هكذا نجح حزب الله حيث فشلت المقاومة الفلسطينية

صالح النعامي

بالإفراج عن المناضل سمير القنطار وبقية الأسرى اللبنانيين ضمن صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله تكون إسرائيل قد أفرجت عن آخر الأسرى اللبنانيين.

لا شك أن هذا الحدث يمثل إنجازاً هائلاً للمقاومة الإسلامية في لبنان، ودليلاً آخر على مصداقيتها. كل من تابع الجدل الإسرائيلي الداخلي في أعقاب إقرار هذه الصفقة من قبل حكومة أولمرت لاحظ أمراً يستحق التوقف والإنتباه. فالأغلبية الساحقة من الجنرالات والساسة والمعلقين اعتبروا أن إسرائيل ارتكبت خطأً استراتيجياً عندما قامت بإعتقال أو أسر عناصر من حزب الله أو أي مواطنين لبنانيين، على اعتبار أن ذلك وفر لحزب الله مبررات لشن عمليات عسكرية يتم خلالها اختطاف جنود أو مستوطنين يهود.

 واستناداً الى نفس المنطق، فأن الاستنتاج الذي يتوصل إليه هؤلاء أنه يتوجب على إسرائيل في المستقبل عدم اعتقال أي شخص لبناني على خلفية عمل مقاوم حتى لا تتعرض إسرائيل لما تتعرض له حالياً، حيث ترغم على التراجع عن " خطوطها الحمراء "، مع كل ما يعنيه ذلك من مس بقوة ردعها وتشجيع " اعدائها " على ضربها مرة أخرى، ناهيك عن أن الإذعان الإسرائيلي يضعف " معسكر المعتدلين " ويعزز " المتطرفين " في العالم العربي.

ويوجز مئير دجان رئيس جهاز " الموساد " الأوضاع البائسة التي يعيشها " المعتدلون " من حلفاء أمريكا ومهووسو المفاوضات، حيث يقول " في الوقت الذي سيختبئ فيه حلفاء أمريكا والغرب ، فأن حزب الله وحلفائه سيملأون الدنيا صخباً احتفاءاً بما حققوه، وهذا أمر بالغ الخطورة لأنه يرشد الشباب العربي للمكان الذي يجب أن يكونوا فيه، وبكل تأكيد هذا ضد مصالحنا ".

للأسف الشديد بقدر ما تمثل صفقة تبادل الأسرى الأخيرة نجاح المقاومة اللبنانية، فأنها في المقابل تعكس مدى تقصير المقاومة الفلسطينية في تبني قضية الأسرى الفلسطينيين بشكل يدفع إسرائيل الى استخلاص نفس الاستنتاجات التي استخلصتها تجاه الأسرى اللبنانيين. صحيح أن المقاومة الفلسطينية قامت بعمليات نوعية من أجل تحرير الأسرى، مثل أسر الجندي شاليت وعمليات الأسر التي ارغمت إسرائيل على اطلاق مئات الأسرى في الثمانينات من القرن الماضي... لكن عندما تواصل إسرائيل اعتقال أكثر من 12 ألف مناضل فلسطيني خلف القضبان فأن هذا يعكس فشل للمقاومة الفلسطينية لا يمكن تغطيته وتبريره.

صحيح أن هناك فروق كبيرة في بين قضية الأسرى اللبنانيين واللبنانيين، ليس فقط من حيث العدد، بل من حيث الأوضاع الجيواستراتيجية التي تمنح حزب الله قدرات ميدانية أوسع، لكن كل هذا لا يسوغ بقاء ملف الأسرى الفلسطينيين على هذا النحو.

هناك حاجة الى اقناع إسرائيل بأن كلفة مواصلة اعتقال آلاف الأسرى الفلسطينيين ثقيلة جداً، وأنه الأجدر بها أن تبادر إلى إغلاق هذا الملف.

يجب أن يسفر الإبداع الفلسطيني المقاوم عن آليات لوضع حد لهذا الملف مرة وللأبد. وأن كان عمليات أسر الجنود هي الأكثر نجاعة في دفع إسرائيل الى إغلاق ملف الأسرى الفلسطينيين، فأن هناك وسائل أخرى تساعد في هذا الجانب مثل ربط عمليات المقاومة بقضية الأسرى ومعاناتهم..... فمن المحظور التسليم بالمعاناة التي يعيشها أسرانا في سجون الاحتلال، على المقاومة أن تضمن بالأفعال لا بالأقول ألا يتسلل اليأس الى قلوب هؤلاء الأبطال، وإلا يبقوا تحت رحمة عدو، ثبت للمرة المليون أنه لا يعرف إلا لغة القوة.

لقد نجح حزب الله حيث فشل الفلسطينيون.

www.naamy.net

شبكة النبأ المعلوماتية- االخميس  3/تموز/2008 - 29/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م