شبكة النبأ: في ظل اجواء التشدد الديني التي سادت غزة اثر سيطرة
قوات حركة حماس عليها العام الماضي ظهرت مجموعات وان كانت تاخذ
طابع السرية حتى الان، إلا انها تنتشر خلف الكواليس وفي الأزقة
المظلمة داعية لتطبيق شريعة تنظيم القاعدة وقوانينها المتطرفة..
أبو حفص واحد من كثير من النماذج غير الراضية على عدم استعمال
قطع الرأس واليد في العقوبات ضد المتهمين من المواطنين.. فبعد عام
من تولي حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) السيطرة على
قطاع غزة لا يطيق ابو حفص انتظاراً ليرى سيفا يقطع رأس لص او امرأة
ترجم حتى الموت لإدانتها بالزنا.
وقال الحليف الفلسطيني لتنظيم القاعدة "حماس لا تقيم شرع الله.
لم نر سارقا قطعت يده ولم نر زانيا رجم."
لكن بالرغم من خيبة أمل ابو حفص بسبب المنهج الذي تبنته حماس
منذ تغلبت على خصومها العلمانيين في غزة قبل عام مضى يعتقد بعض
المحللين أن الجماعات الاصغر حجما والأكثر تشددا مثل جماعة ابو حفص
السرية التي يطلق عليها جيش الأمة استفادت من تولي حماس السلطة في
توسيع نطاق عضويتها.
ورغم أن السياسة الرسمية لحماس تنطوي على احترام حقوق الاقلية
المسيحية بغزة فان الهجمات على المسيحيين شهدت زيادة في العام
المنصرم من قبل الاسلاميين غير الراضين فيما يبدو عن مدى "الاسلمة"
الذي تطبقه حماس في غزة. بحسب رويترز.
ومن بين العلامات الظاهرية على هذا انتشار الالتحاء بين الرجال
والحجاب بين بعض النساء الى جانب الاختفاء الفعلي للكحوليات وحظر
المواقع الاباحية على الانترنت لكن مسؤولي حماس يرفضون الاتهامات
بأنهم يطبقون برنامجا لفرض الشريعة الاسلامية على مظاهر الحياة
اليومية.
وتقول حماس انه اذا كان سكان غزة ازدادوا تدينا - ولا يوافق
جميع سكان القطاع على أن هذا هو الامر - فان هذا نتيجة اقتناع.
وعلق سامي ابو زهري المتحدث باسم الحركة قائلا "هذا لا يحدث
بالاكراه وانما لازدياد الوعي في المجتمع."
بيد أن اسرائيل ومصر وأطرافا أخرى تشعر بالقلق من أن غزة تحت
سيطرة حماس المعزولة قد تصبح ملاذا للجماعات الشبيهة بالقاعدة مثل
جيش الاسلام وهي جماعة عشائرية احتجزت صحفيا بريطانيا رهينة في غزة
العام الماضي لمدة أربعة اشهر.
وشهد أسبوع من القتال ضد قوات فتح التابعة للرئيس الفلسطيني
محمود عباس سيطرة حماس على قطاع غزة وسكانه البالغ عددهم 1.5 مليون
نسمة في 14 يونيو حزيران العام الماضي كما شهد اقالة عباس الحكومة
التي كانت تقودها حركة حماس والتي فرضت عليها عقوبات غربية لرفض
الحركة الاسلامية نبذ العنف ضد اسرائيل.
وفي غضون ثلاثة أسابيع من الاستيلاء على السلطة سارعت حماس الى
الإعلان بفخر عن نجاحها في تأمين الافراج عن المراسل المحتجز رهينة
الان جونستون. ويقول المتحدثون باسمها ان الحركة ما زالت معارضة
للفصائل الاسلامية التي تمارس العنف.
وأضاف ابو زهري المتحدث باسم الحركة "أي فرد يتسبب بالتعرض
للمصالح العامة فبالتأكيد هو ملاحق بالقانون ويتعرض للمحاسبة"
بينما قال ان حماس مستعدة لقبول مساعدة مثل هذه الجماعات في قتالها
ضد اسرائيل.
وتسيطر حركتا حماس والجهاد الاسلامي على أغلبية المساجد في غزة
وتقيد الجماعتان نشاط الفصائل المتطرفة الاخرى التي تميل الى
الاجتماع في المساجد الاصغر او في منازل أعضائها حيث يلقون دروسا
عن مفاهيمهم الاكثر تشددا للاسلام.
وتشهد أكشاك بالاسواق نشاطا كبيرا في بيع تسجيلات خطب زعماء
تنظيم القاعدة اسامة بن لادن وأيمن الظواهري والراحل ابو مصعب
الزرقاوي اضافة الى تسجيلات الفيديو التي تظهر مشاهد لقطع رقاب
جنود وأشخاص امريكيين وأجانب في العراق.
وفي اطار مناخ زاد فيه الحصار الاسرائيلي المشدد ضد حماس من
الصعوبات التي يواجهها الناس في القطاع يبدو لبعض المحللين أن بعض
أشكال الاسلام الاكثر تشددا أصبح لها تأثير متنام على بعض
الفلسطينيين.
وقال محلل سياسي من غزة طلب عدم نشر اسمه خوفا من الانتقام ان
تأثير حماس في تشجيع اتباع سلوك اجتماعي اكثر ميلا للاسلام في غزة
متفاوت. وجادل بأن مسألة تولي حماس السيطرة ثم عدم تطبيقها نظاما
اسلاميا اكثر تشددا ربما يكون عزز تلك الجماعات التي تحبذ هذا.
وأردف المحلل قائلا "حماس حريصة الا تبدو كدولة اسلامية ولذلك
هم ابتعدوا عن اقرار قوانين وتشريعات اسلامية لاجبار الناس جهة ما
يعتقدون. لم يحاولوا اتخاذ خطوات لاسلمة المجتمع ولكن السماح لمثل
هذه الجماعات الشبيهة بالقاعدة بالتواجد هو امر خطر."
وقال ابو حفص ذو اللحية الكثة ان جماعته تجد مجندين بين أعضاء
حماس والفصائل الاخرى الذين تحرروا من الوهم. وألقي القبض عليه
ثلاث مرات ليستجوبه رجال الأمن التابعون لحماس لكن في كل مرة كانوا
يطلقون سراحه.
ولجماعته طموحات أوسع نطاقا من هدف حماس المعلن باقامة دولة
موحدة في ما يعرف الآن باسرائيل والاراضي الفلسطينية.
ومضى ابو حفص يقول "حتى لو انتهى حكم اليهود في فلسطين نحن
أصحاب دعوة ولابد أن ننطلق بالدعوة" مضيفا أن على الدول الاخرى
القبول بالحكم المطلق للاسلام. وأردف قائلا "اما أن يدخلوا الاسلام
أو يدفعوا الجزية والا فالسيف".
واتسمت بيانات ابن لادن والظواهري بتأكيد متزايد على الصراع
الفلسطيني الاسرائيلي كما حث الظواهري الفلسطينيين الاسبوع الماضي
على تصعيد هجماتهم ضد اسرائيل.
ابو حفص الذي أجرت رويترز مقابلة معه قال ان جماعته التي أحجم
عن التحدث بالتفصيل عن قوتها موالية للقاعدة بالرغم من افتقارها
لصلة رسمية تنظيمية مع أسامة بن لادن. وأضاف "بالنسبة للقاعدة فلا
حاجة لأن تكون في غزة. القاعدة كفكر ونهج موجودة على الارض."
وأردف قائلا "ليس لنا أي علاقات تنظيمية مع القاعدة ولكنهم
اخواننا. هم اخواننا في العقيدة ولا يوجد لدينا اختلافات في
الفهم."
ولا يزال من الصعوبة بمكان قياس تأثير هذه الافكار المتشددة بين
أفراد الشعب الفلسطيني في غزة والذين طالما اتسم منهجهم في الاسلام
بتنوع اكثر سماحة من المنهج الموجود في أقصى الشرق في العالم
العربي.
وبالرغم من فوز حماس بأغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية
التي أجريت في غزة عام 2006 فانه لا يبدو واضحا أن جميع أنصارها
يحبذون اقامة دولة اسلامية رسمية.
ويقول كثير من سكان غزة انهم يشعرون بالضغط بسبب الوجود واسع
الانتشار لمقاتلي حماس الذين يحثونهم على الالتزام بالاسلام بدرجة
اكبر.
وقال ابو عماد ويعمل مدرسا "أنا أعرف أشخاصا غيروا نغمات رنات
جوالهم (هاتفهم النقال) الى أناشيد اسلامية. بعض النساء بدأت ترتدي
غطاء رأس خاصة عند خروجهن من البيت."
غير أن بعض النساء ذكرن أنهن شعرن بحرية اختيار الا يرتدين
الحجاب بسبب الشعور بمزيد من الأمن في الشوارع بعد توقف القتال بين
الفصائل في يونيو حزيران الماضي.
وقالت أحلام التي تعمل سكرتيرة "أنا لا أحب حماس ولكنني أشعر
اكثر أمنا وحرية في الا أرتدي غطاء رأس لأن رجال شرطة حماس لا
يضايقونني."
ابو عماد الذي طلب عدم نشر اسمه بالكامل خوفا من مواجهة مشاكل
مع السلطات قال انه يعتقد أن الناس حذرون بشأن حكامهم الاسلاميين
الجدد. وأضاف "يبقى أن حماس ليست طالبان وحكمهم ليس اسلاميا
متشددا." |