معاناة العراقيين في ظل احداث العنف في الوسط والجنوب

شبكة النبأ: بعد ما عاثت لغة السلاح الفساد في ارجاء وسط وجنوب العراق مدة اسبوع كامل، مخلفةً وراءها مئات القتلى والجرحى والأيتام وخراب البنى التحتية واستنزاف القوّة في غير محلها، يبدو ان لغة الحوار بدأت تشق طريقها بين الحكومة العراقية والتيار الصدري أملاً في الوصول الى اتفاقية تضمن حقوق الطرفين المشروعة.

لكن الحرب خلّفت وراءها مآسي لن تمحى بسهولة ابدا في ظل تدهور الوضع الصحي والمعيشي والخدمات عموما في البلد. فقد أعلن متحدث باسم وزارة الداخلية العراقية يوم الاثنين ان اكثر من 200 شخص قتلوا في أسبوع من الاشتباكات بين قوات الأمن العراقية ومسلحين في ميناء البصرة النفطي في جنوب البلاد. بحسب رويترز. وقال اللواء عبد الكريم خلف ان 210 أشخاص قتلوا وجرح 600 في البصرة منذ ان شنت القوات الحكومية حملة ضد الميليشيات الشيعية وعصابات اجرامية في مدينة البصرة التي غاب عنها القانون.

معاناة أهالي الحلة تتفاقم تحت "حصار" المعارك وحظر التجوال 

طوال خمسة أيام عاشها الأهالي في مدينة الحلة محاصرين بين جدران بيوتهم، بسبب اشتداد المواجهات المسلحة وفرض حظر التجوال في بداية احداث العنف، كانت معاناتهم تتفاقم في ظل ظروف يقول عنها، صاحب عائلة، كان الغذاء نفد في بيته ولا يستطيع الخروج بسبب المعارك "إنها أشبه بموت تحت الحصار.. فلدي طفل نفد الحليب الذي نرضعه إياه واضطررنا إلى القفز فوق جدار جارنا كي نجلب له كمية ظللنا "نقطرها" عليه طوال أيام."

ولعل هذه المعاناة تشترك فيها مع صاحب العائلة هذا عوائل كثيرة في وسط العراق وجنوبه منذ اندلاع المواجهات المسلحة عقب الإعلان عن خطة (صولة الفرسان) في محافظة البصرة الاثنين الماضي والتي ولدت مواجهات عنيفة امتدت إلى بغداد ومدن وسط العراق وجنوبه بين القوات الأمنية ومسلحين يعتقد أنهم تابعين لجيش المهدي.

وفي ظل تفاقم الوضع الإنساني اضطرت السلطات المحلية في الحلة إلى الإعلان عن رفع جزئي لحظر التجوال ولمدة أربع ساعات اعتبارا من الواحدة بعد الظهر وحتى الساعة الخامسة عصرا، في عموم مدينة الحلة. لكن المعاناة تستمر رغم "فسحة" الحرية هذه ..

يقول المواطن احمد عزيز،موظف، لوكالة أصوات العراق "وجدنا الأسعار قد تضاعفت بشكل لافت وخاصة أسعار الفواكه والخضر والألبان والجبن وغيرها تلك المتعلقة بالاستهلاك اليومي للمواطن."

وبين  "بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الطماطم اليوم السبت ( 3000 ) دينار بينما كان سعره الاعتيادي لا يتجاوز ( 750 دينار )." 

وأضاف "كذلك سعر كيلو غرام واحد من البطاطا (1500) دينار بعد ما كان سعره ( 500 ) دينار، فيما بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من البصل ( 2000 دينار) بعد أن كان سعره ( 500 دينار )."

وأشار عزيز إلى إن هذا الأمر يسري على الفواكه والألبان واللحوم والأسماك وغير ذلك حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من البرتقال المصري ( 2000)دينار بعد أن كان سعره ( 1000 دينار) كما بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من السمك للسمكة وزن 2 كغم ( 10000دينار ) بعد أن كان سعره ( 5000 دينار ) وسعر الجبن لبنة المستورد زنة 250 غم  ( 2000 دينار ) بعد أن كان سعرها ( 1000 دينار ) ."

وعلق قائلا "ذلك يعني إن الأسعار تضاعفت لبعض المواد ثلاث مرات أو أكثر،  الأمر الذي يؤثر كثيرا على ميزانية المواطن وخاصة ذات الدخل المحدود." 

كما أوضحت (ام احمد) ، ربة بيت، إن "حظر التجوال وحصول اشتباكات مستمرة وخاصة في الحي الذي تسكن فيه جعل اغلب أصحاب المهن تغلق محالها، خاصة الأفران ومحال الفواكه."

وقالت "بحثت اليوم السبت خلال وقت رفع الحظر عن خبز فلم أجد أبدا ، ما اضطرنا إلى الاكتفاء بشرب حليب السحبة ( البطاقة التموينية ) والتسوق رغم ارتفاع الأسعار."

وتابعت أم احمد حديثها بالإشارة إلى الأيام السابقة إن "الخضر والفواكه اختفت باستثناء عربة جلبها احد الباعة الجوالين يحمل فيها بعض الخضر فتجمع الناس عليها وأفرغوها خلال دقائق وقد بقيت محتارة بعد أن بقيت جعبتي فارغة، إذ لم احصل على قوتي اليومي."

وعزا عامر كاظم، صاحب محل لبيع الفواكه والخضر ارتفاع الأسعار إلى "ندرة ما يمكن الحصول عليه من سوق الجملة في الحلة وصعوبة النقل."

وقال أن "اغلب المعروض من الخضر والفواكه في السوق هو أما مستورد قبل الأحداث من دول الجوار أو إنتاج محلي وفي كلتا الحالتين فان الحصول عليه  أمر صعب بسبب منع تجوال المركبات في اغلب مناطق العراق."

وأضاف "فضلا عن ذلك فان الأوضاع الأمنية يمكن أن تنفجر في أية لحظة في كل مكان مثلما حصل عصر الأربعاء الماضي عندما تركنا بضاعتنا ومحالنا مفتوحة بسبب الاشتباكات التي اندلعت فجأة في منطقتنا وعند عودتنا صباح اليوم التالي لم نجد منها شئ." 

علي حسين (قصاب) في حي الإمام وسط المدينة، ذكر أن سعر الكيلوغرام الواحد من لحم العجل أصبح (10000) دينار بعد أن كان سعره ( 70000) دينار."

وقال "حصلت وبعلاقاتي مع احد الفلاحين على عجل واضطررت إلى جلبه سيرا على الأقدام لحوالي أربع ساعات وقمت بذبحه أمام المحل لصعوبة الوصول إلى المجزرة بسبب حظر التجوال وتردي الأوضاع الأمنية.. ولك أن تتخيل الأمر." 

ويقول الباحث الاقتصادي مكي محمد أن "ارتفاع الأسعار عقب تدهور الوضع الأمني وفرض حظر التجوال  وتأثيراتها على حياة المواطن الحلي أمرا طبيعيا."

وبين أن سبب ذلك يعود إلى انه "مجرد وجود المواطن رهن داره يعد تحولا خطيرا في المجتمع لأنه سيكون إنسانا مستهلكا فقط وبشراهة وهنا تختل الموازنة الاقتصادية."

وأضاف "يرافق ذلك ازدياد الطلب على البضائع وخاصة ذات الاستهلاك اليومي كالخضر والفواكه واللحوم وغير ذلك بسبب تجمع العوائل داخل المنزل." 

وقال "هنا يكون الخاسر الوحيد هي العوائل ذات الدخل المحدود وأصحاب الدخل اليومي مثل أصحاب سيارات الأجرة والباعة الجوالين وعمال البناء وغيرهم." 

أما المواطن احمد شربة، وهو عامل بناء، فقد أبدى معاناته من أيام "الحصار" كما يصفها، بقوله انه "يعتمد على دخله اليومي من العمل عامل بناء في توفير لقمة العيش له ولعائلته المكونة من خمسة أفراد."

وذكر انه بعد عدة أيام من جلوسه في الدار بسبب حظر التجوال وتدهور الوضع الأمني لم يجد له نقودا تكفي لسد رمقه خاصة وان الأسعار ملتهبة. 

مواطنو كربلاء يأملون نهاية لسلسلة المواجهات بمدينتهم 

هل هذه الحلقة الأخيرة من سلسلة المواجهات المسلحة التي شهدتها المدينة خلال الشهور الماضية..؟ تساءل احد المواطنين في كربلاء من دون أن ينتظر إجابة، فكما هو شان الآخرين في ظل ما يجري، يبدو حاله يغلفه الحيرة مما يجري في مدينته التي تشهد بين فترة وأخرى مواجهات مسلحة عطلت الحياة فيها من جوانب كثيرة..

وما زاد استغراب وحيرة المواطن احمد الياسري  إن "الإحداث المسلحة التي شهدتها كربلاء منذ مساء الأربعاء الماضي يبدو إنها لا تريد أن تنتهي.. وكأن هناك من يعمل على استمرارها." كما يقول.

وشهدت كربلاء منذ الأربعاء الماضي مواجهات مسلحة متجددة جاءت بعد المواجهات التي شهدتها محافظة البصرة (590كم جنوبي العراق) ، فضلا عن العاصمة بغداد وعدد من المحافظات الجنوبية، بين القوات الحكومية وجماعات مسلحة يعتقد إنها تابعة لجيش المهدي.

ولم يخف المواطن الياسري إن "المواطنين كانوا يترقبون أحداث البصرة الأخيرة ومتخوفون من أن تؤدي إلى أن يشهدوا أحداث مماثلة جديدة في مدينتهم وانفجار الوضع فيها.. وهو ما حصل .." مبينا انه "لولا أحداث البصرة لما تجددت الاشتباكات في كربلاء."  وأضاف" لم نعد نعرف للراحة طعم .. الرصاص نسمعه في كل مكان ولم نعد مطمئنين على أرواحنا."

وأشار إلى إن" الأجهزة الأمنية تريد فرض القانون من خلال حملة المداهمات وهذا يسبب الكثير من المتاعب لنا" متسائلا مرة أخرى "ألا توجد طريقة أخرى لعمليات إلقاء القبض على "الخارجين عن القانون" كما يقولون؟"

ويقول المواطن احمد خالد من المدينة القديمة أن "الأحياء الشعبية صارت مكانا للمواجهات بعد أن كان وسط المدينة هون مسرحها."

وذكر أن "الحياة تعطلت والعمل توقف.. وأولادنا لم يعد يذهبون إلى المدارس بسبب ما يجري من مواجهات ليس هي جديدة على مدينتنا التي عاشت خلال الشهور الماضية الأحداث نفسها وعطلت حياتنا."

وتساءل" إلى متى يبقى الوضع على هذه الشاكلة يتفجر بين فترة وأخرى وكأن المواجهات كتب علينا أن نعيش في أزماتها كل بضعة شهور."

فيما راح المواطن هاشم الفتلاوي يسرد تاريخ المواجهات في كربلاء قائلا "في عام 2004 ، قبل الذكرى الأولى لاحتلال العراق، شهدت كربلاء مواجهات عنيفة بين القوات الأمريكية والبولندية استمرت عدة أيام."

وأضاف "تلك المواجهات كنا نقف معها لأنها ضد المحتل الذي اخذ يعبث بالأرض والإنسان ويتصرف على انه محتل بكل ما تعنيه هذه الكلمة من ضائقة نفسية على الشعب العراقي."

وكانت القوات البولندية والأمريكية قد تواجدتا  في مدينة  كربلاء بعد سقوط النظام السابق عام 2003 واتخذت القوات الأمريكية من منطقة الإبراهيمية(10كم شرق كربلاء ) والحسينية (0كم شمال كربلاء ) إضافة إلى عدة أماكن منها مقرا لها، فيما اتخذت القوات البولندية مقرها في احد الفنادق خارج وسط المدينة، مع تواجد القوتين في دوائر الدولة كقيادة الشرطة ومبنى المحافظة. 

وأضاف "في نهاية عام 2004 حصلت مواجهات أخرى بين التيار الصدري والقوات الأمريكية اشتركت فيها الطائرات والأسلحة المختلفة."

وأشار" هذه المواجهات أيضا تسببت بتعطيل الحياة لأيام متتالية ، خاصة وسط المدينة وخلفت عددا من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.."

 واستدرك"على الرغم من ذلك فما دامت ضد الاحتلال فهذا يعني إن الخسائر ستكون تضحيات لا نقاش عليها."

لكنه يطلق حسرة أليمة وهو يستذكر مواجهات حدثت  في نهاية عام 2005 ويقول أنها "أول مواجهات مسلحة بين العراقيين ودارت رحاها في منطقة ما بين الحرمين وشارع المخيم المجاور للعتبة الحسينية."

وزاد" كما حدثت مواجهات أخرى عام 2006 أيضا بعد أن انسحبت القوات الأجنبية من مقراتها داخل المدن."

ويكمل المواطن إبراهيم الطائي تلك السلسلة من المواجهات ويرى أن مواجهات "الزيارة الشعبانية" "من أشرس المواجهات التي شهدتها كربلاء."

وألقى الطائي باللائمة على " الحكومة والتيار الصدري لان الاثنين فقدا الثقة بينهما." مطالبا الجهتين" بدراسة سبل عودة الثقة إلى مسارها الطبيعي بعد بحث الأسباب لان الخاسر الوحيد هو المواطن العراقي."

منع دخول المستلزمات الطبية لمدينتي الصدر والشعلة ببغداد 

واتهم نائب في الكتلة الصدرية القوات الامريكية والعراقية بمنع دخول المؤن والمستلزمات الطبية الى مدينتي الصدر والشعلة في بداية المواجهات، داعيا ممثل الامين العام للامم المتحدة للتدخل العاجل وانقاذ حياة المدنيين من هجمات الطائرات الامريكية.

وقال صالح العكيلي  لوكالة  أصوات العراق" أقدمت القوات العراقية والامريكية على منع وصول سيارات خاصة تحمل مجموعة من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية الى مدينتي الصدر والشعلة ارسلتها بعض المنظمات الانسانية المهتمة بحقوق الانسان."

وأشار إلى أن التيار الصدري يوجه " الدعوة الى ممثل الامين العام للامم المتحدة( ستيفان دي مستورا) للتدخل العاجل وانقاذ حياة الابرياء."

وقال ان" مسؤولية الامم المتحدة تقتضي ان تكون طرفا محايدا ومن ثم تتدخل لانقاذ حياة المدنيين" مؤكدا انه اتصل الاحد شخصيا " بمكتب ممثل الامين العام للامم المتحدة وقد وعد خيرا."

واشار إلى أن " الوضع في مناطق نفوذ الصدريين بات صعبا للغاية وبات المدنيون يتعرضون لمضايقات شتى اهمها منع وصول المواد الغذائية والمستلزمات الصحية."

وخلص النائب الصدري بالقول" نحذر من استمرار الحال كما هو عليه ونخشى ان تتحول الامورالى مايكره عقباه" دون ان يوضح طبيعة التحذير. ولم يصدر اي رد فعل من جانب الحكومة العراقية على ذلك.

وكان مصدر طبي مسؤول قال ، إن أعمال العنف التي شهدتها بغداد خلال الأيام الخمسة الماضية أسفرت عن مقتل (125) شخصا وإصابة (892) آخرين، في عموم العاصمة.

وأوضح أن تلك الأرقام "مستقاة من واقع الإحصاءات الرسمية التي وردت إلى وزارة الصحة من مختلف مستشفيات بغداد."

لا وجود لنقص في المواد والادوية الطبية في البصرة 

من جهته قال مدير غرفة العمليات في وزارة الصحة ,السبت, انه لاتوجد اي ازمة فيما يخص المستلزمات الطبية والادوية في البصرة.

وأوضح الدكتور جاسب لطيف ، لـ( أصوات العراق) السبت,انه " لاتوجد اي ازمة فيما يخص الجانب الطبي وتقديمها العلاج للجرحى بعد ارسال وجبتين جديدتين من الادوية والمستلزمات الطبية."

وتابع " تم اليوم ارسال قافة من المستلزمات الطبية تحتوي على اطنان من المواد الطبية كما انه تم ارسال في الامس قافلة كبيرة من المواد الطبية."

وكان مصدر طبي قال لـ (أصوات العراق) الجمعة إن حصيلة ضحايا المواجهات المسلحة التي شهدتها البصرة والذين تسلمتهم مستشفيات المدينة بلغت، منذ الاثنين الماضي وحتى مساء (الخميس)، أكثر من (60) قتيلا و(300) جريح.

واضاف لطيف ان "هناك تنسيقا يجري الان بين دائرة صحة البصرة والدوائر الاخرى في المحافظات القريبة ,كما ان دوائر الصحة في الموصل والانبار وصلاح الدين عرضت تقديم مساعدات طبية ووكميات من الدم."

واشار لطيف الى ان وزارة الصحة ارسلت منذ يوم الجمعة اكثر من 1000 قنينة دم لتوفيره في عموم مستشفيات المحافظة.

وشهدت محافظة البصرة توترا أمنيا كبيرا بعد ساعات قليلة من انطلاق خطة (صولة الفرسان) التي نفذتها الحكومة العراقية التي تهدف إلى فرض سلطة الدولة فيها.

كما شكلت وزارة التجارة، الجمعة، غرفة عمليات لمتابعة تجهيز المواد الغذائية في محافظة البصرة و اتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لتجهيز وجبة كاملة خلال الأيام المقبلة لسد احتياجات أبناء المحافظة ومساعدتهم جراء العمليات العسكرية التي تجري مؤخرا.

وذكر مدير المكتب الإعلامي للوزارة، في بيان نقلته ( أصوات العراق)، أن "عمليات قطع الكميات المقررة للمواطنين بدأت الخميس على مستوى دوائر التسويق في الشركات على أن تبدأ عملية التجهيز خلال الأيام المقبلة لكافة مناطق المحافظة ومتابعة نقص المواد الغذائية عبر رؤساء الدوائر التجارية فيها."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1 نيسان/2008 - 24/ربيع الاول/1429