طاقة الرياح والشمس واستخدام متنامي في انحاء العالم

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: بعد ان سجلت اسعار الطاقة مستويات قياسية اضحى البحث عن اسلوب حياة بديل يعتمد على الواح الطاقة الشمسية ومحركات تولد الطاقة من الرياح اكثر إغراء لبعض الدول خاصة تلك التي تمر بها رياحا موسمية شديدة..

لكن هذا الواقع عايشه المهندس المعماري تود بوجاتاي منذ سنوات. فحين اشتري قطعة أرض فوق قمة جبل تكسوها أشجار صغيرة يمكنه ان يرى منها المكسيك قبل ما يزيد عن عقدين كان بوجاتاي واحدا من قلة من الامريكيين المهتمين باقامة منازل تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة مولدة من الرياح.

ويحيط به الآن 15 جارا استغنوا مثله عن شبكات الكهرباء التقليدية واستبدلوها بألواح شمسية أو مولدات للطاقة من الرياح أقامها بوجاتاي أو ساهم في تركيبها.

وقال وهو يقف تحت أشعة الشمس الى جوار محرك يديره الهواء "كانت الأسباب البيئية هي التي تجتذب الناس لأسلوب الحياة بعيدا عن شبكات الكهرباء غير ان هذا الوضع يتغير مع ارتفاع أسعار الطاقة."

لم يبذل بوجاتاي سوى القليل من التضحيات كي يحظى بأسلوب الحياه الذي اختاره اذ يمتلك برادا (ثلاجة) صغيرا يتسهلك قدرا ضئيلا من الطاقة وفيما عدا ذلك فان منزله مثل غيره فلديه تلفزيون متصل بقمر صناعي وجهاز كمبيوتر مزود بخدمة الانترنت.

ويضيف "تسجل أسعار الكهرباء والغاز مستويات قياسية قريبا جدا. ستكون هناك مبررات إضافية لمثل هذا الاتجاه.. أسباب اقتصادية."بحسب رويترز.

وبوجاتاي وجيرانه المقيمون على نحو 120 فدانا هم مجموعة صغيرة جدا ولكنها آخذة في النمو من الأمريكيين الذين يختارون الاعتماد على أنفسهم في تلبية احتياجاتهم من الطاقة مع ارتفاع أسعار الكهرباء وتنامي أعداد المنازل التي تستردها شركات الرهن العقاري.

واقتصر هذا التحرك في فترة ما على عدد قليل من الرواد المقدامين في مناطق متفرقة غير انه لم يعد مقصورا على أعداد قليلة من الافراد والأسر بل يجتذب مؤسسات وشركات عقارية تقيم مجمعات سكنية تلبي احتياجاتها من الطاقة.

ويقول المحلل نيك روزن الذي ألف كتاب (كيف تعيش بدون شبكة كهرباء) "ترجع جذور (الحركة) الى ثقافة الهيبي وثقافة البقاء في السبعينات ولكنها تجاوزتها الان كليا."

وأضاف "نتيجة التطور التكنولوجي.. وبسبب أسعار المنازل وأسعار الطاقة المرتفعة.. يستغني عدد اكبر من الافراد عن شبكات الكهرباء."

ويقدر روزن ان نحو 35 الف أسرة أمريكية استغنت عن شبكة الكهرباء وتوفر احتياجاتها من الطاقة وان العدد ينمو بنسبة 30 في المئة سنويا.

وتابع "مع فقد الناس لمنازلهم أو اكتشافهم عجزهم عن سداد الإيجار أو أقساط الرهن العقاري يختار كثيرون بديلا غير شبكات الكهرباء لانه أرخص كثيرا."

كانت تكلفة تركيب ألواح شمسية ومحركات يديرها الهواء ومحولات وبطاريات لازمة لتشغيل الأجهزة المنزلية دون الاعتماد على شبكات الكهرباء باهظة جدا قبل سنوات قليلة غير ان التطور التكنولوجي وزيادة الانتاج خفض التكلفة الى حد كبير.

ونشر موقع (لو ايمباكت ليفينج) www.lowimpactliving.com على شبكة الانترنت ان شركات شارب وكيوسيرا ونانسولار وغيرها تنتج أنظمة تعمل بالطاقة الشمسية وتلقى رواجا وان تكلفة التركيب انخفضت مايزيد عن 80 في المئة على مدار اكثر من 20 عاما.

وقال روزن "التكلفة اخذة في الانخفاض بشكل مستمر وبدأ الانتاج في عدد متزايد من المصانع. في الواقع ربما تكون هناك وفرة في الالواح الشمسية العام المقبل وهو أمر طيب للمستهلكين."

وتعتبر شركة (فيستاس ويند سيستمز) الدنمركية واحدة من اكبر شركات العالم المتخصصة في تكنولوجيا توليد الطاقة من الرياح.

وتقدم عشر ولايات امريكية من كاليفورنيا في الغرب الى نيوجيرزي وبنسلفانيا على الساحل الشرقي حوافز من بينها منح وائتمان ضريبي لتركيب الواح شمسية في اطار سياسات تهدف للتحول للطاقة المتجددة.

وشركات الطاقة ومن بينها (اريزونا بابليك سرفيس) التابعة لشركة (بيناكل وست كابيتال كورب) ضمن شركات في عدد من الولايات الامريكية تقدم دعما لمن يعتزمون تلبية احتياجتهم من الكهرباء ذاتيا لتقليص الطلب من اجل عدد متزايد من عملاء شبكات الكهرباء.

وقال روزن "توليد الكهرباء بعيدا عن الشبكات ليس أرخص فحسب بل بناء منزل لا يحتاج لشبكات الكهرباء ارخص واكثر راحة وهناك حوافز من شركة الطاقة المحلية مقابل ذلك."

ومن المؤشرات على ان اسلوب الحياة بدون شبكات كهرباء ينتشر اكثر ان شركات عقارية ومنظمات اخرى بدأت تبحث عن بدائل بعيدا عن شبكة الكهرباء لاسباب بيئية وايضا لتحقيق ارباح بكل بساطة.

ويبيع لوني جامبل صاحب شركة عقارية تقيم مجتمعا سكنيا في ريف ايوا باسم (اباندانس ايكوفيلدج) قطعا من الارض بسعر 40 الف دولار تمد المنازل بطاقة مجانية من الشمس والرياح من خلال انظمة مشتركة الى جانب شبكات لتجميع مياه الامطار واعادة تدوير المخلفات وسبل راحة مشتركة من بينها مزرعة.

وتكلفة بناء هذا المنزل لا تختلف كثيرا عن بناء اي منزل اخر ومع توافر العديد من الاجهزة التي ترشد استهلاك الطاقة مثل البرادات ومجففات الشعر وغيرها بدأت تتغير الفكرة السائدة عن ارتباط الحياة بدون شبكات الكهرباء بالتقشف القسري.

ويقول جامبل "يمكنك ان تستحم بمياه ساخنة وتشرب جعة مثلجة. ولا تدفع فاتورة مياه او فاتورة صرف صحي او فاتورة كهرباء بل ويمكنك ان تحصل على محاصيل طازجة من الصوبة .. فلماذا ترضى بغير ذلك؟ .."

ومع ارتفاع أسعار الكهرباء وانخفاض تكلفة التركيب ومجموعة الحوافز لتغيير أسلوب الحياة يعتقد محللون مثل روزن ان عدد من سيستغنون عن شبكات الكهرباء في الولايات المتحدة سيرتفع الى ما بين أربعة وخمسة ملايين في السنوات الخمس الى العشر المقبلة.

ويضيف "لا أعتقد أننا سنري في أي وقت في المستقبل نصف سكان امريكا يستغنون عن شبكات الكهرباء ولكن أعتقد اننا سنشهد نموا مستمرا."

كما يعتقد روزن أن عددا أكبر ممن يعتمدون على شبكات الكهرباء سيتحولون لأجهزة ترشيد استهلاك الطاقة تمهيدا لتغيير أسلوب حياتهم في المستقبل.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت  31 أيار/2008 - 24/جماد الاول/1429