أسباب الوفيات الرئيسية: من الأمراض السارية إلى الأمراض المزمنة

سكان الدول ذات الدخل المتدني سيعيشون فترة أطول!

 

شبكة النبأ: أفرزت الابحاث العلمية مؤخرا دلائل جديدة على امكانية تحول أسباب الوفاة الرئيسية في انحاء العالم مستقبَلاً من الامراض السارية مثل الايدز والملاريا الى الامراض المزمنة كأمراض القلب والسرطان. وذلك على خلفية زيادة عمر السكان في العديد من المجتمعات وما تجره هذه الحالة من ازدياد في معدل الاصابة بالامراض المزمنة..

وقد جاء ذلك في "إحصاءات الصحة العالمية للعام 2008،" وهي الإحصاءات التي نُشرت في 19 أيار/مايو وتمثل أحدث الإحصاءات الصحية المرتكزة إلى 73 مؤشراً في 193 دولة عضواً في منظمة الصحة العالمية. وقد ركز هذا التقرير الرابع الانتباه على 10 أجزاء في الإحصاءات الصحية، بينها جزء بعنوان: "التحولات المستقبلية في الوفيات حول العالم: تحولات رئيسية في أنماط أسباب الوفاة."

وقال التقرير إن أسباب الوفاة الرئيسية في العالم في العام 2030 ستكون مرض القلب الذووي (وهو فقر دم وأكسجين موضعي احتباسي في عضلة القلب) والسكتة الدماغية وداء الرئة الساد والتهابات الجزء السفلي من جهاز التنفس (وخاصة التهاب الرئة). بحسب موقع يو اس انفو.

وقال كولن ماثرز، منسق المعلومات الصحية عن البلدان المختلفة في منظمة الصحة العالمية في جنيف لموقع أميركا دوت غوف، إن "التقلص في الأمراض السارية سببه في معظمه هو تحول في الأمراض الوبائية،" تتغير فيه توجهات الأمراض بتغير التنمية الاقتصادية، بحيث تنتشر الأمراض السارية في الدول الأقل تقدماً والأمراض المزمنة غير المُعدية في الدول المتقدمة التي يتمتع سكانها بتغذية ومستويات معيشة ورعاية صحية أفضل.

وأشار ماثرز، وهو كبير البحاثة المختصين بالتوصل إلى التوقعات المستقبلية، إلى أن "الزيادة في عدد الإصابات بأمراض القلب والسرطان هي نتيجة لازدياد عمر السكان، فالسكان يعيشون فترة أطول ويصلون سن الشيخوخةً، مما يدل أيضاً على معدل أكثر انخفاضاً من الوفيات بسبب الأمراض المعدية."

التوقعات للعام 2030

عالمياً، توقع التقرير أن يرتفع عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بالسرطان  من 7,4 مليون وفاة في العام 2004 إلى 11,8 مليوناً في العام 2030، وأن يرتفع عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بأمراض أوعية القلب من 17,1 مليون وفاة إلى 23,4 مليونا.

وشمل التقرير الوفيات الناجمة عن حوادث السير متوقعاً ارتفاع عددها من 1,3 مليون وفاة في العام 2004 إلى 2,4 مليوناً في العام 2030، وقال إن السبب الرئيسي لذلك سيكون ازدياد عدد من يملكون السيارات ويستخدمونها نتيجة للنمو الاقتصادي في الدول ذات الدخل المتدني والمتوسط.

وستصل نسبة الوفيات التي يسببها مرضا السرطان والأوعية القلبية وحوادث السير مجتمعة إلى 67 بالمئة من مجمل الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب والتي يتوقع أن يصل عددها إلى 67 مليون وفاة في العام 2030.

وسيرافق هذه الزيادة في عدد الوفيات الناجمة عن أمراض غير سارية تقلص كبير في عدد الوفيات التي تسببها الأمراض السارية الرئيسية، كأمراض الأمومة وأمراض الفترة القريبة من الولادة (خمسة أشهر قبل الولادة وشهر بعد الوضع) والأمراض الناجمة عن أسباب غذائية، بما في ذلك أمراض نقص المناعة المكتسبة والسل والملاريا.

سكان مجمع سكني للمسنين في بون، بالهند.ومن المنتظر أن يرتفع عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة/الإيدز في جميع أنحاء العالم من 2,2 مليون وفاة في العام 2008 إلى عدد أقصى هو 2,4 مليون وفاة في العام 2012 قبل التقلص إلى 1,2 مليوناً في العام 2030.

وتشير هذه التحولات في التوجهات الصحية إلى أن الأمراض السارية الرئيسية، وهي الإسهال ونقص المناعة المكتسبة والسل والملاريا والأمراض التي تصيب الأطفال في الشهر التالي للولادة، ستصبح خلال العشرين عاماً القادمة أقل أهمية كأمراض مسببة للوفاة على الصعيد العالمي.

الماضي والمستقبل

أوضح ماثرز أن نقطة الانطلاق في هذه التكهنات هي مشروع منظمة الصحة العالمية "عبء الأمراض العالمي،" الذي يقدر عدد الوفيات وأسبابها في كل منطقة من مناطق العالم.

وقال "إننا ندرس، للتوصل إلى التوقعات الخاصة بالمسببات الفعلية للوفيات، بيانات المعلومات المتوفرة في الدول ذات الدخل المرتفع والمتوسط الموجودة في سجلات الوفيات للخمسين سنة الماضية، ونتحرى كيفية تغير معدلات الأسباب الرئيسية للوفاة أثناء نمو البلدان وتطورها."

وأضاف أنه يتم بعد ذلك تطبيق التوجهات التي تم استخلاصها على الدول النامية، على اعتبار أن ما سيحدث في العالم النامي نتيجة التنمية الاقتصادية سيتبع مسارات مشابهة لما حدث في الدول الأكثر تقدماً في الأعوام الخمسين الماضية.

ونبه ماثرز إلى أن "التوقعات تفترض أساساً أن المستقبل سيكون مماثلاً للماضي، وهو افتراض يبقى مجرد افتراض  لا يمكن التيقن من صحته أبداً بشكل مسبق."

وتعتمد منظمة الصحة العالمية في تحديدها لمستوى تقدم الدول مجموعة من العوامل بينها الدخل القومي الإجمالي الفردي على أساس توقعات البنك الدولي الاقتصادية، ومعدل سنوات التعليم التي حصل عليها البالغون، والتحسينات المتوقعة بمرور الوقت في تكنولوجيا الرعاية الصحية، ومستويات التدخين بين السكان.

وقال ماثرز: "لو توفرت لدينا المعلومات، لكنا سنضيف على الأرجح عوامل أخرى تعرض السكان لخطر الأمراض والوفاة كمدى انتشار الوزن الزائد والبدانة المفرطة بين السكان وما إلى ذلك. ولكننا لا نملك بيانات معلومات جيدة تغطي فترة زمنية حول ذلك." كما أن التوقعات المستقبلية لا تأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن يكون لاجتياح وباء ما للعالم أو للكوارث الأخرى من تأثير لا يستهان به على الصحة.

ورغم أن التوقعات تظهر أن عدد الوفيات سيرتفع مع نمو عدد السكان إلا أن ماثرز أشار إلى أنها تظهر في الواقع تقلصاً بسيطاً في معدلات الوفيات في جميع الأعمار.

وقال إن ذلك "يمثل تحسناً في الصحة. فقد أصبحنا نعيش فترة أطول وبالتالي أصبح المزيد من الوفيات ينجم عن أمراض تؤثر على الطاعنين في السن. وينطبق نفس هذا الأمر أيضاً على العجز الناجم عن أمراض كالتهاب المفاصل ومرض ألتزهايمر. إن الناس يقولون إن السكان يشيخون وأن هناك وباء ألتزهايمر، ولكن الناس بشكل عام يتمتعون بعدد أكبر من السنوات المثمرة في الحياة، حتى وإن كانوا يصابون في نهاية الأمر بمرض ألتزهايمر عندما يصلون إلى عمر ما كانوا سيبقون فيه على قيد الحياة لو كانوا من أبناء الأجيال السابقة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد  22/حزيران/2008 - 18/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م