الوجه الكالح لقوانين الطوارئ: فرض القانون على حساب الحريات المدنية

شبكة النبأ: تستطيع الحكومات احلال الامن بالقوة تجاه من يتجاوز على القانون ولكن ان تتعدى السلطات على الحريات المدنية بمنعها من ممارسة حقوقها، ومنها العصيان المدني، بحجة قوانين الطوارئ، فهذا امر لن يجلب إلا المزيد من التعنت والعِناد بل انه قد يكون مدعاة لولوج الاخرين الى تصعيد اكبر.

ففي تطور مثير للإنتباه وعلى مساس مباشر بحقوق الانسان، قالت قيادة عمليات بغداد لخطة فرض القانون بأنها بدأت بتطبيق قانون مكافحة الإرهاب العام رقم 13 الصادر عام 2005 اعتبارا من، الاثنين، ارتباطا بقيام مجموعات مسلحة بتوزيع "منشورات تهديد" تدعو للعصيان المدني العام.

ويأتي هذا البيان الذي أذيع صباح الثلاثاء من قناة (العراقية) بعد أن أعلن مسؤولون في التيار الصدري الدعوة لعصيان مدني مفتوح  بدأت علائمه في أحياء غربي بغداد الشرطة ، البياع ، العامل ، الرسالة.

ووصف مراسل وكالة أصوات العراق، الحياة العامة في هذه الأحياء بأنها شبه متوقفة، حيث أغلقت المحلات التجارية وانعدمت الى حد بعيد حركة السير بعد ظهور حواجز يعتقد بأنها تابعة للتيار الصدري تمنع حركة المركبات وتخلي الكراجات من السيارات.

وأوضح أن الموظفين لم يلتحقوا بدوائرهم كما مكث الطلاب في بيوتهم "خوفا من أحداث عنف" كما قال أحد الآباء. ولوحظ انتشارا كثيفا لقوات الجيش العراقي والمغاوير في أحياء البياع والعامل.

شهود عيان: تنفيذ العصيان المدني في عدد من احياء بغداد 

وذكرشهود عيان من اهالي جنوب غربي بغداد أن حركة سير المركبات شبه معطلة في عدة مناطق  استجابة لما دعا اليه مكتب الشهيد الصدر في جانب الكرخ من بغداد بتنفيذ العصيان المدني على خلفية الاعتقالات والمداهمات التي تنفذ في تلك المناطق بحق ابناء التيار الصدري.

وقال احد شهود العيان من أهالي حي الجهاد، طلب عدم ذكر اسمه ان " المحال التجارية اغلقت بالكامل في الحي والمناطق المحيطة بها , وعطلت المدارس الابتدائية والثانوية ومديريات التربية , والدوائر الخدمية."

وقال شاهد عيان آخر من اهالي حي ابو دشير جنوبي بغداد, ان " سيارات مدنية تحمل على اسطحها مكبرات صوت طالبت السكان بتنفيذ العصيان المدني , بعد ان اغلقت منافذ الحي , ومنعت خروج السيارات المدنية والحكومية والمشاة الى خارج تلك الاحياء."

وأضاف ان " الدوائر الخدمية والمحال التجارية عطلت تماما , وكذلك الاسواق الشعبية , مشيرا إلى أن اهالي المنطقة لجأوا الى تخزين المواد الغذائية منذ ليلة أمس تحسبا لاستمرار العصيان."

 وأوضح ان " المتحدث عبر مكبرات الصوت أوضح ان العصيان سيستمر لحين تنفيذ الحكومة المطالب التي تقدم بها مكتب الصدرفي بغداد الرصافة."

شاهد اخر من اهالي حي العامل قال ان " العصيان شارك فيه مواطنين من اهل السنة تضامنا مع التيار الصدري, كون الاعتقالات والمداهمات تشمل احيائهم او محال سكانهم ايضا."

وشهدت مناطق الشرطة الرابعة والشرطة الخامسة خلال الاسبوع الماضي مواجهات مسلحة بين قوات حكومية وجماعات مسلحة راح ضحيتها عدد من المدنيين بين قتيلا وجريح, واعتقال عدد كبير من ابناء التيار الصدري , بعد حملة اعتقالات نفذتها قوات الامن العراقية, على خلفية المواجهات.

وكان مازن الساعدي مدير مكتب الشهيد الصدر في جانب الكرخ ببغداد قد طالب الحكومة  في بيان ألقاه أمام الصحفيين في مكتبه بحي الشعلة بشمال غرب بغداد يوم الاحد بالعمل على " ايقاف المداهمات والاعتقالات العشوائية التي تستهدف أبناء التيار واطلاق سراح المعتقلين منهم وتقديم اعتذار رسمي على ماجرى من تجاوزات."

وهدد الساعدي الحكومة في حالة عدم تنفيذ هذه المطالب "خلال مدة أقصاها 24 ساعة باللجوء لخيارات عدة للرد أهونها الاعتصامات والعصيان المدني."

ويتهم قادة التيار الصدري قوات الأمن العراقية والقوات الأمريكية بتنفيذ حملة مداهمات واعتقالات واسعة استهدفت أبناء التيار في أعقاب الأحداث الأمنية التي شهدتها مدينة كربلاء في أواخر اغسطس اب الماضي والتي أسفرت عن مقتل واصابة العشرات.

واوضح الساعدي  ان الاعتصامات " بدات الاثنين في بعض مناطق الكرخ وستنتقل الى مناطق اخرى خاصة في جانب الرصافة من بغداد اضافة الى بعض المحافظات الاخرى اذا لم تكن هناك استجابة من قبل الحكومة لهذه المطالب " مؤكدا ان التيار الصدري سيلجا الى خيارات اخرى اذا لم تستجب الحكومة لمطالب التيار الصدري. ولم يشر الساعدي الى طبيعة هذه الخيارات.

وعن التزام التيار الصدري بقرار التجميد الذي اعلنه السيد مقتدى الصدر في حال عدم استجابة الحكومة للمطالب قال الساعدي " هذا الامر عائد الى سماحة السيد مقتدى الصدر." واضاف " اننا لا نتحرك الا باوامر السيد مقتدى الصدر" مؤكدا ان التيار الصدري ملتزم بقرار التجميد.

الدباغ: الاعتصامات طريقة سلمية للتعبير والانتماء للتيار الصدري لا يعطي حصانة 

من جهته قال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أن الأعتصامات التي يقوم بها أتباع التيار الصدري هي طريقة سلمية وجيدة للتعبير عن المطالب، ومطالب التيار الصدري تتعلق بالقضاء والقضاء سلطة مستقلة وندعو الجميع للأمتثال للقانون ، موضحا أن الانتماء للتيار الصدري لا يعطي حصانة لخرق القانون.

وأوضح الدباغ لوكالة أصوات العراق أن " الاعتصامات التي يقوم بها أتباع التيار الصدري هي طريقة سلمية وجيدة للتعبير عن المطالب التي يطرحها الأخوة في التيار الصدري وهي تتعلق بالسلطة القضائية والسلطة القضائية سلطة مستقلة، وهي تراجع الأن موضوع المعتقلين والموقوفين والمحاكمات بناءً على قانون العفو العام وسوف تطلق سراح المشمولين بالعفو بموجب القانون."

وأضاف " نحن نطلب من الجميع الامتثال للقانون والدولة لا تملك غير تطبيق القانون على الجميع، ولن تسمح الدولة لأي شخص ان يخرق القانون ويهدد امن وسلامة المجتمع، ونحن ندعو الجميع والأخوة في التيار الصدري الى التزام الحكمة والهدوء في التعامل مع هذه القضية."

وأكد أن " الحكومة عندما تريد تطبيق القانون لا تأخذ في الاعتبار الى من ينتمي الشخص، والمعيار هو خرق القانون او عدمه وليس المعيار هو انتمائه لتيار او عدم انتمائه للتيار، والانتماء للتيار الصدري لا يعطي حصانة لمن يخرق القانون."

وعن تزامن اعتصامات أتباع التيار الصدري مع العمليات التي اعلنها رئيس الوزراء في البصرة وعلاقتها قال الدباغ إن " العملية الأمنية في البصرة هي ضد كل من يخرق القانون ويخرج عنه وضد العصابات التي تمس أمن المواطن في البصرة ونحن نرباء ان يكون التيار الصدري من هذه الجماعات والسيد مقتدى الصدر طلب من كل أتباعه أن يمتثلوا للقانون والا يواجه القوات الوطنية العراقية ونعتقد ان من يخلف أوامر السيد مقتدى الصدر هي مجموعات خارج التيار الصدري وضد القانون."

الصدريون يهددون بوقف اعتقال أنصارهم أو الرد

وطالب مسؤولون كبار في التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين مقتدى الصدر الحكومة العراقية بوقف حملات المداهمة والاعتقالات التي تستهدف أتباع التيار "وخلال أربعة وعشرين ساعة" مهددين بالرد في حالة تجاهل مطالبهم.

وانتقد مازن الساعدي مدير مكتب الشهيد الصدر في منطقة الشعلة والتي تعتبر احدى معاقل ميليشيا جيش المهدي "صمت" الحكومة العراقية إزاء عمليات المداهمة والاعتقال التي تستهدف اتباع التيار والتي اتهم القوات الامريكية والعراقية بتنفيذها.

وقال ان هذه العمليات تجري "وسط صمت حكومي مريب يشعر بالاشتراك في هذه المؤامرة التي تشترك بها عدة أطراف." وأضاف الساعدي ان الغاية من هذه العمليات "عزل وتصفية التيار الصدري."

وطالب الساعدي في بيان ألقاه أمام الصحفيين في مكتبه بحي الشعلة بشمال غرب بغداد الحكومة العراقية بالعمل على "ايقاف المداهمات والاعتقالات العشوائية التي تستهدف أبناء التيار .. واطلاق سراح المعتقلين منهم.. وتقديم اعتذار رسمي على ماجرى من تجاوزات."

واتهمت اطراف حكومية وسياسية ميليشيا جيش المهدي بالوقوف وراء تلك الأحداث.

وكان مقتدى الصدر قد أصدر الشهر الماضي أمرا بتمديد قراره القاضي بتجميد ميليشيا جيش المهدي ستة أشهر أخرى عقب انتهاء فترة التجميد الاولى التي أصدرها بعد أحداث اغسطس اب الماضي.

وعاد الصدر بعد اعلان فترة التجميد الثانية ليعطي الضوء الأخضر لاتباعه بالدفاع عن أنفسهم أمام العمليات التي تشنها ضدهم القوات الحكومية والامريكية.

ومنذ ذلك الحين شهدت مدينة بغداد زيادة ملحوظة في العمليات المسلحة والتي كانت حدتها قد هدأت بشكل كبير خلال الأشهر الماضية.

معارك عنيفة في البصرة بين جيش المهدي والقوات الحكومية

وفي تطور خطير تدور معارك عنيفة في البصرة (جنوب العراق) بين قوات الامن العراقية ومقاتلي الميليشيا الشيعية جيش المهدي حسبما ذكر مراسل لوكالة فرانس برس في المدينة بينما تحدث مصدر طبي عن جرح عدد كبير من المدنيين.

واكدت الشرطة ان عملية بدأت ليل الاثنين الثلاثاء ضد حي التميمية معقل ميليشيا جيش المهدي التابعة لرجل الدين مقتدى الصدر في المدينة.

واعلن الجيش البريطاني في البصرة ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يشرف شخصيا على العمليات. وقال الميجور توم هولواي المتحدث باسم الجيش البريطاني لوكالة فرانس برس: ان المالكي "قدم الى البصرة من بغداد امس (الاثنين) برفقة وفد ويشرف حاليا على العمليات العسكرية من داخل احدى القواعد العسكرية العراقية". واضاف "نحن بانتظار معلومات اضافية حول العملية حاليا".

واكد مسوؤل عسكري بريطاني اخر ان "القوات البريطانية لا تشارك في هذه العملية" قائلا ان "العملية عراقية فقط".

وذكر شهود عيان ان "الاشتباكات امتدت الى مناطق الحيانية والخمسة ميل والجمهورية (وسط) بالاضافة الى المعقل والجنينة والكزيزة شمال (المدينة)". وتعد هذه المناطق معاقل جيش المهدي في البصرة. واكد مصدر طبي من مستشفى التعليمي في البصرة ان "المستشفى استلم كثيرا من الجرحى المدنيين".

وكان مسؤول عراقي اعلن ان السلطات فرضت مساء الاثنين حظر التجول في محافظة البصرة في اطار عملية امنية تقوم بها الشرطة والقوات المسلحة.

واعلن الفريق الركن موحان الفريجي قائد المنطقة الامنية جنوب العراق ان حظر التجول يمنع تنقل اي الاشخاص والسيارات بين الساعة 22,00 بالتوقيت المحلي (19 تغ) و 06,00 (03,00 تغ) حتى اشعار اخر.

واوضح اللواء في مؤتمر صحافي في البصرة المطلة على الخليج والتي تبعد 550 كلم جنوب بغداد ان العملية الامنية تهدف الى "فرض القانون وطرد المجرمين".

واكد انه سيحظر دخول السيارات القادمة من المحافظات المجاورة الى البصرة موقتا بين مساء الاربعاء والجمعة وستعلق الدروس في المدارس والجامعات من الثلاثاء الى الخميس.

واعلن اللواء حظر التجول بعد زيارة رئيس الوزراء الى البصرة الاثنين. وفور وصوله الى البصرة وجه المالكي رسالة الى الاهالي اكد فيها ان "الحكومة الاتحادية وشعورا منها بالتزاماتها القانونية بدعم الحكومة المحلية في البصرة عقدت العزم وبحزم على اعادة الامن والاستقرار وفرض القانون في المدينة".

واوضح المالكي ان المدينة "تتعرض لحملة ظالمة وقاسية متعددة الاطراف والابعاد داخليا وخارجيا تستهدف امنها واستقرارها".

واشار الى "استهداف رموزها العلمية والاجتماعية والروحية وحتى البسطاء من الناس رجالا ونساء" موضحا ان هذا "العمل الخارج عن القانون اخذ يتستر بغطاءات دينية سياسية او غيرها".

وتابع ان "عمليات لتهريب النفط ومشتقاته والاسلحة والمخدرات وممنوعات اخرى صاحبت ذلك موضحا ان هؤلاء الخارجين عن القانون وجدوا من يقدم لهم الدعم والمساندة من داخل اجهزة الدولة وخارجها ترغيبا او ترهيبا".

واضاف ان ذلك "عزز تفشي الجريمة والتهديد بالقتل والخطف وغيرها وهو ما جعل من البصرة مدينة لا يأمن المواطن فيها حياته وماله ومما اثر سلبا على تسريع الخدمات والبناء والاستثمار".

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 26 آذار/2008 - 18/ربيع الاول/1429