الإعلام وبناء الإنسان

حمزة محمد الفيحان

تحتل وسائل الإعلام مكانة متميزة في وقتنا المعاصر انطلاقا من طبيعة وظائفها وتأثيرها على الانسان ( كفرد او المجتمع) حيث اصبحت دول العالم المتطورة في عصرنا الحاضر تعتمد على ثلاث اركان رئيسه في بنائها إلا وهي ( السياسة والاقتصاد والإعلام ).

 ومما ضاعف تأثير وسائل الإعلام على بناء شخصية الانسان هي تداخل وضائفها مع جميع طبقات المجتمع لما تقدمه من معلومات عبر مساحات كبيره وعلى مدار الساعة من خلال مختلف وسائلها سواء ان كانت مسموعة كالراديو او مقروئة كالصحف والمجلات او مرئية كالقنوات الفضائية.

 وتسهم هذه الوسائل في بناء القناعات والاتجاهات والمعتقدات عند الفرد وكذلك التأثير على التنشئة الاجتماعية التي تؤثر بدورها على بناء الانسان الفكري والاجتماعي والنفسي. وتختلف وسائل الإعلام من حيث تأثيرها على الانسان (فرد اومجتمع) فهي اما تكون بطريقة مباشرة من خلال برامج ذا اتجاهات واضحة يفهمها المتلقي كما هو موجود في برامج الاذاعات الدينية او يكون تأثيرها بطريقة تراكمية عبر الامتداد الزمني الذي يسهم بدوره برسم صوره عن الاشياء والاشخاص من حولنا وكذلك التأثير في اتجاهتنا وسلوكنا حيال الواقع المحيط بنا.

ان وسائل الإعلام مؤثره جدا على شخصية الانسان (فرد او مجتمع) لذى فأن الاعلام الناجح هو الاعلام الصادق وكل ماكان كذالك زادت ثقة المجتمع فيه وكانت رسالته في التأثير اقوى , وهناك اختلاف بين نظرة الغرب للإعلام ونظرة الدول الناميه ,فالدول الغربيه تعتبر الاعلام وسيله لنشر الاخبار والحملات الاعلانية، اما الثانية واخص بها الدول العربية فتعتبر الاعلام وسيله فعاله لعمليات التنمية وبناء الانسان ومن اجل ذلك يجب ان تكون اهدافا واضحة للسياسة الاعلامية  تساعد على النهوض بالمستوى الفكري والحضاري للانسان.

 ويجب ان تكون هذه السياسة من وجهة نظري مبنية على اسس الشريعة الاسلاميه والايمان بالوحدة الوطنية والتثقيف على احترام وتطبيق الدستور اضافة الى الاهتمام بوضع الاسرة ووضع الشباب وتلبية احتياجات الإنسان من خلال اعطائه الحرية الكافية ليعبر عن رأيه من خلال وسائل الاعلام المختلفة , والسؤال هنا (هل أدت وسائل الإعلام الدور المطلوب منها في بناء شخصية الإنسان ؟)

والجواب لم تؤدي وسائل الإعلام بمختلف إشكالها الدور المطلوب منها في بناء شخصية الإنسان فالبعض منها ركز على جوانب تهدم شخصية الإنسان(فرد او مجتمع) وترك الجانب الاخر الذي هو اكثر اهمية وتأثير للنهوض بحياة المجتمع  ومثال على ذالك قنوات الأغاني فقد اخذت تركز في برامجها على الكميه  من الاغاني الرديئة (المصاحبة لاستعراضات الرقص وحركات الإغراء ).

 ومثال أخر القنوات التي تستضيف أشخاص يقرؤون الطالع  للناس ونرى أن هذه البرامج ذاع صيتها كبرنامج خفايا وإسرار الذي يقدمه أبو علي الشيباني فقد اثر كثير على شخصية بعض الافراد الى حد انهم اتصلو به وصدقوا ماقاله الشيباني والنتيجة كانت تخوف عند هولاء الافراد من مصير مجهول ومظلم وضيق في الرزق كما  اخبرهم به أبو علي، ان هذه التنبؤات الخرافيه اثارت حالات نفسيه توثر على حياة الانسان في المجتمع وتكون نتائجها سلبيه فهي اما تولد انفصام في الشخصيه او مس من الجنون , والامثلة كثيرة على وسائل الإعلام التي تهدم المجتمع ولا تبنيه.

 وهنا يكمن سؤال مهم بالنسبة لي (كيف نبني شخصية الإنسان من خلال وسائل الإعلام ؟)

الجواب يمكننا ان نبني شخصية الإنسان كفرد او مجتمع إذا ما وجدت أهدافا عامه للعمل الإعلامي تساعد على النهوض وبناء شخصية الإنسان من جميع جوانب الحياة المختلفة , ومن هذه الأهداف هي:

1. تعميق الإيمان بالله والعقيدة الإسلامية والسنه النبوية والتمسك بالشريعة السمحاء

2. الايمان بالوحدة الوطنية وان العراق واحد من شماله الى جنوبه والجميع فيه متساوون في الحقوق والواجبات.

3. تعميق الايمان بالحرية كهبة إلهيه للإنسان وكأصل للقيم الانسانية

4. اشاعة التعامل بقيم الاخاء والمحبة والمساواة والعدل والتسامح والتضامن والامن والسلام والاستقرار

5. التأكد على التمسك باليمقراطية والتعددية السياسيه كخيار لحكم الشعب نفسه بنفسه

6. التأكيد على وجوبة الدفاع عن الوطن وطرد الإرهاب والتكفيريين من داخل العراق ونبذ الفتنه الطائفية

7. التثقيف على احترام الدستور كصمام امان للدولة والإنسان نفسه

8. التثقيف على فكرة النقد البناء وعرض الحقائق والمعلومات الصحيحة ووجهات النظر المختلفة التي تساعد على معالجة وانهاء الحالات والاسباب التي يوجه اليها النقد

9. العمل على تشجيع المنظمات الجماهيرية والنقابات المهنية ومؤسسات المجتمعى المدني  للقيام بمهامها وأدائها لمسؤولياتها في إطار المشاركة الشعبية وأداء الواجبات المهنية وخدمة القضايا العامة وتبني المشاريع التي تخص بناء المجتمع ثقافيا وفكريا ووجدانيا

10. التركيز من خلال وسائل الاعلام  على محاربة الفساد والظلم والخروج عن النظام والقانون.. والتصدي لكافة الممارسات المرتبطة بكافة قضايا الفساد, كالاختلاس والرشوة والتحايل على المال العام والمحسوبية والوساطات والوعود الكاذبة

11. العمل على استحداث الفقرات الإعلامية اليومية الهادفة إلى توجيه سلوك المواطنين, وحثهم على تحمل مسؤولياتهم في كافة مجالات التنمية والبناء, وإسهاماتهم في تحصين المجتمع من الجريمة والارهاب وتناول المخدرات وغيرها.

12. عدم تهاون وسائل الاعلام مع الأخبار والكتابات التي تنتقص من قيمة الانسان العراقي ووحدته الوطنية ومسيرته الديمقراطية.. إذ يجب تفنيدها والرد عليها اولا بأول بأكثر من وسيلة إعلاميه واكثر من أسلوب بحيث يحقق العمل الإعلامي غايته في دحض كل ما له علاقة بتلك الكتابات والأخبار.

13. تخصيص برامج نوعية تتوجه بالعناية الخاصة نحو القضايا الاجتماعية, والاهتمام بالمرأة والشباب والأمومة والطفولة والمغتربين وصحة البيئة والتوعية الصحية والتنمية الزراعية, بالتنسيق مع كافة الوزارات الخدمية والجهات المعنية بما يكفل تحقيق الدور التنموي والاجتماعي الإعلامي.

14. واود ان اشير الى نقطة مهمه هي ان تجعل القنوات العراقية المصلحة العامة لأبناء الشعب العراقي قبل المصلحة الحزبية وان ترفع اسم العراق بدلا من اسماء احزابها ومؤسيسيها.

اذا توفرت هذه الاهداف في قنواتنا العراقية فأنها سوف تساهم وبشكل كبير في بناء انسان يمتلك ثقافة دينيه ووطنيه وإنسانيه ويؤمن بالمحبة والسلام ويواكب كافة التطورات وعلى مختلف الميادين التي تساعد في بناء مؤسسات العراق العزيز.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء  28 أيار/2008 - 21/جماد الاول/1429