محاولات لإعادة السَمَك إلى عرشه في العراق

شبكة النبأ: يعشق العراقيون السمك "المسقوف" الذي يفتح ويطهى على اعواد الحطب والخشب. لكن سنوات من الصراع والكوارث البيئية قللت من امدادات الاسماك النهرية الشهية وهي المكون المفضل لاعداد هذا الطبق.

ويهدف مشروع تدعمه الولايات المتحدة في وسط العراق الى اعادة احياء مزارع الاسماك الخربة وتلبية الطلب الكبير على الاسماك الذي يرجح أن يزيد مع تراجع مستويات العنف.

وقال دوين ستون وهو امريكي متخصص في المزارع السمكية ويعمل مستشارا للمشروع: حاليا الاسماك هي المنتج الوحيد الذي يتجاوز هامش ربحه 200 في المئة وهذا بسبب نقص الكميات.

وفي وقت ما كان يجري اصطياد الاسماك من نهر دجلة الذي يجري عبر بغداد لاستخدامها في اعداد المسقوف.

لكن التلوث قلل من اعداد الاسماك كما أن الصراع الذي نشب عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 جعل عمل الصيادين في النهر خطيرا.

وفي العام الماضي أحجم الناس عن تناول أسماك نهر دجلة حين سرت شائعات بأن الاسماك تأكل الجثث التي تُلقى في النهر، وهي جثث ضحايا العنف والارهاب الذي جرى بين الشيعة والسنة عامي 2006 و2007 . بحسب رويترز.

وقالت منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة انه في الاعوام الاخيرة لحكم الرئيس السابق صدام حسين أدى تجفيف المستنقعات الجنوبية للعراق واقامة السدود على نهري دجلة والفرات الى تراجع حاد في كميات الاسماك التي يتم اصطيادها قبالة الساحل العراقي.

وانخفض انتاج سمك المزارع حيث قللت العقوبات الدولية من امدادات الاعلاف والمستلزمات والماكينات المستوردة.

واضطرت معظم المطاعم الموجودة على امتداد واجهة نهر دجلة والتي كانت تكتظ بالزبائن لتناول السمك "المسقوف" الى اغلاق أبوابها بسبب أعمال العنف التي أعقبت الغزو.

لكن في ظل التراجع الكبير في أعمال العنف في العاصمة على مدار العام المنصرم تعيد بعض المطاعم فتح أبوابها مما يزيد الطلب على الاسماك وهو ما يلبى جزئيا من خلال الواردات من ايران.

ويأمل مسؤولون أمريكيون في أن يساعد انتاج الملايين من السمكة الفضية في بحيرات شاسعة في مزرعة اسماك الفرات في تلبية الاحتياجات وتعزيز اقتصاد وسط العراق.

وتسدد الولايات المتحدة تكلفة الملايين من اسماك الشبوط التي يبلغ عمرها ثلاثة أشهر وسترسل من اكبر مفرخ في العراق الى قرابة الف مزرعة سمكية في محافظة بابل وهي منطقة تقليدية لزراعة الاسماك الى الجنوب من بغداد. وهناك ستنمو هذه الاسماك لتصل الى حجمها الطبيعي قبل بيعها.

وبدأت مزرعة أسماك الفرات كأحد مشاريع صدام اللافتة للنظر عام 1979 على مرأى من القصر المهيب الذي شيده الرئيس العراقي السابق على أنقاض مدينة بابل القديمة.

ولم يبق من المزرعة القديمة الا ظلها بعد سنوات من الحرب والعقوبات والصراع. وانخفض انتاج الاسماك الصغيرة المعروفة باسم الزريعة الى أقل من مليونين في العام الماضي بعد أن وصل عددها الى 12 مليونا في أوائل التسعينات.

وفي العام الحالي قفز الانتاج الى 12 مليونا مجددا بفضل مساعدات امريكية بلغت 3.6 مليون دولار. وحين يكتمل نمو هذه الاسماك يمكن أن تبلغ قيمتها نحو 180 مليون دولار في الاسواق العراقية.

واشترت الولايات المتحدة نصف انتاج هذا العام من الاسماك وستعطيه لمزارعين محليين كما ساعدت في تجديد مضخات المزرعة واشترت شاحنات مقفلة ذات تقنية عالية لتقليل أعداد الاسماك التي تنفق أثناء النقل.

وقال المالك خضير عباس العمارة مبتسما لدى تفكيره في التحول الذي طرأ على المفرخة التي يعمل بها حاليا 600 شخص "انني سعيد للغاية."

ويقول ستون من فايتفيل في ولاية نورث كارولاينا الامريكية انه اذا نجح المشروع فقد تكون له اثار أبعد مدى على المنطقة.

فبخلاف زيادة انتاج الاسماك يمكن أن يزيد الطلب على أعلاف الاسماك التي تنتج محليا بينما تساعد المياه التي تضخها مضخات المزرعة السمكية في ري المحاصيل في المنطقة.

ويقول ستون ومستشارون امريكيون اخرون انهم يأملون في أن يوفر المشروع فرص عمل مما يساعد على ابعاد السكان المحليين عن الانضمام الى حركة التمرد ضد الحكومة أو القوات الامريكية.

ودارت اشتباكات بين قوات الامن العراقية في الحلة عاصمة محافظة بابل الواقعة على بعد 100 كيلومتر الى الجنوب من بغداد في اطار أعمال العنف التي تفجرت في جنوب العراق في مارس اذار.

وفي علامة على التوتر في المنطقة طوقت عربات الجيش الامريكي المزرعة السمكية خلال زيارة قامت بها شخصيات امريكية بارزة، كما يوظف العمارة 150 حارسا أمنيا.

ولدى سؤاله ان كان قبول المساعدات الامريكية يجعل من المزرعة هدفا للمقاتلين أجاب ستون انهم هدف لكنهم يعلمون هذا. كانوا هدفا قبل ظهورنا في الصورة.

وسترافق الشرطة العراقية الشاحنات التي تنقل الحمولة القيمة من الاسماك الصغيرة عندما تأخذها الى مزارع أخرى في المنطقة.

وبعد النجاح الذي تحقق هذا العام فان العمارة متفائل بأنه يستطيع انتاج كمية اكبر في العام القادم. وقال للصحفيين: اذا أردتم 20 مليون زريعة فسأعمل كي أعطيكم اياها.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد  8/حزيران/2008 - 4/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م