كلنا مسؤول

محمد علي جواد

جميلة هي كلمة (المسؤولية) عندما تقترن بالانسان فيشعر بينه وبين نفسه انه ذو شأن، فالكلام المسؤول حسن، والشاب بعد طّي فترة العزوبية يكون مسؤولاً، فيه كثير من الحُسن، وعندما يدخل في المجتمع ويؤدي عملاً ما كمسؤول حسن ايضاًَ.. فإذا كانت هذه الحقيقة من صميم فطرة الانسان معناه اننا نعيش في مجتمع كل افراده مسؤول، لكن المشكلة تظهر عندنا في النوايا والدوافع خلف تحمل تلك المسؤوليات، لا سيما في زمننا الحاضر حيث نشهد اختلالاً في المعايير والمفاهيم، بات معها من الصعب التمييز بين من تحمّل المسؤولية بدافع الوجدان والايمان وبين من كانت دوافعه، جمع اكبر قدر من المال أو الوصول الى مراتب عليا في السلطة..

هنا تصبح المسؤولية (سيئة) والشخص المسؤول غير محبوب، اذا لم نقل بتعرضه لاصابع الاتهام وسهام الشبهات، حتى وان كانت مسؤوليته تتعلق بأمور مهمة ومصيرية او حتى مقدسة، فيكون امامه طريقان: التخلّي عنها ان كان قريباً من ابناء مجتمعه او التخلّي والابتعاد عن مجتمعه ان كان ملاصقاً ومتشبثاً بتلك (المسؤولية)..

هل هذا كل شيء؟ .. وهل نستخرج من هذه المعادلة نتيجة نضمن بها مستقبل العراق وشعبه؟! الامام علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ يضع امامنا طريقاً ثالثاً يقول عنه: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، أي ان كل افراد المجتمع لهم صفة واحدة وهي صفة (الرعيّة) لكن في نفس الوقت كل فرد يُعد مسؤولاً عن كل (الرعية)! بمعنى ان الإنسان لايولد وعلى رأسه تاج السيادة والزعامة، كما ليس هناك من يولد وفي رقبته ذل العبودية والفقر والتبعية للآخرين.. وانما يعمل الجميع لمصلحة الجميع، فالذي يدعو لعدم بعثرة النفايات في أزقة الاحياء السكنية وجمعها في حاويات خاصة ليس بالضرورة يبغي من وراء ذلك انتخابه لمنصب (المختار)! او من يتحدث عن ضبط الحالة الامنية يكون شرطياً! ولا الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ينوي افتتاح (دكّان) في مسجد او حسينية!

 وبكل بساطة لو ان الجميع او لنقل الغالبية او الاكثرية شاركت في اعمال كهذه ستزول كل هذه الشبهات الوهمية، تبقى حالة واحدة تقف عقبة في هذا الطريق الذي يرسمه لنا إمامنا أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ وهي تعميم الحالة السلبية برؤية سلبية مماثلة، ونجدها عند من يتاجرون بالدين بأشكال واساليب مختلفة وهم في ذلك (مسؤولون) طبعاً، وأيضاً عند من يتاجرون بمصائر الناس .. هؤلاء يخشون كل الخشية من مبادرات تضع مسؤولياتهم تلك تحت علامة استفهام كبيرة، فيحرصون على منع حصول تلك المبادرات وإن تعذر ذلك، أحاطوها بتلك الشبهات الوهمية.. وقد يتخلصون من هذه (الازعاجات) لكن كيف يا ترى يرجون شفاعة أمير المؤمنين والأئمة المعصومين من ولده لا سيما الموجودون بين ظهرانينا؟!

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت  31 أيار/2008 - 24/جماد الاول/1429