أحكام اليتيم في الشريعة والقانون العراقي
دراسة مقارنة

القاضي سالم روضان الموسوي

المقدمة
يسعى كل إنسان مؤمن بالله واليوم الآخر إلى الفوز برضا الله سبحانه وتعالى ونيل الجنة، التي وعد الله بها المتقين، وشمل الخالق عز وجل عباده بلطف عنايته الكريمة، ورسم لهم سبل الهداية، التي ما إن اتبعوها حتى ينالوا ما وعدوا به، وكان من بين هذه السبل والوسائل التي تقود إلى الجنات الموعودة، هو سبيل كفالة اليتيم وجعل من وجود اليتيم رحمة للناس ومنفذاً لعناية الخالق عز وجل، واهتم المشرع الإسلامي باليتيم مستمداً ذلك من اهتمام القران الكريم باليتيم، إذ ورد ذكر اليتيم في أكثر من موضع في القران الكريم كما نقلت لنا كتب الحديث والسير أحاديث الرسول الأكرم (ص) عن اليتيم ورعايته وكان لمعنى اليتيم الرمز في التبجيل لاقترانه بالرسول الأكرم (ص)، وفي كتب السير ورد حديث عن الخالق عز وجل (إذا بكى اليتيم اهتز له العرش، فيقول الله تبارك وتعالى: من هذا الذي بكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره، وعزتي وجلالي، وارتفاعي في مكاني، لا أسكته عبد مؤمن إلا أوجبت له الجنة) ، وبعد التطور الحضاري والتاريخي للمجتمعات وتوسع الآفاق وظهور آليات تنظيم العلاقات بين الأفراد وبين المؤسسات، أولت المجتمعات اهتماماً خاصاً في بيان الحقوق والواجبات لأفرادها وتحديد الالتزامات، بما يضمن سلامة الهيكل العام لبنيتها، وتصدى لهذه المهمة العديد من الباحثين في كل المجالات ذات الصلة وافردوا لها أبحاثاً خاصة، وتوقفوا كثيراً عند تحديد معيار ثابت تتمكن من خلاله منظومة المجتمع من ترتيب الالتزام ومنح الحقوق للأفراد، وكانت الشريعة الإسلامية الغراء، التي تفردت بطرح قيم اجتماعية وأخلاقية عالية التنظيم والدقة والتقدم، من بين الباحثين في شؤون تنظيم الحقوق والالتزامات، وفي هذا السبيل تصدت إلى تحديد مفهوم اليتيم، فكان تحديدها له بدقة لم يصل إليها أعلى المفكرين والباحثين مستوىً في كل الأمم الغابرة والحاضرة، وانعكست تلك الدقة الموضوعية على القوانين المستمدة منها والدساتير التي تنهل من معينها، وحيث أن شكل الدولة الحالية قد تغير عما كان عليه في ما سبق، فان الوسائل المنظمة لعمل هذه الدولة قد تطور وظهر القانون الذي كان يتناسب طردياً مع تطور الحاجة إلى التنظيم، وشمل هذا التطور أحوال اليتيم أيضا، مثلما شمل غيره من أبناء المجتمع، إلا إننا لم نجد ما يشير إلى اهتمام المشرع الوضعي باليتيم مثل اهتمام المشرع الإسلامي، وان تناوله لليتيم كان ضمن مفهوم القاصر أو الحدث، ولم يفرد أحكام خاصة به وان كانت هناك إشارات مبعثرة في مجموعة من القوانين والأوامر والتعليمات إلى مفردة اليتيم أو الأيتام، ولغرض دراسة الأحكام القانونية النافذة، التي تنظم أحوال اليتيم في القانون العراقي، أتقدم بهذه الدراسة لتكون نموذج لبقية التشريعات في الدول العربية أو الإسلامية، وتتناول الدراسة مفهوم اليتيم في الإسلام وكذلك في القانون العراقي مع ذكر التطبيقات العملية القضائية والإدارية لها، وإنها اقرب إلى الدراسة المقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي العراقي، مع ذكر بعض التجارب العربية المحيطة بالعراق. وتتكون الدراسة من فصلين يشمل كل فصل على عدة مباحث وكل مبحث بدوره يحتوي على جملة من المطالب، حسب حاجة البحث والخاتمة، التي أجمل فيها التوصيات والنتائج التي خلصت إليها الدراسة، والغاية من هذه الدراسة هو المسعى لتطوير التشريعات الحالية واقتراح المشاريع القانونية المستقبلية ذات الصلة باليتيم، وأتمنى أن تنال رضا الله قبل رضا الناس وان تكون مفردة في كتاب الجهد الإنساني لتنظيم ورعاية أحوال اليتيم والله ولي التوفيق.
الفصل الأول
مفهوم اليتيم
كلمة اليتيم لها عدة معاني تختلف تبعاً لمحل استعمالها، ولها في اللغة جملة من المعاني تخلتف أحيانا عن المعنى الاصطلاحي، لذا سنتناول التعريف اللغوي ثم الاصطلاحي في الشريعة الإسلامية والتعريف الاصطلاحي في القانون العراقي.
المبحث الأول
التعريف اللغوي
اليتيم كلمة مشتقة من الفعل يتم واليتيم جمعه أيتام ويتامى، وقد يَتِِم الصبي بالكسر يتم يتما، بالتسكين فيهما واليتم في الناس من قبل الأب، وفي البهائم من قبل الأم ، كما إن اليتيم: من الجواهر: الذي لا أخ له، ومنه " درة يتيمة " ، أي لا أخت لها، وعند أهل اللغة اليتم يأتي بمعنى الحقر والدفع، فإذا مات أبو الصبي فهو يتيم، وهو مدفع، أي يدفع ويحقر والدفع هو صرفه أو عدم مزاحمته أو انه مهمل، حيث يقال فلان سيد قومه غير مدافع، أي غير مزاحم فيه، ولا مدفوع عنه، وهذا طريق يدفع إلى مكان كذا، أي (ينتهي إليه) ودفع فلان إلى فلان، انتهى إليه، وقولهم غشيتنا سحابة فدفعناها إلى بني فلان، أي انصرفت إليهم عنا، إلا أن اليتيم لا يكون إلا بفقدان الأب، فاليتيم الذي يموت أبوه، والعجي الذي تموت أمه، واللطيم الذي يموت أبواه ، وبموجب هذا التقسيم يكون اليتيم من فقد أباه و العجي لفاقد الأم ومن فقد كلا أبويه يسمى لطيم، ولكلمة يتيم في اللغة معنى الانفراد لا احد له أو معه، واليتيم سمي يتيما لإنفراده، وكل شيء انفرد فقد تيتم ، وكل شيء مفرد يعز نظيره فهو يتيم، يقال درة يتيمة ، وقد يكون لكلمة اليتم معنى الضعف، حيث إن النساء يقال لهن يتامى وفي حديث الشعبي (أن امرأة جاءت إليه فقالت إني امرأة يتيمة فضحك أصحابه، فقال: النساء كلهن يتامى أي ضعائف) ، كذلك يقال للمرأة يتيمة ولا يزول عنها اسم اليتم أبدا، وتدعى يتيمة ما لم تتزوج، فإذا تزوجت زال عنها اسم اليتم ، كما إن اليتم يكون بمعنى الغفلة، إذ ورد في لسان العرب (قال المفضل: أصل اليتم الغفلة، وسمي اليتيم يتيما لأنه يتغافل عن بره) ، كما إن اليتم بمعنى البطء وقال أبو عمرو: اليتم الإبطاء، ومنه أخذ اليتيم لأن البر يبطئ عنه . والذي يظهر مما تقدم وما يقوله أهل اللغة في هذا الصدد أن التسمية بهذا الاسم منشأها، عدم الاعتناء الذي يلاقيه من فقد كفيله، وحيث كانت الكفالة في الإنسان منيطة بالأب، كان فاقد الأب يتيماً دون من فقد أمه، وحدد اللغويون نهاية هذا العنوان، وإذا بلغ زال عنه اسم اليتم حقيقة. وقد يطلق عليه مجازا بعد البلوغ، كما كانوا يسمون النبي (ص) وهو كبير: يتيم أبى طالب، لأنه رباه بعد موت أبيه ، حيث صرح بمثل ذلك من تضلع بتتبع هذا النوع من المصطلحات.
المبحث الثاني
التعريف الاصطلاحي

أما التعريف الاصطلاحي لليتيم، فيكون على مطلبين الأول في الشريعة الإسلامية والثاني في القانون.
المطلب الأول
تعريف اليتيم في الشريعة الإسلامية
اتفق الفقهاء المسلمون مع علماء اللغة العربية، على أن اليتيم هو من فقد أباه ولم يبلغ مبلغ الرجال، فمن مات أبوه قبل بلوغه يسمى يتيما، ولو مات الأب وقد بلغ الصبي لم يكن يتيما، وكذا لو ماتت ألام قبل بلوغه لم يكن يتيما ، واجمع الفقهاء على ذلك. وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " لا يتم بعد الحلم " وقوله تعالى " إذا بلغوا النكاح" أراد به البلوغ، فعبر عنه به، وقوله تعالى " آنستم منهم رشدا " أي علمتم منهم رشدا، فوضع الإيناس موضع العلم، كما وضع الإيناس موضع الرؤية في قوله تعالى " آنس من جانب الطور نارا " ، أي رأى فهم يرون أن هذا العنوان يتمشى مع الطفل إلى حد البلوغ الشرعي، وسن البلوغ الشرعي له أكثر من صورة على وفق ما توفرت عيه كتب الفقه وأهمية ذلك تكمن في إنهاء حالة اليتم، حيث يرى بعض الفقهاء إن البلوغ، هو العمر الذي يحكم فيه على الشخص بالبلوغ سواء احتلم أم لم يحتلم، وسن البلوغ، الذي يصبح فيه الإنسان أهلا. للإلزام والالتزام ، واختلف في تقديرها وهي تقارب ثمانية عشر سنة ، و سن البلوغ عند الأنثى يختلف عن الذكر، حيث أن السن الذي يحصل به البلوغ، عند الذكر خمس عشرة سنة، وفي الأنثى تسع سنين، والعادة قاضية بأن المرأة في سن البلوغ ترى الحيض ، وقد يتم اللجوء إلى سؤال الفتى، ويكون بإقراره على نفسه بالبلوغ أو باستيفاء عدد سن البلوغ، وهو أن يشهد أنه ولد في سنة كذا، فيكون له إلى هذه السنة خمس عشرة سنة ، واختلف العلماء في أقل سن تحيض فيه المرأة ويحتلم فيه الرجل وهل تنحصر العلامات في ذلك أم لا وفي السن الذي إذا جاوزه الغلام ولم يحتلم والمرأة لم تحض يحكم حينئذ بالبلوغ وقال أبو حنيفة سن البلوغ تسع عشرة أو ثمان عشرة للغلام وسبع عشرة للجارية وقال أكثر المالكية، حده فيهما سبع عشرة أو ثمان عشرة وقال الشافعي وأحمد وابن وهب والجمهور حده فيهما استكمال خمس عشرة سنة على ما في حديث بن عمر في هذا الباب ، كما يعرف البلوغ بأمور خمسة، ثلاثة مشتركة بين الذكر والأنثى، واثنان مختصان بالأنثى. فالمشتركة، خروج المني من القبل، والسن، والإنبات. والمختصة، الحيض والحمل.
ومن خلال ما تقدم نجد إن الذي تقرره الشريعة المقدسة للبلوغ هو في ظهور واحدٍ من
العلامات التالية:
1 ـ إنهاء الطفل خمسة عشر عام من عمره إذا كان ذكراً، وتسعة إذا كانت أنثى.
2 ـ إنبات الشعر على عانته.
3 ـ الاحتلام بخروج المني منه، أو الحيض من الأنثى. والمني - وهو الماء الدافق الذي يخلق الله تعالى منه الولد - سبب للبلوغ، سواء خرج يقظة، أو نوما، بجماع أو احتلام أو غير ذلك، وسواء قارن شهوة أم لا .
حيث تنبئ هذه العلامات بوصوله إلى مدارك الرجال. وحينئذٍ، فينتقل من مرحلة الطفولة، وهي مرحلة عدم المسؤولية إلى مرحلة العبء الاجتماعي، والمسؤولية الشرعية التي تفرض على الرجال البالغين. وفي تعريف معاصر يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل في فتوى منشورة له بموقع (إسلام أون لاين) إن "اليتيم هو الذي مات أبوه ولم يبلغ مبلغ الرجال، فإذا بلغ الصبي الرشد لم يعد يتيمًا، إلا إذا كان في عقله سفه أو جنون؛ فيظل في حكم اليتيم وتستمر كفالته، والبنت تظل في الكفالة حتى تتزوج؛ لقوله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ (ا، فإذا بلغ الصبي اليتيم رشيدًا ولكنه فقير فيكون الإحسان إليه من باب أنه فقير. لذلك فان تعريف اليتيم في الشريعة الإسلامية يدخل حكما ضمن مفهوم القاصر ويعامل معاملة المحجور
المطلب الثاني
التعريف القانوني لليتيم
بعد أن عرضت تعريف الفقه الإسلامي لليتيم لابد من أن نوضح تعريف القانون العراقي لليتيم لكن لم أجد في المنظومة القانونية العراقية ما يدل على تحديد تعريف محدد لليتيم وإنما وردت أوصاف ومفردات لكلمة اليتيم أو الأيتام في العديد من التشريعات العراقية ومنها ما يلي:-
1. الفقرة (11) من الجدول الملحق نظام رسوم المحاكم الشرعية لسنة 1919 الصادر في 11/4/1919
2. القانون الوقتي للمرافعات الشرعية لسنة 1920
3. القانون الاساسي العراقي لعام 1925 والذي يعتبر اول دستور للعراق
4. قانون طائفة الارمن الارثوذكس الصادر 5/16/1931
5. نظام ادارة الميتم الاسلامي ببغداد رقم (8) لسنة 1932
6. تعليمات التفتيش العدلي الصادرة في 12/3/1933
7. قانون التبليغات القانونية للعسكرين رقم (22) لسنة 1934
8. قانون تحرير التركات وادارة اموال القاصرين والغائبين والمحجوزين رقم (27) لسنة 1934
9. قانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951
10. قانون ميزانية الاوقاف للسنة 1942 المالية رقم (32) لسنة 1942
11. قانون ميزانية الاوقاف العامة لسنة 1944 المالية رقم (17) لسنة 1944
12. قانون المؤسسات الاجتماعية رقم 42 لسنة 1958
13. قانون التبليغات القانونية للعسكريين رقم 106 في 8/29/1960
14. قانون الضمان الاجتماعي رقم (140) لسنة 1964
15. نظام رعاية الاحداث رقم 52 الصادر في 6/4/1964
16. نظام وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية رقم (39) لسنة 1967
17. نظام التعديل الاول لنظام المعاهد الخيرية للادارات المحلية رقم 12 لسنة 1961
18. نظام التشكيلات الادارية للحكم الذاتي في منطقة كردستان رقم 4 قي 1/13/1975
19. تعليمات دور الحضانة الايوائية عدد (4) لسنة 1978
20. تعليمات صندوق الزكاة رقم 1 لسنة 1988
21. القبول في قرية عائلة العراق تعليمات رقم 3 لستة 2001
22. تعليمات تخصيص مصروف جيب يومي للايتام رقم 15 لسنة 2002
فهذه البيبلوغرافيا البسيطة لبعض التشريعات في المنظومة القانونية العراقية حول تناولها لمفردة اليتيم او الأيتام لم تحدد تعريف صريح ومحدد لليتيم وإنما ورد على العموم تاركه أمر توصيفه إلى القواعد العامة، ففي نص الفقرة (و) من المادة (2) من التعليمات المالية رقم (2) لسنة 1970 لتعديل التعليمات المالية عدد 4 لسنة 1962 ورد توصيف لليتيم بأنه القاصر فاقد الأب وعلى وفق ما يلي (لا تعفى من الضريبة العرصة التي يملكها شخص قاصر بسبب عدم إكماله سن الرشد المعين قانونا إلا إذا كان القاصر يتيما فاقدا أباه وفقير الحال فعندئذ يحق له التمتع بالإعفاء عن عرصة واحدة حتى بلوغه سن الرشد) وهذا التوصيف حدد ان اليتيم هو قاصر وهذا يحيله الى التعريف الوارد في قانون رعاية القاصرين كما تضمن ان اليتيم هو فاقد الأب ولا يعتبر يتيما من فقد أمه كما انه قد حدد نهاية اليتم ببلوغ سن الرشد، لكن ورد في قانون الضمان الاجتماعي توصيف اخر لليتيم اذ اعتبر القانون اليتيم الذي يكون من عيال المتوفى المستحق للراتب التقاعدي هو من فقد الأبوين وليس من فقد احدهم اذ لم يعتبره من الأحفاد الأيتام وعلى وفق نص الفقرة (ج) من المادة (39) من قانون الضمان الاجتماعي رقم (140) لسنة 1964 التي تنص على أن (الحفيد (اليتيم) لأبوين دون الخامسة عشرة من العمر إذا كان الشخص المضمون أو المتقاعد يعيله عند وفاته) ، بينما حدد اليتيم بالذي لايتجاوز الثامنة عشر من العمر على وفق ماورد في نص المادة (2) من تعليمات القبول في قرية عائلة العراق رقم 3 لسنة 2001 ونصها ما يلي (يقبل في القرية الايتام من الذين تتراوح أعمارهم من اليوم الأول وحتى اكمال الثامنة عشرة من العمر) وفي نظام ادارة الميتم الاسلامي ببغداد رقم (8) لسنة 1932 حدد عمر اليتيم بسن الخامسة عشر ومن يتجاوز ذلك كان يطرد من الميتم بمعنى ان حد اليتم عند الخامس عشر على خلاف ما ورد في التشريعات الأخرى التي أشرت إليها كما ان هذا النظام قد اعتبر اليتيم أيضا من فقد أبويه وعلى وفق ما ورد في نص المادة (4) من النظام (يشترط لقبول (اليتيم) ان لا يكون له من يقدر على اعاشته ممن يكلف بها شرعا ويرجح عند المزاحمة فاقد الابوين على من فقد اباه فقط) بالاضافة الا ان اليتيم يكون ايضا فاقد الابوين وليس الاب فقط اذ ذكرت الفقرة (2) من المادة (8) من نظام رعاية الأحداث رقم 52 لسنة 1964 (فاقد الأبوين أو احدهما وليس له معيل شرعي قادر على إعالته بشهادة مصدقة من الجهة المختصة) وحدد سن نهاية اليتم بثمانية عشر عام على وفق ما ورد في نص الفقرة (1) من المادة (9) من النظام المذكور، وهذه الأوصاف لليتيم وان تباينت بين ان يكون فاقد الاب او الابوين وكذلك فيما يتعلق بسن انتهاء اليتم فانها لا تخرج عن كون كل يتيم هو قاصر وتراعى شؤونه تبعا لرعاية القاصرين في ظل القوانين النافذة وورد تعربف القاصر وعلى وفق ما عرفته المادة (3) قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 المعدل (1 ـ الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد وهو تمام الثامنة عشر 2ـ الجنين 3ـ المحجور الذي تقرر المحكمة انه ناقص الأهلية أو فاقدها 4ـ الغائب أو المفقود) ولابد من الاشارة الى ان سن الرشد بأنه (ثمانية عشر سنة كاملة تحتسب من تاريخ تمام ولادته حياً) على وفق احكام المادة (105) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل وان ابتداء شخصية اليتيم مثلما يتم تحديد شخصية الإنسان التي تسمى الشخصية الطبيعية اعتبرت ذلك ابتداء الشخصية الطبيعية للإنسان وتنتهي بموته على وفق أحكام المادة (45) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل.
ووجدت أن بعض القوانين العربية سارت على نفس النهج الذي سار عليه القانون العراقي من عدم تحديد تعريف معين ومحدد لليتيم وفي المملكة الأردنية الهاشمية يوجد قانون يسمى قانون الأيتام رقم 69 لسنة 1953 المعدل وعلى الرغم من انه يحمل عنوان قانون الايتام الا انه لم يحدد تعريف لليتيم وانما ذكره على اعتباره قاصر لان هذا القانون وجد لتحرير تركة المتوفى عند وجود وريث لم يكمل الثامنة عشر من عمره على وفق نص المادة (4) منه على ان (الأسباب الموجبة لتحرير التركة هي:-1- وجود وارث لم يكمل الثامنة عشرة من عمره او فاقد الأهلية) وفي المادة العاشرة من القانون المذكور، مثلما فعل المشرع العراقي، اعتبر سن انتهاء اليتم هو الثامنة عشر وعلى وفق النص التالي (اذا اكمل اليتيم السنة الثامنة عشرة من عمره وثبت رشده لدى المحكمة تسلم اليه أمواله من صندوق الأيتام نقدا أو حوالة على احد المدينين من صندوق الأيتام).
ومن خلال ما تقدم أرى إن التعريف القانوني لليتيم وعلى وفق ما ورد في التشريعات العراقية (هو الصغير الذي فقد الأب او والديه ولم يبلغ سن الرشد) وكما ورد في المطلب الثاني من هذا المبحث فان فقهاء المسلمين اعتبروا اليتيم هو من فقد الأب دون الأم على اعتبار إن الأب هو من يتكفل برعاية الولد وكذلك القانون العراقي يلزم الاب برعاية االولد بغض النظر عن كونه ذكر او أنثى والزم الأب بذلك على وفق أحكام الفقرة (1) من المادة (التاسعة والثلاثين) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل التي تنص على ما يلي (إذا لم يكن للولد مال فنفقته على أبيه ما لم يكن فقيرا عاجزا عن النفقة والكسب) بالإضافة إلا أن أجرة رضاع الأم لولدها تكون على نفقة الأب على وفق أحكام المادة (السادسة والخمسين) من القانون المذكور التي تنص على إن (أجرة رضاع الولد على المكلف بنفقته ويعتبر ذلك في مقابل غذائه) وهذا يقودنا الى السؤال عن الطفل او القاصر او الحدث الذي يفقد رعاية الاب لفقدانه وفي العراق وباقي الدول التي عانت من الحروب يكثر فيها القاصرين فاقدي الأب لا لوفاتهم بل لفقدانهم وعدم معرفة مصيرهم، ما هو مركزه القانوني تجاه تعريف اليتيم لذا فان النظرة إليه يجب أن تكون جدية لمعالجة أوضاعهم لأنهم يختلفون عن مجهول النسب او اللقيط، الذين نظمت أحوالهم في القوانين النافذة أو على مستوى الشريعة الإسلامية.
 

الفصل الثاني
الأحكام القانونية والشرعية لليتيم


المبحث الأول
الأحكام الشرعية
قبل البحث الأحكام القانونية في القوانين الوضعية وجدت من الضروري أن أشير إلى أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة باليتيم وان كان بشكل سريع وذلك من اجل أن تكون لدينا خلفية نقارن فيها ما موجود من أحكام في القوانين الوضعية التي اجزم إنها لا تمثل إلا نسبة ضئيلة مما تضمنته الشريعة الإسلامية، لذلك سأقوم بعرض الآيات القرآنية التي ذكرت اليتيم والأحاديث النبوية الشريفة ووصايا الأولياء و العلماء من المسلمين، ففي القرآن الكريم ذكر اليتيم في ثلاثة وعشرين آية كريمة منها ثمانية آيات مكية وخمسة عشر آية مدنية وبعض الكتاب المسلمين قسم الآيات إلى ثلاثة أقسام كما يلي:ـ
القسم الأول: بيان شمول اللطف الإلهي لليتيم في الشرائع السابقة، والايصاء به.
القسم الثاني: بيان الحقوق الاجتماعية لليتيم
القسم الثالث: بيان الحقوق المالية لليتيم
وهذه الايات هي كما يلي:ـ
1. قال تعالى (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن، والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما)
2. قال تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل) .
3. قال تعالى: (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير)
4. قال تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا)
5. قال تعالى (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا)
6. قال تعالى (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا)
7. قال تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)
8. قال تعالى (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا)
9. قال تعالى (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا)
10. قال تعالى: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان أنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً. أن يكبروا ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف)
11. قال سبحانه: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالكيل)
12. قال تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد)
13. وقال عز وجل: (كَلاّ بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ)
14. وقال عز وجل: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)
15. وقال عز من قال: (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ)
16. وقال عز وجل: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ...)
17. وقال تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ...)
18. وقال تعالى: (واعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ...)
19. وقال عز وجل: (مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فلله وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ...) (سورة الحشر: الآية 7).
20. (يتيما ذا مقربة) [ بلد 15
أما ما ورد عن الرسول الكريم فليس من السهل ضبط حصة اليتيم من السنة الكريمة على النحو الدقيق. فتناولت السنة النبوية الطاهرة اليتيم في موضوعات عدة وكذلك أحاديث الأولياء والعلماء ومنها ما يلي:ـ
1. قال رسول الله (ص): (من ضم يتيما فكان في نفقته، وكفاه مؤونته، كان له حجابا من النار يوم القيامة).
2. قال رسول الله (ص): (من مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة).
3. قال رسول الله (ص): (من عال يتيماً حتى يستغني عنه أوجب الله له بذلك الجنة).
4. قال رسول الله (ص): (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى).
5. قال رسول الله (ص): (إن في الجنة داراً يقال لها دار الفرح لا يدخلها إلا من فرح يتامي المؤمنين).
6. قال رسول الله (ص): (كن لليتيم كالأب الرحيم واعلم أنك تزرع كذلك تحصد).
7. قال رسول الله (ص): (من مسح يده على رأس يتيم ترحماً له، أعطاه الله عز وجل بكل شعرة نوراً يوم القيامة).
8. عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص): ألا من كان في منزله يتيم فأشبعه أو كساه ولم يؤذه ولم يضربه يقبل منه عمله
9. وقال رسول الله (ص): من ضم يتيما بين أبوين مسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة البتة.
10. وقال (ص): إذا بكى اليتيم في الأرض قال الله عز وجل: من أبكى عبدي هذا اليتيم الذي غيبت أبويه أو أباه في الأرض ؟ فتقول الملائكة: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، فيقول الله عز وجل: اشهدكم ملائكتي أن من أسكته برضاه فأنا ضامن لرضاه من الجنة، قيل: يا رسول الله، وما يرضيه ؟ قال: يمسح رأسه أو يطعمه تمرة
11. وقال (ص): خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت فيه يتيم يساء إليه، ثم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة - وهو يشير بإصبعه -.
12. وروي إن رجلا شكا إلى النبي (ص) قساوة قلبه، فقال: إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم.
13. وقال: من أذل يتيما أذله الله.
14. وقال رجل: يا رسول الله، أشكو إليك قسوة قلبي، قال: فادن منك اليتيم وامسح رأسه وأجلسه على خوانك، يلن قلبك وتقدر على حاجتك.
15. قال رسول الله (ص): أشبع اليتيم والأرملة، وكن لليتيم كالأب الرحيم، وكن للأرملة كالزوج العطوف، تعط كل نفس تنفست في الدنيا قصرا في الجنة، كل قصر خير من الدنيا وما فيها
لذلك نلاحظ ان الشريعة الإسلامية قد أولت اليتيم عناية فائقة، وحثت على رعايته والمحافظة على أمواله، وحذرت من التجاوز على حقوقه.ومن جهة أخرى فقد أهابت بالمحسنين أن يقوموا بتهذيبه وتأديبه كما يراعي الوالد أبنائه.ولكن الملاحظ من المشرع أنه أكد بشكل ملحوظ على رعاية حقوقه المالية، ولربما كان هذا بشكل يفوق بقية الجهات المطلوبة في رعاية اليتيم وقد ظهر ذلك من الآيات الكريمة والأخبار الشريفة والتي تشكل بدورها مجموعة كبيرة تلفت نظر الباحثين.ولا غرابة في هذا التأكيد المتواصل من الشريعة على هذه الجهة لو لاحظنا طبيعة القوم في أول الدعوة، والظروف المحيطة بالمنطقة العربية. وسأكتفي بما تقدم لان الولوج إليه لا تكفيه هذه الدراسة المتواضعة.بالإضافة إلى إنها مكرسة لبيان الأحكام القانونية.
المبحث الثاني
الأحكام القانونية
في المنظومة القانونية العراقية توجد أحكام قانونية مدنية وهي التي تتعلق بالمعاملات المالية مثل العقود والتملك والقواعد التي تدخل ضمن القانون المدني وهناك قواعد قانونية تتعلق بالجزاء والعقوبات وتجريم الأفعال وكذلك قواعد الأحوال الشخصية التي تتعلق بقضايا الأسرة من زواج وطلاق وميراث وغيرها وهذا التنوع اوجد العديد من القوانين التي تعالج وتنظم العلاقات الناشئة عن حاجة المجتمع لتنظيمها لذلك ستكون مطالب هذا المبحث على وفق التصنيفات التي أشرت إليها.
المطلب الأول
الأحكام القانونية العقارية
لقد حددنا في تعريف القانون لليتيم بأنه القاصر الذي يخضع لأحكام قانون رعاية القاصرين 78 لسنة 1980 المعدل، وفي المنظومة القانونية العراقية توجد أحكام قانونية ذات صلة بموضوع القاصر، ومنها الدار السكنية التي تؤول إرثا إلى القاصر من المورث إما عن طريق وفاة احد والديه أو الاثنين معاً لان مجرد وفاة الشخص الطبيعي تنتقل ملكية الأموال إلى الورثة ويعتبر الميراث احد أسباب انتقال الملكية في القانون العراقي كما تنفل الملكية بواسطة الوصية عندما يوصى ليتيم (قاصر) ويكون الوارث هو المالك الجديد للمال سواء كان عقار أو منقول وقد يكون مع القاصر شركاء في هذه الأموال واصل القاعدة القانونية والشرعية إن الناس مسلطون على أموالهم والقانون وفر الحماية لهذا الحق المتمثل بحق الملكية حيث إن المالك له أن يتصرف بملكه تصرفا مطلقا ومعنى ذلك القول بأن المالك حتى وان كان شريكا في المال، له حق التصرف بحصته من الملك فإذا شاء أن لا يبقى مع الشركاء الآخرين على الشيوع في الملكية فانه لا يجبر على البقاء وله أن يطلب إزالة شيوع المال إلا في بعض الحالات التي تتعلق بالاتفاق بين الأطراف في الملكية الشائعة أو لتعلقها بذات المال الذي لا يكون قابل للقسمة مثل السقوف والأرضيات أو ما يسمى بالعلو و السفل في العمارات ذات الاستعمال المشترك وكذلك الطريق المشترك وسواه، لكن في حالة وجود قاصر بين الشركاء وكان القاصر يتيما فلا يجوز إزالة الشيوع إلا بعد انتهاء حالة اليتم ببلوغ سن الرشد، حيث منع قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 1041 في 17/8/ 1982، والقرار 1497 في 19/11/1982 إزالة شيوع الدار المسكونة من قبل ورثة المتوفى القاصرين أو زوجة المتوفى أو كليهما، وهذا الامتياز لم يشمل به أي قاصر آخر سوى اليتيم، فإذا كان بين الشركاء قاصر ولم تؤول إليه الملكية عن طريق الميراث فانه، لا يتمتع بهذا الامتياز ومن الممكن لأي شريك إن يطلب إزالة شيوع المال وهناك تطبيقات قضائية كثيرة منها قرار محكمة استئناف بغداد بصفتها التمييزية المرقم 129/حقوقية/1989 الذي منع إزالة شيوع الدار التي يشغلها القاصر من ورثة المالك او ورثة الشريك وفي هذا القرار توسع نحو تقييد ملكية الشركاء من غير ورثة المتوفى وفي احد القرارات القضائية الحديثة قصر هذا الامتياز على القاصرين من أولاد المتوفى ولا يسري على أحفاده على اعتبار إن الأحفاد لا يرثون من جدهم وإنما لهم الوصية الواجبة التي سيرد ذكرها لاحقا وارى إن القرار أعلاه كان موفقا لان الأصل في الأعمال الإباحة و لكل مالك له الحق في التصرف بملكه وان هذا القيد الذي ورد لمصلحة القاصر اليتيم هو استثناء على القواعد العامة، وفي القواعد التفسيرية القانونية هناك مبدأ يسمى عدم التوسع في الاستثناء. وهذا الامتياز الممنوح لليتيم ياتي انسجاما مع اهتمام الشريعة الإسلامية بالأيتام.
المطلب الثاني
الأحكام القانونية في الأحوال الشخصية
في قانون الأحوال الشخصية 188 لسنة 1959 المعدل، او مثلما يسميه البعض قانون الأسرة والقسم الآخر من بعض الدول تطلق عليه تسمية الأحكام الشرعية، نظم المشرع العراقي قضايا الزواج والطلاق والميراث والنفقة والوصية وكل ما يتعلق بشؤون الأسرة، وحيث إن الأسرة تتكون من كبار وصغار وإناث وذكور فان القانون المذكور قد افرد بعض الأحكام القانونية للقاصر التي تميزت في بعض المفاصل بالاختلاف عن القواعد العامة وتبرير ذلك إن قضايا الأحوال الشخصية تتمتع بخصوصية لتعلقها بقضايا الحلال والحرام او كما تسمى قضايا الحسبة، فمنحت استثناءات من القواعد القانونية وخصوصا المتعلقة بقواعد الإثبات، قد أجاز القانون الإثبات بالبينة الشخصية (شهادة الشهود) في بعض الحالات التي لا يجوز الإثبات فيها إلا بالبينة التحريرية (الوثائق والسندات) وذلك على وفق ما ورد في نص الفقرة (ثانيا وثالثا) من المادة (11) من قانون الإثبات العراقي رقم 107 لسنة 1979 المعدل كما إن قانون الأحوال الشخصية تميز بكونه يعتمد أحكام الشريعة الإسلامية كأحد مصادر القاعدة القانونية دون اللجوء إلى العرف وعلى وفق ما ورد في نص المادة (1) من قانون الأحوال الشخصية بينما في القانون المدني يكون العرف بعد النص التشريعي وقبل إحكام الشريعة الإسلامية وعلى وفق ما جاء في نص المادة (1) من القانون المدني العراقي (1 – تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها او في فحواها 2 – فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكمت المحكمة بمقتضى العرف فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون دون التقيد بمذهب معين فإذا لم يوجد فبمقتضى قواعد العدالة3 – وتسترشد المحاكم في كل ذلك بالأحكام التي اقرها القضاء والفقه في العراق ثم في البلاد الاخرى التي تتقارب قوانينها مع القوانين العراقية).
وبقدر تعلق الأمر باليتيم سأوجز الأحكام القانونية ألوارده في وكما يلي:ـ
الفرع الأول
الزواج
أحكام الزواج نظمها الباب الأول من قانون الأحوال الشخصية النافذ الذي وعرفه القانون بأنه (عقد بين رجل و امرأة تحل له شرعا غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل) ومن خلال التعريف نجد إن الزواج عقد وفي هذا المورد لابد ان يكون العاقدين او طرفي العقد يتمتعون بالأهلية القانونية ، التي تمكنهم من إجراء العقد وهذه الأهلية بموجب القواعد العامة بلوغ سن الرشد الذي حدد بثمانية عشر سنة كاملة تحتسب من تاريخ تمام ولادته حياً وذكر حصرا في قانون الأحوال الشخصية إن تمام أهلية الزواج العقل وإكمال الثامنة عشرة ،إلا انه أورد استثناء على ذلك بجواز إتمام عقد الزواج لمن لم يكمل الثامنة عشر واقرنه بطلب من الشخص الذي لم يبلغ سن الرشد واكمل الخامسة عشرة من العمر وبموافقة الولي الشرعي وفي هذه الحالة لم يميز بين اليتيم وغيره كما ان القانون لم يتطرق الى تعريف الولي على الرغم من أهميته لكن ما سار عليه التطبيق القضائي بان تستحصل موافقة الأم عند بعد ان تمنح حجة قيمومة مؤقته لها على القاصر اليتيم لغرض أكمال إتمام عقد الزواج، وفي هذا الشأن ارى ان الاتجاه بهذا النحو غير صحيح وانما يجب ان يتم منح الإذن من قبل القاضي باعتباره ولي الأمر لان حالة اليتم التي فيها القاصر لا تعتبر خللا في شخصيته وإنما امتياز له.
من أهم الآثار التي يرتبها الزواج بالنسبة لليتيم هو انتهاء سن اليتم أو حالة اليتم، إذ يصبح بمثابة كامل الأهلية عند الزواج وفي تطبيقات القضاء العراقي نجد ان محكمة التمييز اعتبرت من أكمل الخامسة عشر سنة وتزوج بأذن المحكمة كامل الأهلية وهذا الأثر يكمن في التعريف الذي استقر عليه الفقه الشرعي والقانوني على اعتبار ان اليتيم أصبح يتيما لفقده من يتكفل به ويرعاه الذي هو والده بموجب التكليف الشرعي والقانوني الذي أوضحته في الفصل الأول من هذه الدراسة وفي حالة الزواج فان من أهم الشروط التي يجب توفرها في الزوج الكفاءة المالية لأنه ملزم بالإنفاق على زوجته اعتبارا من تاريخ العقد الصحيح حتى وان كانت في دار أهلها وفي تطبقات القضاء لم تقرر المحكمة نفقة للأخت من أخيها لأنها تزوجت وأصبح زوجها مكلف بإعالتها والإنفاق عليها .
الفرع الثاني
أحكام النفقة
إن نفقة كل ولد على أبيه أما في حالة اليتيم الذي فقد أباه فان القانون لم يبين بشكل واضح على من تجب النفقة الا انه اقرن عجز الفقرة (1) من المادة (الستون) من قانون الأحوال الشخصية بوجوب نفقة فاقد الأب على من تجب عليه وبقى النص دون الوضوح المطلوب لكن بعض شراح القانون ومنهم الدكتور احمد الكبيسي يرى ان النفقة تكون على من يوجد من الأصول ذكر كان أو أنثى وبداء بالأم فتكلف بالإنفاق على اليتيم ثم الجد بالمرتبة الثانية وهكذا الأقرب فالأقرب وفي حال اجتماع اكثر من واحد من اصول اليتيم فان التزامهم يكون كل واحد بمقدار حصته من الارث وحيث ان القانون العراقي قد اعتمد نهج المالكية في وجوب التوارث على من يلزم بالانفاق فان كل واحد بمقدار حصته فاذا اجتمعت الأم مع الجد فعلى الأم السدس وعلى الجد الباقي بمعنى من سيرث اليتيم عند وفاته هو من يلزم بالنفقة لان نفقة الصغير العاجز القاصر على من يرثه من أقاربه الموسرين .
الفرع الثالث
الوصية الواجبة
أحيانا يكون لليتيم جد موسر وحالته المالية جيدة وعندما يتوفى هذا الجد فان أحفاده الأيتام لا يرثون لانقطاع التوارث بينهم لأنهم يدلون إلى جدهم بابيهم فان توفي قبل ابيه فان الأحفاد لا يستحقون في الإرث شيء على اعتبار إن الحي يرث الميت، وهذا ليس في القانون فحسب بل هو فرض شرعي أقرته أحكام الشريعة الإسلامية حيث ان اركان الارث ثلاث المورث والوارث والميراث، وأسباب الإرث اثنان هما النكاح الصحيح والقرابة، وشروطه موت المورث حقيقة او حكما، تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، العلم بجهة الإرث لذلك فان الحفيد اليتيم الذي مات أبوه قبل جده فانه سيحرم من الميراث على وفق الأحكام الشرعية والقانونية، إلا أن المشرع العراقي كغيره من بعض التشريعات العربية ومنها المصري والاردني والسوري والمغربي والكويتي قد اخذ بمبدأ الوصية الواجبة التي افترض بان الجد قد أوصى لأحفاده فجعلها بمقدار حصة والد الأحفاد بما لا يتجاوز الثلث وجعلها مقدمة على بقية الوصايا عند تصفية وتوزيع تركة المتوفى ويرى البعض ان هذا المبدأ له أساس شرعي في الآية الكريمة (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين و الاقربين بالمعروف حقا على المتقين) إلا أن من بين الفقهاء الذين أمروا بوجوب الوصية ابن حزم الاندلسي يقوله (قد وجب لهم من ماله جزء مفروض إخراجه لمن وجب له ان ظلم هو ولم يأمر بإخراجه) فهذا الامتياز الممنوح وان كان لا يقتصر على اليتيم أو القاصر إلا انه التفاته لطيفة لمراعاة حقوق من لم يكن لهم يد في الأقدار التي حلت بهم وفي ظل القانون العراقي ترك الأمر بشكل مطلق بينما في القانون الأردني والمصري اقترن ذلك بعدم إنفاق الجد على الأحفاد حال حياته فإذا ثبت إنفاقه يطرح ذلك المبلغ من الوصية وهذا الأمر يدخل ضمن تحرز المشرع لما يصيب الأحفاد من ضرر حينما يستأثر أعمامهم بتركة جدهم، ويكون اليتيم قد انتفع بهذا التشريع حتى وان كان عرضا وأصبح من مميزات اليتيم في التشريع العراقي وغيره من القوانين التي تأخذ بهذا المبدأ.
المطلب الثالث
الأحكام القانونية في رعاية أموال اليتيم
الفرع الأول
إدارة أموال اليتيم
اليتيم كغيره قد يملك أموالا وردت إليه عن طريق الهبة من الغير أو آلت إليه إرثا من مورثيه، وبما انه قاصر غير قادر على إدارة أمواله بنفسه إلا بموافقة ومراقبة الولي أو الوصي أسوة بالقاصرين الآخرين، وفي القانون العراقي مثلما فعلت معظم القوانين في الدول العربية والإسلامية إلى الاهتمام برعاية أمواله والحفاظ عليها وإلزام الولي او الوصي ببذل العناية الكافية ونظمت احكام قانون رعاية القاصرين رقم (78) لسنة (1980) المعدل ذلك الأمر حيث ورد في صدره وفي نص المادة (1) الى ان القانون يهدف الى رعاية الصغار ومن هم في حكمهم والعناية بشؤونهم الاجتماعية والثقافية والمالية وشكل لهذا الغرض مجلس لرعاية القاصرين الذي من بينهم اليتيم يتولى الإشراف على رعايتهم مؤلف من عدد من المسؤولين برئاسة وزير العدل وعدد من الدوائر المختصة برعاية القاصرين في المحافظات وتقوم هذه الدوائر بإدارة أموال القاصر (اليتيم) وحدد واجبات هذه الدوائر بما يلي:ـ
1. حصر أموال القاصر من العقارات والمنقولات خلال المدة التي يكون فيها قاصرا و الأذن بإصدار القسام الشرعي للمتوفى عن قاصر وتحرير تركة المتوفى بجرد جميع أمواله المنقولة وغير المنقولة
2. الإشراف على الأولياء والأوصياء ومحاسبتهم وفق التعليمات التي يصدرها مجلس رعاية القاصرين
3. القيام بأعمال إدارة الأموال بالأسلوب المعتاد وعلى وفق التعليمات التي يصدرها مجلس رعاية القاصرين، مثل تأجير العقارات العائدة إلى القاصر (اليتيم) وتعمير عقار القاصر ، صرف النفقات الاعتيادية وغير الاعتيادية للقاصر من أمواله
كما الزم القانون الولي أو الوصي بما يلي:ـ
1. بعدم جواز التبرع من مال القاصر لأداء واجب عائلي أو إنساني إلا بموافقة دائرة رعاية القاصرين
2. عدم جواز مباشرة جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية او التبعية او نقله، او التصرف في المنقول او الحقوق الشخصية او الأوراق المالية، وكذلك في الصلح والتحكيم، حوالة الحق وقبولها وحوالة الدين، تأجير العقارات لمدة أكثر من سنة، قبول التبرعات المقترنة بعوض، التنازل عن التأمينات وإضعافها والتنازل عن الحقوق والدعاوى وطرق الطعن القانونية في الأحكام، القسمة الرضائية للأموال التي للقاصر(اليتيم) حصة فيها، وهذه التصرفات جميعا لا يجوز إجرائها إلا بموافقة دائرة رعاية القاصرين والحكمة في ذلك ضمان عدم الاعتداء على أموال اليتيم وغيره من القاصرين وفي هذا المجال يشير فرار محكمة استئناف بغداد ـ الرصافة على ان تتحقق دائرة رعاية القاصرين من موقع العقار البديل ومقدار البدل المراد مقابل شرائه عندما تمنح الموافقة على بيع عقار القاصر (اليتيم)، كما ان للولي او الوصي ان ينفق بغير إذن رعاية القاصرين لأعمار وإدامة أموال اليتيم وغيره من القاصرين بما لا يزيد على 10% من الوارد السنوي لكل عقار بدون إذن الدائرة وما زاد من مبلغ الى حد 50% من الوارد يكون بإذن دائرة رعاية القاصرين
3. التزام الولي او الوصي ودائرة رعاية القاصرين بإدارة الأموال التي آلت عن طريق التبرع إلى اليتيم أو غيره من القاصرين على وفق شروط المتبرع
ومن خلال ما تقدم نرى أن المشرع العراقي قد فرض القيود على التصرف بأموال اليتيم وغيره من القاصرين ضمان لها والمحافظة عليها من الضرر أو استغلاها من قبل الولي أو الوصي او سواهم.
الفرع الثاني
المراقبة والمحاسبة
إن تصرف الولي أو الوصي في إدارة الأموال إذا لم تكن خاضعة للرقابة والمحاسبة سوف لن تحقق أهدافها التي وضعها القانون حتى وان نصت عليها القوانين النافذة لذلك انشأ القانون في كل مديرية لجنة تتولى محاسبة الأولياء والأوصياء مؤلفة من مدير الدائرة في المحافظة وعضوين احدهم موظف حقوقي حاصل على البكالوريوس في القانون تشكل بأمر من المدير العام لدائرة رعاية القاصرين والزم القانون الولي أو الوصي بالالتزام بتعليمات دائرة رعاية القاصرين ومن تطبيقات القضاء بهذا الصدد قرار محكمة استئناف بغداد بصفتها التمييزية التي أوجبت على الوصية على القاصر (اليتيم) أن تلتزم بموافقة رعاية القاصرين بالإضافة إلى الالتزام بتقديم الحساب السنوي إلى مديرية رعاية القاصرين خلال مدة أقصاها شهر كانون الثاني (يناير) من كل سنة وان يبين الواردات والمصروفات معززة بالوثائق والسندات ومن ثم تقوم اللجنة بالتدقيق فأما ان تصادق عليها أو ترفض الحساب وإلزام الولي او الوصي بإعادة الأموال التي تراها اللجنة من أموال اليتيم او غيره من القاصرين وللدائرة ان تتخذ جملة من الإجراءات القانونية منها ما يلي:ـ
1. الحق في تحريك الشكوى الجزائية ضد الولي او الوصي عندما لايقدم الحساب السنوي على وفق احكام المواد 240، 452،458 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل
2. تحريك الشكوى الجزائية ضد المكلف برعاية اليتيم او غيره من القاصرين إذا أساء معاملته وعرضه الى الخطر
3. إقامة الدعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية لإسقاط حضانة الأم أو من يتولى حضانة اليتيم وغيره من القاصرين عندما يلحق باليتيم المحضون ضرر وعلى وفق أحكام المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل
4. إلزام الولي أو الوصي بإيداع المبالغ الزائدة عن نفقة القاصر أو عما أذن به إلى الدائرة خلال عشرة أيام من تاريخ استلامه المبلغ وبخلافه يدفع الفائدة القانونية وبحدها الأعلى مع المبلغ الواجب دفعه ويكون قرار الدائرة واجب التنفيذ دون الحاجة الى قرار حكم
وهذه الأحكام الرقابية تكون بالإضافة الى الأحكام القانونية المنصوص عليها في القوانين الأخرى ومنها قانون العقوبات العراقي المتعلقة بمخالفة التعليمات والقوانين ورتب على مرتكبها عقوبات جزائية تصل الى حد الحبس، كما ان للادعاء العام (النيابة العامة) دور في مراقبة أعمال الأولياء والأوصياء ودائرة رعاية القاصرين عملا بأحكام المواد (1، 13) من قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979المعدل.
الفرع الثالث
إعادة أموال اليتيم
بما أن أموال اليتيم الذي هو من بين القاصرين خاضعة لإدارتها إلى دائرة رعاية القاصرين على وفق الأحكام القانونية التي ذكرتها في ما تقدم أعلاه فان هذه الدوائر تنتهي مسؤوليتها عند انتهاء حالة اليتم بالنسبة لليتيم وعند انتهاء حالة او أسباب القصر عند القاصر، لكن على الرغم من إن قانون رعاية القاصرين لم يرد فيه نص صريح إلى إعادة أموال القاصر إلا أن القواعد العامة هي التي تنظم تلك الحالة حيث ان الأصل كل إنسان يملك الحق في إدارة أمواله إلا إذا توفر العارض القانوني وحالة اليتم التي هي من بين حالات القاصر لذا فان المانع اذا زال عاد الممنوع على وفق أحكام المادة (49) من القانون المدني بالإضافة إلى ما ورد في المادة (46) التي نصها ما يلي (كل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية غير محجوز عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية) فمن بلغ سن الرشد وتمتع بالأهلية يكون صاحب الحق في مباشرة السلطة على أمواله، بالإضافة إلى أن نص المادة (3) من قانون رعاية القاصرين قد حددت سريان قانون رعاية القاصرين على الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد وهو تمام الثامنة عشر من العمر.
إذن تكون دائرة رعاية القاصرين والولي والوصي ملزم بإعادة أموال القاصر إليه عند بلوغه سن الرشد وسار العرف في العمل القضائي على ان يقدم الشخص الذي بلغ سن الرشد او أصبح كامل الأهلية إلى الدائرة طلب لرفع كافة القيود الموضوعة على أمواله عندما كان قاصر.
ومما تقدم نرى ان كل الاموال تعاد الى اليتيم عند تحقق إحدى الحالات التالية:ـ
1. من بلغ سن الرشد بإتمام الثامنة عشر من العمر
2. اليتيم الذي اتم الخامسة عشر من عمره ويتزوج فيكون بحكم البالغ الرشيد على وفق أحكام الفقرة (آ) من البند (اولا) من المادة (3) من قانون رعاية القاصرين التي تنص على (اعتبار من أكمل الخامسة عشرة وتزوج بإذن من المحكمة كامل الأهلية) ولابد من الالتفات الا ان اليتيم الذي بلغ الخامسة عشر ولم يتمها وتزوج باذن المحكمة فانه لايكون بحكم البالغ الرشيد كامل الأهلية لان قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل أجاز زواج القاصر (اليتيم) إذا بلغ الخامسة عشرة باذن المحكمة وموافقة الولي او الوصي وكذلك القاصر الذي اتم الخامس عشر من العمر بموافقة الولي او الوصي وبطلب من القاصر
3. اليتيم المأذون بالتجارة حيث يكون كامل الأهلية لان الصغير المأذون في التصرفات الداخلة تحت الإذن بمنزلة البالغ سن الرشد بحدود التصرفات المتعلقة بالإذن المعطى له لان للولي بترخيص من المحكمة أن يسلم الصغير المميز إذا أكمل الخامسة عشرة مقداراً من ماله ويأذن له في التجارة تجربة له، ويكون الإذن مطلقاً أو مقيداً .
لذلك ومن كل ما تقدم نرى إن القانون يلزم دائرة رعاية القاصرين والولي والوصي بإعادة الأموال إلى الشخص الذي كان يتيما وانتهت حالة اليتم التي كان فيها وعلى وفق ما تقدم، لكن لو تباطأ الولي أو الوصي أو دائرة رعاية القاصرين عن إعادة الأموال أو امتنع، فما هو حكم القانون في ذلك ؟ الجواب يكمن في أن يد الممتنع تنقلب من يد أمين إلى يد غاصب يترتب عليه التعويض عن أي ضرر يلحق بالشخص الذي كان يتيما وله حق المقاضاة أمام محاكم البداءة لطلب الزام الممتنع باعادة الاموال مع التعويض عن كل ضرر سواء كان مباشر او عن الكسب الفائت او أي ضرر تتوفر فيه الاحكام القانونية على ان تراعى نقطة مهمة تتعلق بكون التعويض عن عمل الممتنع خلال الفترة التي أصبح فيها اليتيم راشدا ولا يسري على الأفعال التي سبقت ذلك لان الاحكام التي تنظمها هي الاحكام التي اشرت اليها في الفرع الثاني من المطلب الثالث.
الفرع الرابع
ضم اليتيم (كفالة اليتيم)
ان موضوع ضم اليتيم أو ما يسمى أحيانا بكفالة اليتيم لا يقصد به التبني لان التبني لا تقره الشريعة الإسلامية لأسباب ذكرها فقهاء الشريعة الإسلامية وأشبعوها بحثا وتدقيقا حيث كان في الجاهلية نظام التبني معمول به ويسمى الطفل المتبنى بالدعي الذي هو الابن الغير حقيقي للمتبني حتى نزول الآية الكريمة (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما) كما ان القرأن الكريم اورد لنا مثلا عمليا بنفي تبني الرسول الكريم (ص) للصحابي زيد على وفق الاية الكريمة (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما) ، بينما كفالة اليتيم هي رعاية وإعالة وتربية الطفل الذي فقد أبويه أو احدهم دون ان يلحق بنسب الكفيل وتعتبر هذه الرعاية مطلوبة شرعا نظرا للأجر والثواب عند الله الذي يتوخاه الكفيل وكانت لجنة الفتوى في جمهورية مصر العربية برئاسة الشيخ محمد حسين قد أصدرت فتوى رسمية خلال فترة العدوان الثلاثي على مصر والمتعلقة بأطفال بورسعيد الأيتام والتي تنص على (يسمح للمسلمين بضم هؤلاء الأطفال ورعايتهم وكفالتهم بشرط حسن خلق الكفيل ومقدرته على الإنفاق والرعاية الصالحة، بحيث لا يكون للطفل حق في الميراث أو النسب) .
اما القانون العراقي فقد تطرق الى موضوع ضم اليتيم في قانون رعاية الاحداث رقم (76) لسنة (1983) المعدل وافرد له الفصل الخامس في المواد من (39 ـ 46)، حيث أجاز للزوجين أن يطلبا ضم الصغير يتيم الأبوين أو مجهول النسب أليهم وفي المادة (23) من القانون المذكور، والتي تنص على ما يلي (للزوجين ان يتقدما بطلب مشترك إلى محكمة الأحداث لضم صغير يتيم الأبوين اليهما، وعلى محكمة الأحداث قبل ان تصدر قرارها بالضم ان تتحقق من ان طالبي الضم عراقيان ومعروفان بحسن السيرة وعاقلان وسالمان من الأمراض المعدية وقادران على إعالة الصغير وتربيته وان يتوفر فيهما حسن النية)، ومن خلال قراءة النص المذكور نجد ان الضم يستوجب توفر عدة شروط منها بطالب الضم والأخرى بالطفل المطلوب ضمه وكما يلي:ـ
أولا: الشروط المطلوب توفرها بطالب الضم
1. ان يقدم الطلب من أسرة قائمة مكونة من زوج و زوجة مجنمعين بطلب واحد مشترك ولا يجوز ان يقدم احدهم طلب منفرد او أن يكون بينهم فراق او طلاق أثناء تقديم الطلب.
2. ان يكون الزوجان عراقيان بمعنى ان يكون كل من الزوج والزوجه عراقيان ومكتسبي الجنسية العراقية ولا يجوز ان يكون احدهم عراقي والآخر غير عراقي، فإذا كان الزوج عراقي والزوجة غير عراقية فلا يجوز ان يطلبا ضم اليتيم، وكذلك في حال كون الزوجة عراقية والزوج غير عراقي.
3. ان يكون الزوجان عاقلان بمعنى ان لا يكون احدهم او كلاهما مصاب بعارض او بعاهة عقلية تؤثر على سلامة قواه العقلية وان يتمتعا بكامل قواهم العقلية
4. ان يكونا متمتعين بحسن السيرة وهذه تعتمد على التحقيقات التي تجريها محكمة الاحداث من خلال سؤال امين المحلة التي يسكن فيها او رب العمل أو زملائهم او بشهادة الشهود ويبقى الأمر خاضع لسلطة وتقدير المحكمة على ان هذه السلطة خاضعة لرقابة محكمة التمييز اذ لكل متضرر من القرار سواء بالرفض او الايجاب الطعن بالقرار بواسطة تمييز القرار امام محكمة التمييز.
5. سلامة الزوج والزوجة طالبي الضم من الامراض المعدية او السارية وبموجب شهادة طبية صادرة من جهة طبية رسمية مختصة
6. توفر المقدرة المالية في طالبي الضم لكي يتمكنا من رعاية الطفل وهذا الموضوع تتحقق منه محكمة الأحداث بواسطة التحري عن اموالهم ومصادر دخلهم وغيرها من الوسائل التي تثبت بها المقدرة المالية ولها سلطة تقديرية في ذلك
7. يحب ان يكون لدى طالبي الضم حسن النية بمعنى ان لا تكون لهم أهداف غير شرعية او أخلاقية من ضم اليتيم او ان يغلبوا مصالحهم الذاتية على مصلحة اليتيم، الا أن حسن النية مفترض لدى كل من طالبي الضم حتى يثبت العكس.
ثانيا ـ الشروط التي يجب توفرها بالطفل اليتيم المطلوب ضمه وكما يلي:ـ
1. ان يكون الطفل اليتيم صغيرا، وهذا ما نصت علية المادة (39) من قانون رعاية الأحداث، وعند التمعن في النص نجده قد قصد ان يسمي المطلوب ضمه بالصغير فقط اذ أورد في نصوص أخرى الصغير والحدث بينما في هذه المادة حصر الأمر بالصغير فقط، مما يقودنا إلى أن القانون لا يسمح بضم من لا يكون صغيرا، إذن من هو الصغير؟، وفي نص المادة (2) من قانون رعاية الأحداث نجد انه يسري على الصغار والأحداث وقسمهم إلى ثلاث فئات، فالصغير هو من لم يتم التاسعة من عمره ، والحدث الصبي الذي اتم التاسعة من عمره ولم يتم الخامسة عشرة ، الحدث الفتى الذي أتم الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة ، لذلك أرى أن من شروط ضم الطفل اليتيم أن لا يتجاوز عمره العام التاسع فمن تجاوز هذا العمر لا يسمح بضمه
2. ان يكون اليتيم فاقد الأبوين فإذا كان فاقد لأحدهم لا يمكن ضمه لان النص قد حدد حصرا ان يكون فاقد الأبوين وليس احدهم.
وبعد ان بينت اهم الشروط التي يجب توفرها في طالبي الضم واليتيم فان محكمة الأحداث، التي تتكون من ثلاثة أعضاء برئاسة قاضي محكمة الأحداث وعضوية اثنين من المحكمين ، وبعد التحقق تصدر قرارها بالضم بصفة مؤقتة ولمدة ستة اشهر يجوز تمديدها لستة اشهر أخرى، وخلال هذه الفترة ترسل المحكمة باحث اجتماعي الى دار طالبي الضم لمرة واحدة على الاقل كل شهر للتحقق من حسن رعايتهم للطفل وكذلك في بقاء الرغبة في الضم قائمة ويقدم تقرير مفصل بذلك الى المحكمة ، فاذا عدل الزوجان عن رغبتهم او وجدت المحكمة ان مصلحة الطفل غير متحققه فتقرر تسليمه الى احدى المؤسسات الحكومية، اما اذا انقضت فترة التجربة وكانت مصلحة الطفل متحققه قتصدر قرارها بالضم.
أما أهم الآثار التي يرتبها الضم فهي كما يلي:ـ
1. الإنفاق على الصغير الى ان يصل الولد الى الحد الذي يتكسب فيه امثاله مالم يكن طالب علم او عاجز عن الكسب والانثى الى حد الزواج
2. الايصاء الى الصغير بما يساوي حصة اقل وارث على ان لا يتجاوز ثلث التركة وتكون واجبة ولا يمكن الرجوع عنها على خلاف احكام الوصية للابن او الكبار البالغين اذ يجيز قانون الأحوال الشخصية رجوع الموصي عن وصيته اثناء حياته .
الخاتمة
بعد العرض المبسط لأحكام اليتيم في التشريعات القانونية مع العرض والإشارة السريعة إلى أحكام الشريعة الإسلامية، نجد أن القانون العراقي لم يميز اليتيم عن غيره من الصغار القاصرين، بل أجمل أحكامه مع أحكام هؤلاء في القوانين، إلا في حالات معينة أشير اليه بالتخصيص بكلمة اليتيم او الايتام في النصوص المتفرقة لكن في كل هذه النصوص القانونية لم نجد تعريف قانوني لليتيم، يكون مرجع يتم الركون إليه عند التعامل مع اليتيم وهذا الأمر أدى إلى فتح باب الاجتهاد الذي قد يؤدي إلى الاعتداء على حق اليتيم لانعدام الضابط القانوني في تعريف اليتيم تعريف واضح وصريح، كما لاحظت أن المشرع العراقي لم يجعل من حالة اليتيم امتياز لليتيم وإنما ساقها كحالة القاصر في القانون، وتعدى ذلك الأمر إلى أن يغمط حق بعض الأيتام وميز بينهم، حينما شمل يتيم الأبوين بالضم دون يتيم الأب او فاقد الأم، وعلى وفق ما ورد شرحه في الفرع الرابع من المطلب الثالث من المبحث الثاني من الفصل الثاني من هذه الدراسة، بالإضافة إلى قصر حالة الضم على فاقد الأبوين على من لم يتجاوز التاسعة من عمره وفي هذا استبعاد لفئة أخرى من الأيتام الذين يتجاوز عمرهم التسعة أعوام.
أما فيما يتعلق بكافل اليتيم فاني لم أجد في جميع التشريعات أو النصوص القانونية النافذة، ما يشير الى أي امتياز له حينما يتكفل يتيماً لغرض تشجيعه ودفعه إلى كفالة اليتيم. وهذا على خلاف ما أوردته الشريعة الإسلامية السمحاء التي انصب جهدها على تعظيم شأن كافل اليتيم وإعطاء الثواب الأخروي عند الله، وتوجً بحديث الرسول الأكرم(ص) حينما ساوى مقام كافل اليتيم مع مقام الرسول الكريم (ص) في الجنة، بالإضافة إلى إعطاء الأجر الدنيوي له، مما كان له الأثر كبير وفعال في إقدام المسلمين على كفالة الأيتام. بينما المشرع العراقي قد تغافل عنها تماماً مما اعدم الامتياز المحفز لدى الناس على الإقدام على كفالة الأيتام. وهذا الحال أدى الى قلة أعداد الكفلاء وكثرة أعداد الايتام خصوصاً في الظروف الحالية التي يمر بها العراق وما افرزته الحروب السابقة والحالية من ترمل النساء وتيتم الاطفال.
لذلك ولغرض معالجة هذا النقص التشريعي ومن ثم الالتفات إلى التعامل مع اليتيم بالايجابية التي تعامل بها المشرع الإسلامي حينما عزز ومكن وقيم دور كافل اليتيم، أرى أن يتم التدخل التشريعي بإصدار القوانين التي تعالج هذا النقص وعلى وفق الاتجاهات التالية:-
1. منح كافل اليتيم الامتياز بالإعفاءات الضريبية التي تحدد بنسبة معينة من أرباح ذلك الكفيل مثلما معمول به في مجال الأوقاف، إذ يعفى من يساهم في بناء مسجد أو جامع من ضريبة الدخل بمقدار مساهمته في البناء وعلى الرغم من حسنات ذلك الأمر، فان الإعفاء تجاه تشجيع الناس على كفالة الأيتام هو أعظم عند الله لأنه يتعلق ببناء إنسان كرمه الله وخلقه بأحسن تقويم بدلالة قوله تعالى ((لقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا)) وهذا الإنسان سيكون بدوره النواة لتكوين الأسرة والمجتمع الراقي الذي ننشده.
2. تخصيص أرض مجانية لمن يرغب في بناء ميتم مع منحه امتياز الإعفاء الضريبي وإعفائه من كل قيود الاستيراد والمتعلقة باستيراد المواد اللازمة لبناء الميتم.
3. إعفاء من يتكفل يتيماً من كل قيد للسفر او أداء المناسك الدينية واستثنائه منها وتقديمه على سواه عند التزاحم.
4. اعطاء نسبة من الزمالات الدراسية لمن كان يتيماً وحصل على تعليمه في كنف كافل اليتيم مع أولاد هذا الكفيل بالتساوي من اجل تشجيع الأسر على قبول اليتيم معهم.
5. تخصيص راتب شهري للطفل اليتيم حتى وان كان في كنف أسرة تكفله وترعاه من اجل تشجيع العمل على تقديم رعاية أفضل.
6. منح كافل اليتيم وأسرته راتب يقابل رعايته للطفل اليتيم حتى وان كان موسراً، على أن يكون بناء على طلب الكفيل.
7. إعطاء بعض الامتيازات السياسية لكافل اليتيم بتخصيص عدد من كراسي مجالس البلدية او المحافظات لكفلاء الايتام يتنافسون عليها استثناء من الضوابط وذلك لبيان التعظيم لكافل اليتيم في الدنيا مثلما عظم شأنه عند الله.
8. منح اليتيم مع أولاد كافله مجانية التعليم والتأمين الصحي وكذلك تعهد الدولة بدفع نفقات الدراسة في المدارس الخاصة ذات القدرة والامكانية في التعليم.
9. إعفاء أموال اليتيم من الضرائب والرسوم عندما يديرها كافل اليتيم تأسياً بأحكام الشريعة الإسلامية التي أعفت مال اليتيم من الزكاة.
10. فتح باب مساهمة الموسرين والراغبين في باب دعم دور الايتام الحكومية من خلال تقديم الهبات والمنح المادية او المساهمة التطوعية في العمل في هذه المؤسسات وإعفاء المساهم من الضرائب بنسبة ما يقدم من مساهمة.
11. تخصيص ميزانية كافية في الموازنة العامة تحت باب رعاية الأيتام تشتمل على تخصيص رواتبهم ونفقاتهم ونفقات من يرعاهم وأعمار دور الأيتام وإنشاء البديل منها وسواها استثناء من دور الدولة الأخرى وذلك لخصوصية اليتيم عند الله وعند البشر.
لذلك ومما تقدم أتمنى أن أكون قد ساهمت ولو بومضة بسيطة في الدعوة إلى الاهتمام باليتيم أكراما لأنفسنا قبل أن نكرم اليتيم لان ثواب من يكفل اليتيم عند الله اكبر وأعظم من كل تكريم دنيوي كما أتمنى أن يكون هذا الجهد المتواضع محتسباً عند الله ولا ادعي أني أكملت العمل بأحسن وجه، ولكن حسبي اني اجتهدت وعند الله الأجر والثواب وهو ولي التوفيق.
...................................
المصادر
1. القرأن الكريم
2. فقه الرضا- علي بن بابويه ـ الناشر المؤتمر العالمي الامام الرضا (ع)
3. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية – اسماعيل بن حماد الجوهري ـ ط 4 ـ دار العلم للملايين بيروت
4. مجمع البحرين – الشيخ فخر الدين الطريحي الطبعة الثانية ـ مكتب نشر الثقافة الاسلامية
5. لسان العرب - العلامة ابن منظور ـ ط 1 ـ دار احياء التراث العربي
6. غريب الحديث – عبدالله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري ط 1 ـ دار الكتب العلمية
7. تحرير الأحكام - العلامة الحلي طبعة حجرية الناشر مؤسسة آل البيت ـ مطبعة طوس ـ مشهد
8. المجموع في شرح المهذب - محيى الدين النووي ـ منشورات دار الفكر
9. معجم لغة الفقهاء- محمد قلعجي
10. المبسوط في فقه الأمامية - الشيخ الطوسي ـ الناشر المكتبة المرتضوية
11. المحلى - ابن حزم الاندلسي ـ الناشر دار الفكر
12. فتح الباري في شرح صحيح البخاري - الإمام ابن حجر العسقلاني ط 2 ـ دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت
13. الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون ـ الدكتور احمد الكبيسي
14. أحكام إزالة الشيوع في القوانين العراقية ـ المحامي جمعة سعدون الربيعي ـ ط بغداد
15. المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز ـ قسم القانون المدني ـ القاضي إبراهيم المشاهدي ـ منشورات مركز البحوث القانونية ـ ط 1988
16. مجلة العدالة العدد الثاني لسنة 2001 التي تصدر عن وزارة العدل
17. مجلة القضاء العدد الاول والثاني سنة 1978 ـ التي تصدر عن نقابة المحامين في العراق
18. مقال منشور في موقع الأخوان المسلمون على الشبكة الدولية (الانترنيت) http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=11412&SecID=345
19. موقع مركز القضاء العراقي للتوثيق والدراسات ttp://www.iraqijudicature.org/qanoun2/brosearch.html
20. الوقائع العراقية - رقم العدد:1893 ـ تاريخ:6/30/1970 -
21. الوقائع العراقية - رقم العدد:1015 ـ تاريخ:10/10/1964
22. الوقائع العراقية - رقم العدد:3883 ـ تاريخ:6/18/2001
23. الوقائع العراقية - رقم العدد:1094 ـ تاريخ:2/29/1932
24. الوقائع العراقية - رقم العدد:1057 ـ تاريخ:12/31/1964
25. الوقائع العراقية - رقم العدد:2772 ـ تاريخ: 5/5/1980
26. الوقائع العراقية - رقم العدد:3015 ـ تاريخ:9/8/1951
27. الوقائع العراقية رقم العدد 280 ـ تاريخ 30/12/1959
28. الوقائع العراقية العدد 2951 ـ تاريخ 1/8/1983
29. الوقائع العراقية العدد 2728 ـ تاريخ 3/9/1979
30. الجريدة الرسمية الأردنية رقم 1154 / 16/8/1953
31. القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 المعدل
32. قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل
33. قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 المعدل
34. قانون الوصية المصري رقم 71 لسنة 1946
35. قانون رعاية الأحداث رقم (76) لسنة 1983 المعدل
36. قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل
37. دليل المعاملات في دائرة رعاية القاصرين ط 1987

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24 نيسان/2008 - 17/ربيع الثاني/1429