يبدو من وجهة نظري الخاصة أن هنالك شيئاً لم يُسلط الضوء عليه
في محاكمة زكريا موسوي المتهم بتفجيرات 11سبتمبر الإرهابية الدامية
في الولايات المتحدة الأمريكية آثرت تأخير الكتابة عنه في وقت
المحاكمة التي رافقها أجيج وصراخ صاخب من مختلف الجهات الإعلامية
ضببت الرؤية وأعمت البصر والبصيرة في أن واحد بحيث لم يلاحظ جميع
المحلليين ومن كتبوا عن هذا الموضوع ما سوف أقوله الآن من ممنوع
بل ممتنع عن التفكير فيه من قبل من شخّصوا الحدث الذي جرى, خصوصاً
وقد حُكم على زكريا من قبل المحكمة الأمريكية بالسجن المؤبد وانتهى
الموضوع وغرقت سفينته في بحر النسيان.
في الواقع أن الجميع كان يلاحظ أن زكريا موسوي كان بشكل حماسي
يؤكد في محاكمته انه كان احد مخططي أحداث 11سبتمر وانه كان يروم
القيام بعمل تفجيري أيضاً وانه كان يرجو الإعدام بارتياح شأنه شأن
أي مجاهد في سبيل الله لا يخشى من الموت..
ومن الغريب أن تنظيم القاعدة الذي يستطيع عبر وسائلة الأعلامية
الكثيرة أن يصدر بيان أو تصريح في أي وقت عموماً وفي الفترة التي
كانت منعقدة فيها المحاكمة خصوصاً , لم يقل ولا رأسه أسامة بن لادن
أو حتى مساعده ايمن الظواهري أي شيء حول زكريا موسوي ولم يبينوا هل
فعلاً اشترك في العملية أم لم يشترك وهل كان له دور أساسي أو ثانوي
في العملية أن كان قد اشترك فيها؟
ألا أن المثير في الأمر والذي يحمل في رأيي ألف مغزى ومغزى انه
بعد إدانة موسوي والحكم عليه بالسجن المؤبد بعد ذلك بقليل أصدر
القاعدة بيان تكلم فيه بن لادن بنفسه ليفاجىء الجميع بقوله أن
زكريا موسوي ليس له علاقة بإحداث 11 سبتمبر!!!
وربما يتسائل القارىء الفطن فوراً وبدون تفكير وتمعن طويل ....
لماذا لم يصرح بن لادن بذلك في أثناء المحاكمة ؟
أي _ بمعنى أكثر تبسيط _ لماذا لم يقول بن لادن انه ليس لزكريا
موسوي علاقة بتفجيرات سبتمبر الدامية؟
وكيف تركت القاعدة وبن لادن زكريا موسوي الذي ينتمي لها _أن لم
يكن مباشرة_ فبصورة غير مباشرة أو روحياً, ولم يقل شيئاً يمكن أن
ينقذه في محاكمته حتى لو كان كذباً وزوراً وبهتاناً ...كما تمارسها
القاعدة احياناً في بعض أدبياتها وسلوكياتها المعروفة المشينة التي
ما جلبت للإسلام والمسلمين ألا التشويه والسمعة السيئة!!!
أنا أتمنى من القارىء أن يفكر معي بهدوء ....زكريا موسوي شخص
ينتمي للقاعدة _ فكراً أو تنظيماً_ مُتهم بأنه احد العناصر التي
هاجمت أو أرادت مهاجمة أميركا...وهو يعترف بذلك.. وهيئة المحلفين
تشكك في أقواله لأعتقادها بوجود خلل في حالته السايكولوجية....
أليس الأحرى بالتنظيم الذي سبب لموسوي هذه المشكلة أن يحاول
أنقاذه بالقول_ على الأقل_ أنه ليس له علاقة بأحداث11 سبتمبر....
وأذا قال قائل ما أن بيان القاعدة غير مهم بعد اعتراف المتهم
بفعله ...أقول: أن بيان كهذا في وقت المحاكمة كان من الممكن أن
يؤثر على الرأي العام وهيئة المحلفين التي كانت تشكك في مصداقية
اعترافات موسوي, هذا من جهة, ومن جهة ثانية أتسائل لماذا أذاً أصدر
تنظيم القاعدة بيان ينفي علاقته بذلك بعد أن أدين بالسجن المؤبد
أذا كان البيان غير مهم ومن المعروف أن للقاعدة غايات وأهداف معينة
في كل بيان تصدره حول ما يجري من أحداث...
أنا اعتقد_ وفقاً لتحليلي القائم على أسس سيكولوجية وفلسفية _
أن لأبن لادن والقاعدة إستراتيجية تتمثل في اعتبار الإنسان وسيلة
وأداة لتحقيق غاياتها وبرامجها بحيث يمكن بسهولة سحقه والعبور عليه
كأنه عدم أو لاشيء بالرغم من كل الهرج والمرج الذي يرافق بكائهم
الكاذب على فلسطين والعراق...فتنظيم القاعدة وبن لادن تمنت_ في
قرارة أنفسها سواء شعرت بذلك أم لم تشعر_ أن يُنفذ حكم الإعدام
بموسوي من اجل جلب تعاطف بعض المخدوعين بهم على اعتبار أن المسلمين
يُضطهدون ويُعذبون ويُعدمون على يد أمريكا وبالتالي يسمح ذلك
بتطويع اكبر عدد من الشباب لتنظيمه ليكونوا أيضاً أداة ساذجة وآلة
بسيطة ووسيلة سهلة لتنفيذ وتحقيق أهدافهم في معارك طواحين الهواء
التي يقومون بها مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تساهم
بغبائها وحماقتها حيناً وبسهوها وأخطائهاً حيناً أخر وبظلمها
وجبروتها حيناً ثالثاً وبتكتيكها وإستراتيجيتها حيناً رابعاً
بتجنيد الشباب للانتماء لتنظيم القاعدة لا حباً في الأخيرة بل
بغضاً لأمريكا وتصرفاتها الشنعاء ....
ولهذا لم يُصدر التنظيم البيان الذي يؤكد فيه أن لا علاقة
بموسوي بأحداث سبتمبر إلا بعد أن أدين بالسجن المؤبد وحينها ظهر
البيان لان موسوي لم يُعدم وبالتالي لم يحقق ما يتمناه بن لادن
والقاعدة من اجل تجنيد الشباب لغاياتهم المعروفة .فحاول التنظيم
بعد الأدانه الادعاء بان موسوي ليس له علاقة وان حكمكم خاطئ غير
صحيح وضجتكم المفتعلة حوله خاوية ...وبالتالي تستمر اللعبة بمصائر
الإنسان التي سحقت وجوده وامتصت كيانه وأذابت كينونته تنظيمات
الارهاب وعلى رأسها عصابات القاعدة التكفيرية ....
[email protected] |