أربيل الكردية بين آمال التطور وأحلام الشباب

شبكة النبأ: تحولت الغبطة التي نتجت عن الاطاحة بنظام صدام حسين في نيسان/ابريل 2003 الى كابوس في معظم انحاء العراق على خلفية اعمال العنف والارهاب التي اجتاحت البلد بعد سقوط الدكتاتورية، باستثناء اقليم كردستان وخاصة اربيل التي تُدعى هذه الايام بـ مدينة الاحلام.

فعلى غرار مدينة دبي يتوافد عمال من بنغلادش ينشطون في تنظيف الشوارع الواسعة التي تعبرها سيارت فخمة.

وتشهد اربيل (350 كلم شمال بغداد) في وسطها التاريخي كما في الاحياء الاخرى حركة عمران واسعة للابنية الحديثة والقصور الفارهة والمكاتب ذات الواجهات الزجاجية بالاضافة الى المراكز التجارية. والمدينة عبارة عن ورشة ضخمة تنمو في احيائها المباني كالفطر.

ففي وسط المدينة تحولت مقبرة قديمة الى قاعدة لمبنى قيد الانشاء توزعت حوله آليات ورافعات الاسمنت والحديد ليتحول المكان الى عمارة حديثة الطابع.

وبالقرب من مطار اربيل حيث تنطلق رحلات يومية الى مناطق مختلفة في الشرق الاوسط واوروبا يرتفع مبنى شاهق من المقرر ان يكون فندق "امبير" المبني من 22 طابقا. وسيكون الفندق اعلى مبنى في كردستان.

كما تسير عمليات بناء عشرات الفنادق الاخرى قدما مثل "بارك اربيل" بخمس نجوم والذي يعد بتوفير "غرف الاحلام" لزبائن المستقبل.

وتوزعت في ارجاء المدينة لوحات كبيرة تعلن تشييد مجمعات سكنية ستكون جاهزة قريبا مثل "دريم سيتي" (مدينة الاحلام) و"القرية البريطانية" و"رويال سيتي" (المدينة الملكية).

ويجري تشييد هذه المجمعات المشابهة لمثيلاتها في كاليفورنيا على اراض كانت تشكل قاعدة عسكرية ابان النظام السابق. بحسب رويترز.

وتبلغ كلفة المنزل الفاخر في هذه المجمعات حوالى 250 الف دولار. وتعج المدينة بمشاريع بناء كتل سكنية شعبية ايضا.

وتبدو اربيل للناظر اليها من قلعتها التي يتجاوز عمرها الالف عام مدينة تختلط فيها المآذن والابراج غير المكتملة والهوائيات المخصصة لشركات الهاتف الخلوي والاتصالات ورافعات البناء الضخمة.

وترحب سلطات اقليم كردستان بالمستثمرين الاجانب من الاتراك واللبنانيين غالبا عن طريق تشجيع القطاع الخاص لتكون كردستان "بوابة رجال الاعمال الى العراق".

ويعيش اقليم كردستان استقلالا فعليا وان لم يكن رسميا في بلد تعم في ارجائه الفوضى. وينتظر المسؤولون في ظل الازدهار الملحوظ عوائد الانتاح النفطي الذي يشهد توسعا مع السعي الى انتاج نحو مئة الف برميل يوميا.

ويسعى القائمون على امور الاقليم حيث يعيش نحو اربعة ملايين نسمة الى ابراز منطقتهم "كواحة امان واستقرار". وتتولى قوات البشمركة الكردية وقوات الامن الاخرى مهمة المحافظة على امن الاقليم.

وتتباهى السلطات المحلية باقامة "ديمقراطية برلمانية نابضة بالحياة" مؤكدة ضمان الحريات الاساسية وحماية الاقليات وخصوصا المسيحيين الذين لجأوا الى كردستان باعداد كبيرة هربا من العنف.

لكن اربيل تعاني مشاكل كبيرة منها التزود بالطاقة الكهربائية التي تشكل احد اهتمامات السكان بالاضافة الى الفساد والغلاء.

ويسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم مسعود بارزاني بشكل واضح على اربيل بتنسيق يفرضه منطق المصالح مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة رئيس الجمهورية جلال طالباني.

ويتمتع سكان اربيل رغم مشاكلهم باوضاع لا شبيه لها في العراق وخصوصا مع بغداد بحيث تبدو الفروقات صارخة.

ويحظى التلاميذ بتعليم مجاني وهناك تسهيلات متنوعة مثل انتشار اجهزة الصرف المالي الالكترونية والحدائق العامة واماكن لممارسة بعض الهوايات الرياضية وسط استقرار امني راسخ.

شوارع أربيل تعج بالمدخنين الصغار 

يبيع ريدار ( 9سنوات) المناديل الورقية على سائقي السيارات عند إشارة المرور قرب جسر عينكاوه . وحين يعجز  ريدار عن إقناع السائق بشراء علبة مناديل ، يطلب نارا  ليشعل السيجارة المعلقة في فمه.

قال ريدار لوكالة أصوات العراق وهو يحرك سيجارته بين أصابعه وينفض عنها الرماد "أنا أعمل كرجل وأعيل أمي وأخوتي، لذلك من حقي أن أتصرف كرجل أيضا." ويتمتم ريدار وهو يتابع بعينية السيارات "لقد حرمت من المدرسة واللعب والأب ، ومع ذلك يذكرني الكل بانني مازلت طفلا حين يشاهدونني أدخن ! "

ريدار واحد من المدخنين الصغار الذين يتجولون بين السيارات عند شارات المرور وهم يعرضون بضاعاتهم البسيطة على السواق. ومن بين هؤلاء الطالب دلاور 17 سنة.

قال دلاور للوكالة المستقلة(أصوات العراق) "تعلمت التدخين من أصدقائي" لايدخن دلاور في البيت "خوفا من أهلي، ولكن ما أن أخرج مع أصدقائي الى الشارع حتى نبدأ بالتدخين." ويستطرد دلاور  "لست مدمنا وأستطيع ترك التدخين متى ما أردت ، و لكني أستمتع به فحسب."

على عكس دلاور يعترف  سرباز( 12 سنة) بأنه "مدمن على التدخين" ويعلل ذلك ببضاعته  " أنا أبيع السجائر، وألجأ الى التدخين في البرد و الجوع فهو ارخص من الطعام والوقود . التدخين تسليتي الوحيدة وهو جزء مني ولن أتركه ما حييت."

عن اثر التدخين على صحة الطفل واليافع تقول الدكتورة فينوس ابوبكر أن "أضرار التدخين على الطفل او المراهق اكبر، مقارنة بالبالغ، لأن الجهاز التنفسي عند اليافع اكثر حساسية للدخان وأكثر تضررا."

واستطردت ابوبكر " أن البدء بالتدخين في سن مبكرة يزيد عدد السجائر المدخنة في سن الأنسان، كما ويزيد الفترة التي يتضرر بها الجسم، و كلما بدأ الفرد التدخين في سن ابكر كلما كان الضرر اكبر".

وبالرغم من أن هذه االظاهرة تبدو أكثر على الأطفال العاملين في الشوارع الا أن المدارس لا تخلو منها كما قال الباحث الأجتماعي في أحدى مدارس اربيل للبنين عماد جوهر "حسب تجربتي الشخصية في المدارس فظاهرة التدخين واسعة  بالنسبة للأطفال في سن الدراسة ، ويعود السبب عادة إلى والد الطالب الذي يكون في أكثر الأحيان من المدخنين ، كما أن الكثير من الطلاب يتعلمون التدخين من الأصدقاء."

و أشار جوهر"أن هناك الكثير من الأسباب وراء لجوء الأطفال إلى التدخين ، فالفراغ العاطفي النابع من لعائلة بالدرجة الأولى هو أحد الأسباب."

وبحسب رأي جوهر فإن "دور الباحث الأجتماعي في المدارس كبير في إرشاد الطلبة ألى أضرار التدخين ومراقبتهم في المدرسة، وعادة ما يكون الباحث هو أول من يلجأ اليه المدخن الصغير، ومن هنا تاتي أعمية دوره".

معرض اربيل الدولي الثالث للكتاب يواصل اعماله بنصف مليون عنوان 

تواصلت في مدينة اربيل الشمالية، وقائع معرض الكتاب الدولي الثالث الذي اشتركت فيه اكثر من (150) دار نشر عربية وكردية واجنبية، عرضت قرابة نصف مليون عنوان، بحسب القائمين على اقامة المعرض، وفي حين طالب مثقفون عراقيون وعرب بتمديد فترة المعرض لاتاحة الفرصة امام القراء للحصول على مقتنياتهم من الكتب، قال اخرون ان المعرض لم يحقق النجاح الذي كان متوقعا له، رغم انهم اعربوا عن املهم في استثمار الايام القادمة لانجاح عمل المعرض.

وقالت غادة العاملي المشرفة على ادارة المعرض،  لوكالة اصوات العراق ان "اكثر من ثلاثة الاف شخص زاروا المعرض يوميا خلال ايام المعرض".

وأضافت انه تم "عرض اكثر من نصف مليون عنوان كتب الاغلبية الساحقة منها حديثة الطبع والاصدار".

ولفتت الى ان الجامعات والمؤسسات الاكاديمية والعملية في اقليم كردستان والعراق قامت شراء مجموعة كبيرة من الكتب في المعرض مشيرة الى ان حظر التجوال الذي تصادف فرضه في مدينة بغداد خلال ايام المعرض اثر على عدم وصول مندوبي عدد من الجامعات والمعاهد العراقية في الوقت المناسب.

وافتتح المعرض في قاعة متنزه الشهيد سامي عبد الرحمن غربي اربيل في الثاني من الشهر الجاري في وقت فرضت فيه السلطات في بغداد حظرا للتجوال ابتداءا من الحادي والثلاثين من الشهر الماضي ثم بدات برفعه تدريجيا على ان يرفع نهائيا غدا السبت بسبب مواجهات مسلحة نشبت بين القوات الحكومية ومسلحين وتوفر الحكومة على "معلومات تفيد ان ارهابيين ينوون استهداف مناطق مدنية في بغداد".

وحضر افتتاح المعرض، الذي تنظمه مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق وعادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية.

واعربت الاملي عن تفاجئها "بهذا الكم الهائل من القراء في وقت ان 95% من الكتب المعروضة هي بلغات غير الكردية".

ووصفت المعرض بانه كان "جيدا جدا وحقق نجاحا كبيرا وكانت هناك رغبة كبيرة على الكتب العملية في المعرض". في حين اشتكى مندوبو دور نشر عربية من ان مبيعاتهم من الكتب في ايام المعرض غير مرضية.

وقال  محمد احمد مندوب دار الايمان في مصر ان "الاقبال هذا العام ليس بالاقبال الذي كان عليه في العام الماضي لاننا سمعنا  ان الاقبال كان جيدا في العام الماضي ولهذا شاركنا هذا العام".

واوضح مندوب الدار التي تصدر كتبا علمية ودينية واكاديمية انه "حتى الهيئات والمؤسسات العملية في الاقليم التي من المفروض ان تدعم المعرض من خلال شراء الكتب لم تزر اجنحة جميع دور النشر وانما زارت فقط دور نشر معينة وهذا خلق احباطا لدى بعض دور النشر".

واشار الى ان من الصعب المشاركة في المعرض خلال السنوات القادمة لو استمر الحال هكذا وقال "باعتقادي ان الذين شاركو في المعرض لن يشاركوا في العام القادم لان التكاليف المالية تبلغ حوالي ثلاثة الاف دولار  وابيع في اليوم الواحد بحدود مائة او مائة وخمسين دولار فلن استطيع حتى تغطية التكاليف التي صرفتها ويوميا مام ابع اعلى اقل تقدير بحدود 200 دولار  هذا عدا تكاليف الفنادق والسفر والمواصلات وايجار الجناح".

وقال مندوب دار الساقي اللبنانية ان "نسبة الاقبال كانت جيدة في بداية المعرض لكنها اصبحت متقلبة في الايام الاخيرة ومدى الاقبال كان جيد على المواضيع الفكرية والسياسية والمختصة".

 وأوضح جبران ابو جودة ان "المبيعات م تكن في مستوى طموحاتنا وطلبيات الجامعات والمؤسسات الحكومية هي التي ترفع مبيعات دور النشر وهولاء لم يزورو كل الاجنحة". وبين ان الامكانيات والقدرات التي قدمتها دار المدى ستشجع كل دور النشر في المشاركة  وقال "اعتقد ان دور النشر ستشارك مادمت دار المدى تدير المعرض".

وذكر مندوب دار الجمل وهي دار عراقية مقرها المانيا ان "مبيعاتهم في الايام الاولى كانت ممتازة جدا ولكن في الايام الاخيرة انخفض الاقبال". واعتبر عيدان عطية هذا الوضع في منطقة كردية بالنسبة لكتب باللغة العربية "جيدا جدا".

وانتقد مندوب دار الكتب الحديثة من عدم وجود زيارات منظمة للمؤسسات العلمية للمعرض. وقال عبد محمد الجاسم "نحن نشارك في كل المعارض العالمية ومالاحظناه في المعارض العالمية اقبال الجامعات والمعاهد والمدارس ولكن هنا لم نلحظ اية مؤسسة تقوم بجولة منظمة داخل المعرض".

واشتكى دور نشر خاصة بالاطفال من انخفاض نسبة مبيعاتها لان اغلب منشورتها باللغة العربية في وقت اصبح التعليم الاساسي في اقليم كردستان باللغة الكردية ما أدى الى عدم المام الاطفال بالعربية.

وقال محمد سعيد مندوب شركة السفير  المصرية الخاصة بالاطفال "هناك مشكلة ان حوالي 95 % من مطبوعاتنا باللغة العربية وبالتالي المبيعات ليست جيدة ولم تكن متوقعة".

في المقابل ذكرت دار نشر كردية ان مبيعاتها كانت بمستوى جيد. وقال ريدار جعفر مندوب مؤسسة موكرياني للنشر وهي دار كردية مقرها اربيل "توجد رغبة على شراء الكتب الكردية ولمسنا رغبة جيدة لدى الزائرين للمعرض في شراء الكتب وبعنا مجموعة جيدة من الكتب المطبوعة حديثا في المؤسسة".

واشاد عبدالله كركوكي وهو احد زوار المعرض بإقامة مثل هذا المعرض في اربيل. وقال "اننا افتقرنا الى مثل هذه الكتب بسبب الحصار ولكن الذي يؤخذ عن المعرض ان غالبية العناوين لاسيكية وقديمة والجديد مفقود نوعا ما وخصوصا مايخص القضايا العراقية والكردستانية" فيما اشتكت سعدية فليح وهي زائرة اخرى من غلاء اسعار الكتب المعروضة.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء 14 أيار/2008 - 7/جماد الاول/1429