فيتامين D هل هو بطل الفيتامينات السحري؟!

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: تزايدت في الآونة الأخيرة الاهتمامات بمنافع فيتامين D على أساس دوره الحيوي في نظام الحميات والصحة بصفة عامة.

وخلال العقد الأخير، توصلت عدة دراسات إلى ربط هذا الفيتامين بالعديد من الآثار الجيدة على صحّة الإنسان، بما جعله يرقى إلى صفة "بطل" الفيتامينات السحري.

وزيادة على دوره  في تعزيز امتصاص الكالسيوم وبالتالي تشجيع نموّ العظام، أظهر هذا الفيتامين مؤشرات على المساعدة في الوقاية من عدّة أنواع من السرطانات وأمراض القلب والشرايين والسكّري وغيرها.

وورغم أن الغبطة على مشاعر العلماء بشأن فوائد هذا الفيتامين هي الطاغية، إلا أنّهم مازالوا مختلفين بشأن حجم حاجات الإنسان له، وكذلك مصادره.

ماذا يفعل الفيتامين D؟

يعدّ هذا الفيتامين فريدا من نوعه من دون شكّ، رغم أنّه الأحدث من حيث الاكتشاف. ففي عام 1919، عندما جرى اكتشاف فيتامينات A وكذلك B زيادة على ثالثهما C، لم يكن قد تمّ اكتشاف الفيتامين الرابع، ربما لأنّ طريقة عمله تختلف عن أشقائه، حيث يعمل وكأنّه هرمون داخل الجسد، فيقوم بتنسيق وتوجيه الرسائل، وهو ما لا تقوم به الفيتامينات الأخرى.

ومثالا على ذلك، يقوم فيتامين D بإثارة الغرائز لامتصاص الكالسيوم من الأغذية، ومن ثمّ يقوم لاحقا بتعديلها، وفقا للطريقة التي تريدها خلايا العظام. بحسب CNN.

وفي الوقت الذي تقوم فيه فيتامينات "غذائية" أخرى، مثل فيتامين C، بالعمل "فورا" وفق ما يحدده الجسد بناء على الشكل الذي استقبله بها، يتطلب فيتامين D عملية أطول، حيث أنّه يبدأ العمل على أساس أنّه سليل للكوليسترول.

لاحقا، يتمّ تحويل المواد التي يطلق عليها "ديهيدروكوليسترول" إلى "سابق فيتامين" يطلق عليه D3، وهو الشكل الأكثر قابلية للامتصاص.

أما الشكل الآخر، وهو "سابق الفيتامين" D2، فيأتي من مصادر نباتية، ولا يمكن امتصاصه إلا عبر نظام حمية.

ويتمّ امتصاص كلا الشكلين عبر الكلى والكبد الذين يمنحانهما شكلهما النهائي المعروف علميا باسم "كالسيتريول"، وهو الذي يأخذ طريقه إلى "مستقبلات" فيتامين D التي تتوفّر عليها أجسادنا جميعا، أو بالأحرى، الغالبية العظمى منها.

ويقترح معهد الطبّ، وهو مؤسسة أمريكية للبحوث التي تحدّد وفقا لها سياسات الصحة، أن يتناول كلّ شخص "كمية بالجملة" ملائمة لحاجة الإنسان حسب عمره، بدلا من جرعة يومية محددة.

والكمية المقترحة هي 200 وحدة عالمية لمن هم أقلّ من 50 عاما، وضعفها لمن يتراوح عمره بين 51 و70، وثلاثة أضعافها لمن هم فوق تلك الشريحة.

غير أنّه، مع تزايد البحوث حول هذا الفيتامين، يدعو علماء إلى تعزيز تلك النسب، ناهيك أنّ بعضهم يقول إنّه من الضروري تناول 10 آلاف وحدة يوميا.

ومؤخرا، دعت مجموعة من العلماء التي تعمل في هذا المجال، في مقال نشرته مجلة أمريكية، إلى "الحاجة الملحة" لزيادة النسبة المتعارف عليها دوليا من كمية الفيتامين التي يحتاجها الإنسان.

ومن ضمن هؤلاء، الباحث الشهير في جامعة هارفارد، الدكتور والتر ويليت، الذي قال إنّ "النسبة التي نتحدث عنها الآن، وهي ألف وحدة يوميا، تعدّ ضئيلة جدا."وأوضح أنّ شخصا متوسط البنية يمكن أن ينتج 15 ألف وحدة من التعرّض لمدة نصف ساعة فقط لأشعة الشمس.

ولذلك، واستجابة لهذا الجدل، قرّرت مؤسسات العناية بالصحة في عدّة دول، بذل المزيد من الجهد للتعرّف أكثر على هذا الفيتامين، حيث من المتوقع أن يسفر ذلك عن تحديد نسبة محددة للكمية التي ينبغي تناولها، وذلك في غضون عام 2010.ويذكر أنّ أبرز مصادر هذا الفيتامين هي الغذاء وأشعة الشمس، وكذلك المقويات الصيدلية.

فيتامين D ومرضى السرطان

وكشفت دراسة حكومية كبيرة نشرت مؤخراً عدم ظهور أي مؤشر بأن فيتامين D يقلل من الخطر الإجمالي من الموت بالسرطان، مما يدعو للحذر من آخر حالات الولع التي أثيرت حول الفيتامينات، إلا أنه كان هناك استثناء وحيدا، حيث تبين أن الأشخاص الذين تحتوي دماءهم على كمية أكبر من فيتامين D، كانوا بالفعل أقل عرضة لخطر الموت من سرطان القولون، مما يدعم النتائج القديمة.

فمن المعلوم أن الحصول على الفيتامين الذي يدعى بفيتامين أشعة الشمس - ينتجه الجلد من الأشعة فوق البنفسجية - يعد حيويا من أجل عظام قوية، ولكن الفيتامين D تصدر عناوين الأخبار خلال السنوات الأخيرة بسبب دراسة ذكرت بأن الفيتامين قد يكون فعالا في مقاومة السرطان، مما شجع الأشخاص على أن يحصلوا على كميات أكبر مما هو موصى به حاليا، سواء عن طريق الحمية الغذائية أو التعرض لأشعة الشمس.

ولكن دراسة حكومية هي الأولى من نوعها وصدرت الثلاثاء، كشفت بأن القضية لم تحسم أبدا، كما نقلت الأسوشيتد برس.

ففي الدراسة التي نفذتها المؤسسة القومية لأمراض السرطان، قام الباحثون بتحليل مستويات فيتامين D، في عينة مؤلفة من نحو 17 ألف شخص، كجزء من دراسة وطنية تعنى بصحتهم.

وبعد قرابة العقد من الانضمام للدراسة، توفي 536 شخصا منهم بسبب السرطان، إلا أن مستويات الفيتامين D سواء كانت عالية أو منخفضة، لم تلعب أي دور في خطر الموت من المرض بشكل عام، وفقا لما صرح به الباحثون في الدورية الصادرة عن المؤسسة. 

بعدها، بدأ الباحثون بدراسة أنواع السرطان المختلفة، فكان هناك 66 حالة موت جراء مرض سرطان القولون، ولكن تبين بأن الأشخاص ذوي المستويات العالية من الفيتامين D، فإن احتمال وفاتهم جراء المرض يقل بنسبة 72 في المائة مقارنة مع الأشخاص ذوي المستويات الأقل من فيتامين D.

وحذرت جوهانا دواير، الأخصائية الغذائية لدى مؤسسات الصحة القومية في تصريح قائلة "رغم أن الفيتامين D له فوائد متنوعة تتعدى العظام، إلا أنه لا ينبغي لأخصائيي الرعاية الصحية والصحة العامة أن يتعجلوا في إطلاق الأحكام ويفترضوا بأن الفيتامين D عقار سحري ويستهلكوا منه كميات كبيرة."

وقالت إنه في الواقع هناك العديد من عوامل الخطورة المتعلقة بسرطان القولون، من بينها البدانة الزائدة والنشاط الجسماني المنخفض، كما أنه ليس واضحا إن كانت مستويات الفيتامين D المنخفضة تلعب دورا مستقلا أو أنها مجرد علامات على العوامل الأخرى تلك.

يذكر أن العلماء مهتمين بتأثيرات الفيتامين D منذ عقود، بعد الانتباه بأن معدلات السرطان بين مجموعات متماثلة من الأشخاص كانت أقل في خطوط العرض الجنوبية المشمسة، مما هي علية في خطوط العرض الشمالية، ومنذ ذلك الحين، وجدت حفنة من الدراسات بأن الأشخاص الذي يعطون كميات إضافية من فيتامين D، هم أقل عرضة للإصابة بسرطانات معينة، إلا أن الكثير من الأدلة تعد ظرفية.

فيتامين D يقلل الإصابة بسرطان الثدي

من جهة ثانية أكدت دراسات علمية، نشرت مؤخراً، بشكل شبه قاطع أن السيدات اللاتي يتناولن كميات مناسبة من فيتامين D يكن أقل عرضة للإصابة بسرطان الثدي.

وجاءت نتائج دراستين حديثتين لتضيف دليلاً جديداً على مدى الدور الذي يمكن أن تقوم به أشعة الشمس، في الوقاية من الكثير الأمراض السرطانية المختلفة.

وأثبتت نتائج إحدى الدراستين أن السيدات اللاتي حصلن على مستويات عالية من فيتامين D انخفضت نسبة إصابتهن بسرطان الثدي إلى حوالي 50 في المائة، كما أن اللائي حصلن على مستويات أقل انخفضت احتمالات إصابتهن بالمرض بنسبة 10 في المائة.

ووجدت الدراسة الثانية، التي أجراها باحثون كنديون، أن السيدات اللاتي تقضين بعض الوقت خارج المنزل، أو تتناولن فيتامين D في غذائهن، وخاصة من هن في سن المراهقة، تنخفض معدلات إصابتهن بسرطان الثدي بنسبة تتراوح بين 25 و45 في المائة، أقل من السيدات اللاتي لا تتناولن كميات مناسبة من الفيتامين.

وقالت رئيسة الفريق البحثي بمستشفى مونت سيناي في تورنتو، جوليا نايت "التعرض لفيتامين D خلال الفترة التي ينمو فيها الثدي خاصة بالنسبة للمراهقات، قد يكون أمراً مهماً"، حسب أسوشيتد برس.

وكان قد تم إعلان نتائج الدراستين، الثلاثاء، في مؤتمر للجمعية الأمريكية لبحوث السرطان.

فيتامين (د) يعالج الربو

واكتشف العلماء في دراسة جديدة أن الفيتامين (د) قد يساعد في علاج حالات الربو. وأظهرت الدراسة، التي نشرت في The Journal of Clinical Investigation أن هذا الفيتامين قد يساعد أولئك المرضى على الاستجابة بشكل أفضل للعلاج الستيروئيدي، الموصوف لحالة الربو.

هذه النتائج اعتمدت على دراسة مخبرية أجريت على الخلايا، بالاضافة إلى بعض التجارب التي أجريت على عدد من مرضى الربو.

وذكرت كاثرين هوريلويش، إحدى المشاركات في الدراسة، أن فيتامين (د) قد يساعد أيضا على معالجة بعض الأمراض الالتهابية والمناعية الأخرى. بحسب CNN.

وركزت الدراسة على الربو الذي لا يستجيب للعلاج التقليدي بالستيروئيدات، التي قد تساعد ملايين المرضى في تدبير حالاتهم، عن طريق الإستنشاق. في حين قد يحتاج البعض منهم لتناول حبوب من نفس الدواء، خاصة في النوب الشديدة.وهناك بعض المرضى ممن لا تتحسن حالاتهم حتى بعد تناول الستيروئيد، مما يقلل من فرص العلاج لديهم.

النوع المستخدم في الدراسة من الفيتامين (د) كان Calcitriol أو فيتامين د-3، وهو نوع يتقبله الجسم.

فقد قام العلماء بدراسة خلايا T في الجسم عبر عينات من دم المرضى وغير المرضى للمقارنة، وهي خلايا يصنعها الجهاز المناعي. وكانت لدى المرضى المعتادين على العلاج الستيروئيدي غير قادرة على إفراز مادة كيماوية تعرف بـ(IL-10)، والتي تساعد في تقليل تفاعل الجهاز المناعي، مع أعراض الربو وغيره من أمراض الحساسية.

وبعد ذلك قام العلماء بتعريض الخلايا T للفيتامين د- 3، وتبين عند ذلك أن الخلايا أصبحت أكثر حساسية للستيروئيدات، وتعزز إفراز مادة IL -10.

وتقول كاثرين في التقرير: "نأمل ان يقودنا عملنا هذا إلى إيجاد طرق جديدة لعلاج مرضى الربو الذين لا يستجيبون للعلاج الستيروئيدي. كما أنها قد تساعد أيضا المرضى الذين يحتاجون إلى جرعات عالية من الستيروئيدات لمساعدتهم على التقليل من مقدارها."

فيتامين (د) يطيل أعمار مرضى الكلى 

قد يحتاج مرضى الغسيل الكلوي إلى جرعات داعمة من فيتامين (د)  تساعدهم على العيش مدة أطول من الزمن. وقد أشارت دراسة جديدة، أن حقن الفيتامين (د) التي تعطى لمرضى الفشل الكلوي تساعد في خفض نسبة حدوث الوفاة بالمقارنة مع الذين لا يتلقون هذا النوع من الحقن.

يقوم الغسيل الكلوي بوظيفة الكلية السليمة التي تعمل على  تنقية السموم من الجسم، وهو الوسيلة الوحيدة للحفاظ على مرضى الفشل الكلوي على قيد الحياة إلى حين توفر إمكانية زرع كلية للمريض.

ويصاحب عملية الغسيل إضافة عدد من الهرمونات والعناصر الهامة والتي منها فيتامين ( د) حيث يتعرض المرضى عادة لنقص في هذا الفيتامين مما يستدعي تعويضه دوائيا.

ووفقا لما ذكره الباحثون فإن  وجود الفيتامين (د) يحسن فرص النجاة والشفاء في حالات مختلفة منها تحسن نسبة الشفاء والنجاة من السرطان.

وقد شكلت هذه النتيجة مفاجأة للخبراء ودفعتهم للتفكير بالمريض الذي سيحتاج للعلاج فعليا وهذا ما ذكره الباحث رافي تاداني من مستشفى ماساشوستس ببوسطن :" نحن نحتاج لأن نكون أكثر حزما وشدة في علاج الأشخاص الذين يحتاجون لذلك."

يذكر أن حوالي نصف مرضى غسيل الكلى في الولايات المتحدة يتلقون حقن الفيتامين (د) ومن خلال متابعة مرضى غسيل الكلى لمدة سنتين تبين أن حوالي 20 بالمائة ممن يتلقون حقنا داعمة من الفيتامين (د ) انخفضت لديهم نسب الوفاة ولم يكن هناك تأثيرا سلبيا للعمر، أو الجنس، أو العرق ، الداء السكري، أو زيادة الوزن أو غيرها على تلك النتائج.

ولم تحدد الدراسة التي نشرت في مجلة   Journal of The American Society of Nephrology شكل الفيتامين ( د ) المستخدم بل ذكرت أنه مهما كان شكله تبقى فائدته واحدة.

فيتامين (د) يقي من سرطان القولون

وأظهرت دراسة حديثة نشرتها الجمعية الطبية الأمريكية أن فيتامين (د) يعتبر سلاحا فعالا في الحرب على سرطان القولون.

وتبيّن للباحثين أنه كلما كانت الكمية المستهلكة من فيتامين (د)، والموجودة في أطعمة مثل السمك والحليب، كان التراجع السرطاني أكثر، الأمر الذي يشير إلى أن هذا الفيتامين يقضي على الجزيئات الضارة في الجسم ويمنعها من تدمير الخلايا والأنسجة الموجودة في القولون، وذلك حسب ما نقلته الأسوشييتد برس.

وتفيد المعلومات انه كلما كان النظام الغذائي غنيا بالكالسيوم، زاد من تقليل فرص الإصابة بالسرطان، إذ يساعد فيتامين (د) الجسم على امتصاص كميات أكبر من الكالسيوم، وهو ما يحتاجه جسم الإنسان.

ووجد الباحثون أن نسبة تعرض الأشخاص لسرطان القولون والأمعاء بين الذين يتناولون نظاما غذائيا غنيا بفيتامين ( د ) تقل بنسبة 40%، وذلك مقارنة بمن يتناولونه بكميات أقل أو لا يقومون بذلك إطلاقا. وقد تم التوصل الى تلك النتائج من خلال إخضاع أكثر من 31000 شخصا من كبار السن. بحسب CNN.

وينصح الباحثون بعمل كشف طبي لخلايا القولون كل عشر سنوات، من أجل الكشف المبكر على الخلايا السرطانية في القولون والأمعاء.

وتؤكد الدراسة الجديدة ما وجدته الأبحاث السابقة من أن الأسبرين والألياف الموجودة في بعض الأطعمة تساعد أيضا في عملية التقليل من الإصابة بالسرطان.

شبكة النبأ المعلوماتية- االإثنين  9/حزيران/2008 - 5/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م