معركة البصرة وتقويض المصالح

علي الطالقاني

شبكة النبأ: تعد مدينة البصرة واحدة من أهم المدن العراقية، وثاني أكبر محافظة، وبوّابته البحرية الوحيدة، البالغ عدد سكانها مليونين ونصف المليون نسمة تقريبا. وتعد أيضا المنفذ البحري الوحيد الذي تُصدّر عبره المنتوجات العراقية من النفط  وغيره فضلا عن استيراد المنتوجات إلى العراق.

كذلك تمتلك هذه المدينة حقول نفط ضخمة من بينها،حقل الرميلة ويعد من أكبر وأهم الحقول النفطية في العالم. وإن صادرات النفط من جنوب العراق بلغت نحو 1.4 مليون برميل يوميا.

ويضخ العراق نحو ثلاثة أرباع صادراته النفطية من ميناء البصرة بمعدل نحو 1.5 مليون برميل يوميا في المتوسط. وفق رويترز.

 أما موقعها الجغرافي، فتقع على شط العرب الذي يصب فيه كل من نهري دجلة والفرات، وكانت هذه المدينة في صدارة المناطق العراقية التي شهدت الصراع إبان الحرب العراقية الإيرانية وأدت هذه الحرب إلى تدمير البنى التحتية لهذه المدينة وتعرض الآبار النفطية والمرافئ إلى الإغلاق.

البصرة بعد الغزو الأمريكي

بعد إسقاط الحكم في العراق عام 2003، وقعت إدارة المدينة تحت وطأة القوات البريطانية وشهدت هذه المدينة مواجهات مسلحة بين القوات البريطانية و جيش المهدي، وأدت هذه المواجهات إلى انسحاب القوات البريطانية من المدينة خلال العام 2007، وتمركزت في قاعدة القصر الواقعة على شط العرب.

ومع هذا فأنها لم تسلم من الهجمات وخصوصا عند مرور القوافل في شوارع المدينة فضلا عن القصف على موقع التمركز، فتعالت الأصوات المنادية بانسحابها من قاعدة القصر في كل من بريطانيا والعراق لأنها لم تعد تتولى أي مهام داخل المدينة.

وسلمت القوات البريطانية الملف الأمني في البصرة إلى الحكومة العراقية بشكل رسمي أواسط ديسمبر/ كانون الثاني من العام الماضي وتمركزت في قاعدة المطار الواقعة على بعد 25 كم من مدينة البصرة.

صراع على النفوذ

وفي أعقاب ذلك برز إلى السطح التنافس الذي كان يجري بين تيارات عدة تتصارع على السيطرة على إدارة المدينة وكذلك على الموارد الضخمة هناك.

وتقدر بعض الأوساط ان عوائد عمليات تهريب النفط تتجاوز مئات الملايين من الدولارات سنويا وتتقاسمها مختلف الأطراف السياسية مما يوفر لها مصدر تمويل لتعزيز نفوذها ونشاطاتها.

معركة البصرة تقوض مصالح الأمريكيين

تهددت مكاسب الجيش الأميركي التي حققتها مع العناصر المسلحة وباتت في خطر وسط تصعيد الحكومة العراقية إجراءاتها ضد مقاتلي رجل الدين مقتدى الصدر.

و إن أكبر مفاجأة في المعارك العنيفة التي نشبت في البصرة، ليست في أن المقاتلين هم من الأصدقاء الشيعة، بل في المدة التي استغرقتها تلك المعارك.

وأشارت إلى أن العداوة تعمقت بين الطرفين: الأول هو الحزب الحاكم الذي يحارب المفهوم المنتشر بأنه كسب السلطة بدعم الاحتلال الأميركي، والثاني هو الحركة الشعبية التي نصبت نفسها منتقدا للنظام الجديد المدعوم أميركيا. وفق صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأميركية.

وفي ظل المنافسة على السلطة في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول المقبل، فإن الرهانات كبيرة ليس فقط بين الأطراف الحاكمة هناك ، بل للأميركيين أيضا الذين ينظر إليهم كقوة مؤيدة للمجلس الإسلامي الأعلى وحزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء نوري المالكي ضد الصدر.

واعتبرت الصحيفة ثناء الصدر في مقابلة تلفزيونية مع قناة الجزيرة على المقاومة المسلحة نذيرا سيئا، إذ دعا عناصره إلى تحدي المهلة النهائية التي حددها المالكي لتسليم أسلحتهم.

ومضت تقول إن الجيش الأميركي الآن يعرض للخطر مكاسبه مع جماعة الصدر التي تعتبر أكثر حركة سياسية شيعية شعبية في العراق.

وقال ريدار فيسر محرر الموقع الإلكتروني هيستوريا دوت أورغ للصحيفة إن الأمر سيكون كارثيا إذا ما انتهى المطاف بأميركا كداعمة للإجراءات ضد الصدريين لأسباب تتعلق بسياسات شيعية داخلية.

وأضاف أن "القتال في البصرة يظهر الحماقة في محاولة السيطرة على جميع شيعة العراق عبر أقلية صغيرة، وهذا ما تبدو عليه سياسة أميركا الراهنة".

هدوء حذر في بغداد والبصرة

من جانب آخر انسحب مقاتلو جيش المهدي من الشوارع في بغداد والبصرة ومدن أخرى في الجنوب والوسط بعد ستة أيام من المعارك مع قوات الأمن العراقية أوقعت مئات القتلى والجرحى.

وكان السيد مقتدى الصدر أمر أنصاره الأحد بإلغاء المظاهر المسلحة والانسحاب من الشوارع، بعد معارك أودت في مجموعها بحوالي 320 شخصا على الأقل.وفق لصحيفة للقبس

كما عادت الحياة الى طبيعتها في معظم انحاء بغداد، حيث تشهد الشوارع ازدحاما بعد ثلاثة ايام من حظر التجوال، وتعرضت المنطقة الخضراء لمزيد من القذائف، فيما اكدت حكومة الرئيس نوري المالكي ان الحملة الأمنية ستتواصل في البصرة وغيرها للقضاء على رؤوس الجريمة.

وذكر مصدر في وزارة الداخلية ان الهدوء النسبي يسود العاصمة وخرج الناس الى الشوارع واماكن عملهم الحكومية والخاصة، كما فتحت المحلات التجارية ابوابها، مع استمرار قوات الأمن في فرض طوق أمني حول مدينة الصدر ومناطق الشعلة والكاظمية، حيث ينشط جيش المهدي.

وقال حمد الله الركابي المتحدث باسم التيار الصدري في ناحية الكرخ غرب دجلة ان التيار وجيش المهدي يلتزمان أوامر القائد مقتدى الصدر. واوضح ان الهدوء عاد الى المنطقة، مع قليل من التوتر بسبب تطويق القوات الأميركية مناطق الشعلة والصدر والكاظمية.

بدوره، قال جعفر السهيل من مدينة الصدر لقد عادت الحياة الى طبيعتها داخل المدينة وفتحت معظم المحلات التجارية ابوابها والحركة بدأت تدب في شوارعها. وأكد ان جيش المهدي انسحب من الشوارع، لكن القوات الأميركية لا تزال تطوق المداخل، ويمكن لأي شخص الخروج من المدينة مشيا على الاقدام من دون مشاكل.

حملة تطهير جديدة

وفي بغداد، كشف اللواء الركن عبدالعزيز محمد مدير العمليات في وزارة الدفاع ان القوات المسلحة ستبدأ بتطهير جملة من المناطق في البصرة من المجرمين والمطلوبين للقانون ومن حملة السلاح. واضاف «لقد تكاملت جميع التعزيزات للعمليات في البصرة وسنبدأ بعمليات التطهير والتفتيش والعمليات لن تنتهي حتى يستقر الوضع ويكون آمنا.

هدوء في المحافظات الجنوبية.. ومئات المعتقلين

وفي العمارة (365 كلم جنوب بغداد)، عاد الهدوء الى المدينة بعدما توقفت الاشتباكات في شوارعها الجمعة.

وفي الناصرية (380 كلم جنوب بغداد)، قال راضي الركابي الناطق باسم الشرطة ان السلطات قررت رفع حظر التجول، وعادت الدوائر الحكومية والمدارس الى عملها المعتاد. وأكد الركابي اعتقال مائتي مسلح والعثور على كميات كبيرة من الاسلحة.

من جهته، قال عزيز كاظم علوان محافظ ذي قار وكبرى مدنها الناصرية ان الاشتباكات ادت الى مقتل 85 شخصا وإصابة أكثر من مائتين. وفي الكوت (175 كلم جنوب بغداد)، عادة الحياة الى طبيعتها، وتوجه الموظفون الى دوائرهم فيما عاد عدد محدود من الطلاب الى مدارسهم.وفق "فرانس برس"

وفي النجف، رفع حظر التجول وعادت الحياة الى طبيعتها تماما، وانتشر عدد محدود من قوات الجيش في الشوارع.

كما عادت الحياة الى طبيعتها في كربلاء، وأعلن اللواء رائد شاكر قائد الشرطة اعتقال خمسمائة من المطلوبين والمشتبه فيهم. وفق رويترز.

وفي المحمودية الى الجنوب من بغداد يجري حفظ الجثث وسط كتل من الثلج في مسجد شيعي لان الوضع ليس آمنا بدرجة كافية لدفنها.

........................................................................

*المركز الوثائقي والمعلوماتي مركز يقدم الخدمات الوثائقية التي تتضمن موضوعات مختلفة  من دراسات وبحوث وملفات متخصصة. للاشتراك والاتصال:www.annabaa.org /// [email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 2 نيسان/2008 - 25/ربيع الاول/1429