رصد الكوارث والأوبئة يساعد المجتمعات بالتنبيه والعلاج

شبكة النبأ: بعد كل حريق أو انفجار قاتل يشّّب أو يقع حول العالم، فإن أعدادا كبيرة من الناس المرتعبين يمكن مشاهدتهم وهم يفرّون من مكان الحادث. لكن عددا قليلا جدا من هؤلا، أي عمال الطوارئ، يهرعون باتجاه الدخان والحرائق لإخمادها.

وهناك ظاهرة شبيهة وإن لم تكن بنفس الشهرة تتبيّن حينما يغزو فيروس او بكتيريا فتاكة مدينة او بلدا، او أن مادة كيميائية مجهولة تسبّب مرضا او وفيات في المجتمع. وحينما تكون الصحة العامة على المحك يتقاطر خبراء انتشار الأوبئة باتجاه مصدر الخطر.

وعلم الأوبئة، وانتشارها، بين السكان هو فرع من فروع الطب يتعلق بوقوع وانتشار وضبط الأمراض في اوساط السكان. ويقوم خبراء الأوبئة، الذي يعرفون أحيانا باسم راصدي المرض، بهذه الوظيفة ولهذا الغرض، يتدرّب حوالي ثمانين منهم سنويا في برنامج يدوم عامين يعرف  بمصلحة استخبارات الأوبئة وهو جزء من مؤسسة المراكز الأميركية لضبط الأمراض والوقاية منها التي تتخذ من أتلانتا مقرا لها.

ويقول مدير هذه الخدمة الدكتور دوغلاس هاميلتون: "المواضيع التي يهتم بها خبراء الاوبئة تشمل جميع نواحي النظام الصحي. الا أن مجموعة المهارات التي يسخرّها الخبراء متشابهة الى حد كبير. وما يقوم به خبراء الأوبئة بسيط الى حد ما – ففي الاساس نحصي الأمور ونحدد من هم الناس الذي سيكونون موضع اهتمامنا ثم نبحث عن الصلات."بحسب موقع يو اس انفو.

وغالبية الأمراض لا تتفشى بصورة عشوائية بل هي متصلة بخصائص بيئية وشخصية تتباين من مكان الى آخر ومن وقت الى آخر وتتفاوت بين الناس المعرضين للأخطار. ويجمع خبراء الأوبئة بيانات للتحقّق ممن هم عرضة للمرض ومتى يصبح خطر المرض على أشده ومتى أكثر ما يرجح ان يتفشى المرض، واتجاهاته على مدى فترة زمنية، وما هو القاسم المشترك بين ضحاياه.

الإستخبارات حول الأوبئة

أنشئت مصلحة استخبارات الأوبئة في امريكا في العام 1951، وكانت تضّم 23 طالبا فقط، لتكون نظام إنذار مبكر للحرب البيولوجية والأوبئة المتعمدّة. أما اليوم، فقد أصبحت بمثابة وحدة استطلاع وردّ على الأوبئة ومن بينها الأمراض المزمنة والإصابات الجسدية وذلك في كافة أنحاء العالم.

وعلى مدى عقود من الزمن لعب مسؤولو هذه المصلحة أدوارا حاسمة في مضمار الأوبئة على نطاقين كبير وصغير، مثلا في جهود استئصال مرض الجدري وتحديد الأسلوب الذي تنتقل بواسطته عدوى فيروس نقص المناعة المكتسب، ومكافحة ظاهرة البدانة في الولايات المتحدة، ومكافحة تفشّي مرض الملاريا في شرق افريقيا، والحصبة في تنزانيا، وحمّى الوادي المتصدّع  في كينيا، وفيروس "زيما" الشبيه بحمّى الضنك في جزر مايكرونيزيا في المحيط الهادي.

وهذا البرنامج الشديد التنافس مفتوح امام الأطباء، وأطباء الأسنان، والبيطريين، والعلماء وغيرهم من ذوي الدرجات الجامعية العالية والبعض ممن حصلوا على شهادات متفوقة ومن بينهم ممرضون ومساعدو أطبّاء وصيادلة.

وفي الصفّ الدراسي الحالي الذي يضم 80 طالبا، نرى أن حوالى نصفهم هم من الأطباء، كما أن 10 منهم طلاب أجانب. وحوالى 60 الى 65 في المئة من الطلاب هم من الإناث و30 الى 35 في المئة ينتمون الى أقليات إثنية. وتتراوح الرواتب من 50 الف دولار الى87 الف دولار في العام تبعا للمؤهلات والخبرات.

ويصرف الطلاب الجدد حوالى شهر في الصف الدراسي فيتلقون توجيهات في مجال الصحة العامة، كما ذكر هاميلتون، الذي أضاف: "هذه الصفوف تمنحهم شعورا بطبيعة العمل لدى الحكومة الفدرالية، فنحن لدينا مسؤوليات تختلف عن مسؤوليات المستشفيات ويتيح ذلك لهم أن يعملوا سوية كفريق."

وبعد ذلك، يتوجه الموظفون المدربون للعمل في مهمات منفصلة. وفي كل عام يعيّن حوالى 35 في المئة منهم في دوائر صحة ولائية أو محلية. أما نسبة الـ65 في المئة الأخرى من هؤلاء فيرسلون الى المقر العام لمراكز ضبط الأمراض للعمل في مجالات تشمل الصحة البيئية، والوقاية من الإصابات، والسلامة المهنية في مقار العمل، والأمراض المزمنة والأمراض المعدية، والإحصائيات الصحية.

وقال الدكتور دوغلاس هاميلتون إن مصلحة استخبارات الأوبئة هي بمثابة تدريب بواسطة الخدمة، إذن، يوفر هؤلاء خدمات، وهكذا يتعلمون."

إرشادات مرضية

وفي مهماتهم الرئيسية، يقوم الموظفون بتقصيّات وبائية وأبحاث واستطلاعات حول الصحة العامة، كما يلبّون احتياجات دوائر الصحة الولائية في مجال الأوبئة ويقدمون تقارير وأبحاثا في مؤتمرات علمية وطبية، وينشرون نتائج أعمالهم في دوريات علمية، وينقلون معلومات حول الصحة العامة الى وسائل الإعلام والجمهور.

أما الشقّ الآخر من مهمتهم فهو العمل في الخطوط الأمامية لتفشي الأوبئة والحالات الطارئة على الصعيدين الوطني والدولي وبالتالي فهم يتقاطرون هارعين الى حيثما تنشأ الأخطار.

وعن ذلك قال هاميلتون: "حينما يحدث شيء هام الجميع يذهب اليه."وخلال حوادث دسّ مادة الجمرة الخبيثة (الأنثراكس) في مكاتب للحكومة الأميركية في العام 2001، كما أشار هاميلتون، "كان في عهدتي آنذاك 140 مسؤولا وانتهى الأمر بأن توجه 132 منهم الى الميدان للعمل على اجتثاث آفة الأنثراكس. وعقب إعصار كاترينا المدمر، كان لدينا حوالى 90 موظفا منتشرين في ولايات لويزيانا وميسيسيبي وتكساس وألاباما."

ومنذ العام 1951، واستنادا لمؤسسة مراكز ضبط الأمراض، استجاب أكثر من 2700 مسؤول في مصلحة استخبارات الأوبئة الى طلبات للمساعدة في تقصي الأوبئة في الولايات المتحدة والعالم.

وشملت تقصّيات المصلحة في الآونة الأخيرة محو شلل الأطفال (البوليو) في افريقيا وآسيا، وحوادث عنف شملت القتل اقترنت ببعض المدارس الأميركية، والجهوزية لمجابهة الإرهاب الإحيائي، وتفشّي بعض الميكروبات في الولايات الجنوب غربية للولايات المتحدة، وتفشّي فيروس غرب النيل في شمال شرق البلاد، وانتشار فيروس إيبولا في أوغندا وزائير (الكونغو الديمقراطية).

وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام 2006، طلب من المصلحة تقصّي وتحرّي عدة أمراض ووفيات بسبب انهيار جهاز الكلى والمسالك البولية لبعض الناس في باناما. وبعد قيامهم بالتقصي والإحصاء، تبين أن العامل المشترك لدى المرضى كان دواء للسعال حصلوا عليه من صيدلية حكومية.

وقام فريق مراكز ضبط الأمراض بعمل مذهل حيث تعرفوا على عوامل الخطر وأحضروا عينات الى مؤسسة المراكز بأتلانتا واستخدموا فحصا مختبريا جديدا لقياس مادة غليكول ديثيلين في المركبّات." وفي غضون 24 ساعة كانت المراكز قد اكتشفت في دواء السعال هذه المادة الحلوة المذاق والسميّة التي تستخدم كأحد مكونات السوائل المقاومة للتجمّد.

وقال دوغلاس: أولويتنا القصوى هي حماية صحّة الجمهور. ونحن نسخّر هذه المهارات للرد على شتى التساؤلات والاستفسارات."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 27 نيسان/2008 - 20/ربيع الثاني/1429