول خليجية، ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة، لتغض من خلاله الأخيرة الطرف عن استخدام أراضيها كملاذ ومأوى للاستراحة وإعادة التنظيم، مقابل عدم شن أي هجمات ضدها.

وينتظر المشككون هذه الأزمة الوحيدة التي ربما تهدد مستقبل دبي إلى الأبد بفضول. حيث أن الإرهاب وجنون الطبيعة هما الشيئان الوحيدان الذي يقول المشككون في نجاح دبي المعجز أنها لن تستطيع أن تواجهه.

بساط الفتوى وضياع الثقة بين القاعدة ورجال الدين

يتعرض تنظيم القاعدة منذ اشهر لانتقادات فقهاء ووجوه اسلامية بارزة يأخذون عليه قتل العديد من الابرياء، وهي انتقادات تصيب التنظيم الارهابي اصابة مباشرة، لا سيما انها تستهدفه على صعيد العقيدة والفكر.

ويقول بعض الخبراء ان هذه الانتقادات تؤدي الى اضعاف قاعدة الدعم الشعبي لتنظيم اسامة بن لادن، لا سيما انها تصدر عن شخصيات معروفة ومراجع دينية او ناشطين سابقين شاركوا في الجهاد ضد القوات السوفيتية في افغانستان او الاميركية في العراق. بحسب فرانس برس.

ونشر سيد امام عبد العزيز المعروف في الاوساط الاسلامية المتطرفة بلقب الدكتور فضل في نهاية 2007 وثيقة تضمنت انتقادات شديدة جدا للقاعدة.

وكان سيد امام مؤسس جماعة الجهاد في مطلع الثمانينات ومرشد ايمن الظواهري. ولقيت انتقاداته اصداء واسعة ولو انه ادلى بها اثناء وجوده قيد الاعتقال، مع احتمال توجيهه من قبل السلطات. وكتب ان الجهاد المعلن في السنوات الاخيرة من قبل جماعات مثل القاعدة تضمن تجاوزات كثيرة للشريعة الاسلامية، مضيفا الآن هناك من يقتلون المئات من الاشخاص بينهم نساء واطفال ومسلمون وغير مسلمين باسم الجهاد.

واضاف ردا على اسئلة صحيفة مصرية ان الظواهري واميره بن لادن لا يتمتعان بالاخلاق.

والدكتور فضل ليس الشخصية الاسلامية الوحيدة التي تصدر مثل هذه الانتقادات، اذ تبرأ من القاعدة بعض الفقهاء السعوديين المرموقين الذين كانوا يعتبرون في الماضي قريبين منها.

وقال الداعية السعودي الشيخ سلمان العودة مخاطبا زعيم القاعدة عبر التلفزيون: اخي اسامة، كم من الابرياء والاطفال والشيوخ والعجزة والنساء الذين قتلوا او شردوا او طردوا باسم القاعدة؟.

وعبر نعمان بن عثمان القيادي السابق في الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة المقيم في لندن عن مواقف مماثلة.

ورأى الباحث الفرنسي جان بيار فيليو مؤلف كتابي: حدود الجهاد ونهاية العالم في الاسلام، ان كل هذا في غاية الخطورة بالنسبة للقاعدة. واضاف لم يعد بوسعهم الاستشهاد باحد سواهم، وهو امر خطير بالنسبة لحركة ذات بعد عالمي. لم يسبق ان كانوا يوما معزولين الى هذا الحد. وقال: لقد سحب البساط العقائدي من تحت اقدامهم. انهم الآن في منطق طائفة. لم يعد لديهم سوى عصابات تحمل رشاشات كلاشنيكوف ويعلن اعضاؤها انفسهم مفتين، لكنهم يفتقدون تماما الى المراجع الدينية الجدية.

من جانبه كتب الصحافي الاميركي لورنس رايت الذي الف احد افضل الكتب حول ولادة تنظيم القاعدة بعنوان "الحرب الخفية": من الواضح ان الاسلام المتطرف يواجه تمردا في صفوفه لا يملك الظواهري وقادة الحركة الوسائل المناسبة للقضاء عليه. ويشير جان بيار فيليو الى ان ما يزيد من قوة هذه الانتقادات انها تصدر عن شخصيات معادية لاميركا. ويضيف، انهم لا يقولون الجهاد امر سيئ بل يقولون على العكس الجهاد امر جيد، لكن هؤلاء المتهورين يدنسونه ويشوهونه وهذا ما يجعل هذه الانتقادات فاعلة

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد  6/تموز/2008 - 2/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م