
شبكة النبأ: حتى الآن، مات مئات
العراقيين وقد يكون الجرحى بالالاف، في القتال الذي اندلع الثلاثاء
الماضي عندما اعلن المالكي عمّا وصفه بـ صولة الفرسان، لاستهداف مادعاه
بالعصابات الخارجة عن القانون في مدينة البصرة.
وتوالت الاحداث الكارثية في اغلب المحافظات الشيعية، تاركة تساؤلات
ضخمة ومؤلمة حول امكانية تنفيذ ما عزم عليه المالكي، وكذلك انتقادات
حادة للحكومة لقتالها بلارحمة، حلفاء الامس، الذين بقوا طويلا حلفاءا
سياسيون، وعامل موازنة تجاه قوة القاعدة والفصائل السنّية التي كانت
متحالفة معها في وقت كانت الحكومة ضعيفة ومقيدة بأصفاد الاحتلال..
المشكلة الان هي تعنت الطرفين، الحكومة والتيار الصدري، وعدم
تنازلهما عند رغبة اغلب العراقيين في حل المشكلة بالطرق السلمية، مما
ينذر بتصاعد قتال الاخوة فيما بينهم وصولا لإحتمال الحرب الاهلية بين
الشيعة.
ففي تقرير لها بشان الأحداث في محافظة البصرة ومدن عراقية أخرى قالت
صحيفة الـ اندبندنت، ان الوضع في العراق "ينذر بحرب أهلية بسبب القتال
بين الشيعة ".
وقالت الصحيفة بإن حربا أهلية تهدد بالانفجار في العراق بعد هجوم
الحكومة العراقية على ميليشيات شيعية من "اجل السيطرة على البصرة
وأجزاء من بغداد."
وترى الصحيفة إن المعركة بين القوات العراقية والميليشيات الشيعية
تبين أن الأغلبية الشيعية "تشهد انقساما كبيرا لأول مرة."
وتذكر الصحيفة إن أنصار الصدر يعتقدون أن الحكومة تسعى إلى إقصائهم
قبل عقد الانتخابات في جنوب العراق في وقت متأخر من هذا العام، حيث
يتوقعون فوزهم فيها.
وتتابع الصحيفة قولها إن منطقة المنصور المختلطة، غربي بغداد، حيث
ابتدأت محالها بفتح أبوابها في الشهور الأخيرة، خلت شوارعها أمس حينما
انتشرت شائعات بين السكان تقول بان مقاتلي جيش المهدي سيهاجمونها من
الوشاش. ونقلت الصحيفة عن احد ساكني الحي قوله "إننا نتوقع هجوما من
الشيعة على الرغم من الانتشار الواسع للقوات الأميركية في الأحياء
السنيّة لحمايتها."
ونقلت الصحيفة عن صادق الركابي، احد مستشاري المالكي قوله "أي مسلح
لن يسلّم سلاحه في غضون ثلاثة أيام سيعامل بوصفه خارجا عن القانون."
وقالت الصحيفة إن مقتدى الصدر أرسل مبعوثين إلى المالكي يطلب منه
سحب القوات، التي يبلغ حجمها بحدود 15.000 عسكري، من البصرة، وحل
المشكلات سلميا. إلا أن مساعديه يقولون أن لا مجال لأية محادثات ما لم
تنسحب القوات العراقية. وتعلق الصحيفة بقولها إن عرض إجراء المحادثات
هذا ينسجم مع سلوك مقتدى الصدر الماضي "الذي يظهر انه توفيقي، لكن
عمليا لا يقدم سوى تنازلات قليلة."
وتتابع الصحيفة إن الولايات المتحدة تزعم "أن الصدريين غير
مستهدفين، بل الفصائل المسلحة التي تلقى دعما من إيران" لكن الاندبندنت
ترى أن ذلك شيء "لن يجد له الكثير من العراقيين ليصدقوه."
وتختتم الصحيفة تقريرها باستعراض الميليشيات التي تتحكم في الأوضاع
في البصرة، حيث تسود أربع جماعات مسلحة: جيش المهدي، وقوات بدر، وحزب
الفضيلة الذي ينتمي إليه محافظ البصرة، ويفرض سيطرته على نسبة كبيرة من
هذه المنطقة النفطية، وأخيرا الخلايا السرية، التي ترى الصحيفة أنها
تلقى تسليحا وتدريبا من جانب إيران.
هل يقف العراق على عتبة حرب أهلية
شيعية؟
وفي مقال للكاتب دارين مورتنسن بصحيفة الـ تايم، جاء فيه: هل يمكن
ان تنتهي محاولات رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي للسيطرة على
البصرة بنتائج عكسية سلبية خطيرة؟ ثم احتمال كبير في الواقع لان يتحول
ما يحدث الان في هذه المدينة وغيرها من مدن العراق الى حرب داخلية
شيعية ـ شيعية اوسع، تنجر اليها قوى موالية لرجل الدين مقتدى الصدر،
الذي كان قراره بوقف اطلاق النار سابقا امرا اساسيا لنجاح خطة زيادة
عدد القوات الامريكية في العراق ونجاح خطة فرض القانون في بغداد.
واذا ما نشبت الان مثل هذه الحرب الشيعية الداخلية ستكون عواقبها
خطيرة جدا على استراتيجية الولايات المتحدة في العراق هذه السنة التي
تتميز بحساسية سياسية شديدة نظرا للعديد من التطورات ومنها الانتخابات
الامريكية.
ويضيف الكاتب، يبدو ان حكومة المالكي استهدفت البصرة لان بمقدورها
القيام بذلك، اذ على عكس العديد من مدن الجنوب التي تصاعد فيها القتال
خلال الاسابيع القليلة الماضية، تمكن المالكي من بناء قاعدة سلطة
مستقلة بين قوات الامن في البصرة، الا ان اجتياح المدينة يمكن ان يكون
له انعكاسات سيئة في مدن الجنوب الاخرى التي لا تتمتع الحكومة المركزية
فيها بسلطة قوية.
فما يحدث في البصرة اليوم لا يعتبره العديد من الشيعة مجرد محاولة
يقوم بها المالكي للسيطرة على الشيعة »الصدريون« بل يرون فيه مجرد حرب
اهلية شيعية ـ شيعية يقوم بها المالكي بدعم امريكي، اذ كانت قوات
الحكومة العراقية قد هاجمت بدعم امريكي العديد من عصابات وميلشيات
الشيعة في سبع مدن رئيسية على الاقل في الجنوب خلال الاسبوعين الماضيين.
وردا على ذلك، نزل الموالون للصدر الى شوارع بغداد ليجدوا انفسهم
امام الجنود الامريكيين الذين تجنبوا الاشتباك معهم. فقد امتنع
المسؤولون الامريكيون حتى الان عن لوم الصدر على العنف الاخير المتصاعد
حدة، وذلك لان قرار وقف اطلاق النار الذي اتخذه قبل نحو سنة كان اساسيا
لنجاح عملية زيادة عدد القوات الامريكية في العراق.
وفي هذا الاطار، نجد الجنرال ديفيد بيتريوس قد اعتبر ايران وليس
الصدريين مسؤولة عن الهجوم الذي استهدف المنطقة الخضراء في عيد الفصح.
لكن مع تزايد حدة الاشتباكات مع الصدريين، لن يكون بمقدور الجانب
الامريكي اللعب طويلا في هذه المسألة، لاسيما ان على بيتريوس الاستعداد
لتقديم تقرير للكونغرس الامريكي في الثامن والتاسع من ابريل المقبل حول
التقدم الذي تم احرازه في العراق. كما تأتي الاشتباكات الاخيرة في وقت
يتردد فيه وزير الدفاع روبرت غيتس حول هل بالامكان سحب خمسة الوية
مقاتلة في يوليو المقبل من اجل تقليص عدد الجنود من حوالي 158000 الى
140000 جندي، وهو العدد الذي كانوا عليه قبل الزيادة.
غير ان هذه العملية لن تتحقق على الارجح اذا ما توسع نطاق
الاشتباكات الراهنة ووصل الى مدن اخرى في الجنوب.
ويضيف المقال، من المفيد الاشارة هنا الى ان القتال الشيعي الداخلي
في البصرة كان قد ارغم القوات البريطانية على وقف سحب حوالي 1500 جندي
كما كان مقررا من قبل.
وكان حوالي 4000 جندي بريطاني قد سلموا مهمة حفظ الامن في المدن
للقوات العراقية قبل سنة، ولم ينجر هؤلاء الجنود حتى الآن الى الصراع
الدائر فيها هذا الاسبوع.
والآن، اذا قررت الولايات المتحدة ملاحقة قوات الشيعة بنشاط في
الجنوب، سيكون معنى هذا عودة لفتح الجبهة الجنوبية من جديد، حيث كانت
القوات الامريكية قد خاضت فيها بعض اشرس المعارك ضد الصدر. كما ان فتح
هذه الجبهة من شانه ان يخفف تمركز القوات الامريكية حول بغداد والمثلث
السني.
بل ربما يتطلب الامر المزيد من القوات وعمليات الانتشار الاضافية من
اجل المحافظة على المكاسب المتواضعة التي تحققت في الفترة الاخيرة.
ويضيف المقال، من المرجح ان يؤدي التحرك الامريكي ضد معاقل الشيعة
الى توفير فرص جديدة لمقاتلي القاعدة السنة لضرب اهداف عراقية وامريكية
في المثلث السني.
حول هذه التطورات وما يمكن ان يتمخض عنها لاحقا، يقول (والي نصر)
المتخصص في العلوم السياسية بجامعة »تفتس« ومؤلف كتاب: »نهضة الشيعة:
كيف سيشكل الصراع داخل الاسلام المستقبل؟: لقد كان هذا متوقعا،
فالمسالة لم تكن سوى مجرد توقيت، ذلك ان وقف اطلاق النار الذي اعلنه
الصدر سابقا بالاضافة لزيادة عدد القوات الامريكية سمحا لكافة الاطراف
بتسليح انفسها واعادة تجميع صفوفها من جديد والنزاعات لم تهدأ بعد،
فهناك صراع مستمر بين الشيعة والسنة، وآخر بين الصدر ولواء بدر، واذا
كانت زيادة عدد القوات الامريكية وقرار الصدر بوقف اطلاق النار قد نجحا
في ابعاد المتصارعين عن بعضهم بعضا مؤقتا، الا ان التسوية السياسية
الحقيقية لم تتحقق.
ومضى نصر قائلاً: لا، ان المعركة الكبرى لم تبدأ بعد، ومستقبل
العراق لم يتقرر ايضا، والمسألة الان هي الى اي مدى يمكن ان تنغمس
القوات الامريكية في حرب اهلية شيعية هل هي عودة الى المربع الأول؟
ربما.
في البصرة.. الكلمة للرصاصة
من جهة اخرى يقول الكاتب بوبي غوش في مقال نشر بصحيفة الـ تايم:
تُبيّن هذه المعارك التي تدور الآن بين الجنود ورجال الميلشيات، وكلهم
من المسلمين الشيعة، ان الغالبية الشيعية في العراق انقسمت على نفسها
بشكل واضح بعد ان اصبحت الكلمة للرصاص.
فقد كان رد فعل العراقيين على الاخبار التي تحدثت عن قيام قوات
الحكومة بهجوم على جيش المهدي في البصرة مختلطا، فبينما ساد شعور
بالاستياء والغضب لدى سكان مدينة الصدر الفقراء البالغ عددهم مليوني
نسمة، والذين يعتبرون رجال ميلشيا المهدي ابطالا يؤمنون لهم الحماية
والخدمات الطبية والمدارس المجانية، لم يكن هناك لدى الطبقات الاخرى
غير الفقيرة من الشيعة سوى القليل من التعاطف مع الصدر وجماعته. بل
وتساءل معظم العراقيين لماذا انتظرت حكومة المالكي كل هذا الوقت الطويل
للنهوض ضد جيش المهدي.
ويبدو ان الكثيرين يتساءلون الآن ايضا ما اذا كان المالكي سيواصل ام
لا حملته ضد جيش المهدي حتى النهاية لتدميره بالكامل« اذ ان الفشل بذلك
يمكن ان يكلف المالكي حياته السياسية، ويترك العراق ليتعامل عندئذ مع
عدو جريح اكثر خطراً.
فآخر محاولة جادة لهزيمة مقاتلي الصدر جاءت في صيف عام 2004، عندما
سمح اياد علاوي رئيس الحكومة العراقية المؤقته عندئذ للقوات الامريكية
بمهاجمة جيش المهدي في بغداد ومدينة النجف المقدسة.
ويضيف الكاتب، في ذلك الوقت كان رجال الصدر عبارة عن مجموعة من
المقاتلين ضعيفة التسليح والتدريب تمكن الامريكيون من هزيمتها بسهولة،
لكن لم يشأ علاوي اطلاق رصاصة الرحمة عليها، وسمح لرجل الدين الشيعي
الكبير علي السيستاني بالتوسط لاحلال سلام سمح للصدر بالمحافظة على
مقاتليه والتمتع بحريته، وهذا هو الاهم، عندئذ، تحول الصدر من زعيم
ميلشياوي الى قوة سياسية في برلمان العراق، يسيطر على ثاني اكبر كتلة
فيه ضمن تحالف شيعي اوصل المالكي الى السلطة.
ويضيف الكاتب، في غضون ذلك، اعاد المهدي تنظيم صفوفه وحصل على
السلاح والتدريب والمساعدة من إيران وحزب الله اللبناني. وما ان حلت
نهاية عام 2005 حتى كان جيش المهدي قد اصبح قوة كبيرة مسلحة ومدربة
جيداً.
وتصادف كل ذلك مع تراجع فرص اياد علاوي السياسية، فالشيعة المتدينون
لم يغفروا له ابدا هجومه على ميلشياتهم، واتهمه العراقيون العلمانيون
ايضا بعدم انهائه المهمة المتمثلة في القضاء نهائيا على جيش المهدي،
لذا، لم يتمكن إلا بمشقة من الحصول على ما نسبته %14 من الاصوات في
الانتخابات.
ويضيف الكاتب، لكن عندما اندلعت حرب طائفية شاملة بين السنة والشيعة
في الربيع التالي، اعتبر الكثيرون جيش المهدي مسؤولا عن معظم ما جرى من
اعمال العنف خلالها، فقد تخصصت مجموعات من ميلشياته في عمليات الخطف
والقتل والتعذيب بشكل وحشي، وتم القاء مئات الجثث المقطعة الاطراف في
الشوارع والقمامة.. ثم بدأت تلك الميليشيات حملة تطهير طائفي استمرت
سنة في العديد من احياء بغداد المختلطة سكانياً مما دفع عشرات الآلاف
من السنة للهروب منها.
واغمضت حكومة المالكي عينيها عن هذه الحملة الاجرامية الشنيعة، حيث
انحت باللوم فقط على من اسمتهم بـ »العناصر الشريرة« في جيش المهدي.
ويضيف الكاتب، يبدو ان الحكومة كانت تخشى من قوة الصدر السياسية،
وتشعر ان المواجهة المباشرة معه يمكن ان تسقطها وهذا بخلاف ان شن هجوم
على جيش المهدي في ذلك الوقت لم يكن ليحظى بالتأييد في أوساط الشيعة
عموماً لان مقاتلي القاعدة ومسلحي السنة كانوا هم ايضا يشنون هجمات على
الاحياء الشيعية.
والآن، يأمل المالكي ان يكون النجاح العسكري، الذي حققه الامريكيون
ضد القاعدة، قد ساعد في جعل الشيعة اكثر امناً واقل اعتمادا على جيش
المهدي لتوفير الحماية.
وهو يراهن ايضا على قوته في البرلمان، ويرى انها كافية للمجازفة
واثارة غضب الصدر، معتمداً في ذلك ايضاً على الاحزاب الكردية لابقاء
حكومته عائمة حتى ولو انسحب منها الموالون للصدر.
كما حرص المالكي على اعطاء نفسه مجالاً للمناورة فقد اعلن المتحدث
باسمه ان عملية البصرة لا تستهدف جيش المهدي بل عصابات مسلحة متنوعة.
ان من شأن هذا الاعلان ان يسمح للمالكي بإعلان انهاء الهجوم في
البصرة باي وقت، معلنا الانتصار على هذه العصابات، وتاركاً جيش المهدي
جريحاً لكن غير مهزوم بالكامل.
بيد ان ارتكاب المالكي لاية اخطاء في حساباته السياسية او العسكرية
يمكن ان يدفع به إلى السير في طريق علاوي، لكن ثمن هذه الاخطاء بالنسبة
للعراق يمكن ان يكون اكبر من ذلك بكثير.
المالكي أمام أمرين أحلاهما مُر
وجاء في مقال للكاتب ستيف نيفوس نشر بصحيفة فايننشال تايمز: أقدم
رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي على مقامرة خطيرة الاسبوع الماضي
عندما امر الجيش بدخول معركة حاسمة ضد ميلشيات شيعية في مدينة البصرة
الواقعة في الجنوب.
فإذا نجح المالكي في مسعاه هذا يكون بذلك قد عزز على نحو قوي
مصداقية حكومته الضعيفة، واثبت ايضا ان الجيش الوطني قادر على التصدي
للميلشيات وعلى تهدئة المخاوف من ان يصبح العراق دولة هشة ضعيفة تحت
رحمة مجموعات مسلحة بعد انسحاب الجنود الامريكيين منه، كما ان هذا
اللجوء الى المواجهة سيعزز هيبة المالكي التي كانت قد تضررت جدا لفشله
في تحقيق تسويات رئيسية اساسية طالبت بها الولايات المتحدة.
غير ان قراره في ضرب هذه الميلشيات ينطوي ايضا على مجازفة كبيرة
خطيرة.
اذ يمكن ان يدفع حركة الصدر القوية، التي كان قرارها في الالتزام
بقرار وقف اطلاق النار عاملاً مهما في تخفيض مستوى العنف، الى عصيان
مفتوح، ولاشك ان مثل هذا التطور، الذي تبدو اول بوادره الآن، سيؤدي الى
زيادة حدة العنف السياسي في مدينة البصرة الغنية بالنفط، ويضع الشيعة
ضد الشيعة، ويضعف مجتمعهم بعد ان امسك بخيوط السلطة عقب سقوط نظام صدام
حسين.
كما ان تزايد العنف في الجنوب من شأنه ان يسدد ضربة قوية لخطط
الحكومة في زيادة انتاج النفط من خلال دعوة الشركات الدولية لتطوير
الحقول الراهنة.
ويضيف الكاتب، حتى الآن، مات مئات الاشخاص في القتال الذي كان
اندلع يوم الثلاثاء الماضي عندما اعلن المالكي عن ما وصفه بـ »صولة
الفرسان« لاستهداف مادعاه بالعصابات الخارجة عن القانون في مدينة
البصرة.
وذكر الامريكيون ان الهجوم لا يستهدف التيار الرئيسي للصدريين اي
جيش المهدي »بل المجموعات الخاصة« التي انشقت عنه، وتحدث قرار وقف
اطلاق النار الذي كان اعلنه مقتدى الصدر زعيم الحركة.
لكن من غير الواضح ما اذا كان بالامكان التمييز بين مختلف الاجنحة
في هذه الحركة غير المنضبطة، فقد امتد القتال خلال الايام القليلة
الماضية من البصرة الى حي فقير في مدينة الصدر ببغداد والى مدن جنوبية
اخرى مثل الكوت والحلة.
بيد ان المالكي بقي صامدا على مايبدو ومتجاهلاً نداءات زعيم الحركة
للتفاوض من اجل وضع حد للصراع، وقال في خطاب تلفزيوني: سوف نواصل
القتال حتى النهاية فليس هناك تراجع ولا محادثات ولا مفاوضات.
من الملاحظ ان نبرته وكلماته اللا تصالحية هذه تبين مدى رغبته في ان
يبدو كزعيم حاسم مصمم على فرض حكم القانون على بلده الذي تعمه الفوضى.
والحقيقة ان الكثيرين يعتبرون المالكي الان بعد عامين من توليه
السلطة رجلا ضعيفا سياسيا يرأس حكومة فاسدة ومضطرا للاعتماد على حلفائه
كالاحزاب الكردية والمجلس الاسلامي الاعلى في العراق بل وحتى على
الصدريين انفسهم للبقاء في منصبه.
وكانت شعبيته قد ضعفت ايضا لان الكثيرين من العراقيين يرون في
مؤسسات الدولة مجرد اقطاعيات لا تستطيع الحكومة المركزية القيام بشيء
يذكر فيها لدفع عجلة التطور او كبح الفساد.
الا ان المالكي يستطيع ان يزعم الان ان لديه اداة كبيرة تحت تصرفه
هي الجيش العراقي الذي اصبح تحت الاشراف الامريكي قوة من 200 الف رجل
بات المالكي ولاول مرة يعتمد عليها بشكل كبير على ما يبدو فبالرغم من
بعض جوانب ضعفه بالتدريب والمعدات يمكن ان تسمح قوة هذا الجيش النارية
التقليدية وسلسلة قيادته المركزية له بالتغلب على الميلشيات العراقية
ولو في معارك محددة بمكان معين واحد على الاقل.
وفي هذا الاطار من المتوقع ان تكون البصرة بشكل خاص مكانا ملائما
لمثل هذه المعارك فقد ضاق سكانها ذرعا بالعداوات الناشبة بين الميلشيات
المتنافسة في المدينة كما لعب الجيش دورا في تسوية الاوضاع الداخلية في
العراق منذ عام 2006 غير ان الجانب غير الملائم في صولة الفرسان التي
يقودها المالكي هو ان هذه الصولة يمكن ان تنسف قرار وقف اطلاق النار
الذي اعلن عنه الصدر من قبل والذي يعود الفضل اليه في المساعدة على
تخفيض معدل العنف بنسبة %60 منذ الصيف الماضي.
ومهما يكن الامر لا شك ان المالكي في موقف لا يحسد عليه الان فاذا
عامل زعماء المجموعات المسلحة معاملة الند للند ستبدو حكومته عندئذ
ضعيفة او عاجزة اما اذ تجاهلهم وواصل صولته فانه سيجازف بذلك بدفع
انصارهم الى شوارع مدن العراق لمقاومة الحكومة بالقوة.
حرب الإخوة الأعداء في العراق
ويقول باتريك كوكبورن مراسل الإندبندنت في العراق: "إن الجنود
الحكوميين بالبصرة اشتكوا من تعرضهم لنيران أفراد الشرطة من الموالين
للصدر." وينقل عن ضابط عراقي في فرقة خاصة قوله إنهم لم يتوقعوا أن
تكون مقاموة "جيش المهدي" بهذه الشراسة.
ويضيف هذا الضابط قائلا: "إن العديد من رجالي أخبروني أنهم لن
يستأنفوا القتال حتى يحصلوا على ضمانات بحماية وعلى تعزيزات."
ويقول الكاتب إن العديد في العراق يعتبر تدخل القوات الأمريكية،
وتمديد مهلة تسليم الأسلحة التي أمهلها رئيس الوزراء العراقي "جيش
المهدي"، دليلا على أن تعثر الحملة التي شنها المالكي على الحركة
المسلحة.
ويستغرب الكاتب قرار رئيس الوزراء شن هذه الحملة في هذا الوقت
بالذات، على الرغم من أن "جيش المهدي" مدد من الهدنة ستة أشهر أخرى.
ويعتقد الكاتب أن المالكي تعرض لضغوط حليفه السياسي حزب المجلس
الإسلامي الأعلى للعراق من أجل شن هذه الحملة لإضعاف التيار الصدري قبل
خوض الانتخابات المحلية، لكنه لم يفلح سوى "في الإضرار بسلطته".
وينقل مراسل الإندبندنت عن سياسي عراقي رفض الكشف عن هويته تصريحا
قال فيه: "من المحتمل جدا أن يخرج مقتدى [الصدر] وجيش المهدي من هذه
الأزمة أكثر قوة."
وكيفما كان الوضع على الساحة -يقول الكاتب- فإن تأجج العنف من جديد
" تعريض ساخر بما أعلنه الرئيس الأمريكي من أن الولايات المتحدة قد
قطعت شوطا في العراق".
كما أن ما يحدث في البصرة وضع القوات البريطانية في موقف حرج بين
خيارين أحلاهما مر: فإما أن يظل الجنود الأربعة ألاف على الحياد،
ليتعرضوا إلى وابل من النقد، وإما أن يتدخلوا في معركة بين فصيلين
شيعيين لينجروا إلى حرب لن يخرج أي طرف منها منتصرا."
المالكي قامر بشن هذه الحملة في هذا
الوقت بالذات
بدورها تحدثت صحيفة الجارديان عن وضع القوات البريطانية في العراق
حيث ذكِّرت الصحيفة في البداية بالموقف المحايد الذي أصرت على إعلانه
الحكومة البريطانية، لتتساءل "لماذا نحن هناك؟" وترد بالقول إن الإجابة
عن هذا السؤال ليست بالسهلة "لأن الانسحاب، وحتى نقص عدد الجنود، سيكون
بمثابة التولي يوم الزحف".
ولكن البقاء مخاطرة، فحتى في حال انتصار المالكي في هذه المعركة،
فإن دورهم لن يتجاوز دور القبعات الزرق، أي مراقبة وقف إطلاق النار،
والوقوف عند تقاطع نيران الطرفين.
وترى الصحيفة أن المؤشرات الميدانية لا تبعث على التفاؤل، وتعتبر أن
المالكي قامر بزج جيش حديث التدريب لا تجربة له لمواجهة ميليشيا خبرت
حرب الشوارع. |