نصيحة لله الى إخوة الوطن

محمد علي جواد تقي

جميل يصنع من يروم تحمل المسؤولية الانسانية والوطنية والترشيح لانتخابات مجالس المحافظات بالاستعداد ليوم الاختبار والاختيار الصعب عند صناديق الاقتراع.. فهو يستعرض قدراته وامكاناته لتلبية ما يحتاجه المواطن في حاضره ومستقبله من خدمات من قبيل الماء والكهرباء والصحة والتعليم وغيرها، وحقوق من قبيل الحريات العامة وفرص العمل وحقوق اخرى..

كل ذلك لا يمكن عدّه مجرد شعارات براقة للاستهلاك الانتخابي إلا إذا سلمنا وآمنا بوجود تسطيح للوعي وتغييب للثقافة في اواسط مجتمعنا؛ فالمواطن يعرف بحكم الفطرة الانسانية حاجته الماسّة الى تلك المطالب بعد تغييب مجحف وظالم من قبل نظام الطاغية المقبور، إلا انه قد لايدرك اهمية  الوعي والثقافة إلا حين يسقط في شرك الافكار الهدامة والدخيلة على قيمه الدينية والاجتماعية، ولعل تجربة نظام حزب البعث البائد خير شاهد ودليل..

صحيح ان الناس يتحدثون بصوت عال ـ وهو حقهم الطبيعي ـ عن استمرار معاناتهم غير المبررة من الكهرباء وفرص العمل والصحة والزراعة ومشاكل عديدة اخرى، إلا ان في ضمائرهم وفي عقلهم الباطن لا يمكن ان ينسوا اساس الفتنة التي وضعها صدام منذ استيلائه على الحكم ثم زجّ ابناء الشعب في محرقة (القادسية) وما اعقب ذلك من احداث كارثية ودموية كانت السبب في إعادة العراق الى الوراء لعقود من الزمن..

لذا عندما يجلس المواطن امام المرشح وهو يتحدث واقفاً او جالساً خلف طاولة، إنما يريد ثقافة ومعرفة تعصمه عن الخطأ الذي وقع فيه الآباء قبل ثلاثين عاماً عندما باغتهم صدام بسياسة (العصا والجزرة) التي علمته إياها مراكز المخابرات الغربية.

وربما على البعض الاستفادة من تجارب علماء الدين في خطابهم الثقافي الخالص في محاضراتهم الاسبوعية واليومية وهو ما نشهده في مدن عديدة منها كربلاء المقدسة.. فهم يدعون الناس الى مزيد من الوعي واليقظة من خلال المطالعة والبحث والحث على التعليم واستغلال اوقات الفراغ، دون ان تكون لهم طموحات سياسية او اغراض انتخابية، والأهم من ذلك فهم يحكمون الربط بين المستوى الثقافي وبين الواقع المعاش، فالاوضاع المعيشية العامة مرهونة بالمستوى الثقافي لأي شعب، وهي حقيقة اثبتتها التجارب في العالم واكدها قبل ذلك الاسلام وتحديداً سيرة الائمة المعصومين، وما واقعة الطف ببعيدة عنّا.. فقد اكد اهل البيت ـ عليهم السلام ـ على ضرورة معرفة الله لتدوم النعم وتُلجم النقم وايضاً معرفة خلقه ليسود العدل والامان والقيم الاخلاقية الفاضلة..

لذا فبمقدار الوعي الذي يبلغه ابناء شعبنا سيكون قادراً على تمييز الغث من السمين ومعرفة الخطاب الذي لا يحمل معه لبُنات الوعي والثقافة، وايضاًاكتشاف ادوات الطعن والتجديف ضد الحالة الدينية في نفوس ما تزال تعيش عقدة الهزيمة منذ اكثر من نصف قرن امام التيار الاسلامي..

ومن يدري لعل الوعي والثقافة الخالصة التي ستحمل المواطن الى صناديق الاقتراع ستنصر مرشحين من تكتلات مختلفة يكون فيهم من يرتدي ربطة العنق او من يرتدي زي علماء الدين اذا ما كانت نفوسهم تنطوي على نوايا صادقة بتحمل المسؤولية الإنسانية والوطنية إزاء هذا البلد الجريح.

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت  28/حزيران/2008 - 24/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م