البصرة: استقرار أمني وتراجع في الخدمات والتعليم

خاص/النبأ - علي كاظم الخفاجي

شبكة النبأ: "لنُحول كل عبوة زُرعت الى شتلة"، هذا ما تتمناه وزارة الداخلية من خلال شعاراتها المرفوعة في عموم محافظة البصرة، لكن الرياح ربما تجري بما لاتشتهي السفن كما يقال، فعلى الرغم من استتباب الأمن في المحافظة إلا ان المواجهات المسلحة يمكن ان تتفجر بأي وقت سيما مع استمرار حملات الاعتقال بين صفوف جيش المهدي ممن يندرجون تحت القائمة السوداء، وهي قائمة مفتوحة يمكن ان يدرج تحتها اي شخص في اي وقت، وإن كانت وشاية لأي سبب، وخاصة بعد اعلان البراءة من بعض الوجهاء وشيوخ العشائر في البصرة من كل افراد جيش المهدي، وهذا الموقف العشائري يُرجعه بعض عناصر جيش المهدي كجزء من تداعيات الصراع المحتدم بين الطرفين، على خلفية تصنيف هؤلاء في خانة بقايا حزب البعث، او كونهم من رؤساء عصابات التسليب والخطف التي انتشرت في المحافظة خاصة في شمالها في نواحي الهارثة والدير والقرنة.

وفي نفس السياق يتهم بعض مواطني البصرة جيش المهدي من استخدام صفتهم الدينية والتنظيمية للوصول الى مصالح شخصية اجتماعياً واقتصادياً.

هذه التكتلات الجماعية ضد جيش المهدي دفعت البعض من عناصره للقيام باشتباكات متفرقة في بعض المناطق مع القوات الحكومية، متجاهلين بيان سيد "مقتدى الصدر" الذي اوصى اتباعه بالقاء السلاح وانهاء المظاهر المسلحة في الاماكن العامة.

ومن جانب اخر اسهمت تلك الاعتقالات وعمليات تضييق الخناق على عناصر الميليشيات – وكما لاحظنا – في الانتشار الحذر لبعض مظاهر الفساد كبيع الخمور واشرطة الغناء بصورة علانية بعد اختفاءها برهة من الزمن.

 وقال "شهود العيان" ان البيع يتم على مرأى ومسمع من القوات الحكومية، وقد ابدى البعض من مواطني البصرة - ممن التقينا بهم- امتعاظهم و خشيتهم من المستقبل الغامض لبعض الشعائر والمبادئ الدينية في البصرة، وخوفهم من ردة فعل عكسية على التصرفات التي قام بها عناصر الميليشيات من ضغط ديني وعنف وجه لمظاهر الفساد التي كانت مستشرية في المحافظة بعد سقوط النظام العفلقي البائد نتيجة للحرية المنفلتة التي شهدتها المحافظة انذاك،مما دعا في وقتها بعض الاعلاميين من التحذير من مخاطر نشوء جمهورية اسلامية في البصرة على غرار ايران.

ولازالت التداعيات الاخرى لـ"صولة الفرسان" في البصرة تلقي بظلالها الكئيبة على الشارع البصري، وليس الغلاء - الذي آخذ بالتصاعد لبعض المواد الغذائية والمواد الانشائية وغيرها من الضروريات الحياتية للمواطن البصري سيما التي تاتي من ايران نتيجة غلق الحدود بين الطرفين- هو الاثر البارز فقط للازمة بل امتد ليشمل حركة مرورية خانقة شهدناها - اثناء تجوالنا- في الشوارع والطرق الداخلية للبصرة، لغلق بعض الطرق الرئيسية لاسباب امنية مع عدم تقديم البديل المناسب ضمن خطة مدروسة لمعالجة ذلك الاختناق، ولكثرة السيطرات الامنية المنتشرعة في مختلف مناطق المحافظة.

 كما ان النشاط المتزايد لرجال المرور في محاسبة اصحاب المركبات بسبب مخالفات يمكن تاجيلها لحين انتهاء الازمة الامنية، ساعد في نشوء هذه الاختناقات، حيث اصبح الوصول الى مركز المدينة متعباً للغاية بالنسبة للمواطن البصري المتواجد في اطراف المحافظة ما دعا الكثير من اصحاب المركبات الى اتخاذ الشوارع الفرعية وسيلة للخروج من ذلك الاختناق.

اما على المستوى التعليمي والتربوي في المحافظة فقد تمظهرت الازمة في التلكؤ الدراسي والذي مازال هو السمة البارزة التي تصبغ مدارس المحافظة بالوان من التسيب وعدم الحضور بالنسبة للاساتذة والطلاب على حد سواء، بدعوى سوء الحالة الامنية، مما يجعل الطالب - ومع اقتراب السنة الدراسية على الانتهاء - في مأزق عدم اكمل المناهج الدراسية وبالتالي يؤثر ذلك سلباً على مستواه العلمي وما يتمخض عنه من تدني في مستويات النجاح بالنسبة للصفوف المنتهية، هذه الهواجس هي بعض ماصرح بها العديد من الطلبة واولياء امورهم من تخوف بهذا الشأن اثناء جولتنا الميدانية ، ومن الجدير بالذكر ان الاستقرار التدريسي آخذ في التحسن خلال الثلاثة ايام الاخيره- فقط - منذ بدء الازمة في المحافظة.

وفي مجال الحرية الاعلامية - لمسنا عن قرب - بعض القيود التي تُفرض على الصحفي اثناء بحثه عن المعلومة والخبر من خلال الروتين والموافقات المطلوب منه احضارها لاجل دخوله لبعض الدوائر الحكومية، والتعامل معه بحذر كأنه في حالة عداء مع المسؤولين، ولا ادري هذا الوضع موجود في عموم العراق ام في محافظة البصرة خاصة؟ ومن طريف ماروته لي "احدى الموظفات" ان "الفضائية العراقية" جاءتهم لتصوير حالة معينة تستمر لثلاث ساعات فقط، فلما انشغلوا في اعداد الموافقات لأجل دخول "العراقية" لتلك الدائرة كانت الحالة التي جاءت من اجل تصويرها قد انتهت!!.

فلابد من تقديم كافة التسهيلات للعاملين في مجال الاعلام، كي يقوموا بوظيفتهم في ايصال الحقيقة الى المجتمع كما هي بدون رتوش او تمويه قد يمارسه البعض لاجل اخفاء الحقيقة، متجاوزين الروتين الفاشل الذي دأبت عليه الدوائر الحكومية في تعاملاتها اليومية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 16 نيسان/2008 - 9/ربيع الثاني/1429