احداث البصرة: معركة ام اختبار!

شبكة النبأ: لاتزال معركة البصرة تلقي بتداعياتها على الاوضاع السياسية والامنية في العراق، على خلفية استمرار حصار مناطق مدينة الصدر والشعلة ببغداد من قِبل القوات الامريكية والعراقية، خشية اندلاع اعمال عنف جديدة. فقد كانت المعركة اختبارا تجريبيا لمختلف الاطراف المحلية والاقليمية والدولية من اجل مراجعة اجندتها المستقبلية في العراق.

فقد سلطت صحيفة التايمز البريطانية، الضوء على الوضع في البصرة بعد عملية صولة الفرسان، التي نفذتها القوات العراقية ضد جماعات مسلحة في المدينة، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء نوري المالكي استدعى لواءين من الأنبار وكربلاء لرد "هيبة الجيش" العراقي. وقالت إن المالكي "وجه إهانة" لقائد بريطاني، ردّا على تهاون البريطانيين مع الميليشيات.

وتحدثت الصحيفة عن " انحسار طفيف للميليشيات المخيفة من شوارع البصرة، وزوال تدريجي لمظاهر التشدد الديني"، مشيرة إلى عودة افتتاح "محال بيع تسجيلات الأغاني، ومحال بيع الخمور"، كأمثلة لعودة الحياة الطبيعية إلى المدينة المعروفة بتسامحها الديني وأماكن اللهو فيها.

وتعلق التايمز على ذلك بالقول إنه "في الوقت الذي تعود فيه الحياة إلى هذه المدينة، بعد الهجوم الذي شنته قوات حكومية مدعومة بمئات الجنود الأمريكيين، تجد استياءً تجاه الجيش البريطاني". وتتابع موضحة أن " الكثير من أهالي البصرة يلقون باللوم على البريطانيين، لسماحهم لـ (جيش المهدي) وميليشيات أخرى بفرض سيادة الرعب في هذه المدينة الكوسموبوليتية"، أي (العالمية).

وتضيف قائلة " إن المعركة من أجل البصرة لم تنته بعد. إذ نفذت طائرات أمريكية، مؤخرا غارة قتلت فيها ستة مسلحين كانوا يشنون هجمات ضد قوات عراقية إنطلاقا من معاقل ميليشيا، كان من الصعب جدا على الجيش العراقي الدخول إليها".

وتعتقد الصحيفة أن الدعم "يقدّم ببطء إلى نوري المالكي (رئيس الوزراء)، الذي قاد قواته إلى البصرة، ولم يعط حلفاءه الأمريكيين إلا إشارة سريعة عن قرب هجومه".

أما البريطانيين، كما تقول الصحيفة، فلم يحاطوا علما بذلك الهجوم " إلا قبل يوم واحد، ما دفع اللفتنانت جنرال بيتر وول، نائب رئيس هيئة الأركان البريطانية، إلى وصف العملية برمتها على أنها متعجلة التخطيط".

وتواصل التايمز تعليقها مشيرة إلى أن البريطانيين " لم يتمكنوا من استثمار النجاح الجزئي الذي حققته المعركة. فبعد أن قرر المالكي، فجأة، التعامل مع ميليشيات بعد سنوات من الاسترضاء لهم، كانت مغامرة السيد المالكي الأولى على أرض المعركة تعاني من حالات فرار بين صفوف قواته الأمنية، وواجه مقاومة أكبر مما كان متوقعا".

ورأت الصحيفة أن " انكساره هذا هو الذي دعاه إلى طلب الدعم من القوات الأمريكية، بدلا عن طلبه ذلك من (4100) جندي بريطاني كانوا يهمون بالخروج من قاعدتهم في مطار البصرة".

ولازالت بريطانيا تحتفظ بـ (4100) من جنودها في العراق، يتمركزون في القاعدة الملحقة بمطار البصرة الدولي. وتولى الجنود البريطانيون، عقب دخول القوات المتعددة الجنسيات إلى العراق في نيسان/ أبريل من العام (2003)، مسؤولية الحفاظ على الأمن في البصرة وعدد من المحافظات الجنوبية الأخرى.

وتتابع التايمز قائلة "عندما زار القائد البريطاني مقر قيادة المالكي خلال المعارك، فإن القائد العراقي تركه ينتظر في الخارج. ويُعتقد أن إهانة رئيس الوزراء هذه (للقائد البريطاني) جاءت ردّا على طريقة تعامل القوات البريطانية مع الميليشيات. إذ يُزعَم أنهم أطلقوا سراح العديد من قادة الميليشيات، واتفقوا معهم على ألا يهاجمونهم في حال عدم تعرض القاعدة البريطانية للقصف".

ونقلت الصحيفة آراء مواطنين من البصرة، توضح أن إحساس البريطانيين بخسارة البصرة جعلهم "يغادرون المدينة إلى القاعدة الجوية، ويتفاوضون مع ميليشيات وعصابات إجرامية، وهذا ما جعل تلك الجماعات تستفحل في المدينة".

وتضيف أنه "حتى كبار الضباط العراقيين، يقرون بأن مقاربة البريطانيين في التعامل مع المدينة منحت الميليشيات هيمنة حرّة عليها. فهذا العميد علاء العتابي، من قيادة القوات البرية في وزارة الدفاع العراقية، يقول إن الجيش البريطاني كان أحيانا متساهلا بسلبية في طريقة تعامله مع الميليشيات" في البصرة.

وتنقل الصحيفة عن أحد المواطنين قوله إنه يضع آماله "في القوات العراقية الجديدة"، مؤكدا أن "وجود تلك القوات الأجنبية لا يضيف شيئا إلى الوضع، وحتى القوات العراقية التي دربها الجيش البريطاني ثبت أنها مخترقة من الميليشيات، وتعاني الفساد".

ويعزو العميد العتابي، كما تنقل الصحيفة، حالات تخلي جنود عراقيون عن القتال إلى "بدء نشر قوات محلية كانت غير راغبة في مقاتلة جيرانها، وإلى التعرض لتهديدات بالإنتقام من عائلاتهم".

هرب 1000 من افراد القوات العراقية من عملية البصرة 

من جهة ثانية ذكرت صحيفة نيو يورك تايمز الاميركية “ان ما يزيد عن 1.000 من افراد القوات العراقية تخلوا عن القتال في البصرة”  وبينت بأن "الامر الذي يطرح تساؤلات عن مستوى جاهزية وفاعلية القوات العراقية."

وبينت الصحيفة بان خطوة المالكي في تجنيد ابناء عشائر الجنوب في القوات الامنية، على الرغم من اهميته، "اثار غضب عدد من عناصر الصحوة الذين لم تجندهم الحكومة في صفوف قواتها الى الان."

ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الحكومة العراقية انه قال بأن ما يزيد عن 1.000 من الجنود العراقيين والشرطة "رفضوا القتال او ببساطة تخلوا عن مواقعهم خلال الهجوم ضد ميليشيا شيعية في البصرة الاسبوع الماضي." في حين قال مسؤولون عسكريون عراقيون للصحيفة بان بين المنسحبين "عشرات الضباط، ومعهم على الاقل قائديْن ميدانييْن كبيريْن."

واضافت الصحيفة معلقة "ان الهروب في وقت احتدام معركة كبيرة يلقي ظلالا من الشك على فاعلية قوات الامن العراقية التي دربها الاميركيون." وتابعت الصحيفة بان الازمة التي أوجدها الهروب، وغيرها من المشكلات في عملية البصرة "كان من الخطورة بحيث ان رئيس الوزراء، نوري كامل المالكي، اسرع في تجنيد حوالي 10000 من ابناء العشائر المحلية في القوات المسلحة."

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الجيش البريطاني قوله ان السيد المالكي "كان قد استدعى تعزيزات قوامها 6.600 عسكري الى البصرة للالتحاق بقوات الامن التي قوامها 30.000 عسكري مستقرون اصلا في المنطقة."

وتضيف نيو يورك بان "هناك اشارات ظهرت على ان التوترات مع السيد مقتدى الصدر الذي يقود ميليشيا جيش المهدي " قد تشتعل من جديد."

ونقلت الصحيفة عن المالكي قوله في مؤتمر صحفي في المنطقة الخضراء "أي احد لم يقف الى جانب القوات الامنية، سيحال الى المحاكم العسكرية،" وقال المالكي ان "الانضمام الى الجيش او الشرطة ليس نزهة او رحلة تسلية، بل ان هناك شيئا ينبغي عليهم ان يقدموه لصيانة مصالح الدولة وليس الحزب او الطائفة." واشار المالكي الى "انهم اقسموا بالقرآن انهم لن يساندوا طوائفهم او احزابهم، الا ان اولئك كذبوا."

وذكرت الصحيفة ان ريان كروكر، سفير الولايات المتحدة في العراق، قال ان السيد المالكي اخذ زمام المبادرة في اجراء محادثات مع عشائر شيعية، وقال ان اقبال الاف المتقدمين للانضمان لقوات الامن في البصرة هو دليل على نجاحه.

ونقلت الصحيفة عن كروكر قوله في مؤتمر عقده بمبنى السفارة ان "من الواضح جدا ان تحركهم (ابناء العشائر) باتجاه رئيس الوزراء كان بطريقة مهمة جدا."

واشار كروكر الى "ادارته العنصر العشائري بنفسه، كما ارى. ولعلكم تذكرون انه قد عقد سلسلة من الاجتماعات مع زعماء القبائل المختلفة، ثلاثة أو أربعة منهم، وربما اكثر. وهذا امر ركز عليه منذ البداية، وحث عليه باستقامة وظهرت نتائجه. فهل حصل على نصيحة من احد بذلك، ليس لدي علم بذلك. لكني اعلم انه هو الذي قام بذلك".

قائد عمليات بغداد يعلل هرب جنوده من المواجهات بالافتقار للخبرة 

من جهة ثانية أقر قائد عمليات بغداد بوجود حالات هرب لعناصر الجيش خلال المواجهات التي نشبت مع مسلحين يعتقد انهم تابعون للتيار الصدري لكنه رد السبب الى الافتقار للخبرة والتدريب مهددا المسلحين ان لم يسلموا اسلحتهم.

وقال الفريق عبود كنبر، في مؤتمر صحفي عقد في بغداد "هناك حالات هرب الجنود أثناء المعركة ولكنها نسب مقبولة وتحدث في جميع المعارك، وسببها يعود الى أن غالبية الجنود هم من الشباب، ولم تتح لهم الفرصة للتدريب الكافي".

واضاف أن "غالبية الجنود الفارين لجأوا الى مقرات الفرق العسكرية ولم يهربوا من المعركة بشكل تام ونحن بصدد أحصاء الحالات حتى نخرج برقم دقيق لمثل هذه الحالات". مشيرا الى انه لا يملك احصائية دقيقة لعدد الهاربين.

وأوضح كنبر أن "هناك مجموعة من الأسباب كانت وراء فرار عدد من الجنود من المعركة أولها أن غالبية افراد الجيش من فئة الشباب ولم تتح لهم الفرصة الكافية لتلقي التدريب، والمعركة التي نخوضها ليس معركة بمفهوممها التقليدي يكون فيها موضع دفاعي(...) وأنما بطريقة نشر القوات على شكل سيطرات في ومناطق متفرقة".

ورد كنبر اسباب الهرب ايضا الى "أستخدام العدو أساليب غير أنسانية في المعركة مثل تهديد عوائل الجنود وخطف ذويهم".

وكان كنبر يتحدث عن المواجهات التي نشبت اواخر الشهر الماضي بين القوات الحكومية ومسلحين بدات في البصرة اثر الاعلان عن خطة صولة الفرسان ثم امتدت الى المحافظات الجنوبية ولم تهدا الا باعلان زعيم الصدريين السيد مقتدى الصدر براءته ممن يرفع السلاح بوجه القوات الحكومية.

 طرد 10 بالمئة من قوات الشرطة لتقاعسهم فى عمليات البصرة

وأعلن وزير الداخلية العراقي جواد البولاني في تصريحات صحفية أن 10 بالمئة من منتسبي قوات الشرطة سيحالون للمحاكم العسكرية لطردهم من الخدمة بعد ثبوت تقاعسهم خلال الاشتباكات المسلحة بين القوات العراقية والمليشيات الخارجة عن القانون في اطار عملية »صولة الفرسان« التي انطلقت في 25 مارس الماضي في مدينة البصرة (550 كم جنوبي بغداد).

ونسبت صحيفة الصباح العراقية الى البولاني قوله، إن ما نسبته 10 بالمئة من اجهزة الوزارة العاملة في البصرة ستتم إحالتهم الى المحاكم العسكرية وطردهم من الخدمة بسبب تقاعسهم وترهلهم في أداء الواجبات.

وأضاف أن العملية الامنية القائمة في البصرة تجربة لفرز العناصر الجيدة من المسيئة في صفوف الأجهزة الأمنية وان عملية صولة الفرسان سوف تستمر حتى يشعر المواطن البصري بالأمان.

وقال البولاني إن الاجهزة الامنية والعسكرية تفرض سيطرتها الآن على جميع مفاصل مدينة البصرة ومؤسساتها. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

يذكر أن عدد أجهزة وزارة الداخلية في البصرة يبلغ نحو 23 الف منتسب موزعين بين أجهزة الشرطة وحرس الحدود.

من جانب اخر قال وزير الداخلية، لقد تم الاتفاق مع شيوخ العشائر في البصرة على تشكيل خمسة مجالس لإسناد القانون وان هذه المجالس ستكون استشارية وسيتم الاعلان عن تشكيل مجالس الاسناد في غضون اليومين المقبلين في خمس مناطق مهمة من البصرة.

الداخلية تنفي اختراقها من قبل بعض الاحزاب 

من جهة اخرى نفى اللواء عبد الكريم خلف مدير مركز القيادة الوطني في وزارة الداخلية استشراء ظاهرة الفساد في وزارة الداخلية او انها مخترقة من بعض الاحزاب، مؤكدا فصل العديد من العناصر الفاسدة.

وأوضح خلف ، لوكالة ( أصوات العراق) ان " وزارة الداخلية عملت بشكل قانوني واستطاعت تشريع 13 قانونا وطردت اكثر من 36 الف عنصر من عناصرها بين منتسب وضابط  لارتكابهم شتى انواع المخالفات تراوحت بين تلقي رشاوى او استعمال وظائفهم بطريقة غير مشروعة او كانوا متورطين بجرائم جنائية."

وأضافت ان " الوزارة يسيطرعليها القرار المؤسساتي القانوني وتخضع الوزارة لمناخ من التحكم في القيادة والسيطرة عن طريق وزير الداخلية ووكلائه."

وكان المستشار السابق في وزارة الداخلية العراقية ماثيو شيرمان اكد  " استشراء حالات الفساد والمحسوبية في وزارة الداخلية، وهو ما يهدد الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لتسليم مهام الأمن إلى السلطات العراقية" حسب وصفه.

ونفى خلف سيطرت بعض الاحزاب على الوزارة والتحكم بقرارها وقال " لا توجد احزاب مسيطرة على الوزارة" موضحا ان وزارة الداخلية مستمرة بتطهير الوزارة من اي اشخاص او مجموعات لا تقوم باداء واجباتها وفق مرجعية الوزارة ووفق القانون."

وكان شيرمان قال إن وزارة الداخلية تدار من جانب حزب الدعوة والمجلس الأعلى الإسلامي وحزب الفضيلة، مؤكدا أن طريقة استخدام هذه الأحزاب لمقدرات الوزارة أصبح خارج نطاق سيطرة الولايات المتحدة.

وتابع خلف ان " وزارة الداخلية تعمل وباستمرار على تطهير الوزارة من اي ميليشيا او حزب يحاول ان ينفذ الى الوزارة وقال ان " وزير الداخلية اصدر امرا بفصل المتورطين بانتمائهم لأحزاب من الخدمة وياخذون اوامر من الاحزاب."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14 نيسان/2008 - 7/ربيع الثاني/1429