بعد خمس اعوام: الجيش الامريكي يُجدد الخدمة ويبحث عن مجنَّدين عرب

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: منذ بداية الحرب في العراق عام 2003 يعاني اكثر من مليون عسكري اميركي من آثار نفسية عميقة وصلت بالبعض الى الانتحار، فيما يعاني آخرون من احباط نفسي او شعور بالتهميش جراء نقص الرعاية الصحية والاجتماعية لفترة ما بعد اداء الخدمة العسكرية في العراق وافغانستان.

وفي حين قتل حتى الآن في العراق اربعة الاف جندي، جرح قرابة ثلاثين الفا اخرين، وبلغت اصابة البعض منهم درجة من الخطورة منعتهم من استئناف الخدمة العسكرية. ورُكنوا في خانة المعاقين.

والبعض الاخر حتى وإن نجا من الاصابات الجسدية حضر مقتل الرفاق وشاهد مذابح يصعب وصفها، او رفض ان يعمد الى القتل، ما ترك لديهم اضطرابات نفسية خطيرة.

وتناول تقرير نشرته في شباط/فبراير مجموعة من "المحاربين القدامى من اجل اميركا" بالدرس وضع الفرقة الجبلية العاشرة التي تتخذ من ولاية نيويورك مقرا وهي القوة الاميركية الاكثر انتشارا منذ اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001.

وترى المجموعة ان المساعدة الصحية المعروضة على الجنود لا تناسب المعاناة النفسية التي تكبدوها خلال فترات خدمتهم المتكررة في العراق وافغانستان.

واعتبر مؤسس المجموعة بوبي مولر وهو مقعد منذ حرب فيتنام ومن قدامى المارينز ان "عاجلا ام آجلا سنجد انفسنا في طريق مسدود ولا بد ان يتغير شيء ما". بحسب رويترز.

وانتقد التقرير سياسة البنتاغون الذي كثيرا ما يعمد الى تمديد فترات الخدمة من 12 الى 15 شهرا ولا يترك للعسكريين ما يكفي من الوقت للاستراحة بين الفترة والاخرى.

وفقد اللواء المقاتل الثاني في الفرقة الجبلية العاشرة خلال اخر انتشار خمسين من رجاله في حين جرح 270 اخرون من اصل 3500 عسكري.

وبلغت نسبة الوفيات في تلك الوحدة خمس مرات ضعف معدل احتمال وفاة الجنود الذين يرسلون الى العراق وافغانستان.

ويشير التقرير الى حالات تغيب عديدة عن الخدمة بشكل غير مبرر واعمال عنف منزلية ومحاولات انتحار. ويمكن ان تسبق موعد فحص لدى طبيب نفساني فترة انتظار تستمر شهرين.

ويرى تقرير اخر نشره الجيش في مطلع اذار/مارس ان الجنود الذين يرسلون الى ساحة القتال للمرة الثالثة او الرابعة هم الاكثر عرضة لهذه المشاكل.

وخلص تحقيق مشابه اعدته مجموعة عمل من "مجلس الجيش للصحة العقلية" عام 2007 الى القول ان 28% من الجنود الذين يرسلون الى مناطق القتال الكثيف يعانون من اضطرابات نفسية حادة.

واضاف ان عدد العسكريين الذين يعانون من مشاكل الادمان على الكحول والمخدرات والخلافات الزوجية واضطراب علاقاتهم بشكل عام ارتفعت باكثر من 85% منذ اجتياح العراق قبل خمس سنوات في العشرين من اذار/مارس 2003.

وفي كانون الثاني/يناير اقر الجيش ان نسبة الانتحار شهدت ارتفاعا كبيرا. واكد ان اكثر من الفي جندي حاولوا الانتحار او الحاق الاذى باجسادهم خلال 2006 مقابل نحو 375 خلال 2002.

وقالت الكولونيل أليسبتث رتشي المستشارة في علم النفس لدى قيادة الاطباء في الجيش "اعتبر انه مؤشر على الاحباط العام السائد في الجيش".

ويرى بعض الناشطين ضد الحرب ان تلك الارقام لا تعكس النسبة الحقيقية للمشاكل النفسية لا سيما ان البعض لا يقر باصابته خوفا من عقاب او عدم الارتقاء في الرتبة.

وترى مجموعة "المحاربين القدامى من اجل اميركا" ان القادة يفرطون في المشاركة في تقييم الاضطرابات التي يعاني منها الجنود.واقر العسكريون ببعض الخلل او النقص لكنهم اعتبروا ان الدراسة لا تعكس الواقع.

وقال قائد الوحدة الجنرال مايكل اوتز "لقد خطونا خطوات كبيرة لتحسين مساعدتنا في مجال الصحة العقلية" مضيفا "نعترف باننا نفتقر الى علماء النفس والاطباء النفسانيين وذلك في كافة انحاء البلاد".

وقال الناطق باسم بالوحدة اللفتنانت بول سيرغوز "نقبل اراء مجموعات مختلفة لكننا مهتمون بالخصوص بالبحث عن حلول لتلك المشاكل".

 حرب العراق أدت إلى تغييرات في الجيش الأمريكي

لم يكن الكابتن جارون وارتون بالجيش الأمريكي أتم 30 عاما عندما خدم في حرب العراق مرتين ولمدة عام في كل مرة وشعر بالعبء الثقيل الواقع على كاهل الجنود وشهد تغير الطريقة التي يقاتل بها الجيش.

وخبرات وارتون هي انعكاس من وجوه عدة لخبرات الجيش ككل في السنوات الخمس منذ أن قادت القوات الأمريكية غزو العراق وتقدمت بسرعة إلى بغداد للإطاحة بنظام الدكتاتور  صدام حسين.

وقال وارتون مسترجعا الأيام الأولى "كانت دورياتنا تعامل مثلما يعامل الأشخاص الذين يرتدون ملابس منتفخة على شكل دمى في استعراض (تقدمه متاجر) ماسي (في شوارع نيويورك) في عيد الشكر." واستطرد يقول "الناس كانوا حقا سعداء جدا."

لكن مع تراجع مشاهد الغبطة وتطور الهجمات المسلحة القاتلة أصبح العراق اختبارا يواجه الجيش الامريكي دون تمهيد منذ أن خاض قتالا من أجل الاستقلال عن بريطانيا ابان الحرب الثورية في الفترة بين 1775 و1783. بحسب رويترز.

وعندما عاد وارتون الى العراق في نوفمبر تشرين الثاني 2005 في بداية فترة خدمته الثانية هناك وجد مناخا أكثر صعوبة. ويتذكر أن سارجنت تعرض لثلاث تفجيرات أثناء دورية مدتها 18 ساعة.

وقال وارتون ان طول مدة فترة الخدمة كان له تأثير كبير على العلاقات الشخصية. وزوجة وارتون كابتن في الجيش الامريكي وخدمت أيضا مرتين في العراق.وخدم وارتون أيضا في أفغانستان.

وقال وارتون الذي كان يتحدث في هوفر بولاية ألاباما "في معظم هذه الفترات لا تبقى الصديقة حتى النهاية." واستطرد قائلا "علاقات الخطوبة تتأثر أو تنتهي.. بل ان الزوجات يذهبن أحيانا."

وقلصت قدرة الجيش الامريكي على خوض حرب أخرى كبيرة. ويقول القادة انه من المرجح أن تتولى القوات الجوية والبحرية القيادة اذا نشبت حرب أخرى لان القوات البرية تعمل بكامل طاقتها.

وعرض الجيش حوافز نقدية ليجذب مجندين ويبقي على ضباط من الرتب المتوسطة مثل وارتون الذي يقضي الان منحة في مركز أبحاث في واشنطن يسمى مركز الامن الامريكي الجديد لكنه لا يزال أحد أفراد الجيش.

وقال وارتون الذي كان يجلس في مقصف بالبنتاجون (مبنى وزارة الدفاع الامريكية) "الناس معجبون بمرونة جنودنا." وتابع قائلا "لا بد من امتداح هؤلاء الجنود لانهم أقوياء ومثابرون."

وبعيدا عن ضغوط الحرب أشعلت حرب العراق أيضا نقاشا جوهريا حول مستقبل الجيش. فقد قال اللفتنانت كولونيل جون ناجل "لدينا جيش مصمم كي يقتل ويدمر ومازلنا في حاجة لجيش قادر على أن يفعل ذلك."

لكن ناجل الذي ألف كتابا بعنوان "تعلم أن تحتسي المرقة بسكين" عن محاربة العصيان المسلح استطرد قائلا "لكننا نحتاج أيضا وعلى نحو متزايد لجيش يمكنه مساعدة الناس وقادر على البناء."

وشكلت تلك الرؤية وعلى نحو متزايد الاستراتيجية الامريكية في العراق لاسيما مع تولي الجنرال ديفيد بتريوس وهو خبير اخر في مكافحة العصيان المسلح قيادة القوات الامريكية في بغداد في أوائل العام الماضي.

وقال ناجل "كانت الدول القوية أكثر من اللازم أكبر تهديد للامن الدولي." ومضى يقول "ولكنني أزعم أنه في القرن الحادي والعشرين فان الدول الاضعف من اللازم تشكل نفس القدر من التهديد على الاقل."

وقال "رغم أنه يوجد لدينا الان جيش يدرك أنه في حاجة لان يبني ويحمي لكننا لم ننشيء بعد الجيش الذي يمكنه أن يفعل هذه الاشياء."

مرض حرب الخليج "له علاقة بمواد كيماوية"

من جهة اخرى كشفت دراسة أمريكية وجود صلة بين الأعراض المرضية التي يتعرض لها بعض الذين قاتلوا في حرب الخليج ومواد كيماوية تعرضوا لها.

أجرت الدراسة لجنة كلفها الكونجرس الأمريكي لبحث أمراض حرب الخليج.  وقامت اللجنة بدراسة أكثر من 100 بحث حول الموضوع.

ووجدت الدراسة أن ثلث المشاركين في الحرب التي دارت عام 1991 قد عانوا من الضعف العام، وآلام في المفاصل والعضلات، ومن اضطرابات في النوم، وظهور طفح على الجلد والمعاناة من مصاعب في التنفس.

وكشفت اللجنة صلة هذه الأعراض ببعض المجموعات من المواد الكيماوية. وهذه المواد هي مادة تعطى للجيش ضد غاز الأعصاب، ومبيدات حشرية تستخدم لمكافحة ذباب الرمل، وغاز الأعصاب الذي قد يكون الجنود قد تعرضوا له خلال تدمير مخازن للأسلحة. بحسب بي بي سي.

وتقول بياتريس جولومب كبيرة العلماء في اللجنة إن التعديلات الوراثية تجعل بعض الناس أكثر عرضة للإصابة بتأثير هذه المواد. وتضيف أن هؤلاء يصابون بالمرض فور تعرضهم لهذه المواد.

وقالت جولومب لوكالة رويترز للأنباء "إن أدلة عديدة تربط بقوة بين مجموعة من الكيماويات (مثبطات أسيتايل كولينستيريز) بالأمراض التي أصابت محاربين في حرب الخليج".

واشارت جولومب إلى أن الأنظار قد تركزت بشدة على العوامل النفسية في هذه الأمراض.

وأضافت "غير أن الحرب البرية في هذه الحرب، وعلى عكس ما يدور حاليا في العراق، لم تدم أكثر من أيام فقط".

وأوضحت جولومب التي تعمل في جامعة كولومبيا بسان دياجو أن "العوامل النفسية لا تفسر الأمراض المفرطة التي نشهدها".

خمسة اعوام على الحرب والجنود الاميركيين يجددون خدمتهم

عندما خرجت اعداد من العراقيين في بغداد للترحيب بالقوات الاميركية التي اطاحت بنظام الدكتاتور صدام اعتقد جندي المشاة رودولف سانشيز ان العملية شكلت "نجاحا باهرا" وانه سيكون باستطاعته العودة الى بلاده لكنه جدد خدمته في العراق بعد خمسة اعوام على ذلك.

وفي الذكرى الخامسة للحرب لايزال هذا الجندي يخدم في العراق مثل الكثير من اقرانه فقد التحق مرة اخرى لفترة جديدة تستمر عامين اخرين على الاقل.

وقال سانشيز لفرانس برس، في احدى القواعد الاميركية قرب نهر الفرات في منطقة اليوسيفية (25 كلم جنوب بغداد) "ان شائعات راجت آنذاك حول عودتنا سريعا الى الوطن مقارنين ذلك بحرب الخليج" العام 1991.

واضاف "لم نواجه معارك كبيرة لدى تقدمنا باتجاه العراق من الكويت لذا اعتقدنا اننا سنعود جميعنا سريعا الى الوطن". ولا يزال دخول بغداد ماثلا في ذاكرة هذا الجندي وكان عمره وقتذاك 19 عاما وقد خرج لتوه من المدرسة.

وقال سانشيز صاحب الوجه الباسم وآمر سرية تضم 11 جنديا ان "كان الامر صدمة (...) فالمروحيات تحلق فوق رؤوسنا اثناء قصفها الاليات والمباني فيما كنا نسير في الطريق بينما كان عدد من العراقيين منشغلين بنهب المؤسسات". ويضيف "تخيل راينا رافعة شوكية تحمل ثريا كان شيئا يشبه الجنون".

وبعد ان ادرك العراقيون ان نظام صدام سقط تعاملوا مع القوات الغازية على انهم ابطال.

واوضح في هذا الصدد ان "الجنود اختلطوا مع السكان الذين كانوا يهتفون مايكل جاكسون ويحركون اكتافهم تشبها به".

بدوره قال السرجنت كريستوفر كولبرت احد اوائل الجنود الذين دخلوا العراق بناقلة جند مدرعة في 20 مارس/اذار 2003 "كنت سعيدا عندما تحركنا اخيرا".

ويضيف العسكري البالغ من العمر 30 عاما متذكرا تلك الفترة "كنا قد قضينا ستة اسابيع في الكويت بانتظار اشارة الانطلاق".

وتعرضت وحدته التي وصلت الى بغداد خلال ثلاثة اسابيع الى هجوم واحد من الجيش العراقي "قتلنا ثلاثة منهم وكان ذلك المواجهة الاولى لنا".

ويشرح كولبرت التطورات المتعلقة بدخول بغداد قائلا "كانت بعض الجسور مدمرة بسبب القصف الجوي ومبان تحترق شاهدنا الكثير من الناس ينهبون ويركضون في كل مكان".

بدوره يقول ايرك باديلا جندي اخر شارك في العملية "شاهدت آليات عسكرية مدمرة على جانبي الطريق".

ويضيف باديلا (25 عاما) انه نجا خلال مشاركته للمرة الثالثة في العراق ومرة اخرى في افغانستان من "الكثير من الكمائن والعبوات الناسفة". ويصف احد الكمائن التي تعرض لها في شمال العراق قائلا ان "وميض الرصاص كان ياتي صوبنا مثل المطر". وقد اعتقد هذا العسكري انه سيعود الى الوطن خلال مدة اقصاها ثلاثة اشهر.

واوضح باديلا الذي يعتقد ان الحرب لم تكن قرارا سيئا "قالوا لنا ان الحرب ستنتهي خلال ستة اشهر". كما يبدى كولبرت صراحة اكثر حول الاجتياح "اعتقد ان الحرب كانت فكرة جيدة جدا سمحت للعراقيين بتغيير الحكومة وان يكونوا احرارا ليفعلوا ما يريدونه" مضيفا انه شعر "بالاعتزاز" كونه وصل الى بغداد قبل خمس سنوات.

اما السرجنت فنسنت ادلر فيفضل عدم الخوض فيما اذا كانت الحرب فكرة جيدة ام لا. ويقول "لم افكر في هذا الامر مطلقا هذه المسألة لا تعنيني حتى ونحن ندخل بغداد توقعت اننا سنبقى في هذا البلد لفترة طويلة".

وينتشر هؤلاء الجنود في منطقة رشيد الملا وهي حزام زراعي جنوب بغداد منذ ستة اشهر وهم حاليا في مامن من القاعدة ويعملون على ضمان امن المنطقة بصورة يومية عبر تسيير دوريات واقامة حواجز تفتيش يديرها عناصر مجلس الصحوة.

وعندما لا تكون هناك دوريات يقضون اوقاتهم في استطلاع حاجات السكان محاولين التاكد من حصولهم على الكهرباء والماء كما يقدمون دعما للسلطة المحلية من اجل اعادة عمل المدارس ودائرة الصحة.

ويقول الكابتن كليف ماركز "اعتقد ان الناس في هذه المنطقة يفضلون مساعدات مدرسية على سقوط قنابل على منازلهم. كما اعتقد انهم عندما يفكرون في الامر يشعرون بسعادة غامرة حيال الوضع الامني".

ويؤكد كولبرت سروره بالابتعاد عن خطوط المواجهة بعد تعرضه الى كمين واطلاق نار مما يسمه بتمضية اوقاته في مساعدة المجتمع.

ويقول مبتسما "افضل ركل الابواب وتدمير المنازل (...) لكن احاول التفكير كيف سيكون عليه الامر اذا تعرضت بلادي للغزو. لذا اقوم بمساعدة العراقيين على اعادة اعمار بلدهم".

حصيلة الخسائر

منذ بدء العمليات العسكرية في العشرين من اذار/مارس 2003 بلغت خسائر قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة 4298 قتيلا بينهم 4000 اميركيا.

وبين القتلى 175 بريطانيا و133 من سائر الوحدات الاجنبية المشاركة في عملية "الحرية للعراق" حسب تعداد لوكالة فرانس برس وفقا لموقع الكتروني مستقل.

وقضى 40 بالمئة من هؤلاء خلال هجمات غالبيتها العظمى تفجير عبوات ناسفة تستهدف الدوريات المؤللة واو الراجلة طبقا للموقع ذاته.

وتكبد العبوات الناسفة الخارقة للدروع القوات الاميركية خسائر جسيمة الامر الذي دفع بوازرة الدفاع الاميركية الى نشر آليات عسكرية من طراز جديد اكثر تحصينا.

وكان العام 2007 الاكثر دموية بالنسبة للجيش الاميركي بمقتل 901 عسكري يليه العام 2004 (849 عسكريا) والعام 2005 (846 عسكريا) والعام 2006 (822 عسكريا).

وقد قتل 3854 عسكريا اميركيا منذ ان اعلن الرئيس جورج بوش في الاول من ايار/مايو 2003 من على متن حاملة الطائرات ابراهام لنكولن "انتهاء العمليات العسكرية". وللمقارنة فقط قتل 58 الف عسكري اميركي خلال حرب فيتنام (1964-1973).

وحتى الان ما يزال تشرين الثاني/نوفمبر 2004 ابان الهجوم على الفلوجة الشهر الاكثر دموية حيث قتل 137 عسكريا. وقضى 87 عسكريا منذ مطلع السنة الحالية.

وتشكل نسبة الجنود المتوفين لاسباب لا علاقة لها بالمعارك مثل حوادث الطرق والمرض والانتحار 818% من الخسائر. وتشير الارقام الى انتحار 145 جنديا في العراق.

وخلافا للفكرة السائدة يشكل البيض ما نسبته 75% من القتلى يليهم المتحدرون من اصول اسبانية (7210%) ثم السود (49%). وبين الضحايا 102 امراة اي ما نسبته 238% من الخسائر.

والغالبية العظمى من القتلى (77%) تقل اعمارهم عن الثلاثين عاما. وتتصدر ولاية كاليفورنيا لائحة القتلى (425 عسكريا) تليها تكساس وبنسلفانيا.

وخلال خمسة اعوام قتل العدد الاكبر من العسكريين في محافظة الانبار (1282) المعقل السابق للمقاتلين السنة قبل ان يسودها الهدوء وبغداد (1244).

أمريكا تبحث عن عرب لجيوشها

وتحاول واشنطن جاهدة تعزيز قواتها المسلحة بعدد من الناطقين باللغة العربية، وذلك مع تزايد "مهمات" جيوشها في المنطقة، وخاصة في العراق، حيث تشتد الحاجة إلى وجود عناصر من أصول عربية للتفاهم مع السكان وبناء الثقة.

وتشير التقارير إلى أن الجيش الأمريكي ينشط بصورة كبيرة حالياً في مدينة ديترويت ومحيطها، حيث يقطن أكثر من 300 ألف عربي لتجنيد أكبر عدد منهم في صفوف وحداته، إلا أن مواقف السكان تتباين حول ذلك، إذ يرحب البعض بالتطوع في الجيش - وإن سراً- للتغلب على المصاعب الاقتصادية.

بينما يرفض آخرون بصورة قاطعة، قائلين إن ارتداء زي الجيش الأمريكي سيجعلهم محل انتقاد واسع من قبل المحيطين بهم، وسيتهمون مباشرة بأنهم "خونة" يقتلون "أبناء جلدتهم" في العراق.

وتوزع القوات المسلحة الأمريكية آلاف المنشورات الدعائية والملصقات في شوارع ديترويت وعموم ولاية ميتشغن، في مسعى منها لجذب السكان المنحدرين من أصول عربية إلى صفوفها.

وعلى منشور يتم توزيعه باللغة العربية، ورد الإعلان التالي: "في أرض عامرة بالفرص، هذه واحدة منها ربما لم تخطر لك على بال، وظيفة في الجيش الأمريكي.. اتصل بمُنى."بحسب CNN.

وفي هذا الإطار، تقول مُنى مكي، وهي مرشدة اجتماعية وخبيرة لغوية تعمل مع إحدى الشركات التي تتولى تأمين توفير جنود للجيش الأمريكي إن استقبال دعوات التجنيد في صفوف المنحدرين من أصول عربية بات "أكثر إيجابية" رغم أن الأمر كان صعباً للغاية في البداية، غداة التدخل العسكري الأمريكي في العراق.

أما حسن جابر، وهو مدير تنفيذي بمركز "المجتمع العربي للخدمات الاقتصادية والاجتماعية" في ديربورن فيقول إن الجيش الأمريكي نجح بالفعل في بناء مصداقيته بين ذوي الأصول العربية، وإن كان الإقبال على التطوع في صفوفه ما يزال خجولاً نوعاً ما.

ويوضح جابر قائلا: "بحسب علمي، فإن الذين يوافقون على هذه الوظائف (في الجيش) يفعلون ذلك سراً.. قد يسبب هذا العار لهم.. ومعظم الذين يوافقون على هذه الفرص يفعلون ذلك بدافع الحاجة المادية، وليس لأنهم يعتقدون بالضرورة بأن الحرب مبررة."

من جهته، قال الرقيب ماريو بنديراس، 39 عاما، وهو من أصول لبنانية، خدم في العراق عام 2005 قبل أن ينضم إلى الوحدات المكلفة البحث عن مجندين جدد: "كنت أعتقد أن بوسعي التحدث إلى هؤلاء الأشخاص (المنحدرين من أصول عربية) وأقنع اثنين أو ثلاثة منهم يومياً بالانضمام إلى الجيش.. لكن هذا لم يحدث."

وأضاف بنديراس، وهو مهندس معماري سابق يتقن ست لغات، وقد منحه الجيش أسماً مستعاراً كونه عمل معه كمترجم: "عندما يراني الناس هنا مرتدياً الزي العسكري يقولون لي: هل أنت في الجيش الأمريكي؟ هل أنت في العراق تقتل أبناء جلدتك؟" وفقاً لأسوشيتد برس.

ولكن الجيش الأمريكي نجح خلال العامين الماضيين في اجتذاب العدد الذي كان يرغب به من المترجمين، فقد جنّد عام 2006 زهاء 277 منهم، بينما جنّد عام 2007 أكثر من 250 شخصاً.

ويقول بعض وجهاء الجالية العربية في الولايات المتحدة إن عمليات التجنيد بدأت تنجح في استقطاب الشبان بسبب الأوضاع الاقتصادية، إذ تؤمن الوظيفة العسكرية دخلاً ثابتاً في نهاية كل شهر.

ورغم أن العديد من المجندين العرب في صفوف الجيش الأمريكي رفض الحديث خوفاً من انكشاف هويته، إلا أن بعضهم، مثل سليم الأميري، شرح دوافعه بالقول: "لا يوجد خيار، بالكاد يمكن العثور على وظيفة اليوم، لقد أنهيت دراستي الثانوية وأرغب في دخول الجامعة وأنا بحاجة للمال."

ولكن بنديراس يشدد على أن التجنيد الصحيح يستدعي ألا يصار إلى التركيز على البدل المادي الذي سيحصل عليه المجند، بل شرح حقيقة المهمة التي سيقوم بتنفيذها كمترجم.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 26 آذار/2008 - 18/ربيع الاول/1429