مدينة الصدر بين العنف وشبح المجاعة والامراض

شبكة النبأ: يوما بعد اخر تشتد وطأة الاوضاع المعيشية والصحية والخدمية التي فرضتها المواجهات المستمرة بين المسلحين والقوات الامنية منذ اكثر من اربعين يوما في مدينة الصدر ببغداد، فقد قال مسؤولون ان امدادات الغذاء والمياه والادوية لدى مدنيين حوصروا في القتال في أحد الاحياء الفقيرة في بغداد بدأت تنفد وان وكالات الاغاثة غير قادرة على جلب امدادات لهم.

لكن مسؤولي اغاثة ومتحدثا باسم الحكومة العراقية نفوا تقارير تحدثت عن عمليات نزوح جماعي للسكان من حي مدينة الصدر الذي يقيم فيه مليونا نسمة وهو من معاقل ميليشيا جيش المهدي الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

وقالوا ان توصيل مساعدات الى المنطقة الواقعة في شرق بغداد مسألة بالغة الخطورة حيث قتل مئات الاشخاص في الاشتباكات التي استمرت عدة اسابيع. وشن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي يسعى الى فرض القانون والنظام حملة صارمة ضد هذه الميليشيات في اواخر مارس اذار يعتقد بعض المحللين انها قد تؤدي الى مواجهة شاملة وحاسمة.

وقالت دانا جريبر لادك خبيرة شؤون النازحين في منظمة الهجرة الدولية التابعة للامم المتحدة في عمان ان نحو 500 اسرة فرت عندما بدأت عمليات القوات الامريكية والعراقية ضد الميليشيا الشيعية.

واضافت عبر الهاتف "منذ ذلك الحين لم يتمكن سوى عدد صغير جدا من العراقيين من المغادرة بسبب حظر التجول .. وانعدام الامن."

وقالت "اننا نحتاج الى ان يظل هذا الممر مفتوحا للسماح بوصول المساعدات ... من جانب القوات الامريكية والعراقية... ومن جانب كل طرف من اطراف الصراع."

وقالت لادك ان هناك حاجة عاجلة للمساعدات. وتوقف توزيع حصص الغذاء على السكان فيما ترتفع أسعار الاغذية الرئيسية.

ويوجد نقص أيضا في المياه والخدمات الطبية في مناطق الاشتباكات وخاصة منذ ان سقط صاروخ امريكي بالقرب من مستشفى بمدينة الصدر يوم السبت وألحق أضرارا بعدد من عربات الاسعاف.

وقالت لادك "يتوقف الكثير... على مدة استمرار هذا الصراع ... واذا استمر فترة طويلة... فاننا نغامر بمواجهة عواقب أكثر خطورة مثل انتشار وباء الكوليرا وسوء التغذية."

وبدأت حملة المالكي في مدينة البصرة الجنوبية حيث أظهر جيش المهدي مقاومة شرسة لمدة اسبوع الى ان امر الصدر مقاتليه بالانسحاب من الشوارع. لكن القتال استمر في مدينة الصدر ببغداد.

وقال الجيش الامريكي انه قتل 17 من المسلحين في معارك مختلفة حول بغداد منذ يوم الاربعاء واستخدم في معظمها طائرات الهليكوبتر لتوجيه ضربات ردا على هجمات تستهدف القوات البرية.

واتهم تحسين الشيخلي المتحدث المدني باسم الحكومة للعمليات الامنية في بغداد المسلحين بمهاجمة القوافل التي تحاول جلب مساعدات.وتساءل عن المسؤول عن تدهور الموقف الانساني في مدينة الصدر قائلا "أليست هي الجماعات المسلحة؟"

وقال ان الحكومة بذلت قصارى جهدها للسماح بوصول المساعدات الغذائية الى الاسر التي اضيرت.

وقال سعيد حقي رئيس الهلال الاحمر العراقي ان اقل من 1000 اسرة غادرت مدينة الصدر منذ بدء العمليات مضيفا ان معظم افراد هذه الاسر توجهوا للاقامة مع اقارب.

وقال بعض السكان ان قوات الامن العراقية استخدمت مكبرات الصوت لتحث الناس على مغادرة ديارهم ربما في اشارة الى ان شن هجوم كبير بات وشيكا لكن الشيخلي ومتحدثا من مكتب الصدر في الحي الفقير نفوا ذلك.

وقدم مسؤولو امن عراقيون روايات متضاربة بشأن ما اذا كان تم استخدام مكبرات صوت لتحذير الناس لكي يلوذوا بالفرار بينما قال الجيش الامريكي ان الادعاء بان قواته دعت السكان الى مغادرة اجزاء من مدينة الصدر هو ادعاء زائف.

وقال الليفتنانت كولونيل ستيفن ستوفر المتحدث باسم الجيش الامريكي في بغداد "هذا هراء." وقال كثير من السكان انهم سيبقون على اية حال. وقال علي قاسم (30 عاما) "لا يمكننا المغادرة ولا يمكننا التخلي عن اصدقائنا."

مواطنون يروون معاناتهم بعد (40) يوما من المواجهات 

"حين القت ام محمد نفسها على ابنها الذي اصابته رصاصة قناص امام باب المنزل، لم تكن تعرف ان رصاصة قناص اخرى ستقتلها فوق جسد ابنها بالضبط،" هذا ما يرويه احد الجيران في قطاع (8) داخل مدينة الصدر (شرقي بغداد) التي تشهد اشتباكات يومية بين مقاتلين من جيش المهدي، وقوات عراقية وامريكية منذ اكثر من اربعين يوما.

ويقول ابو مهند وهو يشير متحسرا الى (بيت ام محمد)، إن "ام محمد، حاولت سحب ابنها الذي اصابته رصاصة القناص اثناء الاشتباكات، الى داخل المنزل، لكن جثتها بقيت مع جثته على الرصيف حيث يقع مسكنهما على الشارع العام, بينما ينظر الناس اليهما من خلال نوافذ المنازل دون ان يقوى احد ما على اخلائهما او اسعافهما."

ويضيف ابو مهند "كنا نسمع صراخ ابو محمد طالبا من الجيران ان يساعدوه في الخروج من المنزل لاغاثتهم، خصوصا وانه فقد احدى ساقيه بانفجار وقع ببغداد العام الماضي، ويعاني من قصر النظر، لكن حين هرعوا اليهم، كانا قد توفيا."بحسب اصوات العراق.

وتحفل مدينة الصدر الان، بشتى القصص عن حوادث تشبه حادثة ام محمد وابنها، خصوصا بعد ان شهدت معارك بين جيش المهدي التابع للتيار الصدري الذي يتزعمه الزعيم الشاب مقتدى الصدر، والقوات الحكومية التي تسندها القوات الامريكية، تزامنت مع الاشتباكات التي وقعت في البصرة عقب انطلاق خطة (صولة الفرسان) في الاسبوع الاخير في الـ(25) من شهر اذار الماضي.

ويروي عبد الخالق السويعدي (46 عاما), بعد ان نقل عائلته الى منزل اخر في اطراف مدينة الصدر، أن "صاروخا انطلق من مروحية امريكية باتجاه منزلي بينما كنت فيه لوحدي، ولم اشعر الا بالنار وهي تلتهم المنزل وسط غبار كثيف." ويضيف السويعدي "الحمد لله نجوت من الانفجار، لكن كان صعبا علي الخروج خوفا من ان يطلق المسلحون او الجنود النار علي، وفي النهاية، كنت مجبرا على الخروج امام القوات المشتركة رافعا يدي الى الاعلى، فلم يطلقوا علي النار، ونجوت باعجوبة من موت كاد ان يكون محققا."

ويتحدث احمد كريم ( 40 عاما) عن قصف جوي امريكي شبه يومي يستهدف الاحياء السكنية, كون المدينة عبارة عن منازل متراصة ولاتوجد فيها مناطق مفتوحة مثل البساتين او الاراضي المتروكة.

ويضيف كريم الذي يسكن منطقة الاولى التي تتألف من تسع قطاعات سكنية وتسيطر عليها القوات الامريكية، إن  الطائرات المروحية الامريكية "تحلق في اجواء المنطقة على مدار الساعة ليلا ونهارا, وتقذف بصواريخها باتجاه المدينة بين الحين والاخر."

ويقول حازم الربيعي (32 عاما) وهو من سكنة (شارع الداخل) وسط مدينة الصدر، ان "رجلا كبيرا في السن حاول قبل ايام عبور الشارع العام من قرب محطة الوقود في شارع الداخل, غير انه سقط فجاءة عندما اصيب برصاص قناص مجهول في بطنه, ولم يتجرأ اي شخص على انقاذه حتى ظل ينزف, وتوفي بعد دقائق من اصابته."

بأمر المالكي: ثلاثة ملاعب لاستقبال النازحين من مدينة الصدر 

وقال المتحدث باسم عمليات بغداد (فرض القانون)، أن رئيس الوزراء نوري المالكي أمر بتخصيص ثلاثة ملاعب لكرة القدم ببغداد كي تكون ملاذا امنا لسكان مدينة الصدر الذين يريدون النزوح من المدينة على خلفية الاشتباكات التي تشهدها منذ نهاية شهر آذار الماضي.

وقال اللواء قاسم عطا، لوكالة (اصوات العراق) إن القوات العراقية "لديها القطعات العسكرية الكافية، والإسناد الجوي، والمعلومات الاستخبارية عن مواقع المسلحين." مستدركا "لكن قيادة عمليات بغداد تريد ضمان سلامة المدنيين قبل الدخول الى المدينة".

وشهدت مدينة الصدر الواقعة شرقي بغداد، خلال اليومين الماضيين تحركا للقوات المشتركة العراقية - الامريكية، باتجاه شرقي المدينة بعد السيطرة على جنوبيها. واثر سيطرة القوات المشتركة على مساحة تقارب ربع مساحة مدينة الصدر يجري التحرك الان من جنوبي المدينة الى وسطها، فيما تميزت ليلة امس الخميس، بتحرك واسع للقوات المشتركة باتجاه منطقة الكيارة وشارع أبو ذر الغفاري شرقي المدينة.

وتابع عطا أن "رئيس الوزراء نوري المالكي، أمر بإيجاد مناطق بديلة للعوائل التي تتعرض للتهديد او تريد النزوح من المدينة."

واضاف عطا أن "قيادة عمليات بغداد، وبالتعاون مع وزارتي الهجرة والشباب، اختارت ملاعب الشعب والطلبة والصناعة لتكون أماكن مؤقتة بديلة، بعد توفير الخدمات اللازمة، لتكون ملاذا امنا للعوائل التي ترغب في النزوح من مدينة الصدر."

ويقول شهود عيان ان هذه الملاجئ (الملاعب الثلاثة) ما زالت خالية، حيث توجه آلاف النازحين الى بيوت أقاربهم، لكن من المتوقع أن تبدأ موجة الهجرة الكبيرة حين تتصاعد العمليات خلال الأيام القادمة.

ووصف المتحدث باسم عمليات بغداد القتال الحالي بأنه "تحرك عسكري بأسلوب فني، لكن كل الخيارات مفتوحة".

وبحسب شهود عيان من اهالي مدينة الصدر، فان  العمليات العسكرية للقوات المشتركة، تبدأ يوميا في وقت يمكن تحديده بين الساعة التاسعة مساء حتى الواحدة بعد منتصف الليل، وبشكل تقدم عسكري بطيء مع إسناد جوي .

وبحسب اللواء عطا، فان أسلوب الحواجز  الذي تتبعه القوات المشتركة لتأمين المناطق التي يتم السيطرة عليها، هو أسلوب "متبع في حرب المدن."واصفا وجود الحواجز بأنه "مؤقت، وسترفع بعد تطهير المدينة بالكامل."

وتابع عطا قائلا أن "رئيس الوزراء نوري المالكي، أمر بإيجاد مناطق بديلة للعوائل التي تتعرض للتهديد او تريد النزوح من المدينة."

واضاف عطا أن "قيادة عمليات بغداد، وبالتعاون مع وزارتي الهجرة والشباب، اختارت ملاعب الشعب والطلبة والصناعة لتكون أماكن مؤقتة بديلة، بعد توفير الخدمات اللازمة، لتكون ملاذا امنا للعوائل التي ترغب في النزوح من مدينة الصدر."

ويقول شهود عيان ان هذه الملاجئ (الملاعب الثلاثة) ما زالت خالية، حيث توجه آلاف النازحين الى بيوت أقاربهم، لكن من المتوقع أن تبدأ موجة الهجرة الكبيرة حين تتصاعد العمليات خلال الأيام القادمة.

مستشفيات الصدر تتسلم 20 قتيلا و 115 جريحا خلال 24 ساعة الماضية 

وقال مصدر طبي السبت إن مستشفيات مدينة الصدر شرقي بغداد تسلمت خلال الـ24 ساعة الماضية 20 قتيلا و 115 جريحا حصيلة الاشتباكات التي اندلعت منذ أواخر شهر آذار مارس الماضي بين مسلحين وقوات الأمن العراقية.

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، لوكالة (أصوات العراق) أن "مستشفى الأمام علي في مدينة الصدر تسلم 15 قتيلا و 54 جريحا، فيما تسلم مستشفى الصدر خمسة قتلى و 61 جريحا". على خلفية اندلاع الاشتباكات في شهر آذار مارس الماضي بين قوات الأمن العراقية ومسلحين.

وشهدت مدينة الصدر مواجهات دامية في الأسبوع الأخير من شهر آذار مارس الماضي بين القوات الأمنية معززة بالقوات الأمريكية ومسلحين يعتقد انهم من جيش المهدي التابع للتيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين السيد مقتدى الصدر تزامنت مع الاشتباكات التي وقعت في البصرة عقب انطلاق خطة (صولة الفرسان) في المدينة الواقعة جنوبي العراق لملاحقة من اسماهم رئيس الوزراء نوري المالكي "الخارجين على القانون".

نائبة صدرية: تسليم المطلوبين هو العقبة في مفاوضاتنا مع الحكومة 

وكشفت نائبة عن الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي عن إن تسليم المطلوبين الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال يشكل العقبة الاكبر امام التوصل إلى اتفاق لحل الازمة بين التيار الصدري والحكومة منذ نحو شهر.

وقالت زينب الكناني لوكالة أصوات العراق إن "وفودا متعددة من التيار الصدري برئاسة الناطق باسم التيار الصدري صلاح العبيدي اجتمعت بإطراف من الائتلاف العراقي الموحد وكتل برلمانية اخرى على مدار اليومين الماضيين لحلحلة الازمة القائمة" بين الحكومة والتيار الصدري بقيادة رجل الدين الشاب مقتدى الصدر.

 وأشارت الى ان التيار اجرى حوارات متعددة الخميس مع اطراف من الائتلاف العراقي الموحد" الذي ينتمى اليه رئيس الوزراء نوري المالكي.

وبينت "ان نتائج الاجتماعات تسير بشكل جيد لكن بعض الامور المحورية لازالت قيد التشاور ولم تصل الاطراف فيها بعد للتوافق وقد تحتاج الى بعض الوقت".

وأوضحت الكناني ان "من المسائل المحورية التي لم تصل الاطراف بعد لحلحلتها هي قضية تسليم المسلحين الصادره بحقهم مذكرات اعتقال ممن ويفوق عددهم الاربعين شخصا".

ولفتت الكناني "الى ان التيار الصدري لايعارض مسالة تفتيش المنازل لغرض نزع الاسلحة وقد جرت في الايام الفائتة عمليات تفتيش في احياء مدينة الصدر لم تسفر عن وجود اية اشياء تذكر". ورجحت النائبة البرلمانية" ان تشهد الايام القريبة القادمة اتفاقا مع الحكومة لنزع فتيل الازمة" .

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد 11 أيار/2008 - 4/جماد الاول/1429