قبل ايام دارت رحى معارك طاحنة في مدينة البصرة وبعض
مدن الجنوب العراقي بين قوات الاجهزة الامنية الحكومية وبين مجاميع
مسلحة وصفتهم الحكومة بالخارجين عن القانون. المعارك جاءت في إطار
خطة أمنية أرادت السلطات تطبيقها لفرض القانون في مدينة البصرة
التي تعاني من أضطرابات امنية وعمليات تهريب للنفط منذ الانتخابات
المحلية التي ادت الى سيطرة الاحزاب الدينية على المدينة.
العملية الامنية المذكورة استفزت أتباع التيار الصدري واعتبروها
موجهة ضدهم لتصفيتهم سياسيا ومعنويا وماديا وذلك من خلال استخدام
خصومهم السياسيين للإجهزة الحكومية وتوجيهها لضربهم من اجل القضاء
عليهم وعدم السماح لهم في المشاركة بانتخابات مجالس المحافظات التي
باتت على الابواب كما يعتقد قادة التيار.
(صولة الفرسان) هو الاسم الذي اطلقته السلطات على العملية
الامنية التي استمرت لمدة ستة ايام ورغم تأكيدات رئيس الوزراء على
ان العملية لا تستهدف تيارا او جهة سياسية بعينها بقدر ما تستهدف
الخارجين عن القانون الا ان الامور سارت بطريقة اختلط فيها الحابل
بالنابل مما جعل اصواتا ترتفع معارضة لها وبعض هذه الاصوات خرجت
من تحت قبة البرلمان ومن قوى ليست طرفا في الصراع الدائر في البصرة
.
ومهما كانت الاسباب التي تقف وراء (الصولة) فأن جملة نتائج يمكن
استخلاصها منها:
اولاً: ان مثل هذه الحروب لا غالب ولامغلوب فيها , وان الخاسر
الوحيد منها هو الوطن والمواطن أياً كان انتماءه السياسي.
ثانيا: اللجوء الى القوة لايمكن ان يفضي الى حلول رغم ايماننا
بضرورة بسط القانون واحترام هيبة الدولة وان الحل يكمن في الحوار
وتجارب حربي النجف الاولى والثانية تؤكد هذا الزعم ومن قبل هذا
وذاك تجربة حرب الحزبين الكورديين في شمال العراق و(أمل) و(حزب
الله) في جنوب لبنان.
ثالثا ان القضية في جوهرها سياسية وسببها ازمة الثقة بين بعض
القوى السياسية المتنفذة في الحكومة الحالية والبرلمان وبين التيار
الصدري, وازمة الثقة هذه ليست وليدة الساعة بل تعود الى التسعينيات
حيث الصراع الذي عرفته الحوزة النجفية حينها وما يحدث الان هو
تصفية حسابات لذلك الصراع الذي يدفع فاتورته المواطنون الابرياء
الذين لايزالون يتطلعون للعيش بأمان وأستقرار بعد ان أنهكتهم
الحروب العبثية واتخموا بالوعود الانتخابية .
اخيرا ان الميل للعنف والعنف المضاد لمعالجة المشاكل السياسية
لم ولن يؤد الى حلول عادلة عبر التاريخ ودونك تجربة (الشين فين) في
ايرلندا الشمالية فلم تفض دورة العنف هناك لأي حلول وانما أتى الحل
بالتفاوض والحوار ونبذ العنف فكانت النتيجة اتفاق (الجمعة
العظيمة), حدث ذلك بفضل وجود حكماء بين السياسيين البريطانيين من
امثال توني بلير وجيري آدمز وهو ما تفتقر اليه الاطراف المتصارعة
في العراق.
almossawy@hotmail.co.uk |