العراق: تطورات امنية ووعود بـ الخدمات والإعمار

شبكة النبأ: العنف في العراق يتراجع لأدنى مستوياته خلال اربعة اعوام والقاعدة هي اقرب من اي وقت مضى للهزيمة، هذا ما جاء به اخر تقارير الجيش الامريكي وتصريحات الحكومة العراقية بعد انتهاء جولات نزال حاسمة في البصرة وبغداد والموصل، استهدفت مسلحي القاعدة والعصابات والميليشيات، لكن الطريق مازال طويلا وشاقّا، حيث الحكومة العراقية تقر بأن موارد البلد وطاقاته قد استُنزفت في مواجهة العنف والارهاب ووقف شلالات الدم في العراق، وعليها اليوم الالتفات للخدمات المتهالكة والبنى التحتية الخربة ومعالجة ملفات اخرى غاية في الاهمية من قبيل الصحة التعليم والاقتصاد والتنمية والموارد البشرية ومشاكل الحدود الداخلية والدولية..

فقد قالت صحيفة واشنطن بوست ان قادة الجيش الأمريكي في العراق قدموا صورة متفائلة بحذر عن الوضع في العراق و أعربوا عن اعتقادهم بإمكانية تخفيض  قواتهم في خريف القادم .

وبينت الصحيفة في عددها الصادر اليوم الجمعه بأنه "لا حاجة تدعو الولايات المتحدة الى اتخاذ خطوات امنية اضافية من اجل تهيئة الاجواء لانتخابات المحافظات لمدة نصف العام المتبقي."

ونقلت عن الجنرال ديفيد بيتريوس اعتقاده " ستكون هناك بعض الأمور التي تدعونا الى التوصية بإعادة نشر القوات أو نشرها في مسرح الأحداث في خريف هذا العام، على أساس الصورة التي نراها لغاية الآن."

ومن جهته قال الجنرال ريموند اوديرنو، الذي سيخلف الجنرال بيتريوس قريبا كقائد للقوات الاميركية في العراق، انه "لا يتوقع أن هناك حاجة لقوات إضافية للحماية ضد العنف في وقت الانتخابات العراقية."

الا ان تكهنات الجنرالين المتفائلة  خففها اعتراف بيتريوس بان قوات الأمن العراقية "قد لا تكون قادرة على تولي مهامها في محافظات البلاد جميعها في العام الحالي، كما تكهن البنتاغون في وقت سابق."

اما بالنسبة لتوقعات الجنرال بيتريوس الحذرة في إجراء تخفيضات إضافية قبل مغادرته القيادة في العراق في الخريف، فقد قال السيناتور كارل ليفن، رئيس لجنة القوات المسلحة، إن "هذه، كما اعتقد، اخبار جيدة بالنسبة لغالبيتنا."

وتاتي مواقف بيتريوس واديرنو بعد تصريح وزير الدفاع الاميركي بان قوات العمليات الخاصة ستحل محل القوات التقليدية التي ستنسحب تدريجيا من العراق.

العنف يتراجع لأدنى مستوياته

وأظهرت أرقام أصدرها الجيش الامريكي أن العنف في العراق تراجع الى أدنى مستوياته منذ أكثر من أربعة أعوام لكن مسؤولين قالوا ان التقدم لايزال هشا وقد يعكس اتجاهه.

وعرض الجيش الامريكي شرائح يظهر أن حوادث العنف ومنها القنابل التي تزرع على جوانب الطريق وحوادث اطلاق النار والهجمات بقذائف المورتر والصواريخ تراجعت الى أدنى مستوياتها منذ الاسبوع الذي يبدأ 26 مارس اذار 2004.

ويأتي الانخفاض في أعقاب تصاعد العنف الذي هدد بمحو المكاسب السياسية التي تحققت على مدى العام المنصرم. وفجرت حملة حكومية ضد ميليشيا شيعية في مدينة البصرة الجنوبية أعمال عنف على نطاق واسع في بلدات ومدن أخرى.

وتمثل هذه الارقام أنباء طيبة للرئيس الامريكي جورج بوش الذي أرسل 30 ألف جندي اضافي الى العراق العام الماضي لتفادي انزلاق العراق الى هاوية حرب أهلية طائفية ورفض دعوة الديمقراطيين لسحب 155 ألف جندي أمريكي هناك بأسرع وقت ممكن.

وقال بوش ان سحب القوات سيكون بمثابة منح النصر للقاعدة وهو موقف يؤيده فيه مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الامريكية السناتور جون مكين. وأيد المتنافسان على ترشيح الحزب الديمقراطي باراك أوباما وهيلاري كلينتون في حملاتهما الانتخابية سحب القوات من العراق.

ووفقا لاحدى الشرائح غير السرية التي أتيح لرويترز الاطلاع عليها فان عدد الحوادث التي وقعت في الاسبوع الذي انتهى في 23 مايو ايار كان نحو 300 نزولا من حوالي 1600 في منتصف يونيو حزيران 2007.

وقال المتحدث باسم الجيش الامريكي الميجر جون هول "لاسباب أمنية لا نستطيع كشف الارقام بالتحديد لذا فهذا رقم تقريبي."

وعزا تراجع العنف الى نمو قدرات قوات الامن العراقية وزيادة مشاركتها في عمليات التصدي لانشطة المسلحين وتشكيل وحدات مجالس الصحوة السنية والهدنة التي أعلنها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

وأضاف "هناك تقدم أمني كبير وان كان متفاوتا في العراق. مستويات العنف والوفيات بين المدنيين تراجعت بشكل كبير" لكنه أضاف أن التقدم " هش ويمكن ان يعكس اتجاهه". وتابع "القاعدة في العراق وعدد من العناصر المتطرفة الاخرى تلقت ضربات شديدة."

العمليات العسكرية في نينوى فككت تنظيم القاعدة

من جهة ثانية اكد مسؤول امني عراقي رفيع المستوى ان العمليات العسكرية في نينوى حققت اهدافها في "تفكيك تنظيم القاعدة" و"اضعاف الجماعات المسلحة" في المحافظة الواقعة على بعد 350 كلم شمال غرب بغداد.

وقال اللواء الركن عبد الكريم خلف المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية لوكالة فرانس برس، ان "عمليات ام الربيعين حققت اهدافها بشكل متميز واسهمت بتفكيك تنظيم القاعدة واضعاف الجمعات المسلحة".

واوضح خلف الذي يرافق وزير الداخلية (جواد البولاني) الذي يشرف بشكل مباشر على العمليات ان "القوات العراقية تمكنت من اعتقال قادة بارزين بينهم المسؤول العسكري ومسؤول الاستخبارات ووزيري الزراعة والكهرباء في دولة العراق الاسلامية". واكد ان "بين المعتقلين مرشدين ومفتين ومقاتلين". ودولة العراق الاسلامية هو تحالف لجماعات مسلحة سنية بقيادة تنظيم القاعدة.

واضاف ان "عدد المعتقلين منذ انطلاق العملية بلغ 1480 معتقلا بينهم 300 مطلوب اساسي للقوات الامنية" مشيرا الى ان "الف معتقل سيتم اليوم اكمال التحقيقات (بشأنهم) واحالتهم الى المحاكم المختصة كونهم مطلوبين".

وتابع ان "التحقيقات التي جرت مع القادة البارزين ساعدت قواتنا للوصول الى الاهداف المحددة سواء كانت داخل مدينة الموصل او الى تلك التي فرت الى المحافظات المجاورة" في اشارة لملاحقة المطلوبين.

واكد المتحدث ان "نصف المعتقلين المطلوبين ينتمون الى ما يسمى دولة العراق الاسلامية وانصار السنة وجيش المجاهدين وكتائب ثورة العشرين والنقشبدنية".

واشار الى ان "اعدادا كبيرة من المطلوبين سلموا انفسهم لقواتنا وتم اطلاق سراحهم بعد اخذ تعهدات بواسطة شيوخ العشائر".

كروكر: القاعدة أقرب للهزيمة من اي وقت

وأشاد السفير الامريكي في العراق برئيس الوزراء نوري المالكي لحملته ضد الميليشيات الشيعية والمسلحين من العرب السنة وقال إن تنظيم القاعدة اصبح الان اقرب للهزيمة عنه في اي وقت مضى.

وقال ريان كروكر للصحفيين خلال زيارة لمدينتي النجف وكربلاء في جنوب العراق "لن تسمعوني أقول إن القاعدة هزمت لكنها لم تكن ابدا أقرب للهزيمة عما هي عليه الان."

وقال كروكر إن تولي القوات العراقية قيادة العمليات في البصرة والموصل أمر مهم. ووفرت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الدعم للقوات العراقية في البصرة والموصل في حين تولت القوات العراقية المهمة في حي مدينة الصدر بمفردها.

وأضاف "هذا المستوى من القدرات لم يكن متوفرا حتى قبل ستة أشهر." وتابع "الحكومة ورئيس الوزراء يبديان عزما واضحا على كبح العناصر المتطرفة المسلحة التي تتحدى سلطة الحكومة وأوضحا أنهما سيفعلان ذلك بغض النظر عن هوية هذه العناصر."

وافتتح كروكر قاعدتين جديدتين لفرق اعادة الاعمار التي تقودها الولايات المتحدة قرب النجف وكربلاء ستعمل مع مسؤولين محليين على تطوير البنية التحتية والاقتصاد.

المالكي: طاقات الدولة استنزفت لتحقيق الأمن وحان وقت الخدمات والإعمار 

وأقر رئيس الوزراء المالكي، بأنه تم استنزاف كل طاقات الدولة من أجل تحقيق الأمن، خلال السنوات الماضية، على حساب الإستثمار والإعمار. مشيرا إلى أن العراق يحتاج شركات عالمية كبرى من أجل الإعمار وتحسين الخدمات، وهو ما تعهد بالتركيز عليه الفترة المقبلة.

وقال المالكي، أثناء لقائه أعضاء مجلس الشورى في محافظة النجف، إن العمليات الأمنية " أخرت الكثير من مطالبنا، لأننا كنا نعمل على كيفية إيقاف شلالات الدم. ومن أجل تحقيق هذا الهدف الأساسي، وهوالأمن، تم استنزاف كل طاقات الدولة المخصصة للإستثمار والإعمار."بحسب رويترز.

وتابع المالكي "تحقق لنا الآن أهم مطلب وأهم تحدٍ، وهو الأمن، الذي توفر في عدة محافظات من العراق، وسوف نستمر في تحقيق الأمن، ولن تغفل يوما أعيننا عن الزناد" لأجل هذا الهدف.

وأضاف "ليس لدينا نقص في الأموال من أجل الكهرباء والماء والخدمات الأخرى، بل السبب هو أن الحكومات العالمية منعت شركاتها من دخول العراق بسبب عدم توفر الأمن، وعدم وجود ضمانات مالية. أما الآن فسيل من الشركات العالمية في مختلف المجالات بدأ بالتدفق من أجل الإعمار والإستثمار في البلاد."

وأوضح أن الحكومة قررت "وضع أموال في حساب عدة شركات عالمية كبرى، لتطمينهم على العمل في عدة مشاريع خدمية في البلاد، ستقوم هذه الشركات بتنفيذها"، مشيرا إلى أن العراق يحتاج إلى "شركات أجنبية كبرى عالمية، من إجل (عمليات) الإعمار."

وتبلغ ميزانية العراق للعام الجاري نحو (48) مليار دولار، أغلب تخصيصاتها تتعلق بتنفيذ خطة إعمار ضخمة في مختلف أنحاء البلاد. وتستهدف تلك الخطة، في المقام الأول، تحسين مستوى الخدمات المتردية، كالكهرباء والماء والصرف الصحي والتعليم والصحة.

واضاف " لدينا عملية انتعاش للحرية والمساواة والتعايش بين المواطنين، كما أن الجانب الإقتصادي تطور، ولدينا فائض من المال قابل لأن نحقق (به) الكثير من المشاريع."

وشدد رئيس الوزراء على أن المشروع الأهم أمام حكومته حاليا "هو مشروع التعليم والتربية"، وقال "سنرسل سنويا عشرة آلاف بعثة دراسية إلى الخارج، حيث أن القطاع التعليمي يحتاج إلى نحو مليار دولار سنويا، من بعد الإعدادية وحتى الدكتوراه."

وأضاف المالكي أنه "يجب توفير فرص عمل في كافة المجالات لحل مشكلة الفقراء"، مشيرا إلى أنه "تم تخصيص نحو خمسة مليارات دولار لتمويل هذه الحملة (خلق فرص العمل)، من فائض الأموال العراقية" المتوفرة من عائدات البترول.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء  27 أيار/2008 - 20/جماد الاول/1429