خطر الإرهاب يتوسع.. أوربا والسعودية جبهة ثالثة للمواجهة

علي الطالقاني*

شبكة النبأ: في تحركات واضحة لتنظيم القاعدة من خلال رموزه التي أخذت تعج بالحديث من خلال وسائل الإعلام عن أن هذا التنظيم ومن خلال الفوضى الحاصلة في العالم بسبب النزاعات والحروب، يستطيع أن يستغل الضعف الموجود، وأنه قادر على الانتشار من خلال طرائق متعددة، حيث يرى خبراء في شؤون الإرهاب أنه رغم الحرب التي اعقبت أحداث سبتمرعام 2001، فإن التنظيم نجح في الاستمرار، كما تفرعت عنه تنظيمات عدة في دول مثل العراق واليمن والمشرق والمغرب العربي.

"ثيودور كاراسيك" المحلل والباحث الأمريكي في معهد الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري "إينيغما"، أعرب عن اعتقاده بأن تنظيم "القاعدة" وتفرعاته في شبه الجزيرة العربية واليمن والعراق ومناطق أخرى منها لبنان وتجربته مع تنظيم "فتح الإسلام"، يقومون بتنظيم أنفسهم ويتزودون بالعتاد.

فيما أكد الخبير الآخر في تحليل عقيدة الجهاديين، ستيفن أولف من مؤسسة "جيمستاون" في واشنطن، أن القاعدة وإيديولوجيتها مشروع طويل الأمد لقيادة التنظيم المركزية، بموجب عقيدتها.

ولفت كاراسيك إلى أن الكثير من الكتابات التي تظهر بين الفينة والأخرى تؤكد تحليل زميله، منها مستند ظهر في مصر مؤخراً وحمل عنوان" القاعدة..2020" الذي يتطلّع فيه التنظيم إلى إقامة خلافة تستند إلى الشريعة الإسلامية. بحسب CNN

وأوضح أن التنظيم، في إطار هذا المخطط، يسعى لإعادة تنظيم صفوفه وتجهيز نفسه لمواجهة ما يحدث في شبه الجزيرة العربية والدول الخليجية.

الندوة الفصلية التي نظمها معهد "إينيغما" شملت قراءتين للخبيرين، ففيما ركز أولف على الربط بين الجهادية السلفية وجذورها في تاريخ الإسلام، ركز كاراسيك على الوضع الراهن والميداني لتنظيم "القاعدة" الذي برأيه يتخذ من العراق حالياً مختبراً لإعادة تنظيم وتجهيز نفسه باللجوء إلى تكتيك وتقنيات وإجراءات مختلفة، حسب ما عرفه بالمختصر TTP، إزاء كيفية استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والسيارات الملّغمة التي تدخل في أساس الحروب، لينقلها التنظيم من الساحة الميدانية إلى فضاء الإنترنت، وهو برأي كاراسيك ثورة بحد ذاتها.

وأكد المحلل والباحث الأمريكي أن "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية دأبت على إرسال مقاتليها إلى العراق على غرار ما كان يُتبع في الشيشان التي دخلها جهاديون من أفغانستان.

ووفق اعتقاده فإن الذين ينجون من جهاديي القاعدة في العراق، يتبوؤن لاحقا مناصب عالية في التنظيم أو ربما يتجهون إلى فروع أخرى للقاعدة في اليمن أو الشرق الأوسط لتدريب أتباعهم.

غير أن الخطر الأعظم بالنسبة للخبيرين، هو الأهداف التي تنتقيها "القاعدة" لشن هجماتها، والتي توزعت بين البنية التحتية لصناعة الطاقة، ومثال ذلك ما حدث في منشأة إبقيق النفطية في السعودية عام 2006.

ولفت كاراسيك إلى أنّ ذلك يتكرر حالياً في المشهد العراقي، التي كانت منشآتها النفطية عرضة لهجمات عدة من تنظيم القاعدة.

ورجّح كاراسيك أن تكون المصارف أحد الأهداف الأخرى التي قد تنتقيها "القاعدة" مستقبلاًُ، بالإضافة إلى ناطحات السحاب التي تعدّ برأي الجهاديين رموزا غربية وانعكاسا للنجاح "يجب تسويتها بالأرض."

وشدد كاراسيك على أنّ طرق تجهيز القاعدة بالسلاح تمر عبر وسائل مختلفة، أبرزها دون شك السوق السوداء، فيما يدور الكثير من الكلام في الغرب يقابله قلق خليجي، حول نوعين مختلفين من التهديد الذي يمثله تنظيم "القاعدة" لدول المنطقة والغرب.

الأول تهديد كيميائي بيولوجي إشعاعي نووي، والثاني استهداف الطائرات المدنية بصواريخ محمولة أو ما يعرف بمصطلح Man Pad Threat، كما حدث في شرق إفريقيا عندما استهدفت طائرة إسرائيلية مدنية.

وقال كاراسيك إن التنظيم يسعى من خلال التهديد إلى زرع الفوضى، إلا أن  السؤال المطروح هو هل سيضرب تنظيم "القاعدة" منطقة الخليج أم لا؟

وبحسب اعتقاد كاراسيك وفهمه لإيديولوجية القاعدة، فإن التنظيم سيحتفظ بهذه التقنيات لاستخدامها ضد أوروبا أو أمريكا مع احتمال استخدامها ضد دول الخليج حيث يأمل التنظيم إحداث وقع مهم لبعث رسالة إلى الغرب.

خطر الارهاب يحدق بأوروبا

واعتبر خبراء ومسؤولون ان خطر الارهاب يحدق اكثر من اي وقت مضى بدول اوروبا الغربية التي تستعد لمواجهة اسوأ الاحتمالات.

وحذر البلجيكي "جيل دي كرشوف" منسق الاتحاد الاوروبي لمكافحة الارهاب من "خطر حقيقي ويقول أنه هذا الخطر محدق عند حدودنا".

واضاف "ان الخطر تفاقم بعودة الجهاديين الى المغرب العربي بعد ان اكتسبوا (في العراق وافغانستان) خبرة وباتوا يعتبرون ابطالا".بحسب أ. ف. ب.

واكدت وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال اليو ماري بداية نيسان/ابريل ان فرنسا تشكل "هدفا محتملا. والخطر قائم منذ عدة سنوات وسيستمر".

واعتبرت وزيرة الداخلية البريطانية جاكي سميث الأحد الخطر الإرهابي في بلادها "خطيرا ومتناميا" وقالت إن أجهزتنا تراقب عن كثب "الفي شخص"، وتحدثت عن وجود "مئتي شبكة متورطة وثلاثين مؤامرة ناشطة".

وأفاد تقرير لأجهزة الاستخبارات الدنماركية الأسبوع الماضي أن "قياديين متطرفين في الخارج يسعون لارتكاب عمليات إرهابية ضد الدنمارك".

ويرى المدير السابق لمركز الدراسات حول الإرهاب والعنف السياسي في جامعة سانت اندروز (اسكتلندا) ماغنوس رانستروب وهو مدير الأبحاث في مركز الدراسات حول المخاطر غير المتسقة في المعهد الوطني للدفاع السويدي ان "الخطر تفاقم وبات اكبر بكثير".

واوضح ان ذلك وقع "بسبب الرسوم وتهديدات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. في الدنمارك ليست سوى مسالة وقت قبل ان يقع شيء ما".

وقال ماغنوس رانستروب "أنها في الوقت نفسه رسالة إلى صغار الجهاديين: إذا أردتم التحرك أينما كنتم فافعلوا. وهذا هو المبرر. اننا نضع الأمر بين أيديكم".

ويرى أن خطب زعيم القاعدة قد تكون "ضوءا اخضر لأشخاص تدربوا في باكستان او أفغانستان وأرسلوا إلى أوروبا للتنفيذ".

وخلص الى القول ان "الشرطة وأجهزة الاستخبارات في أوروبا جيدة في رصد الخلايا والتعرف على الأشخاص (...) إنها تتوصل الى رصد ومراقبة معظم المشتبه فيهم لكن بطبيعة الحال لا يمكنها التأكد من القبض على الجميع".

الجبهة الثالثة لتنظيم القاعدة

و مازال يٌمثل تنظيم القاعدة لدي أنصار نظرية تأمين الجبهات الخارجية للأمن القومي الأمريكي، ومؤيدي تكتيك الحرب الاستباقية مصدر الخطر الاساسي الذي يتوجب القضاء عليه، ومعقل الإرهاب في العالم على مستوى الفكري والممارسة ، ولطالما استمرت الحرب على الارهاب، استمر تعقب فلول وخلايا تنظيم القاعدة، والاستعداد للجبهات المحتملة.

فبعد مرور ما يزيد على 7 سنوات منذ تبني الولايات المتحدة الحرب على الارهاب وتنظيم القاعدة في جبهتي أفغانستان 2002 والعراق 2003، نشرت دورية The Washington Quarterly والتي يصدرها The Center for Strategic and International Studies في عددها ربيع 2008 دراسة بعنوان "الجبهة الثالثة للقاعدة: المملكة العربية السعودية Al-Qaeda's Third Front: Saudi Arabia". بحسب تقرير واشنطن

تحاول الدراسة الوصول إلى إجابة بشأن إمكانية أن تكون الجبهة التالية التي تستهدفها القاعدة هي المملكة العربية السعودية، وذلك بحكم عودة عدة مئات من أعضاء تنظيم القاعدة من أصول سعودية بعد سقوط قندهار إلى المملكة، ليعملوا بخبرتهم مع الخلايا الساكنة هناك والتي كانت تعمل بشكل خفي وفقاً لتوجهات أسامة بن لادن قبل إسقاط نظام طالبان في أفغانستان. وترصد الدراسة السكون الذي اتسمت به الساحة السعودية قبل أحداث 11/9 والذي استغله بن لادن في تلك المرحلة لتعبئة الموارد البشرية والمالية هناك حتى يصل إلى مستوى من النفوذ يجعله قادراً على فتح هذه الجبهة فيما بعد في مواجهة قوات الأمن السعودي ونظام آل سعود والولايات المتحدة الأمريكية. فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تطورت أهداف التنظيم فيما يخص الجبهة السعودية لتبلورها في أولويتين هما: تصفية قواعد القوات الأمريكية الموجودة في الأراضي السعودية، والقضاء على نظام حكم آل سعود المناوئ لها.

وتحدد الدراسة الفرص والتحديات المتاحة - محلياً وإقليمياً - أمام تنظيم القاعدة من جهة ونظام الحكم في المملكة السعودية من جهة أخرى، بما يرجح احتمالية تحسب الولايات المتحدة لجولة جديدة بين النظام السعودي والقاعدة في المرحلة القادمة، وذلك من خلال محاور الدراسة والتي تأتي كالتالي:

أهداف تنظيم القاعدة في السعودية

فكما كان سقوط نظام طالبان في قندهار سقوطاً سريعاً ومفاجئاً لتنظيم القاعدة، كان حجم البنية الأساسية للتنظيم داخل المملكة وإمكانياته وتشعب قنوات اتصاله وحجم تأثيره في المجتمع السعودي مفاجأة بالنسبة للسلطات السعودية والاستخبارات الأمريكية على السواء.

وتعتمد الدراسة في تفسيرها لدوافع تنظيم القاعدة تطوير أهدافه في الداخل السعودي على تحليل مضمون الخطاب الذي وجهه بن لادن إلى العالم الإسلامي في 14/2/2003 بالتزامن مع بدء الحرب الأمريكية على العراق، ويُبين التوقيت محاولة بن لادن للربط بين المواجهة مع النظام السعودي ومقاومة الاحتلال الامريكي في العراق، وهو ما سيفسر تطور الأصداء المحلية والإقليمية لهذه المواجهة بتطور الأحداث على الجبهة العراقية.

ويتبين من خلال تحليل مضمون الخطاب السابق أن بن لادن اعتبر أن الإطاحة بنظام آل سعود هو خطوة أساسية للوصول إلى الغاية المثلى وهي: تحرير فلسطين، ومحاربة إسرائيل، والسياسة الأمريكية غير العادلة تجاه القضية الفلسطينية. ويوجه بن لادن اتهاماته التي يبرر بها أفعاله إلى الجانب السعودي الرسمي من جهة والى للولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى. وتتمثل الاتهامات الموجهة للجانب السعودي في : تخاذل الأخير وإعطائه الولايات المتحدة وإسرائيل الفرصة للتغلغل والسيطرة على العالم الإسلامي، مشبها الدور السعودي بالدور الذي قامت به الإمبراطورية العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى مع بريطانيا. و يري أن هذا التخاذل تجسد في مبادرة السلام العربية، والتي كانت نواتها مبادرة سعودية في قمة بيروت 2002، معتبراً المبادرة خيانة للأمة الإسلامية.

فكما كانت فلسطين المدخل الرئيسي لتبرير معاداته لنظام آل سعود فإن قضية العراق ومقاومة الاحتلال الامريكي هي المدخل الثاني الذي يُفسر تطوع نسبة كبيرة من السعوديين للقتال ضمن قوات الزرقاوي في العراق. وفي بعد القضية إقليمياً يرى بن لادن أن حكومة الشيعة في العراق هي وكيل الولايات المتحدة ومن ورائها إيران التي تدعمها. ويرى أن النظام السعودي لا يتصدى بالشكل المطلوب لتنامي النفوذ الإيراني في المنطقة، وبذلك فإن تنظيم القاعدة يساوي بين الخطر الإيراني والخطر الامريكي على المصالح السنية في المنطقة، مجملاً أهدافهما في : حماية إسرائيل والقضاء على النفوذ السني وتطويق دول السنة بخلق ما يسمى "الهلال الشيعي" في المنطقة.

ومن ناحية أخرى تتمثل اتهاماته للولايات المتحدة الأمريكية بأنها تهدف إلى تقسيم السعودية إلى دويلات أصغر؛ مما يسهل السيطرة عليها وعلى ثروتها النفطية، وأن الاحتلال الامريكي للعراق يهدف إلى تأمين إقامة دولة إسرائيل الكبرى بالسيطرة على أراضي الدول العربية المحيطة بإسرائيل من النيل إلى الفرات في الوقت الذي لا تتصدى فيه المملكة لهم فعليا، لذا فإن استمرار المجاهدين في القتال وضربهم المصالح الأمريكية واليهودية سيكون أهم أهداف التنظيم، معتبراً ضمنياً أن نظام آل سعود أحد هذه المصالح.

البنية الحالية لتنظيم القاعدة ودلالاتها

 وترى الدراسة أن بن لادن استطاع أن يستغل حالة الرفض الشعبي العام لسياسات الولايات المتحدة في المنطقة في مرحلة ما بعد احتلال العراق، وبالإضافة إلى تأثير نظرية دومينو الديمقراطية التي سادت الأوساط الفكرية بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، التي تستند إلى أن الإطاحة بالأخير ستكون نقطة البداية التي ستتوالى بعدها سقوط الحكومات المستبدة في المنطقة؛ ولما كانت هذه هي العوامل التي هيأت لفتح المواجهات على الجبهة السعودية التي تمثلت في: استهداف مجمع سكني في الرياض أغلب قاطنيه من الأجانب، مواجهات مباشرة بين قوات الشرطة السعودية ومقاتلي تنظيم القاعدة في مناطق عدة من المملكة، استهداف القاعدة مراكز و تجمعات للأجانب وعمليات اختطاف لرهائن وعمليات قتل ضدهم.

وثمة ملاحظة أثارتها الدراسة مرتبطة بمعدل المواجهات وهي أن فترات الهدوء المتقطعة التي تشهدها هذه المواجهات عادة ما يتبين للمتابع وكأنها تأتي كنتيجة لنجاح قوات الأمن السعودي في التصدي للمقاتلين إلا أن رد القاعدة بعد فترات الهدنة المتصورة يكون أقوى، وبالرغم من تناقص معدل الهجمات منذ 2006 إلا أن التقارير الرسمية السعودية مازالت ترصد و تتبع خلايا التنظيم و تعمل على إحباط مخططاته في الداخل.

وفيما يخص البنية البشرية والمادية للتنظيم في المملكة، فمازال من غير الواضح مدى تماسكه ودرجة تنظيمه بالرغم من قوته الظاهرة، كما زالت القدرة على التكهن بعدد متطوعي وعناصر التنظيم، ففي حين ترى بعض التقارير أنهم لا يزيدون عن 1000 أو 2000 شخص، تتراوح تقارير أخرى ما بين معدلات أقل أو أكبر.بحسب تقرير واشنطن

ومن ناحية الكيف فإن أغلب مقاتلي تنظيم القاعدة في المملكة السعودية من السعوديين؛ ذلك لأن أغلب مقاتلي القاعدة في أفغانستان في السابق كانوا من السعوديين والذين عادوا بعد سقوط قندهار عبر أراضي دول الجوار، وهذه الفئة من مقاتلي التنظيم ممن توافرت لديهم الخبرة في القتال وتكتيك المعارك داخل المدن ضد قوات الأمن السعودية، وكذلك إمدادات السلاح والمواد المتفجرة المستخدمة في الهجمات، وأيضا المخابئ الآمنة داخل السعودية، إلا أن ذلك لم يمنع وجود عناصر غير سعودية في صفوف التنظيم من دول عربية وغير عربية مجاورة.

رد الفعل الرسمي للمملكة السعودية

اعتمدت الجهات الرسمية السعودية في مكافحة تنظيم القاعدة والذي يمثل خطر إرهابي داخل المملكة إستراتيجية متكاملة تعتمد على أدوات أمنية واجتماعية ودينية، في توجيهها هجمات مضادة لاحتواء وإجهاض التنامي الكمي والكيفي لمقدرات وعمليات تنظيم القاعدة في المملكة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وفي هذا الصدد تبنى نظام آل سعود أساليب تقليدية وأخرى غير معهودة لإنجاح إستراتيجيتها تمثلت في :

- نشر قوائم بأسماء المطلوبين من تنظيم القاعدة في وسائل الإعلام والصحافة، في حين تتبع أجهزة الأمن هذه العناصر على أن يتم تحديث هذه القوائم بصفة دورية، ونجح هذا الأسلوب بفعاليته في تحقيق أهدافه سواء باعتقال عناصر للتنظيم أو تصفيتهم أثناء المواجهات.

- المواجهة الإيديولوجية التي تمثلت في: إدانة رموز التيار الوهابي للهجمات التي يقوم بها بن لادن ضد الأمة السعودية، ومنطلقاتها الفكرية والإيديولوجية؛ مما يبني قدر من الحصانة الإيديولوجية لدي المجتمع لتأمين خط دفاع عن نظام آل سعود.

- قيام وزارة الداخلية السعودية بتطبيق برنامج لإعادة تأهيل، والقيام بما يشبه البرمجة الفكرية لعناصر التنظيم الذين تم اعتقالهم بهدف تحويل هؤلاء إلى مواطنين معتدلين ينبذوا الفكر المتطرف، من خلال بعثهم إلى معسكرات خاصة يقوم فيها مجموعة من رجال الدين وعلماء ومتخصصين في علم النفس بإثارة مناقشات حول مساوئ فكر تيار القاعدة. وبدأت هذه البرامج التأهيلية بشكل سري على أن يتم إطلاق سراح من يتخلوا عن أفكارهم الجهادية. وعن فعالية البرنامج و كفاءته في تحقيق أهدافه، تُشير الدراسة إلى أن الأرقام تُبين رفض أغلب المعتقلين الانضمام إلى البرنامج (1400) بينما ما زالت نسبة كبيرة في مرحلة التدريب (1000)، بينما العدد الأقل (700) هم من تم الإفراج عنهم بعد اجتيازهم مرحلة إعادة التأهيل الإيديولوجية، ولم يعودوا إلى اعتناق معتقدات التنظيم سوى عدد قليل ممن تم الإفراج عنهم.

- من ناحية أخرى أصدر الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الشيخ فتوى تخاطب الشباب السعودي، وتحرم الضلوع في عمليات الجهاد بالخارج دون موافقة الحاكم، وأن مخالفة ذلك يُعد بمثابة عصيان، و في نفس الوقت سيسيء إلى صورة الإسلام والمملكة والعالم الإسلامي، وذلك لمواجهة دعوات بن لادن للجهاد داخل المملكة وتجنيد عناصر جديدة.

- ممارسة التضييق المالي على التنظيم من خلال مراقبة أنشطة البنوك داخل المملكة؛ لاعتماد مصادر تمويل التنظيم على أموال التبرعات كمصدر أساسي لتمويل أنشطتها.

- اعتماد المواجهة الاليكترونية Cyber Ware fare من خلال تتبع واستهداف عناصر التنظيم التي تتواصل عن طريق شبكة الانترنت سواء فيما بينها داخل المملكة أو مع قيادي التنظيم في الخارج.

تداعيات المواجهة الدائرة

في هذا الإطار تحاول المملكة العربية السعودية استغلال تدني شعبية الولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام وإدارة بوش بشكل خاص وهي نفس النقطة التي استغلتها تنظيم القاعدة لصالحه. وتهدف المملكة بذلك إلى زيادة رصيدها لدي الأوساط الشعبية؛ مما يرجح كفتها في مواجهتها مع القاعدة. ومن ناحية أخرى تكذيب اتهامات القاعدة لها بالتواطؤ مع الولايات المتحدة، وجاء انسحاب أغلب القوات الأمريكية من المملكة، وإعادة نشرها في العراق في أغسطس 2003 في صالح إنجاح أهداف النظام السعودي في هذا الصدد.

الجبهة الثالثة لتنظيم القاعدة: السعودية

وعلى ذلك تعمدت المملكة إظهار تبنيها لسياسة مغايرة لتوجهات الولايات المتحدة وإعلانها انتقادها لسياسات الإدارة الأمريكية في التعامل مع أهم قضيتين لدى الرأي العام العربي والسعودي وهما قضيتي فلسطين والعراق.

ومن ناحية أخرى دفعت المواجهة القائمة بين القاعدة والنظام السعودي، إلى تعزيز الأخير الروابط مع كل من مصر، الأردن، المغرب وباكستان؛ لتكوين جبهة تشمل الدول التي تواجه نفس التهديد.

وفيما يخص البعد الإيراني - الشيعي العراقي الذي أثاره تنظيم القاعدة ضمن تبريراته لعدائه المتنامي للنظام السعودي، بدأ النظام السعودي في التوجس من الدور الإيراني المحتمل في تهيئة المناخ لازدهار النشاط والعنف الذي يتبناه تنظيم القاعدة في العراق، وبالتالي ضد النظام السعودي، مما يؤدي إلى تعاظم الدور الإيراني في المنطقة؛ بمبرر حماية المصالح الشيعية في العراق والخليج. لذا جاء الموقف الرسمي السعودي متوافقاً وموقف القاعدة تجاه مساندة الأقلية السنية في العراق في مقابل التحفظ على الحكومة الشيعية العراقية المدعومة من إيران والولايات المتحدة؛ مما يغلق أمام بن لادن باب اتهام السعودية بالتوافق مع السياسة الإيرانية والأمريكية في العراق.

كما قامت المملكة بمحاولات لاحتواء حماس وإبعادها عن احتمالات الاحتماء بإيران أو تنظيم القاعدة مادياً أو سياسياً أو إيديولوجياً، إلا أن الأمر ازداد تعقيداً بعد إخفاق اتفاق مكة بين فتح ورمز المقاومة الإسلامية (حماس) باستيلاء حماس على زمام الأمور في غزة.

التحديات والفرص المتاحة

على الرغم من تمتع تنظيم القاعدة بمصادر قوة على الجبهة السعودية، يستمدها من خطورة الهجمات الإرهابية التي يقوم بها، وانتقاده المستمر لعلاقة التبعية السياسية التي تربط المملكة بالولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، ورصيدها التاريخي في هذا الصدد وهو ما يحرج النظام السعودي في الداخل و يصب في النهاية في اتجاه تقويض الإيديولوجية الوهابية التي يستمد منها النظام السياسي السعودي شرعيته.

إلا أن تنظيم القاعدة مازال يواجه ثلاثة تحديات تقوض قدرته في الداخل السعودي وفتح الجبهة السعودية مرة أخرى وهي كالآتي:

1- نجاح النظام السعودي وجهاز الاستخبارات السعودي في مواجهة عناصر التنظيم سواء بالاعتقال أو بتصفيتهم وذلك بمساعدة غير مباشرة من خبراء من الولايات المتحدة الأمريكية.

2- افتقاد تنظيم القاعدة لبرنامج سياسي اقتصادي متكامل كبديل عن النظام السعودي الذي يسعى بن لادن لإسقاطه واستبداله بدولة تقوم على تطبيق الشريعة دون تحديد واضح لماهية أدوات وشكل هذه الدولة فيما عدا تحديد أبرز سماتها المرتبطة بالسياسة الخارجية كمعاداة الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران.

3- بنية التنظيم في الداخل السعودي في حالة كامنة ومجهولة، فبالنسبة للكم فإن أغلب عناصر التنظيم رغم رجوع عدد كبير منها بعد سقوط قندهار تُحارب في العراق والجزء الأخر يتلقى تدريباته في باكستان وأفغانستان، ومن حيث الكيف فالتنظيم منكب الآن على إعداد و تجهيز وترميم شبكات اتصاله و مخابئه اللازمة للجولة الثانية المرتقبة من المواجهة مع السلطات السعودية.

وتختم الدراسة بأنه في الوقت الذي يُنادي فيه بن لادن ببدء الحرب على نظام آل سعود، لم تستطع حملته تحقيق أهدافها حتى الآن. وفي الوقت الذي يعمل نظام آل سعود على تقويض بن لادن وتنظيم القاعدة في الداخل السعودي، فإن المملكة نجحت بقدر كبير في تحقيق أهدافها ولكنها لم تنجح بشكل مطلق؛ مما يعني أن احتمالات اندلاع المواجهة على الجبهة السعودية مرة أخرى مازالت قائمة رغم الهدوء الذي يسودها في هذه الفترة والذي قد لا يعني نهاية المواجهة بل بداية معركة جديدة ضمن جولات الحرب الساكنة.

.........................................................................................................

*المركز الوثائقي والمعلوماتي مركز يقدم الخدمات الوثائقية التي تتضمن موضوعات مختلفة  من دراسات وبحوث وملفات متخصصة. للاشتراك والاتصال:www.annabaa.org /// [email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21 نيسان/2008 - 14/ربيع الثاني/1429