التنوع الحيوي في العالم يتراجع بشكل كارثي

 كائن حي ينقرض كل عشرين دقيقة

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: النشاط الانساني الغير منظّم ولاسيما زيادة كميات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الارض جعل من الكوكب يواجه أخطر موجة انقراض، منذ انقرضت الديناصورات قبل 65 مليون عام حسب علماء البيولوجيا. حتى ان التغير المناخي وخسارة التنوع البيولوجي أصبحتا من اكبر التحديات التي يواجهها العالم حاليا، بحيث ان نوعا واحدا من الكائنات الحية ينقرض كل عشرين دقيقة تقريبا.

(شبكة النبأ) تستعرض لقراءها هذا التقرير المثير والحيوي حول شؤون البيئة والمخاطر المحدقة بالتنوع البيولوجي في الوقت الحاضر:

مخاطر تضاؤل التنوع الحيوي على الأرض

وأظهرت بيانات أصدرتها الجمعية الحيوانية في لندن أن العالم قد فقد منذ السبعينات من القرن الماضي ما يقرب من ثلث الحياة البرية التي تعيش فيه.

وأشارت البيانات إلى أن عدد الأنواع التي تعيش على سطح الأرض قد انخفض بنسبة 25%، بينما انخفضت الأنواع البحرية بنسبة 28% والتي تعيش في المياه الحلوة بنسبة 29%.

وتظهر الإحصاءات أن الجنس البشري يمحو نحو 1% من الأنواع الأخرى التي تسكن الكرة الأرضية يوميا، مما يعني أننا نعيش إحدى "مراحل الانقراض الكبرى" كما تقول المجلة.

وتخلص المجلة إلى أن السبب في ذلك هو التلوث وانتشار المزارع الحيوانية والتوسع الحضري إضافة إلى الإفراط في صيد الحيوانات والأسماك.

ويتابع البحث الذي أجرته الجمعية الحيوانية ـ بالتعاون مع جماعة الحياة البرية المعنية بالحفاظ على الحياة البرية في العالم ـ مصير أكثر من 1400 نوع من الأسماك والبرمائيات والزواحف والطيور والثدييات، مستعينة بالمجلات العلمية الدورية والإحصائيات المتوفرة على شبكة المعلومات.

وقد اكتشفت هذه أن عدد هذه الأنواع قد انخفض بنسبة 27% منذ عام 1970 حتى عام 2005. ومن أشد الأنواع تضررا الأنواع البحرية التي انخفضت أعدادها بنسبة 28% خلال 10 أعوام فقط (1995-2005).

وقد انخفض عدد طيور المحيطات بنسبة 30% منذ منتصف التسعينات، بينما انخفض عدد الطيور المستقرة فوق اليابسة بنسبة 25%,

ومن أكثر المخلوقات التي تضررت الظبي الإفريقي وسمك سياف البحر "أبوسيف" ونوع من سمك القرش رأسه كالمطرقة.

وقد يكون "البايجي" أو الدولفين الذي يعيش في نهر يازجي أطول أنهار الصين قد انقرض إلى الأبد. ويأتي نشر هذه الإحصائيات قبيل انعقاد اجتماع مؤتمر التنوع الحيوي في مدينة بون الألمانية .

وكان المؤتمر قد تأسس عام 2002 بهدف وقف الخسارة اتي تصيب الحياة البرية، وتعهدت الدول الأعضاء فيه بتحقيق "خفض كبير" في معدل خسارة التنوع الحيوي بحلول عام 2010.

إلا أن الجمعية الحيوانية تقول إن حكومات هذه الدول لم تضع السياسات الضرورية لتحقيق ذلك الهدف.

وقالت إنه بينما يبدو أن معدل الانخفاض قد قل، إلا أنه "من غير المحتمل" أن يتم تحقيق مثل هذا الهدف.

كيف أبحرت سفينة نوح بهذا العدد من أنواع الكائنات الحية?

كيف استطاعت سفينة نوح أن تظل طافية.. فقد قفزت التقديرات لعدد الانواع على سطح الارض إلى ملايين اذ يعثر علماء الاحياء على حياة جديدة في كل مكان تقع أعينهم عليه تقريبا من المستنقعات الافريقية إلى القارة القطبية الجنوبية.

ويمثل هذا المعرض الطبيعي من الكائنات والمستمر في التوسع مفارقة في ظل تزايد أعداد البشر والتلوث والتغير المناخي وكلها عوامل تهدد بما تقول دراسات لمنظمة الامم المتحدة انها ستكون أسوأ وقائع الانقراض منذ اختفاء الديناصورات من على وجه الارض قبل 65 مليون عام.

ويجتمع مسؤولون حكوميون يحاولون حماية الحياة البرية في عالمنا الحديث في بون من 19 إلى 30 مايو ايار لحضور اجتماع لمؤتمر الامم المتحدة للتنوع الحيوي لبحث التقدم الذي أحرز على طريق تحقيق هدف حدد عام 2002 وينطوي على الابطاء من معدل خسائر التنوع الحيوي بحلول عام 2010.

ويقول خبراء ان احتمالات تحقيق هذا الهدف في تناقص مستمر.

وبالرغم من هذا فان توسيع نطاق البحث يعني اكتشاف أنواع جديدة مثل سحلية بلا أرجل في البرازيل او زبابة (حيوان شبيه بالفأر) في تنزانيا يضع حسابات علماء الدين في اختبار بشأن كيفية اصطحاب نوح كل الحيوانات على متن سفينته. بحسب رويترز.

وقال جيمس ادواردز المدير التنفيذي لموسوعة الحياة (انسيكلوبيديا اوف لايف) عن الرواية الواردة في الكتاب المقدس "هذا مستحيل من الناحية المادية."

وتورد الموسوعة جميع الانواع المحددة هويتها والبالغ عددها حتى الآن 1.8 مليون في خدمة مجانية على شبكة الإنترنت.

وقال ادواردز "هناك توقعات باكتشاف ما بين ثمانية و50 مليون نوع اخر لكننا لم نحددها بعد." ويقدر خبراء اخرون أن يصل العدد إلى 100 مليون نوع. غير أن الانواع المكتشفة حديثا لا تعوض الانقراض.

وكان زيجمار جابريل وزير البيئة في المانيا التي تستضيف مؤتمر الامم المتحدة قد قال الاسبوع الماضي ان فقدان الانواع يهدد امدادات الغذاء لمليارات الاشخاص. واستشهد على سبيل المثال بالحياة البحرية قائلا انه اذا لم يتم اتخاذ اجراءات فلن يكون هناك صيد تجاري بحلول عام 2050.

ومن بين الكائنات التي انقرضت في العقود الأخيرة ضفدعة استراليا الجنوبية التي تحضن صغارها داخل معدتها حيث تستطيع الاناث وقف افراز العصارات المعدية لتربية صغارها داخل معدتها وهي العملية التي كان يمكن أن توفر معلومات تستخدم في علاج القرح المعدية لدى البشر.

ويشير مؤمنون بالكتاب المقدس إلى أن السفينة التي وصفت في سفر التكوين كانت عملاقة بالمقاييس القديمة حيث يبلغ طولها نحو 140 مترا وهو وصف بعيد كل البعد عن السفينة الصغيرة التي تجسد في الكثير من كتب الاطفال وقد أخرجت زرافتان رأسيهما منها.

لم يصطحب سوى الكائنات البرية والطيور لا نباتات او أسماك والتي تشكل قطاعا كبيرا من اجمالي الانواع في العالم.

وقال ديفيد منتون استاذ مساعد التشريح بجامعة واشنطن ويعمل لحساب مؤسسة "الاجابات في سفر التكوين" التي أسست متحفا مثيرا للجدل عن خلق الكون في كنتاكي "اننا نتحدث عن شيء جدير بالتصديق."

ويجسد المتحف الذي افتتح العام الماضي ما ورد في سفر التكوين بالكتاب المقدس حرفيا. ولقيت معروضاته ترحيبا من قبل المؤمنين بأن الله خلق السموات والارض في ستة أيام.

ويعتقد منتون أن نوحا ربما لم يأخذ معه على متن السفينة سوى 16 الف كائن وقال ان معظم الانواع المكتشفة هي كائنات متناهية الصغر. وتابع قائلا "نستطيع أن نترك كل الكائنات المعروفة بقدرتها على النجاة من الطوفان مثل الحشرات والديدان."

وبالرغم من أن المؤمنين بنظرية خلق الكون يرفضون نظرية النشوء والارتقاء فان منتون قال ان نوحا قد يكون اصطحب ازواجا تمثل أنواعا من الحيوانات تتمتع بكثير من الصفات المشتركة مثل الكلاب والذئاب والقيوط (ذئب براري امريكا الشمالية) والدنج (كلب استرالي) وربما زوجا واحدا من البقر والجاموس او النمور والاسود.

وأبعاد السفينة الخشبية كما وردت بالذراع في سفر التكوين تشير إلى أن طولها كان يبلغ 140 مترا وعرضها 23 مترا وارتفاعها 13.5 متر مما يعني أن اجمالي مساحة السطح يقل عن عشرة آلاف متر مربع.

وقال دراجوس روتا الخبير في الرابطة الدولية لملاك ناقلات النفط المستقلين "سعة الشحنة لسفينة مثل هذه مبهر بالنسبة لذلك الزمن وقد تصل إلى 30 الف طن."

اصطحب نوح وأسرته زوجا على الاقل من جميع أنواع الطيور والحيوانات بالاضافة إلى طعام يكفي الجميع في رحلة استمرت عدة أشهر. وجاء في الكتاب المقدس أنهم أخذوا معهم سبعة من كل من الحيوانات "النظيفة" او تلك التي يمكن أكلها مثل الماشية والاغنام والماعز.

وقال بيورن كلاوزين مدير مؤسسة خبراء شحن الماشية الدنمركية (كورال لاين ايه اس) ان الابقار الكبيرة تحتاج على الأقل إلى مترين مربعين لكل منها حين تحتجز في حظائر تتسع الواحدة منها لستة حيوانات.

وأضاف "بالنسبة للحيوانات مثل النمور لست خبيرا لكنني أقول انك اذا كنت ستبحر فستحتاج إلى أربعة أمتار مربعة لكل نمر." فماذا عن الحيوانات الكبيرة الاخرى مثل الكنغر ووحيد القرن.. بالتأكيد كانت السفينة ستمتليء على الفور.

الحمار الوحشي والبطريق والنسر والباندا والظبي كلها تحتاج إلى درجات حرارة وغذاء ومواطن تختلف اختلافا كبيرا عن بعضها بعضا.

وقال جيسي اوسوبيل رئيس موسوعة الحياة (انسيكلوبيديا اوف لايف) بجامعة روكفلر في مدينة نيويورك "كان يتعين أن يكون نوح مهندسا بارعا متخصصا في التدفئة والتهوية... حتى يضع الدببة القطبية والايجوانا على متن نفس السفينة."وأضاف "لست واثقا من مسألة الحجم لكن... لم تكن كلها لتريد نفس الظروف في حظائرها."

وقدرت دراسة تقييم النظام البيئي للالفية لعام 2005 والتي قام بها 1300 عالم أن عدد الانواع التي تم التعرف عليها يتراوح بين 1.7 و2 مليون حيث يرجح أن يتراوح اجمالي العدد النهائي بين خمسة ملايين و30 مليونا.

التنوع في العالم يتراجع بشكل كبير

وقال الصندوق العالمي لحماية الطبيعة ان التنوع في العالم تراجع بمعدل الثلث تقريبا في السنوات الخمس والثلاثين الماضية بسبب فقدان الكائنات البرية بشكل رئيسي والاتجار في الحياة البرية.

وحذر الصندوق من ان تغير المناخ سيضيف بشكل متزايد الى كوارث الحياة البرية خلال العقود الثلاثة المقبلة.

وقال رئيس حملة الصندوق كولين باتفيلد "التنوع يدعم صحة الكوكب وله تأثير مباشر على حياتنا لذلك من المنذر انه بالرغم من زيادة الوعي بالقضايا البيئة مازلنا مستمرين في رؤية اتجاه تنازلي.

"لكن هناك مؤشرات صغيرة على الامل واذا امسكت الحكومة بما تبقى من نافذة الفرصة التي تضيق بشكل سريع بوسعنا ان نبدأ في ان نعكس هذا الاتجاه". بحسب رويترز.

ويتتبع مؤشر الصندوق العالمي لحماية الطبيعة للحياة على الكوكب نحو 4 الاف نوع من الطيور والاسماك والثدييات والزواحف والبرمائيات على مستوى العالم. ويوضح المؤشر انه في الفترة بين 1970 و2007 تراجعت الانواع التي تعيش على الارض بواقع 25 في المئة والانواع التي تعيش في البحر بنحو 28 في المئة والتي تعيش في المياه العذبة 29 في المئة. وتراجعت انواع الطيور البحرية بواقع 30 في المئة منذ منصف التسعينيات.

ويأتي هذا التقرير قبل اجتماع في بون خلال ايام للدول الاعضاء في معاهدة الامم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي لمحاولة استكشاف كيفية انقاذ الحياة النباتية والحيوانية في ظل التهديد الناجم عن الانشطة البشرية.

ويرى بعض العلماء فقدان الحيوانات والحشرات على الكوكب على انه بداية سادس اكبر فناء للانواع في تاريخ الارض حيث كان الاخير في عصر الديناصورات التي اختفت قبل 130 مليون سنة.

ويشير العلماء الى ان معظم الاغذية والادوية في العالم تأتي اساسا من الطبيعة ويشيرون الى ان تضاؤل الانولع يجعل بقاء البشرعرضة لمخاطر.

وقال جيمس ليبي المدير العام للصندوق العالمي لحماية الطبيعة "تراجع التنوع البيولوجي يعني ان ملايين الناس سيواجهون مستقبلا تكون فيه امدادات الطعام اكثر عرضة للاوبئة والامراض وتكون امدادات المياه غير منتظمة أو غير كافية".

كائن حي ينقرض كل عشرين دقيقة

وحذر وزير البيئة الألماني سيجمار جابرييل من أن العالم يواجه مهمة صعبة هي السعي لحماية الحياة الحيوانية والنباتية من التغير المناخي والتلوث.

والتقى قرابة 4000 مندوب من نحو مائتى دولة في مدينة بون الالمانية للمشاركة في مؤتمر يعقد على مدار اسبوعين بشأن "معاهدة للتنوع البيولوجي" يأملون الاتفاق فيها على سبل مكافحة تزايد معدلات الانقراض.

ويقول خبراء الامم المتحدة ان النشاط الانساني ولاسيما زيادة كميات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الارض يعني ان الكوكب يواجه أخطر موجة انقراض منذ انقرضت الديناصورات قبل 65 مليون عام مضت.

وحذر المؤتمر من ان نوعا من الكائنات الحية ينقرض كل عشرين دقيقة تقريبا. لحسب رويترز.

وأوضح الوزير الالماني في كلمته امام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي يعقد مرة كل عامين "أرى أن التغير المناخي وخسارة التنوع البيولوجي هما اكبر التحديات التي يواجهها العالم حاليا." وتعهد ببذل كل ما في وسعه للوصول الى اتفاق على سبل معالجة هذه المشكلات.

واستطرد قائلا "ستكون مهمة ضخمة لتوجيه المجتمع العالمي وكل دولة على الطريق الصحيح نحو البقاء."

ونوه جابرييل الى ان معدلات الانقراض اعلى حاليا ما بين مئة الى الف مرة عن معدلها الطبيعي.

وحددت قمة عقدت في عام 2002 هدفا يتمثل في ابطاء معدل الخسارة التي يشهدها التنوع البيولوجي بحلول 2010 ولكن معظم الخبراء يقولون ان الهدف المنشود بعيد المنال.

وقفزت قضية التنوع البيولوجي لتحتل مكانة متقدمة في الاهتمامات السياسية بسبب الارتفاع في الاونة الاخيرة لاسعار الغذاء والذي عزي لزيادة الطلب في البلدان ذات الاقتصاديات السريعة النمو ومنها الصين وايضا للاستخدام المتنامي للمحاصيل في انتاج وقود عضوي.

ويقول الخبراء انه دون إحداث تغيير في عادات الاستهلاك البشرية فإن اطعام تسعة مليارات نسمة سيكون ضربا من المحال.

وقال الوزير الالماني ان التنوع البيئي يؤثر على حياة أشد الناس فقرا في العالم.وأوضح انه اذا لم يتخذ أي اجراء فان الصيد التجاري لا بد أن ينتهي بحلول عام 2050 -- وهو سيناريو يدمر حياة الملايين من البشر الذين يعيشون على الاسماك.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24 أيار/2008 - 17/جماد الاول/1429