
شبكة النبأ: رغم اجواء التهدئة التي شهدتها لبنان في الايام
الاخيرة إلا ان هناك شعورا عاما بالإحباط من بقاء الدولة رهينة
الصراع السياسي بين الاكثرية والمعارضة حيث لا الاكثرية تتجاوب مع
مطالب المعارضة ولا المعارضة تتنازل عن سقف المطالب والشروط التي
تتبناها.
وفي المحيط الدولي لاتزال تداعيات الازمة مستمرة والتحليلات
والافكار الناتجة عن ايام الصراع الدموي التي جرت في بيروت وبعض
المناطق الاخرى تتواجد بقوة على متن الصحف العالمية بشتى انواعها
وتوجهاتها، فما زالت الصحف البريطانية تتعرض بالخبر والتحليل لما
يحدث في هذا البلد المهدد بالعودة الى حرب اهلية طاحنة سابقة.
وبالرغم من الاهتمام الكبير الذي أولته الصحف البريطانية لمأساة
الإعصار الذي ضرب بورما وخلف آلاف القتلى، إلا أن عاصفة لبنان
الوضع الأمني المتدهور في بيروت فرض نفسه على صفحاتها.
ففي الجارديان كتب هاج ماكلود ورامي عايشة يقولان إن قوى
المعارضة أحكمت سيطرتها العسكرية على مناطق في العاصمة بيروت كانت
تسيطر عليها القوى الموالية للحكومة التي يساندها الغرب.
وقالت الجارديان إن قوى المعارضة تقدمت في منطقة جبل الدروز
واشتبكت مع المسلحين السنة لموالين للحكومة في طرابلس.
وذكرت الصحيفة ان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي سيطر على
المناطق الجبلية في جنوب شرق بيروت لأجيال، أمر مقاتليه بالقاء
السلاح بعد اشتباكات عنيفة مع مسلحي حزب الله تضمنت عمليات خطف
وإعدام متبادلة.
واشارت الجارديان إلى أن المنطقة صارت خاضعة للزعيم الدرزي
المعارض طلال أرسلان الذي طلب من الجيش الانتشار.
وقد انسحبت قوات حزب الله وأمل في وقت لاحق من المناطق التي
سيطرت عليها في بيروت الغربية بعد تعهد الجيش بأنه لن يتم حل شبكة
الاتصالات التابعة لحزب الله.
وقالت الجارديان إن القضاء على سيطرة القوى الموالية للحكومة في
الجبل مثل ضربة أخرى للحكومة اللبنانية التي حوصرت رموزها الرئيسية
في منازلها من قبل قوى المعارضة بعد إحكام مسلحي حزب الله وأمل
سيطرتهم على بيروت الغربية ليلة الخميس.
ونسبت الجارديان إلى جنبلاط تصريحه لها "انتصر حزب الله وإيران
في معركة بيروت، لقد اختار حزب الله اللحظة التي شعر فيها بضعف
أمريكا في الشرق الأوسط وتغير ميزان القوى تماما في لبنان ونحن
ننتظر الآن القواعد التي سيضعها حزب الله وإيران وسوريا".
مواجهة بالوكالة بين إيران والولايات
المتحدة
صحيفة الإندبندنت نشرت مقالا بعنوان "العنف يعصف بمدينة لبنانية
في ظل ظهور بوادر على انطلاق مباحثات سلام" بقلم نديم لاذقي في
بيروت.
يقول الكاتب إن المسلحين السنة الموالين للحكومة وأفراد
الميليشيا الموالين لحزب الله استخدموا المدافع الرشاشة وقذائف
الأر بي جي خلال المواجهات التي دارت بين الطرفين في مدينة طرابلس
الواقعة شمالي لبنان.
ويضيف لاذقي أن مقاتلي حزب الله وأنصار الأحزاب الموالية لسورية
سيطروا على مدينة بيروت والتلال الواقعة شرقي العاصمة وألحقوا
هزيمة بأنصار الحكومة اللبنانية المدعمومة من قبل الولايات المتحدة
قبل أن يسلموا مواقعهم إلى الجيش اللبناني الذي نأى بنفسه عن
المواجهات الدائرة.
وينقل الكاتب أن آخر حصيلة للقتال، الذي بدأ يوم 7 مايو/آذار،
بين أنصار المعارضة والموالاة خلف مقتل 81 وجرح 250 آخرين.
ويتابع أن نجاح حزب الله في السيطرة بسرعة على بيروت وجه ضربة
قوية وقاسية للإئتلاف الحاكم بزعامة سعد الحريري الذي ينتمي إلى
الطائفة السنية.
ويمضي لاذقي قائلا إن ما حدث يمثل مواجهة بالوكالة بين إيران
والولايات المتحدة، مضيفا أن وفد جامعة الدول العربية الذي سيقوم
بجهود الوساطة يحظى بترحيب الطرفين.
انهيار بيروت وصراع طهران وواشنطن
وفي صحيفة الاندبندنت كتب روبرت فيسك مقالا من بيروت عنوانه: "معارك
تجتاح بيروت في الوقت الذي يقول فيه حزب الله إن لبنان يعيش حربا".
ويقول فيسك في مقاله إنه في الدقائق التالية لخطاب الأمين العام
لحزب الله السيد حسن نصر الله قام "مسلح واحد على الأقل من حركة
الأمل الشيعية بإطلاق النار على مكتب تابع لأنصار الحكومة من السنة...
أما الجيش اللبناني فلم يكن منتشر بشكل كاف في شوارع المدينة
الليلة الماضية لكن آلياته المدرعة كانت تسير بين المناطق التي
تقطنها الطائفتين السنية والشيعية وتتلقى النيران من الجانبين."
ويصف فيسك خطاب نصر الله بأنه "مثير للقلق وقاتم وأنه جاء بعد
أقل من 24 ساعة على الأقل من التصريحات التي وصف فيها مفتي مسلمي
لبنان من السنة، محمد قباني، حزب الله بأنه "عصابات مسلحة تقوم
بتنفيذ أبشع الاعتداءات على المواطنين وسلامتهم"، ومن الغني عن
القول إن الشخصيتين يمثلان معظم الطائفتان السنية والشيعية في
لبنان."
ويقول فيسك إن "انهيار بيروت خلال اليومين الماضيين يعود في جزء
منه إلى الصراع الأمريكي الإيراني على الرغم من أن الأمريكيين
سيلومون حزب الله بينما سيلوم الايرانيون الأمريكيين."
ويضيف فيسك أن "اللغة التي استخدمها نصر الله في خطابه، كما هي
اللغة التي استخدمها قباني، مخيفة.. فلغة نصر الله التي لقب فيها (الزعيم
الدرزي وأحد زعماء الموالاة وليد) جنبلاط بالـ"القاتل والسارق
والكاذب" هي لغة تعرض حياة اللبنانيين للخطر".
وبعد أن يستعرض فيسك باقي نقاط خطاب نصر الله يقول إن العاصمة
اللبنانية باتت أشبه بساحة معركة وأن الكويت دعت مواطنيها لمغادرة
لبنان دون أن تقول لهم كيف يفعلون ذلك بلا مطار.
صحيفة الجارديان نشرت ايضا تقريرا لمحررها لشؤون الشرق الأوسط،
ايان بلاك، تحت عنوان "واشنطن تتعهد بدعم الجيش اللبناني".
يقول المحرر إن الرئيس الأمريكي، جورج بوش، تعهد عشية جولته
الشرق أوسطية "بتقوية" الجيش اللبناني حتى يقوم بنزع سلاح مقاتلي
حزب الله والتصدي لنفوذ إيران وسورية في المنطقة.
ويمضي المحرر قائلا إن الأزمة اللبنانية بصفتها أحدث أزمة
تشهدها منطقة الشرق الأوسط جعلت بوش يشن هجوما على حزب الله
وأنصاره متهما إياهم بـ "زعزعة استقرار البلد والانقلاب ضد الشعب
اللبناني".
ونقل بلاك عن بوش قوله إن " المجتمع الدولي لن يسمح للنظامين
الإيراني والسوري عبر وكلائهما بتحويل لبنان إلى السيطرة الأجنبية".
وأضاف بلاك أن واشنطن ستساعد رئيس الوزراء اللبناني، فؤاد
السنيورة، من خلال تعزيز قواته المسلحة التي كثفت دورياتها بهدف
استعادة النظام بعد أسبوع من أعمال العنف التي بدأتها المليشيات
الشيعية.
ويشير المحرر إلى أن واشنطن أعادت إرسال المدمرة كول إلى قبالة
السواحل اللبنانية للتشديد على دعمها للبنان.
ويرى أن السعودية، التي تتزعم الدول السنية المحافظة الموالية
للولايات المتحدة والتي أقلقتها تحركات حزب الله والفوضى في العراق،
حذرت من العواقب التي تنتظر العلاقات مع طهران.
وينقل عن وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، قوله " إن
تأييد إيران للانقلاب الذي وقع في لبنان ودعمها له سيكون له عواقب
على العلاقات مع كل البلدان العربية".
السعوديون يحمّلون ايران المسؤولية
صحيفة الفاينانشال تايمز تناولت أيضا الأزمة اللبنانية إذ نشرت
تقريرا لمراسلها لشؤون الشرق الأوسط،، أندرو إنجلاند، تحت عنوان "
السعوديون يحملون إيران مسؤولية "انقلاب" حزب الله".
وجاء في التقرير أن السعودية وصفت تحركات حزب الله العسكرية
الأخيرة بأنها انقلاب يحظى بتأييد إيران، مما يعكس التوترات
الإقليمية التي تهدد الأزمة اللبنانية بمفاقمتها.
ونقلت الصحيفة عن مستشار للحكومة السعودية قوله إن المملكة
وفرنسا وواشنطن تتباحث في خيارات عزل حزب الله وحلفائه. كما أضاف
أن هذه الدول سوف تسعى لإحداث تغيير جذري في مجريات الأمور في
لبنان.
ونقلت الصحيفة أيضا عن بول سالم، مدير مركز الشرق الأوسط في
بيروت التابع لمعهد كارنيغي في الولايات المتحدة، قوله إن أي خطوات
لتسليح القوى الموالية للحكومة ستكون كارثية.
وقال سالم "أنا قلق من أن ذلك سيؤدي إلى تدريب القوى الموالية
للحكومة أكثر فأكثر لكن ذلك لن يهزم حزب الله أو ينال من حضوره أو
يغير وزنه الاستراتيجي بل سيشجع البعض على التورط في المزيد من
النزاع الداخلي أملا في الحصول على بعض المكاسب. لكن ذلك لن يأتي
بأي مكاسب، بل سيتسبب بالحرب الأهلية".
كما اعتبر سالم أن على حزب الله أن يدخل في تسويات لأنه بحاجة
إلى حكومة شرعية وجيش وطني يوفران غطاء له عند اندلاع أي حرب مع
إسرائيل مستقبلا. |