أزمة المياه في صيف العراق الساخن هل ستزيد معاناة العراقيين؟

اعداد: علي الطالقاني

شبكة النبأ: مع دخول العراق صيفه الساخن تدخل معه أزمات كثيرة من بينها الانقطاع الكهربائي الذي تصل عدد ساعاته في اليوم الواحد الى عشرون ساعة، وفي أزمة أخرى تزيد الأوضاع تدهورا أكثر مما هي عليه الآن يواجه العراق وخصوصا العاصمة بغداد  نقصا حادا في مياه الشرب مع توقعات ان تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية.

كذلك أنابيب الصرف الصحي التي تفيض والنقص المزمن في المياه من ضحايا الحرب التي لا تلقى اهتماما يذكر وسط المعارك اليومية وانفجارات القنابل وإراقة الدماء في العراق.

و إن انعدام الأمن مشكلة لكن الأمر الذي لا يلاحظ هو كيف يعرقل هذا الأمر تقديم الخدمات التي يحتاج إليها الناس في حياتهم. إن السلطات أمامها مهمة ضخمة لإصلاح شبكة أنابيب المياه المهملة منذ عشرات السنين والتي تمثل تحديا في ضوء الأحوال الأمنية السيئة.

إذ يلعب الأطفال الذين يرتدون ملابس رثة في شوارع متربة بجوار أكوام من القمامة وبرك المياه الراكدة السوداء. وهذا يظهر مدى الفقر الذي يعانيه السكان.

وكل هذه الأحوال تخلق عملا لأشخاص مثل حسين جواد الذي يعمل في السباكة. وقال إن عمله في الصيف. لا توجد مياه كافية لذلك يقوم بتركيب مضخات وصهاريج. مضيفا أنه يحقق مكاسب جيدة. وتقول سلطات بغداد انها تعمل بجدية لبناء وحدات كبيرة لمعالجة المياه لها قدرات كافية لتلبية مطالب المدينة كلها. لكن هذه الوحدات لن تعمل قبل أواخر عام 2009

وأصبح الدعم الامريكي للاعمار في العراق مثار جدل في الداخل بدرجة متزايدة.

 وفي الاسبوع الماضي أقرت لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ قانونا يحظر على وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) تمويل برامج تكلف أكثر من ملياري دولار. حسب رويترز

من جانب آخر أصبح الفساد متوطنا وابتلع مليارات الدولارات من اموال المساعدات قبل ان تصل الى المشروعات المزمعة.

ويريد العديد من اعضاء الكونجرس الامريكي ان تخفض الولايات المتحدة المثقلة بالعجز في الميزانية خفض المساعدات لحكومة عراقية تدير ميزانية جيدة بها فائض بفضل اسعار النفط التي ارتفعت الى مستويات قياسية.

عجزاً مائياً

و تثير توقعات بتناقص مياه انهار العراق المشتركة مع دول أخرى (تركيا وسورية)، قلقاً واسعاً لدى الجهات المعنية، ما دفعها الى اعادة النظر في برامج مشاريعها الحالية والمستقبلية.

ويتوقع تراجع منسوب المياه في نهري دجلة والفرات بسبب نقص في مواردهما الآتية من تركيا الى العراق، الى جانب انخفاض معدل الأمطار في البلاد، الى ما دون 50 في المئة عن معدلاتها الطبيعية.حسب صحيفة الحياة

وتوقع وزير الموارد المائية العراقي، عبد اللطيف جمال رشيد، في حديث إلى «الحياة» ان تصل نسبة العجز في مياه الانهار المشتركة الواصلة إلى العراق من هذه الدول الى اكثر من 33 بليون متر مكعب سنوياً بحلول عام 2015، اذا لم تتوصل الأطراف المعنية الى اقتسامها في شكل عادل.

واوضح ان حاجة العراق الحالية تتجاوز 50 بليون متر مكعب، علماً ان مساحة الاراضي الصالحة للزراعة في البلاد لا تتجاوز 10 ملايين دونم، وانتاجيتها متدنّية.

وتبلغ الواردات المائية الحالية لكل الأنهار الوافدة إلى العراق او الجارية فيه الى 43.92 بليون متر مكعب، لكنها تعاني ارتفاعاً في نسب الملوحة، بخاصة في حوض الفرات في كل من تركيا وسورية.

وأضاف رشيد ان طاقة الخزن الكلية في العراق تبلغ 148.91 بليون متر مكعب، لكنها لا تخزن اكثر من 77 بليون متر مكعب. وأوضح ان طاقة خزن المياه في منطقة الاهوار البالغة 20 بليون متر مكعب تأثرت كثيراً خلال السنوات الاربع الماضية نتيجة سحب كميات كبيرة منها بسبب حالة الجفاف التي شهدها العراق.

ويشار الى ان تركيا ماضية في تشييد مشروع «كاب» الهادف الى انشاء 22 سداً و19 محطة كهرو - مائية على نهري دجلة والفرات، لري مساحة تزيد على 9 ملايين دونم في منطقة الاناضول، من خلال خزن كمية تزيد على 100 بليون متر مكعب، ما سيقضي على ثلث مساحة الاراضي الزراعية في العراق خلال 15 سنة.

الى ذلك، حذّر وزير الزراعة العراقي علي البهادلي من ان أجزاء من العراق تعاني من الجفاف، ما يضيف أعباء اخرى على عاتق المزارعين الذين يعانون اصلاً مشاكل الامنية وضعفاً في تجهيز مصادر الطاقة وارتفاع نسب الملوحة في المياه ونقصاً في الموارد.

ولفت إلى ان المشكلة الرئيسة تتجسد في محافظة نينوى، التي تعتمد على الأمطار لزراعة محاصيل الحنطة والشعير.

وأوضح ان المناطق الوسطى والجنوبية في البلاد، حيث يعتمد المزارعون على مياه نهري دجلة والفرات، لن تتأثر بشدّة لوجود ما يكفي من المياه في السدود، كما ان اقليم كردستان لن يتضرر كثيراً بفضل الثلوج.

وقررت وزارة الكهرباء العراقية عدم تنفيذ أية مشاريع لبناء محطات كهربائية بخارية على نهر الفرات، بسبب توقعها تراجع منسوبه، مستعيضة عنه بانشاء محطة لتوليد الكهرباء على سد بخمة في منطقة الزاب الاعلى، شمال شرقي العراق.

تدني الايرادات المائية لدجلة والفرات

من جانب آخر ذكرت وزارة الموارد المائية أن الايرادات المائية لنهري دجلة والفرات وروافدهما تراجعت هذا العام نتيجة الشحة الكبيرة في سقوط الامطار في عموم العراق.

وقالت الوزارة في بيان لها، ان السنة الحالية شهدت شحة كبيرة في سقوط الأمطار في عموم البلاد وكانت معدلاتها متدنية جداً قياساً بالسنوات السابقة وبلغت نسبتها /30/ بالمائة من المعدل العام لسقوط الامطار في العراق. حسب أصوات العراق

واوضح  ان الواردات المائية تعتمدعلى كمية الامطار والثلوج الساقطة على احواض تغذية نهري دجلة والفرات وروافدهما في دول المنبع وسياسة التشغيل للسدود والخزانات المقامة على اعالي الانهر المشتركة مع الدول المجاورة.

وطبقا للبيان فان نتيجة لقلة سقوط الامطار هذا العام فقد تدنت الايرادات المائية لنهري دجلة والفرات وروافدهما وبلغت نسبة الواردات المتراكمة حتى يوم 15 نيسان إبريل الماضي نحو 10,07 مليار متر مكعب بالنسبة لنهر دجلة الرئيسي والزاب الاعلى والزاب الاسفل وتشكل نسبة 45% من المعدل العام ومليار متر مكعب بالنسبة لنهر ديالى وبنسبة 31 بالمائة من المعدل العام.

وتابع  أما بالنسبة لنهر الفرات فقد بلغت الواردات المائية 8,72 مليار متر مكعب وهي تشكل نسبة 69 بالمائة من المعدل العام.

واشار الى انه نتيجة للايرادات المتدنية حتى منتصف نيسان ابريل الجاري فقد بلغ اجمالي الخزين الحي في السدود والخزانات 22,26 مليار متر مكعب وهو أقل من اجمالي الخزين الحي للعام الماضي وللتاريخ نفسه بمقدار 9,19 مليار متر مكعب الذي يمثل مقدار العجز في الخزين المائي.

واكد البيان على وجوب اتخاذ بعض الاجراءات لمواجهة الموقف المائي الشحيح اهمها التقنين بالتجهيزات المائية للانهر والجداول كافة وتطبيق نظام المراشنة ضمن المشاريع الاروائية والقيام بتمديد ممصات محطات مشاريع اسالة الماء كافة والواقعة على عمودي نهر دجلة والفرات وروافدهما.

وذكر البيان انه يتوجب كذلك قيام اللجان الزراعية في المحافظات كافة بعقد ندوات لشرح اهمية التقنين في استخدام المياه والتقيد بالكثافة الزراعية وقيام وزارة النفط بأعطاء الاولوية بتجهيز الوقود لتشغيل المضخات والمولدات لأغراض الري والبزل.

وشدد على ضرورة  قيام وزارة البيئة بمراقبة مصادر تلوث الانهار بالملوثات الكيمياوية والبايولوجية ومنعها وقيام وزارة الكهرباء بالايعاز الى دوائرها في المحافظات بضرورة استمرار التيار الكهربائي لمحطات الري والبزل.

دعوة لاجتماع عاجل مع حكومة كردستان

و اقترحت منظمة الغذاء العالمي، عقد اجتماع عاجل مع حكومة إقليم كردستان لمواجهة الجفاف الذي يواجهه الإقليم بسبب قلة الأمطار.

وقال بيان لمكتب منسقية حكومة كردستان العراق لشؤون الأمم المتحدة إن وفد منظمة الغذاء العالمي (WFP) عقد اجتماعا مع الدكتور ديندار زيباري منسق حكومة الإقليم لشؤون الأمم المتحدة، وبحثا "مسألة الجفاف التي يواجهها الإقليم هذا العام، بسبب انخفاض نسبة هطول الأمطار."

وأوضح البيان، أن الاجتماع سلط الضوء على خطة الطوارئ للمنظمة لمواجهة مشكلة الجفاف التي يمر بها إقليم كردستان. حسب اصوات العراق

وأشار إلى أن الوفد اقترح عقد اجتماع عاجل، خلال الأيام القادمة، بين وكالات الأمم المتحدة والجهات ذات العلاقة في حكومة إقليم كردستان لمناقشة برنامج الوكالات والأطراف الدولية الخاص بمواجهة أزمة الجفاف."

وكانت حكومة كردستان أعلنت أن (2008) الجاري سيكون "عام الجفاف" في الإقليم، وشكلت لجنة في مجلس الوزراء مع رصد (120) مليون دولار لمواجهة هذه المشكلة، وتوفير المياه الصالحة للشرب للمواطنين، وتوفير العلف للمواشي والحيوانات.

كما قررت اللجنة تعويض الفلاحين بسبب الأضرار التي لحقت بهم جراء تلف المحاصيل الزراعية بعد انخفاض نسبة سقوط الأمطار في هذا العام.

ارتفاع وانخفاض الأسعار  بسبب الجفاف   

و شهدت أسواق دهوك، هذه الأيام ارتفاعاً كبيراً في اسعار الحنطة والشعير بلغ اكثر من ضعف ما كانت عليه جراء الجفاف وانحباس الامطار تسبب بالتالي في تراجع أسعار الأغنام بسوق الجملة في المدينة .

وقال احمد إسماعيل، الذي يعمل في تجارة الحنطة والشعير منذ سنوات، " اسعار الحنطة ارتفعت بشكل كبير، خلال الأيام الأخيرة ليصل سعر الطن الواحد اليوم إلى (750000) دينار بعد ان كان سعره استقر منذ بداية استلام المحصول للعام الماضي عند حدود 450000 دينار".حسب أصوات العراق

واشار إسماعيل الى أن الجفاف،الذي أعلن عنه رسميا، شكل سببا رئيسيا في ارتفاع سعر الحنطة، في وقت تراجعت كمية المعروض منها في السوق بسب الإقبال الكثيف على شرائه من قبل معامل الطحين.

واضاف ليست أسعار الحنطة وحدها ارتفعت، بل أن المحاصيل الأخرى قد ارتفعت أسعارها كذلك، ولكن بنسب مختلفة، و يأتي الشعير بعد الحنطة ثم البقوليات فقد وصل سعر كيلو الباقلاء اليابسة مثلا لأكثر من ألفين وخمسمائة دينار بعد ان كان سعره لايتجاوز الألف وخمسمائة دينار منذ أيام قليلة.

وأعلن مصدر مخول في مديرية زراعة دهوك ،اليوم الأحد، أن مساحة تتجاوز ألـ ( 450000) دونم من المساحات المزروعة بالحنطة و ( 146090 ) دونم مزروعة بالشعير قد تلفت محاصيلها بسب الجفاف.

وقال جهاد احمد يونس، نائب مدير عام زراعة دهوك إن هذه المساحات هي فقط التي أحصيت كمياتها من قبل المديرية، ولدينا معلومات عنها، لكن الرقم النهائي لم يصلنا بعد، وبالتأكيد ستكون الأرقام اكبر وطبعا خسارة المزارعين ستتناسب مع كبر هذه الأرقام.

وأدى ارتفاع اسعار القمح الى تراجع أسعار الأغنام، بشكل كبير في سوق الجملة في دهوك حسبما أشار أليه فرمان صالح الذي يعمل في بيع وشراء الأغنام. في هذا الأسبوع تراجع سعر بيع الغنم بشكل كبير ليصل سعر رأس الغنم إلى 30 -35 ألف دينار بعدما كان في بداية الموسم أكثر من مئة ألف دينار."

إجراءات احترازية في كربلاء

من جانبه قال محافظ كربلاء انه تقرر تشكيل لجنة مشتركة من دوائر الدولة في المحافظة لتحديد طرق توفير المياه للشرب والسقي ضمن إجراءات احترازية لمواجهة احتمالات حدوث شحة مياه في الجداول والأنهار بسبب أزمة المياه هذا العام في العراق.

وأوضح الدكتور عقيل الخزعلي أمرت بتشكيل لجنة مشتركة بين دوائر الموارد المائية ومديرية ماء كربلاء ودائرة كهرباء كربلاء لتحديد طرق معالجة توفير المياه الصالحة للاستهلاك المحلي وتأمين مياه الشرب والسقي الزراعي لمواجهة شحة المياه في جميع الجداول والأنهار وأضاف هذا اللجنة جاءت على خلفية تردد أنباء من حصول شحة مياه في العراق.

وأشار" اللجنة ستأخذ على عاتقها تأهيل بعض مجمعات الماء المتأخرة في الإنجاز يبلغ عددها بالعشرات وهي بحاجة إلى سرعة في الإنجاز وزاد كما نريد من هذه اللجنة مراقبة الأنهر التي يقع عليها المشاريع المائية للقيام بزيادة الممصات أو القيام بإنشاء أحواض جانبية من الأنهر التي تحتمل انخفاض مناسيب المياه فيها إلى الحد الذي يتعذر معه تغذية المجمعات بالماء الخام لغرض التصفية

مسؤولون يرجعون إنقطاع الماء

و يرجع مسؤولون في مديرية ماء محافظة نينوى سبب إنقطاع المياه عن أحياء الجانب الأيمن من مدينة الموصل إلى توقف محطات تنقية الماء بسبب عدم قدرة المضخات على سحبه من (نهر دجلة) لانخفاض منسوبه. فيما وصف سكان محليون مستوى النهر حاليا بـ "المخيف".

ويقول خالد العبار مدير إعلام ماء نينوى، إن إنقطاع ماء الإسالة عن أحياء الجانب الأيمن من الموصل، منذ عدة أيام، يعود إلى توقف مضخات محطات تصفية الماء عن العمل، نظرا لإنخفاض منسوب مياه نهر دجلة.

وأوضح أن مستوى ماء النهر  إنخفض إلى دون مستوى أنابيب السحب، ما أدي إلى عدم  استطاعة المضخات سحب الماء مشيرا إلى أن الإنقطاع قد يستمر "لعدة أيام، وهو مرتبط بارتفاع منسوب النهر.بحسب وكالة أصوات العراق

من جهته، قال مصدر مسؤول في مديرية الموارد المائية بالموصل إن إنخفاض منسوب (دجلة) هو نتيجة موسم الجفاف الذي مر به العراق هذا العام، وانحباس الأمطار وقلة الثلوج في مناطق شمال العراق، خلال الشتاء الماضى، ما أدى إلى قلة الروافد التي تغذي النهر.

ويقسم (نهر دجلة) مدينة الموصل إلى قسمين: الساحل الأيمن.. وهو المدينة القديمة، والساحل الأيسر.. وهو المدينة الجديدة. وعندما توسعت الموصل كان التوسع في الساحل الأيسر أكثر بكثير من الأيمن، من حيث المساحة والسكان.

وتبعد مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، مسافة (402 كلم) إلى الشمال من العاصمة بغداد.

وذكر سكان محليون في الموصل أنهم لاحظوا إنخفاض مستوى ماء (نهر دجلة)، الذي يمر وسط المدينة، إلى مستويات وصفها بعضهم بـ "المخيفة".

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت 10 أيار/2008 - 3/جماد الاول/1429