الإتجار بالحيوانات البرية مشكلة خطيرة وتجارة غير مشروعة

شبكة النبأ: يعتقد الكثيرين ان التقدم المعرفي التكنولوجي، هو سلاح ذو حدين، حيث يستغل هذا التقدم في الكثير من العمليات والمسائل غير الشرعية والتي لاتتناسب مع القانونية الدولية أو الإنسانية عموما، والإتجار بالحيوانات والنباتات البرية هو جزء من هذا التحريم، خاصة مالو كانت هذه الحيوانات أو النباتات معرضة إلى الإنقراض أو تناقص واضح في معدلات التخصيب، لذا جاء التحريم وعدم شرعية إصطيادها او الإتجار بها وأعتبارها سلعة ما. 

يحدثنا بيتر يونغر، مدير شعبة الجرائم المتعلقة بالحيوانات والنباتات البرية في الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) واحد من حفنة ضئيلة من المسؤولين عن تطبيق القانون الذين يكرسون جميع جهودهم لملاحقة نشاطات الاتجار العالمي غير المشروع بالحيوانات والنباتات البرية، وهي النشاطات التي تشكل تجارة ضخمة وتستخدم فيها نفس طرق التهريب المستخدمة للاتجار غير المشروع بالبشر والمخدرات والأسلحة.

حيث قال يونغر، من مدينة ليون الفرنسية مقر الإنتربول، لموقع أميركا دوت غوف، إن: هذه جريمة خطيرة ومنظمة عبر حدود الدول.

ويصب تهريب منتجات الحيوانات والنباتات البرية في شبكات التوزيع الإجرامية متعددة الأغراض التي تولد ما وصفه يونغر بأنه جرائم جانبية. وتشمل هذه الجرائم إفساد المسؤولين وتزوير الوثائق والتخويف والقتل.

وأوضح أنه: ما أن نبدأ في تحري هذه الأمور حتى نكتشف أنهم لا يهربون الحيوانات والنباتات البرية فقط، على سبيل المثال، بل يهربون أيضاً المخدرات والماس وسبائك الذهب.

وقال يونغر: إن حجم الأموال التي يتم جنيها لا يستهان به. ويتم نقل كميات ضخمة من البضائع المحظورة من بلد إلى آخر من خلال بنية تحتية تمت إقامتها وترسيخها في وقت سابق. وأشار المسؤول الدولي إلى أن المسؤولين الفاسدين يسهلون عمل شبكة خدمات النقل السرية هذه المستخدمة في عالم الرذيلة والإجرام.

وأشار إلى أنه ما أن يتم فتح أنبوب نقل السلع هذا من بلد المنشأ حتى بلد المقصد حتى يصبح بالإمكان تهريب أي شيء تقريباً عن طريقه. وعليه، فإنه عندما لا يكون بالإمكان الحصول على الحيوانات والنباتات البرية من مصدرها لنقلها اليوم، ويقول شخص ما: لدي شحنة من الهيروين أو لدي بعض المهاجرين غير المشروعين أو لدي بعض المومسات، وأريد نقل هذه الأمور، يكون هناك سبيل جاهز لنقلها.

وعلى سبيل المثال، يتسلم وسيط عظام نمر أو قرن كركدن (وحيد القرن) من صيادين لصوص قتلوا الحيوانات المحظور قتلها وسرقوا تلك الأشياء في الهند. ويقصد، لنقل هذه البضائع، مختصاً بترتيب أمر شحن السلع المحظورة. ويكون لدى هذا الشخص علاقات في البلد (ب) لتمرير شيء ما. هناك شخص ما "في جيبه" أو أن هناك نظاماً يمكنه من تمرير بضائع غير مشروعة عبر الحدود. وإن لم تكن السلعة المحظورة عاجاً أو جلد نمر أو قرن كركدن... من الممكن أن تكون سلعة مختلفة أخرى. بحسب تقرير واشنطن.

ونشاطات جماعات تهريب العاج من غرب إفريقيا إلى جنوب شرق آسيا عمليات سلسة منظمة. وقال يونغر: عندما بدأنا تحري أمر بعض هذه الجماعات، وجدنا أنها وضعت هيكلية متطورة جداً ومعقدة جداً لنقل ذلك العاج. ونحن نتحدث هنا عن شحنات يبلغ حجم الشحنة الواحدة منها 3 أطنان من العاج. وهذه بالطبع كمية لا يمكن للمرء أن يخفيها داخل حقيبة الملابس وينقلها على الطائرة.

وهكذا تم شحن العاج في حاويات أخفي فيها على أنه سلع يجوز استيرادها وتصديرها قانونيا. وأوضح يونغر أنه كانت هناك مؤسسة أعمال قانونية تقوم بدور الواجهة التي يتم إخفاء الاتجار غير المشروع خلفها.

وقال المسؤول الدولي إنه من المرجح أن العشرين طناً التي اكتشفها الإنتربول كانت ستدر، لدى بيعها بالجملة، مبلغ حوالى 26 مليون دولار.

وقد وصف مدى تعقيد هذه التجارة لموقع أميركا دوت غوف قائلا: "يتعين أن يخرج شخص ما إلى البرية ويصطاد هذه الحيوانات، وبما أنه لا يتم العثور عليها واصطيادها جميعاً في نفس المكان، فمن الضروري أن تكون هناك نقطة محددة يتم تجميع السلع فيها. ومن الضروري أن تكون هناك عملية شحن محلية داخل البلد. ومن الضروري أن تكون هناك عملية إخفاء. ومن الضروري أن يكون هناك اتجار دولي. ومن الضروري أن تكون هناك شبكة توزيع في بلد الاستهلاك، وهي تتضمن نقل السلع إلى معامل ومشاغل لتحويلها إلى سلع يرغب السياح في شرائها.

وسائل الاتصال الحديثة والمشكلة العالمية

وقال يونغر إن المناطق التي تنشط في تهريب الحيوانات والنباتات البرية موجودة في كل مكان في العالم، بما في ذلك في روسيا وأوروبا الشرقية وأميركا الوسطى والجنوبية وجنوب آسيا وإفريقيا وإندونيسيا.

وقد اتفق معه في هذا الرأي مويزس نعيم، مؤلف "غير مشروع"، وهي دراسة حول الجريمة العالمية. فقد قال لموقع أميركا دوت غوف أن: هذه التجارة لا تتمحور في منطقة جغرافية معينة، وهذا الازدهار السريع الذي شاهدناه في كل هذه التجارة يعود إلى اللوجستيات أكثر مما يعود إلى خبراء المنتجات. ففي ما يتعلق بأنواع النباتات والحيوانات البرية المعرضة للانقراض، نجد أن المصدر تحدده الجغرافيا، أما الأسواق فمتصلة ببعضها بعضا من خلال خبراء عمليات لوجستية مختلفين غير متخصصين بالضرورة بهذه السلع بالذات.

وقال نعيم إن نفوذ المجرمين وصل حداً لم يسبق له مثيل بسبب تجريم السياسة وتسييس الجريمة. ففي الكثير من البلدان، تغلغل المجرمون المتخصصون في أكثر العمليات إدراراً للربح، وهي عادة عمليات تنطوي على صفقات دولية، في الجسم السياسي.

كما أشار يونغر إلى أن شبكات الإجرام أسرع من الوكالات الحكومية البيروقراطية في التأقلم والتكيف.

واتفق يونغر ونعيم على أن تكنولوجيا النقل الأفضل والإنترنت تشكلان حافزين لا يستهان بهما في مجال التجارة الإجرامية. وأشار نعيم إلى مواقع بيع بالمزاد على الإنترنت، مثل eBay، الذي قال إنه يسهل الاتجار بالعاج غير المشروع نظراً لعدم وجود عملية تدقيق كافية بما يتم بيعه من خلاله.

وكان الصندوق الدولي لرعاية الحيوانات قد طلب من موقع eBay حظر بيع العاج عن طريقه في العام 2007. وقد استجاب بعض المواقع التابعة لـ eBay في مختلف أنحاء العالم للطلب، ولكن مقر eBay الرئيسي في الولايات المتحدة لم يستجب. وقال الصندوق إن مبيعات العاج في أميركا الشمالية عن طريق eBay شهدت ارتفاعاً كبيراً وسريعاً خلال العام الماضي.

ويقدر الإنتربول، الذي بدأ العام الثاني من مشروع تجريبي يتعلق بالاتجار بالحيوانات والنباتات البرية يموله القطاع الخاص الأميركي، حجم هذه التجارة بما بين 10 بلايين و20 بليون دولار في العام. وتجدر الإشارة إلى أن معظم التجارة في الحيوانات والنباتات البرية مشروعة ومن الصعب تحديد حجم التجارة غير المشروعة. وقال يونغر إنه إذا اعتمدنا ما تتم مصادرته كمؤشر على الحجم فإن تقديرنا هو أن الاتجار غير المشروع يصل إلى ما بين 10 إلى 15 بالمئة من التجارة المشروعة... ولكن هذا مجرد تخمين.

ونظراً لضآلة عدد المسؤولين في أجهزة تطبيق القانون الذين يكرسون جميع جهودهم لقضية المتاجرة بالحيوانات والنباتات البرية دون غيرها يتعين على المنظمات غير الحكومية ملء الفراغ. وقال يونغر إنه ينبغي النظر إلى معدلات النجاح على ضوء الموارد المتوفرة للقيام بالعملية، مضيفاً أن الأمر صعب جداً بدون تعاون الدول.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد  29/حزيران/2008 - 25/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م