قانون الأحوال الشخصية النافذ والحاجة إلى تعديله

القاضي سالم روضان الموسوي- بغداد

المقدمة

وجدت القاعدة القانونية من رحم حاجة الأمة أو المجتمع وذلك من اجل معالجة مشكلة أو تنظيم حالة ظهرت في المجتمع أو لغايات و أهداف أخرى حيث يوظف القانون أحيانا لتحقيق غايات غير مشروعة مثلما وظفته  الأنظمة الدكتاتورية بجعله وسيلة من وسائل القمع، واللجوء إلى إنشاء القاعدة قانونية على الرغم من وجود القواعد الأخلاقية، التي اعتاد عليها المجتمع، كان بسبب قوة الإلزام التي تتصف بها تلك القاعدة القانونية، وهذا الإلزام يرتب آثار مهمة جدا تصل إلى حد إنهاء حياة الإنسان أو سلب حريته أو مصادرة ممتلكاته وغير ذلك من آثار أخرى. لذا فان القاعدة القانونية وكما أسلفت وليدة الحاجة ويقترن وجودها بوجود الحاجة إليها وحيث إن الحاجة متغيرة بحكم الزمان والبيئة والسلوك والتوجه وحتى مصدر وجودها التشريعي، وهذا ما يجعل من القاعدة القانونية متغيرة باستمرار وغير ثابتة، لذلك نجد الأمم تشرع القوانين متى ما وجدت إن الحاجة تدعو إلى ذلك.

 وفي الواقع القانوني العراقي نجد ان بعض النصوص النافذة أضحت غير منسجمة مع الواقع الجديد سواء الزماني أو الاجتماعي والاقتصادي وفي أي مجال ذي صلة بتطبيقات تلك القاعدة أو النص القانوني.

وبعد الأحداث الزلزالية التي حلت بالعراق نرى إن الحاجات قد تغيرت وأسباب نشوء بعض القواعد والنصوص قد تغيرت واختلفت، حيث أن بعض النصوص نافذة منذ أكثر من نصف قرن من الزمان والأخرى وجدت لمعالجة أوضاع انتهت في حينها أو بعض النصوص كانت تعبر عن توجه سلطة التشريع القابضة، وكما يعلم المطلع في علم القانون إن فلسفة الأنظمة الحاكمة في الفترة السابقة كانت عملية التشريع فيها تنحصر في كون القانون يمثل فلسفتها كسلطة قابضة، لذلك نجد نصوص ذات غايات تدل على تكريس السلطة لفرد أو تحقيق مصالح فئوية أو شخصية.

بالإضافة إلى أن الخلفيات الثقافية لرموز تلك الأنظمة كانت مختلفة ومتباينة ففي فترة نهايات القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان الحكام ورموز السلطة أبناء حواضر ومدن ويعبرون عن ثقافة المدينة ثم حدثت الانقلابات العسكرية مما أدى إلى وصول أبناء الريف وهؤلاء نقلوا ثقافة الريف فانعكست على عملية التشريع حتى وصل الأمر إلى العمل على وفق ثقافة القبيلة والتفرد وربط الكل بفلكه وهذه أيضا أفرزت وأوجدت نصوص معبرة عن تلك الثقافات والطروحات.

ومما تقدم فان القوانين النافذة التي لا زال العمل بها مستمر بحاجة إلى إعادة النظر بما ينسجم والتطور الزمني والنوعي لواقع التشريع القانوني، ومن الجدير بالذكر ان القضاء العراقي لازال يعمل على وفق النص النافذ حتى لو كان القاضي يدرك ويعلم انه لا ينسجم مع المرحلة الحالية ومثله الموظف في أي موقع كان في هرم السلطة التنفيذية، ومن هذه الحاجة إلى إعادة النظر في القوانين النافذة، تنهض الدعوى إلى مناشدة كل مؤسسات المجتمع المدني لأخذ زمام المبادرة في تعميم النصوص النافذة وذلك من خلال تغلغلها في كافة القطاعات سواء كانت اقتصادية اجتماعية، علمية، فنية، وغيرها، وبواسطة هذه المنظمات يمكن أغناء هذا الموضوع من خلال مناقشة كل فئة للقوانين التي تتعامل مع وفي مجال  قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة 1959 المعدل نرى الدور اكبر والمهمة أوسع لمؤسسات البحث العلمي الأكاديمية والمجتمعية بما فيها منظمات المجتمع المدني في هذا المجال ومن بين اهم المواضيع التي تتعلق بالأسرة بشكل عام والمرأة بشكل خاص موضع الطلاق والتفريق لذلك سأتناول الأمر بمبحثين الأول أبين فيه الحاجة إلى تعديل المادة (34) من قانون الأحوال الشخصية النافذ المتعلقة بموضوع الوكالة في الطلاق والآخر يتعلق بالحاجة إلى تعديل القوانين النافذة من اجل الارتقاء بمستوى البحث الاجتماعي لما له من دور في تعزيز وصيانة

المبحث الأول

تعديل نص الفقرة (ثانيا) من المادة (الرابعة والثلاثين) من قانون الأحوال الشخصية النافذ

الطلاق عرفته الأقوام والمجتمعات منذ زمن بعيد وكان معمول به في العصر الجاهلي،لأنه كان في شريعة إبراهيم وإسماعيل –عليهم السلام-، ففي حديث البخاري أن إبراهيم –عليه السلام- قال لزوجة ولده إسماعيل التي شكت حاله قولي له: يغير عتبة داره، ففهم إسماعيل من ذلك أنه ينصحه بطلاقها، فطلقها[1]، ولم تستحدثه الشريعة الإسلامية وإنما قننته وحددت عدد مرات الطلاق، فكان امتداداً لدين إبراهيم كما قال الله تعالى: (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً)[2]،  حيث ذكر بعض الفقهاء إن (الطلاق لفظ جاهلي جاء الشرع بتقريره، فليس من خصائص هذه الأمة، يعني أن أهل الجاهلية كانوا يستعملونه في حل العصمة أيضا لكن لا يحصرونه في الثلاث، وفي تفسير ابن عادل روي عروة بن الزبير قال: كان الناس في الابتداء يطلقون من غير حصر ولا عدد، وكان الرجل يطلق امرأته، فإذا قاربت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها كذلك، ثم راجعها بقصد مضارتها، فنزلت هذه الآية 229 من سورة البقرة } الطلاق مرتان {)[3]. كما  إن الطلاق عند اليهود يباح بغير عذر، كرغبة الرجل بالتزوج بأجمل من امرأته، ولكنه لا يحسن بدون عذر، والأعذار عندهم قسمان: (الأول) عيوب الخلقة، ومنها: العمش، والحول، والبخر، والحدب، والعرج، والعقم. (الثاني) وعيوب الأخلاق وذكروا منها: الوقاحة، والثرثرة، والوساخة، والشكاسة، والعناد، والإسراف، والنهمة، والبطنة، والتأنق في المطاعم، والفخفخة، والزنا أقوى الأعذار عندهم، فيكفي فيه الإشاعة، وإن لم تثبت.

وعند المسيح بمذاهبه (المذهب الكاثوليكي. الأرثوذكسي.  البروتستنتي). فالمذهب الكاثوليكي، يحرم الطلاق تحريما باتا، ولا يبيح فصم الزواج لأي سبب مهما عظم شأنه، وحتى الخيانة الزوجية نفسها لا تعد في نظره مبررا للطلاق، وكل ما يبيحه في حالة الخيانة الزوجية، هو التفرقة الجسمية، بين شخصي الزوجين، مع اعتبار الزوجية قائمة بينهما من الناحية الشرعية، فلا يجوز لواحد منهما في أثناء هذه الفرقة أن يعقد زواجه على شخص آخر، لان ذلك يعتبر تعددا للزوجات، والديانة المسيحية لا تبيح التعدد إطلاقا. وتعتمد الكاثوليكية في مذهبها هذا على ما جاء في إنجيل مرقص على لسان المسيح، إذ يقول ويكون الاثنان جسدا واحدا، إذن ليسا بعد اثنين، بل جسد واحد،  فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان . والمذهبان المسيحيان الآخران، الأرثوذكسي، والبروتستانتي، يبيحان الطلاق في بعض حالات محدودة، من أهمها الخيانة الزوجية، ولكنهما يحرمان على الرجل والمرأة كليهما أن يتزوجا بعد ذلك، وتعتمد المذاهب المسيحية التي تبيح الطلاق في حالة الخيانة الزوجية على ما ورد في إنجيل متي، على لسان المسيح، إذ يقول:  من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزني[4]

المطلب الأول

تعريف الطلاق

  وبعد هذا التقديم لابد أن نعرف ما هو الطلاق وان ندرك المعنى اللغوي والاصطلاحي أو الشرعي كما يطلق عليه البعض وعلى وفق المطالب التالية:

الفرع الاول: التعريف اللغوي

اهتم العرب كثيرا باللغة العربية كونها لغة اشتقاق وتتمتع بالحيوية ومواكبة الحياة وإنها لغة القران الكريم ووعاء الفكر الإسلامي النير فكان لابد لهم ان يهتموا بها لارتباط شموليتها بشمولية القران الكريم والأحكام الشرعية وهذا ما سنلاحظه في هذا المطلب تجاه كلمة الطلاق، لان الطلاق كلمة مشتقه من اصل الفعل الثلاثي طَلًَقَ ومعناه في اللغة (إخلاء السبيل، والمرآة تطلق طلاقا فهي طالق وطالقة غدا، قال الأعشى: أيا جارتي بيني فانك طالقه وطلقت وطلقت تطليقا. والطالق من الإبل ناقة ترسل في الحي ترعى من جنابهم أي حواليهم حيث شاءت، لا تعقل إذا راحت ولا تنحى في المسرح، وأطلقت الناقة وطلقت هي أي حللت عقالها فأرسلتها. ورجل مطلاق ومطليق أي كثير الطلاق للنساء)[5]  كما ذكر بعض اللغويين بان (الاسم من طلق: الطلاق، وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض بصيغة (طالق). وطلاق المرأة يكون لمعنيين أحدهم حل عقدة النكاح. والآخر بمعنى الترك والإرسال. من قولهم طلقت القوم: إذا تركتهم. وطلقت المرأة بالفتح تطلق من باب قتل - وفي لغة من باب قرب - فهي طالق بغير هاء. فإن جاؤا بالهاء فعلى سبيل التأويل)[6]  كما إن (الطلاق لغة هو حل القيد والإطلاق, وهو اسم بمعنى المصدر الذي هو التطليق كالسلام بمعنى التسليم والسراح بمعنى التسريح, أو هو رفع الوثاق)[7] وذكر الفقيه المصري سيد سابق بان (الطلاق: مأخوذ من الإطلاق، وهو الإرسال والترك. تقول: أطلقت الأسير، إذا حللت قيده وأرسلته)[8] ومن ذلك نرى إن التعريف اللغوي للطلاق هو إخلاء السبيل أو الترك أو الإطلاق.

الفرع الثاني: التعريف الاصطلاحي

عرف الفقه الإسلامي الطلاق وتوسع الفقهاء في ذلك كما ان القوانين الوضعية قد وضعت له تعريف وان كان متفق مع التعريف الفقهي للشريعة الإسلامية وسيكون العرض على وفق ما يلي:ـ

أولا: تعريف الطلاق في الشريعة الإسلامية

أما في الاصطلاح فقد أورد علماء الشريعة الإسلامية جملة من التعاريف التي تتفق في كون الطلاق هو رفع القيد وفك وثاق الزوجية وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض بصيغة طالق، وطلاق المرأة يكون لمعنيين احدهم: حل عقدة النكاح والآخر بمعنى الترك والإرسال[9] ومن الفقهاء من قال بان الطلاق (هو رفع قيد النكاح بلفظ  مخصوص صريحاً أو كفاية أو إشارة)[10] كما ذكر في مورد آخر بان الطلاق ((شرعا حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه. والأصل فيه قبل الإجماع الكتاب كقوله تعالى  (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)[11]، وعرفه النووي في تهذيبه (بأنه تصرف مملوك للزوج يحدثه بلا سبب فيقطع النكاح)[12]  وقيل أيضا بان (الطلاق وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض بصيغة  طالق)[13] ومن المتأخرين من الفقهاء سيد سابق الذي عرف الطلاق (حل رابطة الزواج، وإنهاء العلاقة الزوجية)[14]. وكان الطلاق معروف قبل الإسلام إلا انه لم يكن محدد العدد بل مطلق للرجل أن يوقعه متى شاء وعدد شاء كما كان الطلاق في صدر الإسلام بغير عدد، وكان الرجل بطلق امرأته ما شاء من واحد إلى عشرة، ويراجعها في العدة، فنزل قول الله تعالى (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)[15] فبين أن الطلاق ثلاث، فقوله (مرتان) إخبار عن طلقتين، واختلفوا في الثالثة، فقال ابن عباس: (أو تسريح بإحسان) وقال بعض التابعين: (فإن طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره)[16].

والملاحظة على إن الفقهاء كان إجماعهم في الطلاق ناجم عن وحدة الموضوع في التشريع السماوي الوارد في القران الكريم وفي الآيات الكريمة ومنها((وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيماً))[17]  ((وان عزموا الطلاق فأن الله سميع عليم))[18] وقوله ((والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء...))[19] وقوله ((الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان))[20] وقوله ((يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم))[21] وقوله ((يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً))[22].وقوله ((للمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين))[23]. وهناك موارد وشواهد كثيرة في القران الكريم على الطلاق و وردت سورة باسم سورة الطلاق، مما يدل على أهمية الطلاق وأثره في بناء المجتمع وتأثيره في مسيرة الأمة، كما ذكر في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة ومنها قوله الشريف (ابغض الحلال إلى الله الطلاق) لذلك فان التعريف الاصطلاحي أو الشرعي للطلاق هو (هو تصرف مملوك للرجل يتم بموجبه حل رابطة الزواج، وإنهاء العلاقة الزوجية.

ثانيا: تعريف الطلاق في التشريعات

جميع القوانين التي عالجت موضوع الاسرة والعلاقات الناشئة عنها قد عرفت الطلاق وساشير الى بعضها على وفق ما يلي: ـ

1. القانون العراقي عرف القانون العراقي الطلاق في نص المادة (الرابعة والثلاثون) من قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل ((الطلاق هو رفع قيد الزواج بإيقاع من الزواج أو من الزوجة إذا وكلت به وفوضت أو من القاضي ولا يقع الطلاق إلا بالصيغة المخصوصة له شرعا)) والذي أراه يتوافق مع التعريفات التي أوردتها قوانين اغلب الدول العربية ويستوعب مجمل التعاريف التي أشار إليها فقهاء المسلمين على مختلف مذاهبهم.

2. القانون القطري: الطلاق هو حل عقد الزواج الصحيح بالصيغة الموضوعة له شرعاً[24]

3. القانون العماني: الطلاق حل عقد الزواج بالصيغة الموضوعة له شرعاً[25]

4. القانون السوداني: الطلاق هو حل عقدة الزواج بالصيغة الموضوعة له شرعاً[26]

5. القانون الجزائري: يحل عقد الزواج بالطلاق الذي يتم بإرادة الزوج أو بتراضي الزوجين أو بطلب من الزوجة[27] والملاحظ على النص انه لم يحدد تعريف واضح للطلاق مثلما جرى عليه في بقية القوانين العربي.

6. القانون الكويتي: الطلاق هو حل عقده الزواج الصحيح بإرادة الزوج، أو من يقوم مقامه، بلفظ مخصوص[28]

7. القانون المغربي: الطلاق حل ميثاق الزوجية، يمارسه الزوج او الزوجة، كل حسب شروطه تحت مراقبة القضاء وطبقا لأحكام هذه المدونة [29].

ويلاحظ من كل ما تقدم ان التشريعات العربية لم تبتعد كثيرا عن التعريف الفقهي للشريعة الإسلامية للطلاق والسبب في ذلك إنها تنهل من مشرب واحد وتعتمد على الشريعة الإسلامية في قضايا الأحوال الشخصية  للمسلمين.

الفرع الثالث: أركان الطلاق

الطلاق له شروط وأركان ما لم تتحقق فان الطلاق لا يقع يدونها واجتهد العلماء من فقهاء المسلمين بذلك الأمر وخرجوا بآراء مختلفة من حيث بعض الشروط فقد اعتبر الأمامية إن الطلاق لا يقع على الحائض واشترطوا له وجوب وجود الشهود بينما بقية المذاهب لا يشترط في الطلاق ما تقدم وكل له ما يبرر عقيدته بهذا الاتجاه لذلك سأورد مجمل الشروط التي أوردها فقهاء جميع المذاهب إذ جمعت وقسمت إلى أربعة أركان كل ركن يتوفر على جملة أسباب  تتعلق  بالمطلق والمطلقة والصيغة والأشهاد والبعض الأخر يراه خمسة أركان بإضافة القصد أو النية[30] وآخر يرى أركان الطلاق (زواج،وصيغة، وقصد، ومحل، وولاية عليه)[31] وفي هذه الورقة سأعرض إلى المطلق فقط لان بقية الأركان راعى قانون الأحوال الشخصية أحكامها أما فيما يتعلق بالمطلق فهو الزوج الذي يوقع الطلاق أو وكيله وأحيانا تكون الزوجة، إذا كانت مفوضة بإيقاعه لكن قانون الأحوال الشخصي النافذ قد منع وقوع طلاق الوكيل واعتبره غير ذي اثر قانوني على خلاف الكثير من القوانين العربية النافذة كما إن القانون عند وضعه لم يكن يمنع بل وجد المنع بموجب قانون التعديل الخامس رقم 156 لسنة 1980 الذي عدل نص المادة (34) أحوال شخصية وأصبحت بالشكل الحالي وبما إن الأحكام القانونية قد راعت جميع الشروط الشرعية في المطلق إذا كان الزوج هو المطلق إلا في حالة الوكيل لذا سأعرض إلى طلاق الوكيل بموجب الأحكام الشرعية مع بعض النصوص القانونية العربية وعلى وفق ما يلي:

أولا: تعريف الوكيل

الأصل في الطلاق إن يوقعه الزوج، إلا أن ذلك ليس بالمطلق بل أحيانا يقوم شخص غير الزوج بتلفظ صيغة الطلاق ويكون نافذ ويرتب أثاره الشرعية على وفق بعض المذاهب الإسلامية، وهو ما يسمى بطلاق الوكيل،  إلا إن البعض من فقهاء المسلمين من ابن حزم الاندلسي يرى خلاف ذلك ولا يجيز الوكالة في الطلاق ويبرره بأن الله عز وجل يقول}: {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [32]فلا يجوز عمل أحد عن أحد إلا حيث أجازه القرآن، أو السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يجوز كلام أحد عن كلام غيره من حيث أجازه القرآن أو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يأت في طلاق أحد عن أحد بتوكيله إياه قرآن ولا سنة ; فهو باطل[33]. كما إن جمع من الفقهاء يرى إن الوكالة في الطلاق لا تجوز إذا كان الطرفين حاضرين، وإنما تجوز في حالة الغياب فقط[34]، والوكالة عقد بين طرفين وتعرفه الشريعة الإسلامية  بأنه (عقد يخوِّل الشّخص صلاحيةً يملكها لآخر، لكي يقوم بعملٍ لحساب الموكِّل. كما لو أعطى شخص وكالةً لشخص آخر لكي يبيع داره، أو يشتري له سيارة، أو يعقد له زوجة، أو يطلقها، أو ما أشبه ذلك من الأعمال والمهمات)[35] إن جواز الانابة في الطلاق بطريق التوكيل أو التفويض نستدل عنه بقاعدة عامة هي أن من ملك تصرفا كان له أن ينيب عنه غيره فيه..ويسمى عقد الوكالة بالتوكيل ويعرف (بأن يولي من يجوز له التصرف، غيره التصرف في ذلك الشيء والقيام بذلك العمل، مثل أن يوكل شخصاً في أن يبيع داره، أو يعقد له على امرأة)[36].

 اما في اللغة فان وكيل الرجل: هو الذي يقوم بأمره، وسمي وكيلا لأن موكله قد وكل إليه القيام بأمره فهو موكول إليه الأمر[37]. والوكيل يسمى جريا لانه يجرى مجرى موكله[38]، اما  القانون فقد عرفت عقد الوكالة  المادة 927 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل بان (الوكالة عقد يقيم به شخص غيره مقام نفسه في تصرف جائز معلوم)[39]. واعتبر القانون إن الإذن يكون بمنزلة التوكيل إذا دلت عليه القرائن[40] لكن بعض فقهاء الشريعة الإسلامية يرى (أن الوكالة أمر يغاير الإذن، فإن الإذن لا يتوقف تحققه على القبول بخلاف الوكالة.و الوكالة تنفسخ بفسخ الوكيل، بخلاف الإذن، فإنها لا ترتفع برفض المأذون، كذلك من حيث التصرف فان تصرف الوكيل يقع صحيحاً و ان عزله الموكل ما دام لم‏يبلغه خبر العزل، بخلافه في الإذن، فإن التصرف يقع باطلاً مع التراجع و إن لم‏ يبلغ المأذون ذلك)[41]

ثانيا: الأحكام القانونية لطلاق الوكيل

ومن خلال التقديم لتعريف الوكالة فان الوكيل في إيقاع الطلاق لابد ان يتوفر على الشروط القانونية والشرعية مثل الأهلية العامة (البلوغ، والعقل، والقصد، والاختيار) كما يشترط فيه، إضافة إلى الأهلية العامة، قدرته عقلاً وشرعاً على القيام بما وُكِّل فيه[42]، ومن خلال ما تقدم نجد إن الفقه الإسلامي اقر وقوع الطلاق من الوكيل إذا كان مفوضا به على وفق الشروط التي ورد ذكرها في أعلاه إلا أن القانون العراقي منع وقوع الوكالة بالطلاق ولا يعتبر الطلاق مستوفيا لشروطه القانونية وان كان مستوفيا للشروط الشرعية على وفق نص الفقرة (ثانيا) من المادة (الرابعة والثلاثين) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل (لا يعتد بالوكالة في إجراءات البحث الاجتماعي والتحكيم وفي إيقاع الطلاق) وفي هذا الصدد كان القضاء العراقي يعمل على وفق نص المادة المذكورة أعلاه ومنها قرار محكمة الأحوال الشخصية في حي الشعب المرقم 141/ش/2008 في 19/3/2008 الذي قضى بعدم وقوع طلاق الوكيل[43] وتوجد حالات مغايرة لنص القانون العراقي حول طلاق الوكيل في التشريعات العربية فأجازت إيقاع طلاق الوكيل وكما يلي:ـ

1.   التشريع الإماراتي في القانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2005 في شان الأحوال الشخصية أجاز طلاق الوكيل[44]

2. التشريع العماني في قانون الأحوال الشخصية العماني الذي أجاز طلاق الوكيل[45]

3. التشريع السوداني في قانون الأحوال الشخصية للمسلمين أجاز طلاق الوكيل[46]

4. التشريع الجزائري: سكت المشرع الجزائري عن ذكر طلاق الوكيل، إلا أن نص المادة (48) من قانون الأسرة الجزائري[47]، حدد وقوع الطلاق من الزوج أو الزوجة ولم يذكر أي حالة أخرى مما لا يمكن معه تصور قبول طلاق الوكيل.

5. التشريع الكويتي: أجاز القانون الكويتي طلاق الوكيل ومنحت الوكيل حق توكيل الغير عن الموكل الأصلي بأذن الزوج[48]

مما تقدم نلاحظ بان القوانين العربية لم تمنع طلاق الوكيل متماشية مع أحكام الشريعة الإسلامية على خلاف المشرع العراقي ولنا فيه رأي بمخالفة هذا النص للدستور الدائم لعام  2005 لان العراق دولة دينها الرسمي الإسلام وهو مصدر أساس من مصادر التشريع[49]، وأي مخالفة للأحكام الشرعية يمثل مخالفة لنص المادة الدستورية آنفة الذكر من الواجب تدراكها بتعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ على وفق ما ورد فيها. إضافة إلى وجود آثار اجتماعية ونفسية على ذلك خصوصا في الفترة التي سبقت أحداث عام 2003 والتي تلتها من وجود تهجير وعدم إمكانية وصول بعض الأفراد إلى أماكن بعينها لأسباب أمنية أو للهجرة إلى خارج العراق مما يترك المرأة أسيرة علاقة زوجية انتهت فعلا وانتفى فيها الهدف الذي من اجله وجدت.لذا فان الحاجة قائمة إلى تعديل النص والعودة به إلى سابق عهده كما يعتبر من أوجه التمييز ضد المرأة العراقية لان قريناتها العربيات ينتفعن من الإجازة الشرعية لإيقاع الطلاق وهي لا تنتفع على خلاف نصوص اتفاقية سيداو التي منعت كل أشكال التمييز سواء كان بين الرجل والمراة او بين النساء على وفق نص  الفقرة (د) من المادة (2) من اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (د _ الامتناع عن مباشرة اي عمل تمييزي او ممارسة تمييزية ضد المراة)، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام. هـ اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المراة من جانب اي شخص او منظمة او مؤسسة و اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير او ابطال القائم من القوانين والانظمة والاعراف والممارسات التي تشكل تمييزاضد المراة) [50]

المبحث الثاني

البحث الاجتماعي  وتعديل القوانين النافذة

ان البحث الاجتماعي يتناول دراسة المشاكل الاجتماعية والاسرية ومحاولة ايجاد الحلول لها كما يساهم بتشخيص الخلل في المنظومة الاجتماعية وتاشير ذلك من اجل ايجاد التشريعات التي تعالج هذه المشاكل والنهوض بالمجتمع نحو التطور والتقدم

المطلب الأول

مفهوم الأسرة

 تُعَرِّف كتبُ اللغة(1) أسرةَ الرجل (بأنهم رهطه الذين يتقوَّى بهم).ورهط الرجل: (أهله، وقومه، وقبيلته، وعشيرته) وتُقَدَّرُ عدة الرهط عادةً، بما فوق الثلاثة، ومادون العشرة، وتضيف بأن أصل الأسرة هو الشد بالقيد، ومنه يقال أُسِرَ الرجل إذا أوثق بالقيد وهو الإسار، ويعرف الناس جميعًا بالبداهة أن الأسرة تتكوّن من والدين هما المرأ وزوجه، ومن أولادهم وذوي قرباهم: من جدين وجدتين وأعمام وعمات وأخوال وخالات وأبنائهم جميعًا، وعلى هذا، فإن الأسرة هي هذا المجتمع الذي يوكل إليه أمر التقيد بالأعراف الاجتماعية، والتزام العادات والتقاليد الحضارية، واتباع القيم الدينية، والأخلاقية، ونقل مفهوماتها السامية نقية صافية إلى الأجيال المتعاقبة عبر العصور.

أما عن المنظور الإسلامي للأسرة فاننا لم نجد  لفظ (الأسرة) قد ورد بهذا الاستعمال في القرآن الكريم، ولا في السنة النبوية المطهرة، إلا أننا نجد المفهوم متداولاً فيهما بألفاظ أخرى ويبين القرآن الكريم للناس في الآيات الأولى من سورة النساء أن المجتمع الإنساني، بعشائره، وقبائله، وأقوامه، وأممه وشعوبه، ذو أصل واحد، ومنشأ واحد، عنه يصدرون ومن وحدته يتفرقون منبثين في أطراف الأرض، رجالاً كثيرًا ونساء. يجمعهم جامع التقوى عن طريق الإيمان بالله، كما تجمع بينهم آصرة الرحم. (يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوْا رَبَّكُمُ الَّذِيْ خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَّاحِدَةٍ وَّخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيْرًا وَّنِسَآءً وَّاتَّقُوْا اللهَ الَّذِيْ تَسَآءَلُوْنَ بِه وَالأَرْحَام. إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيْبًا)[51].  وفي موضع اخر اشار اصل تكوين الانسان وغاية خلقهم بقوله تعالى: (يَآ أَيُّهَا النَّاْسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَّأُنْثــى، وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوْبًا وَّقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوْا. إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ، إِنَّ اللهَ عَلِيْمٌ خَبِيْرٌ [52]،

    من أجل ذلك، حرص الإسلام الحرص كله على صيانة هذه الرابطة الإنسانية من عبث العابثين، نواة أولية لكل الوحدات، بذرة طيبة منها يتكاثر الخير والإيمان، والصلاح، خلية وطنية منها يتناسل التعارف والتوادد بين الناس على تقوى من الله ورضوان. وهذا يقودنا إلى مدخل البحث الاجتماعي وأهميته في صيانة الأسرة والحفاظ عليها إن البحث الاجتماعي يشكل دور كبير ومهم في معالجة المشاكل الاجتماعية.

الفرع الأول

أهمية البحث الاجتماعي

 ويعتبر علم الاجتماع من العلوم ذات الصلة بالهيكل البنيوي للأسرة والمجتمع، كما ان للقضاء  دور في صيانة الأسرة والمجتمع من خلال تطبيقاته في مجال الأحوال الشخصية وخصوصا المتعلقة بقضايا التفريق والحضانة والوصاية وسواها من المواضيع. لذا فان الاهتمام بالبحث الاجتماعي هو اهتمام بالأسرة والمجتمع، و يجب المساهمة في دعم القضاء بالوسائل المساندة والمساعدة له في اخذ دوره في توفير الأمن الاجتماعي.

الفرع الثاني

هيئة البحث الاجتماعي

من الإشارات الأولى للبحث الاجتماعي في المنظومة القانونية العراقية والعمل القضائي حيث عينت وزارة الشؤون الاجتماعية عددا من الموظفات من خريجات فرع الخدمة الاجتماعية باحثات اجتماعيات وانتدبن للعمل في المحاكم الشرعية وذلك عام 1954، ثم استحدثت هيئة البحث الاجتماعي بموجب التعليمات العدد (4) لسنة 1985 التي أصدرها وزير العدل بموجب المادة (11) من قانون وزارة العدل  رقم(101) لسنة 1977.

ومن خلال ما تقدم نجد إن الهيئة المذكورة تمثل جزء من منظومة عمل المحاكم والقضاء العراقي وتخضع لرقابة القاضي أداريا وتعمل تحت إشرافه والهيئة دورها ينحصر بالجوانب الفنية من إعداد الإحصائيات والدراسات وتطوير المهارات للباحث الاجتماعي.

الفرع الثالث

عمل البحث الاجتماعي

إن عمل البحث الاجتماعي في قضايا الأحوال الشخصية يكون بعد إقامة الدعوى وبناء على قرار من قاضي محكمة الأحوال الشخصية بإحالة طرفي الدعوى إلى البحث الاجتماعي أثناء النظر في الدعوى وتكون في قضايا التفريق والحضانة والوصايا وقضايا القاصرين وسواها،  ويكون التقرير المقدم من الباحث الاجتماعي بعد مرور ساعة من الإحالة وأحيانا تؤجل الدعوى لجلسة أو جلستين لحين ورود تقرير البحث الاجتماعي الذي في أحسن أحواله لا يتعدى اللقاء من الزمن ساعة واحدة بين الباحث الاجتماعي وطرفي الدعوى وفي غرف مزدحمة بأعداد المراجعين والموظفين، وأحيانا يكون الباحث الاجتماعي مكلف بمهام إدارية إضافة لعمله.واغلب الحالات تأتي بنتائج سلبية بعدم التمكن من المصالحة أو تقريب وجهات النظر بين الطرفين المتخاصمين ومن ثم يتم بناء عقيدة المحكمة على ذلك التقرير بالتفريق أو رد الدعوى دون إن يقترن برضاء وموافقة الطرفين ويكون له دور في بناء عقيدة المحكمة عند إصدارها لقرار الحكم[53]

المطلب الثاني

التجربة القضائية

الفرع الاول: تجربة القضاء العراقي

من الإشارات الأولى للبحث الاجتماعي في المنظومة القانونية العراقية والعمل القضائي حيث عينت وزارة الشؤون الاجتماعية عددا من الموظفات من خريجات فرع الخدمة الاجتماعية باحثات اجتماعيات وانتدبن للعمل في المحاكم الشرعية وذلك عام 1954، ثم استحدثت هيئة البحث الاجتماعي بموجب التعليمات العدد (4) لسنة 1985 التي أصدرها وزير العدل بموجب المادة (11) من قانون وزارة العدل  رقم(101) لسنة 1977.

ومن خلال ما تقدم نجد ان الهيئة المذكورة تمثل جزء من منظومة عمل المحاكم والقضاء العراقي وتخضع لرقابة القاضي أداريا وتعمل تحت إشرافه والهيئة دورها ينحصر بالجوانب الفنية من إعداد الإحصائيات والدراسات وتطوير المهارات للباحث الاجتماعي. ويكون  عمل البحث الاجتماعي في قضايا الأحوال الشخصية يكون بعد إقامة الدعوى وبناء على قرار من قاضي محكمة الأحوال الشخصية بإحالة طرفي الدعوى إلى البحث الاجتماعي أثناء النظر في الدعوى وتكون في قضايا التفريق والحضانة والوصايا وقضايا القاصرين وسواها. ويكون التقرير المقدم من الباحث الاجتماعي بعد مرور ساعة من الاحالة واحيانا تؤجل الدعوى لجلسة او جلستين لحين ورود تقرير البحث الاجتماعي الذي في احسن احواله لا يتعدى اللقاء من الزمن ساعة واحدة بين الباحث الاجتماعي وطرفي الدعوى وفي غرف مزدحمة باعداد المراجعين والموظفين واحيانا الباحث الاجتماعي مكلف بمهام ادارية إضافة لعمله.

واغلب الحالات تاتي بنتائج سلبية بعدم التمكن من المصالحة او تقريب وجهات النظر بين الطرفين المتخاصمين ومن ثم يتم بناء عقيدة المحكمة على ذلك التقرير بالتفريق او رد الدعوى دون ان يقترن برضاء وموافقة الطرفين.

الفرع الثاني: تجربة محاكم دبي

أ‌-  من خلال مشاهدتي لما موجود في مجمع محاكم دبي وفيما يتعلق بمحاكم الأحوال الشخصية فيها وجدت هناك جهة مختصة بالبحث الاجتماعي تحت عنوان قسم التوجيه والإصلاح الأسري مهمتها تتمثل بأجراء البحث الاجتماعي في حالات التفريق والحضانة وغيرها مما ورد ذكره في المادة (16) من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي الإماراتي رقم (28)  لسنة 2005م، ويتكون من مجموعة اشخاص من ذوي الاختصاصات في علم الاجتماع وعلم النفس والشريعة. ومن خلال الإحصائيات المذكورة في التقرير السنوي لمحاكم دبي لعام 2006 في الباب الثاني الفصل الأول ص 85، والتي تشير إلى انخفاض حالات الطلاق نتيجة لقيام القسم المذكور بالمساهمة في إجراء ما يقارب 300 اتفاق تسوية بين الأزواج  خلال عام 2006 وان نسبة الحالات التي تم الصلح فيها تعادل 62% وان هذه النسبة من اصل مجموع الحالات التي أحيلت الى القسم والبالغة 1650 خلال العام المذكور، مع ان القسم المذكور لم يقتصر دوره على البحث الاجتماعي وإنما كان له دور في تنظيم الفعاليات الاجتماعية والثقافية وتنظيم الدورات التي تساهم بنشر الثقافة الأسرية في المجتمع. كما بين رئيس القسم إن عملهم يبدأ منذ أحالة طرفي الدعوى إلى القسم ويقوم بإجراء البحث الميداني بالانتقال الى سكن الطرفين وكذلك مفاتحة الجهات التنفيذية للمساهمة في معالجة المشاكل التي تكون عائق في مسيرة الأسرة وان عدد الموظفين العاملين في القسم المذكور يبلغ (8) ثمانية موظفين فقط. ولهم قاطع خاص في مجمع المحاكم في دبي وهو قسم واحد ا لان إمارة دبي فيها مجمع محاكم واحد فقط.

  ‌ب- إن عمل قسم التوجيه والإصلاح الأسري في محاكم دبي يكون عمله سابق للعمل القضائي، اذ لا تقبل المحكمة الدعوى في مسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بالتفريق والحضانة إلا بعد عرضها على قسم التوجيه والإصلاح الأسري وذلك عملا بأحكام المادة (16) من قانون الأحوال الشخصية الإماراتي ونصها ما يلي

1. لا تقبل الدعوى أمام المحكمة في مسائل الأحوال الشخصية، إلا بعد عرضها على لجنة التوجيه الأسري، ويستثنى من ذلك، مسائل الوصية والإرث وما في حكمها، والدعاوى المستعجلة والوقتية، والأوامر المستعجلة والوقتية في النفقة والحضانة والوصاية والدعاوى التي لا يتصور الصلح بشأنها كدعاوى إثبات الزواج والطلاق.

2. إذا تم الصلح بين الأطراف أمام لجنة التوجيه الأسري، اثبت هذا الصلح في محضر، يوقع عليه الأطراف، وعضو اللجنة المختص، ويعتمد هذا المحضر من القاضي المختص، ويكون له قوة السند التنفيذي، ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن إلا إذا خالف أحكام هذا القانون.

الفرع الثالث: المقارنة بين تجربة محاكم دبي والعمل في المحاكم العراقية

ولغرض بيان المقارنة مع تجربة محاكم دبي أود أن أبين ما يلي:.

1. إن البحث الاجتماعي في محاكم دبي يتم قبل إقامة الدعوى، بينما في العراق يكون بعد قبول وتسجيل الدعوى.

2. في قسم التوجيه والإصلاح الأسري لا يوجد سقف زمني أو موعد محدد للمرافعة أمام محكمة، وإنما تتم الأعمال بمرونة خارجة عن قيد السقف الزمني للدعاوى وسرعة الحسم فيها.

3. لا تشكل عمليات البحث الاجتماعي عبء على القاضي لأنها لا تمثل أعداد في الدعاوى المنظورة التي لابد من حسمها ضمن السقوف الزمنية المحددة. بينما في العراق تكون اجراءات البحث الاجتماعي ضمن الدعوى  وفي وقت النظر فيها وبعد قبولها وتسجليها مما تشكل عبء على القاضي الذي قد يضطر إلى العمل على الإنجاز على حساب إمكانية وقوع الصلح بين الطرفين.

4. عمل قسم التوجيه والإصلاح الأسري مستقل عن العمل القضائي ولا يخضع إلى سلطة القاضي إلا بعد الانتهاء من البحث، إما بالإصلاح بين الطرفين ويثبت ذلك بموجب محضر يصادق عليه القاضي ويكون واجب التنفيذ، او بعدم أمكانية الصلح ويحال الطرفين إلى المحكمة ويتم النظر فيه كقضية مستقلة وتأخذ سياقها الاعتيادي منذ التسجيل ولحين الحسم. بينما في العراق عمل الباحث الاجتماعي هو جزء من التحقيقات والإجراءات التي تتخذها المحكمة.

الخلاصة

من خلال العرض الميسر في هذه الورقة أتقدم بالمقترحات التالية: ـ

1. تعديل النص والعودة به إلى سابق عهده كما يعتبر من أوجه التمييز ضد المرأة العراقية لان قريناتها العربيات ينتفعن من الإجازة الشرعية لإيقاع الطلاق وهي لا تنتفع على خلاف نصوص اتفاقية سيداو التي منعت كل أشكال التمييز سواء كان بين الرجل والمراة او بين النساء.

2. أن تكون مهمة البحث الاجتماعي خطوة سابقة لعمل القاضي وذلك بان يحال الطرفين إلى البحث الاجتماعي قبل النظر الدعوى وحيث إن التشريعات النافذ لا تتيح فرصة الإحالة إلى البحث الاجتماعي قبل النظر في الدعوى، فإننا بحاجة إلى تدخل تشريعي لمعالجة هذه الحالة بان تعدل القوانين ذات الصلة ومنها قانون المرافعات النافذ،  بنص مماثل لأحكام المادة (16) من قانون الأحوال الشخصية الإماراتي والمتضمن عدم قبول الدعوى إلا بعد عرضها على هيئة البحث الاجتماعي.

..........................................

[1] الأسرة تحت رعاية الإسلام، الشيخ/ عطية صقر، ج6، ص275

[2] سورة النحل، آية: 123

[3]  إعانة الطالبين - البكري الدمياطي ج 4   ص 5

[4]  فقه السنة - الشيخ سيد سابق ج 2   ص 244

[5]  كتاب العين - الخليل الفراهيدي ج 5   ص 101

[6] مجمع البحرين - الشيخ الطريحي ج 3   ص 57

[7] التعويض عن الطلاق التعسفي بين الشريعة الإسلامية والقانون العراقي ـ القاضي نعيم إسماعيل معالله الدليمي ص3 بحث منشور في  موقع مركز القضاء العراقي للدراسات والتوثيق

[8] -  فقه السنة - الشيخ سيد سابق ج 2   ص 241

[9] -  فقه الصادق (ع) - السيد محمد صادق الروحاني ج 22   ص 351

[10]  شرح فتح القدير للإمام كمال الدين المعروف بابن الهمام الحنفي الجزء 3 , مطبعة مصطفى الحلبي مصر – ط -1970 ص 465. نقلا عن بحث القاضي نعييم اسماعيل الدليمي (التعويض عن الطلاق التعسفي بين الشريعة الإسلامية والقانون العراقي)

[11]  سورة البقرة  الآية 229

[12]   الإقناع - موسى الحجاوي ج 2   ص 99

[13]  شرح اللمعة - الشهيد الثاني ج 6   ص 11

[14]  فقه السنة - الشيخ سيد سابق ج 2   ص 241

[15]  سورة البقرة  الآية 229

[16]  المهذب البارع - ابن فهد الحلي ج 3   ص 440

[17]  سورة النساء الآية  130

[18]  سورة البقرة  الآية 227

[19]  سورة البقرة  الآية  228

[20]  سورة البقرة  الآية 229

[21]  سورة الطلاق الآية 1

[22]  سورة الأحزاب الآية  49

[23]  سورة البقرة الآية 241

[24] المادة 106 من قانون الأسرة القطري رقم 22 لسنة 2006 الشبكة الدولية للمعل%

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين  26 أيار/2008 - 19/جماد الاول/1429