ثقافة التدمير

 رحلة في حقول الصورة

منشد مطلق المنشداوي

بقي السلام هو أمنية جميع أبناء الشعب العراقي وهدفهم الأسمى، والذي قد نضطر مرغمين على عبور أنفاق من الصراع لنصل إليه، بل ويصح القول أن ثقافة السلام والاشتياق قد تكون على أشدها الآن في العراق بعد خمس سنوات تفاوتت فيها جرائم القتل والتهجير... بعد أن كنا نتمنى نيل الحرية من ظلم الصنم وحزبه - هذا الحزب ارتكب جرائم كثيرة، وكان حزبا للدكتاتورية الدموية في العراق، وسرعان ما أعلن هذا الحزب الفاشي استمرار مجازره وهذه المرة بزعامة عزت الدوري الذين عُين خلفاً للصنم وتحالف الأخير مع قواعد الإرهاب والتكفيريين، لكونهم يتفقون في التفنن في قتل الإنسان العراقي -

ولقد كان تدمير الإنسان العراقي هو العنصر الأساسي في مسيرة هذا الحزب. وهذا ليس بغريب عن أفكار الصنم ( والبعث ) المبنية على القتل والتدمير والمقابر الجماعية، جاءت جميع الهجمات البعثية الإرهابية لتؤكد أن سياسات الصداميين تصب في اتجاه واحد وهو تدمير الإنسان العراقي وزرع الخوف في النفوس لإعادة العراق إلى عصور البعث المظلمة. في ظل قطع الأعناق والموت الجماعي وقطع الإذن وغيرها من الجرائم التي كانت سمة بارزة في مسيرة أزلام الصنم من البعثيين وعلى مدى تاريخ هذا الحزب في العراق.

في عراق أثخنته جراح البعث طِوال سنوات من التدمير الكامل بدءاً بالإنسان وإنتهاءً بثروات العراق ومقدراته التي اختزلت بشخص واحد هو بطل التحرير القومي. فتستطيع أن ترى نهج البعث الفاشي ومرتكزاته على المواقع الالكترونية لهذا التنظيم الفاشي من أن يرى نفس المرتكزات الأساسية لهذه المنظومة الإرهابية البعثية التي تفوح منها رائحة العنف والقتل والكراهية والإلغاء والهدم والتحطيم، كل هذه هي شعارات للبعث الصدامي.

ويتذكر الشعب العراقي  "شعبية" الصنم التي كانت مزورة مصنوعة في استفتاءات تعد نموذجاً للزيف من أجلّ مظاهره. فتستطيع أن ترى شعبيته لدى معظم العراقيين الذين ما زال بعضهم يبحث تحت التراب عن أي أثر لأحبائهم في المقابر الجماعية.

وعندما خرج العراق من ظلم الصنم أردنا لهذا البلد الجريح النازف فسحة من الاستقرار والأمان الذي فقده منذ تولي الصنم وحزبه الفاشي الحكم... ولكن شيطان الجرائم اللامعقولة يسرحون غير هائبين ولا وجلين على حنايا الآدميين.... على دروب الساعين إلى التقاط رشفة أمل في أنْ يعيشوا بسلام مع الأحباب والأولاد؟؟!!. ‏

مآسي شنيعة لا يحتويها تعريف مهما كان.. مآسي منحرفة وجامحة عن العدالة والإيمان.. معتدية وآثمة على الإنسان تفرش خيام الموت على أناس أبرياء فيهم الأب والأخ..  الزوج والصديق..  الجد والعم...  الزوجة والأم..  الولد والوليد...  فيهم الضابط والعامل..  المؤمن والمتعبد، وفي كل منهم روح الله ساكنة تخفق في صدور آمنة تهفو إلى الأمان..، إلى وجبة حُب يتناولها أفراد الأسرة معاً بعيداً عن هموم المفخخات والقتل... عن أشباح الفقر والجوع وعن كل ما أفرزه رجال الصنم والتكفير من آليات دنسة تساعد الحاقدين على القتل وبدمٍ بارد..  وعلى حرق الأسواق التي تحاول زرع الفرح.. على استباحة فرحة الأطفال المضاءة بأنوار البراءة وذلك لخنق إشراقات الغد حتى فقد بهاءه... وماتت نفحاته وضاعت معانيه الإنسانية في المقابر..  في دوي الانفجارات.. وفي أنين مياه دجلة والفرات المليء بالجثث الملقاة من قبل القتلة.... ‏

فقبل أيام خرج على قناة العربية وفي برنامج صناعة الموت المزعوم (( الملا عمر ))  ليشرح الدعم الذي تتلقاه المنظمات الإرهابية في العراق من الخارج سواء من إيران أو سورية أو السعودية، صحيح أنه لم يسميها بالاسم ولكن الجميع في العراق يعرف ذلك  فقد وفرت هذه الدول أرضية هينة جداً لدخول الإرهابيين والتدريب على التفخيخ والتفجير الذي استهدف المدنيين، إضافةً إلى دعم مخابراتي من دول معينة  بشخصيات لا تزال تقيم خارج العراق ولا تزال تتلقى الدعم على تنفيذها لأجندات معينة يخدم مصالح هذه الدول.

كما تحدث عن التسهيلات التي كانت تقدم للإرهابيين القادمين من خارج العراق وكيف أن قضية دخول الإرهابيين والتسهيلات الكثيرة المقدمة لهم وكيف يتم إيصاله وإدخاله إلى منطقة المزرعة في بيجي. وكيف أن جزء من التمويل لهذه الجماعات الإرهابية تعتمد على قضايا الرهائن من العراقيين الشيعة أو من المسيحيين أو من المقاولين الذين يعملون ضمن خط القوات الأميركية داخل العراق. وهذه الأموال تبلغ آلاف.. مئات آلاف الدولارات إضافةً إلى تحكم القاعدة على فترة طويلة داخل العراق بالطرق الخارجية واستهدافها لوسائل النقل ولأموال التجار وأموال تعود للدولة من آليات وسيارات وأجزاء من منشآتها إضافةً إلى الدعم الخارجي ناهيك عن تبيض تبيض للأموال تتبناه دول معينة، وقد هناك خطوط للأموال لصالح مخابرات وأجندات دول بعينها. وهذه هي مقاومتهم الشريفة.. ولكنه للأسف لم يكن يمتلك الشجاعة ليذكر أعداد العراقيين الذين قتلهم....!!!

ولكن الملا البطل الذي كان كثير المدح للمجرم الزرقاوي الذي حاول من تحسين صورته ليجعله حمامة من حمامات السلام نسى انه ارتكب المجازر بحق الشعب العراقي فلم يكن يميز لا هو ولا أتباعه من بن لا دين له التفنن في قتل العراقيين بالجملة بل كان ذلك نصرهم المبين...  فعاش العراق وما زال يعيش على فتوى القتل للإنسان العراقي وأن بانتظاره الجنة الموعودة فيتذكر أبناء الكاظمية المقدسة  كيف تمكن الانتحاريون من الوصول إلى الجدار الخارجي للمرقد وتمكن أربعة منهم من تفجير أنفسهم بالزوار، في حين فشل الخامس بسبب عطل في حزامه الناسف، فألقي القبض عليه وهو في حالة إغماء كامل. وما أن فتح عينيه حتى شاهد السيد حسين الصدر بلحيته الطويلة البيضاء وعمامته السوداء، وأعتقد أنه في الجنة بين يدي الله وراح يصرخ «الله اكبر»، فلقد وعدوهم بالجنة.. وصوروها لهم بقتل الأبرياء وبدأت بذلك صفحة من صفحات الموت للعراقيين لم تنتهي فصولها الدموية حتى الآن... وجاء بعد ذلك القتل الطائفي وما شهده من فعل وردة فعل إلى أن وصل إلى الذروة بتدمير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء وما تبعها من ردات فعل راح ضحيتها الكثير من أبناء الشعب العراقي الذين لا ذنب لهم.. وحصل التهجير القصري من الجانبين.. وظهرت المليشيات التي أخذت تجوب الشوارع من أناس للأسف جهلاء فبدلاً من التكاتف رحنا نقتل بعضنا بعضاً والمستفيد الوحيد هم الأعداء.. حتى راحت بعض الأحزاب المشاركة بالعملية السياسية من اعتبار ما يحدث في العراق هو قتال طائفي فراحت هذه الكتل السياسية المبنية على المحاصصة الطائفية من كيل الاتهامات لبعضها البعض والضحية هو الشعب العراقي وللأسف بل أن البعض ممن يدعمون الارهاب كالضاري مثلاً اعتبر جيش المهدي يخدم اجندة إيرانية وأنه... وأنه ولكننا نرى الضاري وهيئته يعتبرون هذا الجيش الآن جيش يقاتل الاحتلال فعجباً.. !! وتعرفون طبعاً مقدار الاستفادة للضاري مما يحدث للعراق وهو من يدعي الإسلام ودعم الجهاد في العراق حسب رأيه... صحيح أن جيش المهدي فيه الكثير الكثير من المجرمين السابقين والقتلة والمزورين وهم يجوبون الشوارع بأسلحتهم ومعداتهم.. والله يكفيك شرهم... !!!.. حتى حصل ما حصل هذه الأيام من ضرب البصرة والسبب في ذلك أن المليشيات أصبحت أقوى من الحكومة في البصرة فكان لهم الحق في ممارسة ما يناسبهم وكأنهم دولة.. ثم جاء بعدها حصار مدينة الصدر وعلى وجه الخصوص حصار العشر قطاعات الأولى لهذه المدينة ومنذ حوالي شهر تقريباً ودون أن تتقدم القوات العسكرية لتخليص المدينة من المجرمين حسب قولهم وتخفف عن المواطن العراقي في مدينة الصدر.. وأصبح المنفذ الوحيد هو معبر الطالبية الذي بات يسمى الآن بمعبر رفح !!!.

فهل تريد الحكومة حقاً حصر السلاح بيد الدولة.. وإذا كانت كذلك فهل جيش المهدي الوحيد الذي يحمل السلاح في حين أن جميع الاحزاب أو أغلبها تحمل السلاح كمنظمة بدر والبشمركة والجيش الاسلامي والقائمة طويلة ولماذا جيش المهدي الآن.. أم أن ذلك مرتبط باعتبارات أخرى حزبية ولماذا قرر وزراء جبهة التوافق الآن العودة أو التفكير بالعودة للحكومة الآن بعد أن كانوا يعتبرون الحكومة فاشلة وساقطة ومرتبطة بإيران فالكل يعرف أن أغلب الأحزاب العراقية مرتبطة بالخارج سواء سورية أو السعودية أو إيران.. ومخابرات هذه الدول لها شأن كبير.. السؤال المهم ما الذنب الذي أقترفه المواطن العراقي..

 وهل ما حصل في البصرة ويحصل في مدينة الصدر من حصار وخوف وقتل للإنسان العراقي وهل تميز القنابل بين الأبرياء وبين القتلة خصوصاً أن بعض الأطفال يرقدون في مستشفيات هي بالأصل لا تتوفر في شروط المستشفيات وهم مصابين برصاص القناص أليس هؤلاء من العراق ؟؟ !!!. فالمواطن هو من يدفع الثمن وليس مقتدى الصدر أو نوري المالكي. وهل يعرف السيد المالكي أو مقتدى الصدر أن سعر كيلو الطماطم وصل في مدينة الصدر ( 4500 دينار ) وما معنى ذلك !!!.

أما السادة أعضاء البرلمان فهم بحق أعضاء ولكن لا يستحقون أن يمثلوا هذا الشعب بل هم يمثلون مصالحهم الشخصية والحزبية... ومازالوا يناقشون أيهما قبل الدجاجة أم البيضة !!.

وأخيراً وليس أخراً جاءت دولة الإرهاب أو ما يسمى بدولة العراق الإسلامية - وزعيمها الإرهابي أبو حمزة المهاجر والذي ستجده ينعم بترف الفنادق الفاخرة. وهو يوعد القتلة بجنة ونعيم وكأن مفاتيحها في يده.. - والإسلام منهم براء فتجد فيهم أمير المؤمنين وهو قاتل ومجرم وتجد الوالي المفخخ.. وتعرفون كيف تمنح هذه المسميات بعدد الأشخاص الذين قتلوهم وغيرها من المسميات ولو أردنا نقاش التسمية لوجدنا أنا لا تنطبق لعدم وجود المقوّمات، لا جبي زكاة فالزكاة عند هؤلاء هي بالقتل والاختطاف والأحزمة الناسفة فهذا جهادهم المزعوم، لا حماية ثغور، لا إقامة حدود، لا توجد أي مقوّمة من مقومات إقامة دولة إسلامية بهذا الاسم.. فمن أين لهم بهذه المصطلحات الجاهزة..

ولجميع هؤلاء أقول أين الإنسان العراقي البسيط فبدلاً من أن تفكروا بتحسين وضعه وبعث الأمل وتوفير الحياة السعيدة أصبح شغله الشاغل هو الأمان... فالعراق مازال يفتقر إلى سياسة الحوار، بل على العكس ما زالت الدكتاتوريات تحكم البلاد وعندما تتناقش معهم يقولون إنها من مخلفات النظام السابق... كما أن فهمنا للفدرالية كان فهماً خاطئاً وتحول إلى نظام فاشستي والبصرة مثال على ذلك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 1 نيسان/2008 - 24/ربيع الثاني/1429