بورما بين فكي الإعصار والحكم العسكري

اعداد: ميثم العتابي

شبكة النبأ: أقترن أسمه بالحسناوات، مثل كاترينا، تسونامي، واليوم ناريجس، الاعصار اليوم ضرب بورما وخلف كارثة إنسانية كيبرة ومؤلمة، ذلك إلى جانب ما يعيشه الشعب البورمي في ظل الحكم العسكري التعسفي والذي سيطر عليه منذ 46 عاما.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تعرض عليكم جانبا من المعاناة الإنسانية لشعب بورما والكارثة التي خلفها الإعصار إلى جانب المعونات الدولية، والمطالبة المستمرة من قبل دول العالم فتح الحدود لإيصال المساعدات:

تحشيد دولي لإعانة ضحايا الإعصار في بروما

اعلنت منظمة "سيف ذي تشيلدرن" الانسانية ان ملايين الاشخاص باتوا من دون مأوى في بورما بسبب الاعصار ناريجس الذي ضرب البلاد.

وتظهر حصيلة موقتة صادرة عن السلطات البورمية ان الاعصار الذي اجتاح مناطق شاسعة في جنوب بورما تسبب بمقتل اكثر من 22 الف شخص وفقدان 41 الفا اخرين.

وقال اندرو كيركوود مدير سيف ذي تشيلدرن لبورما: ثمة 41 الف مفقود لكن الكثير من الاشخاص يعتبرون ان غالبية الـ41 الفا قضوا في الاعصار.

واضاف، من الواضح ان ثمة ملايين المشردين لكن لا نعرف بالتحديد عددهم.

وتابع كيركوود ان منظمته الناشطة جدا في بورما جمعت معلومات رهيبة عن الوضع في دلتا ايراوادي (جنوب غرب) اكثر المناطق تضررا بالاعصار. قائلا: شاهد احد فرقنا الاف القتلى في احدى البلدات مع اكوام من الجثث المتحللة بعد انحسار المياه.

واستمر تدفق عروض المساعدات من دول العالم على بورما بينما حض المجتمع الدولي الحكم العسكري على اعطاء الضوء الاخضر لدخول الفرق الانسانية الى البلاد.

واعلن البيت الابيض تقديم ثلاثة ملايين دولار لمساعدة بورما على مواجهة اثار كارثة الاعصار المدمر. بحسب فرانس برس.

وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو ان هذا المبلغ سيضاف الى 250 الف دولار قدمتها فورا السفارة الاميركية في بورما.

واضافت، ندعو بالحاح حكومة بورما الى تمكين فرق الاغاثة الانسانية الدولية والمنظمات غير الحكومية من الوصول بحرية الى الاماكن المنكوبة.

واوضح الرئيس الاميركي جورج بوش ان الولايات المتحدة مستعدة للقيام باكثر من ذلك لمساعدة ضحايا اعصار نرجس الذي تسبب بمقتل 22 الف شخص على الاقل فيما لا يزال 41 الفا في عداد المفقودين.

وحض بوش الحكومة البورمية على قبول المساعدة الاميركية قائلا: اتركوا الولايات المتحدة تساعدكم. واعلن ان الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام قدرات البحرية العسكرية الاميركية للمساعدة.

واعلنت الرئاسة ان سفينتين حربيتين اميركيتين موجودتان في المنطقة. واوضح البنتاغون ان سفينة "يو اس اس ايسيكس" الموجودة قبالة سواحل تايلاند يمكن ان تستخدم لنقل المساعدات الانسانية.

وفي رانغون اعلن وزير الشؤون الاجتماعية البورمي ماونغ ماونغ سوي ان المساعدات مرحب بها انما على اي فرق من الخبراء تاتي من الخارج التفاوض مع وزارة الخارجية وسلطاتنا العليا لدخول البلاد.

وفي اوتاوا دعا رئيس الحكومة البورمية في المنفى سين فين الى دخول المساعدات الدولية الى بورما من دون تسليمها مباشرة الى العسكريين.

وقال للصحافيين خلال زيارة له الى اوتاوا: نطلب من الحكومات والمنظمات غير الحكومية عدم دفع المال الى العسكريين.

واضاف، انما يجب ان تتمكن المساعدات ومنظمات المساعدة الى دخول البلاد والوصول الى الناس الذين يحتاجون اليها، مشيرا الى ان الوقت ضاغط.

وتابع ان: الوقت يقاس اليوم بعدد الاحياء لان شعبنا يعاني من دون مياه شرب على العسكريين ان يسمحوا للمساعدات بالدخول سريعا.

وقال مسؤول في الشؤون الانسانية في الامم المتحدة ان مئات الاف الاشخاص سيحتاجون على الارجح لمساعدة في بورما.

من جانبه دعا الاتحاد الاوروبي الذي رصد مساعدة طارئة بقيمة مليوني يورو الى بورما السلطات البورمية الى بذل كل الجهود الممكنة من اجل التعاون مع المنظمات الانسانية بما يصب في صالح السكان بحسب ما جاء في بيان صادر عن الرئاسة السلوفينية للاتحاد.

واصدرت الامم المتحدة بيانا في نيويورك اعلنت فيه ان فريقا من خمس خبراء موجود في بانكوك مستعد للتوجه الى بورما فور الحصول على تأشيرات دخول. كما سيقدم الفريق هبة بقيمة خمسة ملايين دولار الى بورما مصدرها صندوقه المركزي للاغاثة الطارئة.

ونشرت منظمة الامم المتحدة للطفولة خمس بعثات لتقويم الوضع بينما اعلن برنامج الاغذية العالمي (بام) تخزين اكثر من 800 طن من المواد الغذائية في رانغون ومولدات كهربائية في كمبوديا مخصصة لبورما.

كما تستعد المفوضية العليا للاجئين لارسال خيم ومساعدات اخرى الى رانغون تكفي لعشرة الاف شخص.

واعلنت النروج تقديم 1,3 مليون يورو عبر الامم المتحدة او الصليب الاحمر واعلنت هولندا تقديم مليون يورو والمانيا 500 الف يورو الى المنظمات الانسانية الالمانية.

كما اعلنت باريس رصد مئتي الف يورو مشيرة الى ان المساعدة سترسل عبر الصليب الاحمر والمنظمات غير الحكومية الفرنسية.

ورصدت لندن 6,3 مليون يورو. واعلن رئيس الحكومة البريطانية غوردون براون ان بلاده ستنضم الى جهود المجتمع الدولي بينما قدمت السويد 1,6 مليون يورو ومدريد 500 الف يورو.

ودعت استراليا ونيوزيلاندا الحكم العسكري الى السماح بدخول الفرق الانسانية. وقال وزير الخارجية الاسترالي ستيفن سميث: نأمل في ان يسمح النظام للوكالات المستقلة بالقيام بتقويمها للوضع.

كما حض رئيس البنك الدولي روبرت زوليك الحكم العسكري في بورما على قبول المساعدة الدولية بعد الاعصار.

ودانت منظمة (عمل ضد الجوع) غير الحكومية الارتفاع السريع لاسعار المياه والارز وبنزين منذ وقوع الكارثة.

مدينة يانجون بميانمار تعانيب من ارتفاع الاسعار

تتزايد مشاعر الغضب واليأس بين سكان مدينة يانجون الرئيسية في ميانمار والتي يقطنها خمسة ملايين نسمة في أعقاب الاعصار المدمر ناريجس مع ارتفاع الاسعار وامتداد الطوابير من أجل الحصول على وقود كيلومترات.

الا أن الأجواء عبارة عن أجواء استسلام أكثر منها أجواء ثورة في بلد يخضع للحكم العسكري الصارم منذ 46 عاما.

ولا يبدو في الافق في الوقت الحالي أي تكرار للاحتجاجات المناهضة للنظام والتي اندلعت في البلاد في سبتمبر أيلول الماضي خاصة وأن ذكريات حملة القمع الدموية التي شنها الجيش ما زالت عالقة في أذهان الناس.

وقال سائق سيارة أجرة: لن تكون هناك مظاهرات. الناس لا تريد أن يطلق عليها الرصاص.

ولقي 22 ألف شخص على الأقل حتفهم من جراء الاعصار كما فقد 41 ألفا.

وبالرغم من أن العاصمة السابقة للبلاد لم تتعرض لنفس قدر الدمار الذي تعرضت له المنطقة من دلتا ايراوادي الى جنوب غرب البلاد الا أن الناس يصارعون من أجل توفير حاجاتهم الأساسية. بحسب رويترز.

ويلقي كثيرون باللوم على المجلس العسكري الحاكم الذي اعترف بأنه يصارع من أجل التعامل مع الموقف ولكن ما زال غير حريصا فيما يبدو على السماح ببدء جهود اغاثة دولية شاملة في أكثر المناطق تأثرا.

ومن المشاهد الواضحة غياب الجنود عن شوارع يانجون حيث تقطعت خطوط الكهرباء وسقطت على الارض تحت أشجار اقتلعت من جذورها. وكانت يانجون المعروفة سابقا باسم رانجون واحدة من أكثر المدن الاسيوية خضرة ولكن الآن في بعض المناطق سويت كل الأشجار بالأرض.

ويصر المجلس العسكري الحاكم على أن لديه مخزونا كافيا من الارز لاطعام الناس ولكن سعر الكيس الصغير من الارز تضاعف منذ أن ضرب الاعصار منطقة الدلتا وهي المنطقة الرئيسية في البلاد لزراعة الارز.

وقال داود وهو مسلم كبير في السن يقف على درج مسجد في وسط يانجون: الناس غاضبون ليس من التجار ولكن من الحكومة. وما زالت الكهرباء مقطوعة عن المسجد بعد أربعة أيام من الاعصار الذي ضرب المدينة وجلب المسجد مضخة تعمل بالكيروسين لمد مئات من المنازل بالمياه من بئر ارتوازية أسفل المسجد.

واصطفت نساء وأطفال يحملون دلاء عند منعطف في يانجون أمام سوق لبيع الخضر التي زاد سعرها بثلاثة أمثالها بالرغم من مناشدة الحكومة التجار عدم التربح من الكارثة.

وبلغ سعر لفة الكرنب (الملفوف) ألف كيات أو نحو دولار أمريكي بدلا من 250 كيات.

وقالت بائعة خضار: هذا بسبب رفع الشاحنات الأجرة التي تتقضاها من أجل نقل السلع إلى يانجون.

واصطف طابوران من الحافلات والشاحنات والسيارات لساعات للتزود بالوقود أو الغاز الطبيعي من محطات الوقود المفتوحة 24 ساعة يوميا. وزادت الأسعار عن الضعف بعد الاعصار.

وقال بو يا كيانج (29 عاما) الذي انتظر لأربع ساعات وما زال أمامه 500 متر قبل الوصول إلى محطة الوقود: أشعر بالتعب والجوع والعطش.

وكان الارتفاع المفاجيء في أسعار الوقود في أغسطس آب الماضي أثار الاحتجاجات ضد المجلس العسكري الحاكم وسقط 31 قتيلا على الأقل في قمع الجيش للاحتجاجات.

وسكان ميانمار ومجموعهم 53 مليون نسمة معتادون على المصاعب ولكن إن لم يتوفر نوع ما من الخدمات الأساسية في يانجون سريعا فقد يغير ذلك من سلوكهم.

وقال داود: نأمل أن تعود الكهرباء خلال أسبوع أو أسبوعين ولكن من يعلم ما يمكن أن يحدث؟ لا يفعل أحد أي شيء في الوقت الحالي.

ويقول تجار العملة في السوق السوداء إن سعر الذهب انخفض بنحو الربع لأن الناس ييبعون حليهم من أجل الحصول على المال.

وبيع كشافات الإضاءة من المشاريع القليلة التي بدأت تزدهر في البلاد إذ يقيم عشرات من الباعة الجائلين عددا من الأكشاك لبيع الكشافات صينية الصنع بدولارين للكشاف الواحد حيث  نفدت مولدات الكهرباء.

وهناك شائعات بوقوع أعمال نهب في الضواحي ولكن ليست هناك مؤشرات على أعمال نهب في وسط المدينة.

امدادات غذائية لبلدات في ميانمار تقدمها المروحيات

قال مسؤولون ان طائرات هليكوبتر عسكرية أسقطت امدادات غذاء وماء لسكان منطقة دلتا ايراوادي في ميانمار حيث غمرت المياه قرى بأكملها بعد الاعصار ناريجس الذي ضرب البلاد وترك نحو مليون شخص بلا مأوى.

وقال ريتشارد هورسي من مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في بانكوك بعد اجتماع لخبراء المعونة: تقديراتنا تذهب الى أن أكثر من مليون شخص يحتاجون حاليا الى المأوى والمعونات.

وتابع، أجزاء كبيرة من دلتا ايراوادي السفلى يغمرها الماء تماما. ونحن نتحدث عن 5000 كيلومتر مربع تحت الماء. انها منطقة شاسعة.

وقال شاهد عيان من في منطقة الدلتا ان عملية الاغاثة التي يقوم بها الجيش زادت وبدأت طائرات هليكوبتر تسقط امدادات على المنطقة ولكن القوافل البرية لا وجود لها.

ويقول خبراء في مجال المساعدات انه يجب أن يتغلب جنرالات ميانمار على شعورهم بعدم الثقة في العالم الخارجي ويفتحون البلاد أمام عملية اغاثة دولية شاملة حتى لا يلقى المزيد من الناس حتفهم نتيجة للظمأ والجوع والمرض.

وقال هورسي: مع وجود كل هذه الجثث التي يطفو معظمها في المياه في الوقت الحالي يمكن أن نتخيل الاوضاع التي تواجهها فرق الاغاثة على الارض.

واستطرد، المساعدات الاولية الان لاقراص تنقية المياه والاغطية البلاستيكية ومعدات الاسعافات الاولية وشبكات أسرة (ناموسية) وامدادات غذائية. بحسب رويترز.

وقال طبيب في بلدة لابوتا في مقابلة مع هيئة الاذاعة الاسترالية ان المزارعين أبلغوه بأن الالاف لقوا حتفهم عندما ضربت سلسلة من الامواج العاتية منازلهم. وتعلق الناس بالاشجار في محاولة يائسة من أجل النجاة.

وأضاف اي كيو: نقل الضحايا الى البلدة وسألتهم كم منكم نجا؟ وأجابوا بأن العدد بين 200 و300 . وتابع، سألتهم عن عدد سكان المنطقة وقالوا انه نحو خمسة الاف.

وفي بلدة بوجالاي فقط لقي عشرة الاف شخص حتفهم وفقا للقوائم التي ترصد عدد القتلى والجرحى والاضرار في كل بلدة على حدة والتي أعلنها المجلس العسكري الحاكم.

ومع تزايد عمليات الاغاثة التي يقوم بها الجيش بعد أربعة أيام من الاعصار عرض التلفزيون تغطية لناجين يقفون في الوحل في انتظار نقلهم على متن طائرات هليكوبتر بعيدا عن بعض من أسوأ القرى تأثرا بالاعصار.

وبعد أن أصبحت الامراض والمجاعات والظمأ تهدد حياة مئات الالاف من الناجين في منطقة الدلتا ألح رئيس الوزراء الاسترالي كيفين رود على المجلس العسكري فتح الابواب أمام مساعدات الاغاثة الانسانية الدولية.

وقال رود للصحفيين في بيرث: انسوا السياسة. انسوا الدكتاتورية العسكرية واسمحوا بوصول الامدادات والمساعدات للناس الذين يعانون ويموتون حتى وأنا أتكلم حاليا بسبب نقص المساندة.

من جانبه صرح دبلوماسي في بانكوك مقره يانجون بأن المجلس العسكري الحاكم في ميانمار رفع حظرا مفروضا على استيراد شركات خاصة للوقود في محاولة لتخفيف نقص مزمن في الطاقة في أعقاب الاعصار.

وأضاف، الشركات الخاصة حصلت على موافقة من الحكومة باستيراد الوقود وأعتقد دون رسوم.

وتابع، أعتقد أن ذلك بشكل مؤقت فقط ولكن لم تعرض على الشركات فترة زمنية محددة. وعادة الحكومة فقط هي القادرة على استيراد الوقود.

وأعاد تلفزيون ميانمار وهو المصدر الرسمي الرئيسي لعدد الضحايا اذاعة نشرة أخباره. وقال التلفزيون الذي التقط بثه خارج ميانمار ان 22464 شخصا لقوا حتفهم كما فقد 41054 اخرون.

وفي مؤتمر صحفي نادر طلب وزير الاعلام كياو هسان المساعدة قائلا: الحكومة بحاجة الى تعاون الناس بالداخل والخارج.

وذكرت وسائل اعلام أن رئيس الوزراء اللفتنانت جنرال ثان شوي يرأس لجنة لمكافحة الكوارث الطبيعية في باثين عاصمة قسم ايراوادي، ويشرف عن كثب على أعمال الاغاثة واعادة التوطين.

من ناحيتها قالت الامم المتحدة انها حصلت على تصريح بنقل امدادات طارئة جوا الى ميانمار ولكن عمال الاغاثة ما زالوا في انتظار الحصول على تأشيرات لدخول البلاد.

وقالت اليزابيث بيرس المتحدثة باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية: صرحت الحكومة للامم المتحدة بنقل امدادات اغاثة لميانمار.

وتابعت، قد تمنح أيضا تصريحا لفريق صغير من مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية بمرافقة رحلة الاغاثة، مضيفة أن الرحلة ستبدأ في أسرع وقت ممكن.

والامدادات ستتضمن خياما وأقراصا لتنقية المياه ومولدات كهرباء وأغطية وأسرة بلاسيتيكة ومعدات طهو.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8 أيار/2008 - 1/جماد الاول/1429