الانتحاريات.. أسلوب القاعدة الجديد

شبكة النبأ: أثارت قضايا القاعدة انتقادات الرأي العام العالمي ذلك لما تنمه وتتبناه توجهاتها من عنف وإراقة الدماء خصوصا بعد الحرب في العراق، وكيفية استخدام هذا العنف ضد المواطنين الابرياء بزعزعة الامن وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار، أما عن كيفية نظر القاعدة الى افراد المجتمع وخصوصا المرأة فيه، ففي افغانستان حُرمتْ المرأة هناك من ابسط حقوقها ومتطلباتها الاجتماعية واعتبارها كائن أدنى لايحق لها العيش الكريم واتخاذ القرار.

والغريب في الامر ان القاعدة تسعى اليوم لأن تساوي بين الرجل وهذه المرأة، ولكن عن طريق الجهاد لا الحقوق، الجهاد الذي يعتبرونه هم، ذلك بعد استخدامها في بعض عمليات انتحارية تعد الاخطر بين صفوف المدنين والابرياء العزل.

فالقاعدة أعادت برمجة حاساباتها هذه بعد الخذلان الذي منيت به إثر ترك بعض افراد جماعتها لها ونبذ فكرها المتطرف بعدما لحقتهم الاضرار المباشرة منها.

هذا التقرير الذي نشرته وكالة اصوات العراق يتحدث عن التحول في مسرى العنف في العراق، بعد استخدام المرأة كسلاح آخر للجماعات الإرهابية مرفقا ببعض التقارير والتحليلات الميدانية والنفسية.

القاعدة في إعادة صياغة المرأة وفق المنهج التكفيري

إنسلت انتحارية كربلاء بعباءة سوداء تغطي حزامها الناسف وسط حشد مزدحم من الزوار في منطقة المخيم ( 300 متر عن مرقد الإمام الحسين ) وفجرت نفسها وسط الحشد. والنتيجة 47 قتيل و75 جريح من الزوار المدنيين في أول إحصائية.

ولم يعلن حتى الآن اسم وهوية الانتحارية، وهي السادسة خلال الأشهر الثلاثة من هذا العام، لكنها تبين ارتفاعا واضحا في ظاهرة تجنيد النساء واستخدامهن في هجمات انتحارية. فقد رفعت انتحارية كربلاء عدد النساء اللواتي نفذن هجمات انتحارية الى (19) منذ نيسان 2003 ولغاية يومنا هذ بحسب احصائية للجيش الامريكي.

ما الذي يدفع القاعدة لتجنيد الانتحاريات، وما الذي يدفع المرأة، وقد تكون أما، لأن تنتحر وتنحر أناسا لا علاقة لهم بالعنف السائد.

إذا رجعنا الى خطابات القاعدة، والزرقاوي بالتحديد، سنجد أن الموقف كان مزدوجا، بين الفخر والشعور بالعار.

فقد دشن تنظيم القاعدة فتواه باستخدام النساء في العمليات الانتحارية بنشره بيانا نعى الزرقاوي فيه على موقع إلكتروني على شبكة الإنترنت مفجرة انتحارية قامت بتفجير حزام ناسف بمجموعة من متطوعي الجيش العراقي في منطقة القائم على الحدود العراقية السورية بالقول: اللهم تقبّل أختنا بين الشهداء. فقد دافعت عن عقيدتها وشرفها، على حد قوله.

وبعد تنفيذ الانتحارية البلجيكية موريل ديغوك لعملية انتحارية نشر موقع انترنيت على رسالة موقعة من الزرقاوي وجه في نهايتها سؤالاً: ألم يعد هناك رجال بحيث أصبح علينا تجنيد النساء؟ أليس من العار على أبناء أمتي أن تطلب أخواتنا القيام بعمليات انتحارية بينما ينشغل الرجال بالحياة؟ بحسب اصوات العراق. 

ويبين الباحث الاجتماعي فارس العبيدي بأن المجتمع العراقي في طبيعته متحفظ على مشاركة المراة في الحياة العامة. ولذلك يرى العبيدي ضرورة دراسة الظاهرة من خلال نظرة موضوعية لا تكتفي بمجرد الاستنكار.

ويفسر سبب استخدام النساء بانهن غير مشكوك بامر قيامهن بهكذا نوع من العمليات ولا يخضعن للتفتيش، وهذا يجعل استخدامهن أسهل من الرجال.

وشدد العبيدي على اهمية دراسة الاسباب الكامنة وراء الاشتراك، علما ان أغلب الانتحاريات من محافظتي الانبار وديالى حيث ينشط تنظيم القاعدة من جهة وتكثر عمليات القتل لافراد التنظيم اثر العمليات العسكرية من جهة اخرى.

ويربط الباحث هذه الظاهرة بانتشار ظاهرة التشدد الديني. وقد أظهر تقرير التوازن العسكري لعام 2008 الذي يصدره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن العراق احتل رأس قائمة الدول التي توجد فيها جماعات متشددة، إذ يشير التقرير إلى وجود 30 جماعة متشددة ناشطة، وبين التقرير استخدام  النساء في العمليات اللوجستية مثل استكشاف المكان أو إيصال القنبلة، لكن التغير الذي حدث في العراق بحسب التقرير هو صدور فتوى تقول ان للنساء نفس حقوق الرجال في قضية الجهاد.

الناشطة في مجال حقوق المراة صبا خالد تفسر فتوى التنظيم مبينة: أن للنساء نفس الحقوق في الموت وليس لهم نفس الحقوق في الحياة؟ وتضيف، بان تنظيم القاعدة معروف بتشدده نحو المراة، خاصة بممارستها لعملها او اكمالها لتعليمها ويقر بتزويجها في عمر الطفولة، لذلك كانت الفتوى التي اباحت العمليات الانتحارية مدعاة للتساؤل من كل المهتمين بحقوق الانسان في العراق، حيث ساوى التنظيم لاول مرة بين المراة والرجل، لكن بشكل سلبي، ففي  مفهومهم لديهم مواضيع معينة ومحظورات معينة لا يجب على المرأة أن تقوم بها، لكن الظاهر إنه بقضية العمليات الانتحارية تم تجاوز هذه العقبة.

المستشار في وزارة الدفاع محمد العسكري يحيل سبب استخدام الانتحاريات الى انحسار تاثير القاعدة على الشارع العراقي. ويعتبر استخدام النساء نوعا من القيمة الدعائية أكثر من القيمة الميدانية فمن خلال استخدام النساء تريد القاعدة، والحديث للعسكري، أن تشعر الرجال بالعار فالنساء تقاتل والرجال غافلون عن الحرب.

وكان بيان للجيش الامريكي اعلن في الاول من آذار الجاري عن اعتقال قائد خلية تابعة لتنظيم القاعدة يقوم بتجنيد وتدريب نساء لتنفيذ عمليات انتحارية، من بينهن زوجته، خلال عملية نفذتها شمال خان بني سعد العائدة لقضاء بعقوبة بديالى.

واوضح البيان: ان المعتقل استخدم زوجته وامراة اخرى لاعدادهن لتنفيذ عمليات انتحارية باحزمة ناسفة. معتبرا بان هذه اشارة على ان تنظيم القاعدة يخطط لمواصلة استخدام نساء في تفجيرات انتحارية.

لكن عطا يكشف بأن التحقيقات الاولية بينت بان النساء قد لايعرفن احيانا انهن سيستخدمن كقنابل بشرية، وضرب عطا مثلا عن ذلك بالهجومين الانتحاريين في سوق الغزل وبغداد الجديدة اوائل العام الحالي، حيث كانت المراتين مختلتين عقليا، وتابع، لكن الغالبية تقوم بالعمل بارادتها، وهي تعي ما تفعل تماما اما لاعتقادات دينية خاطئة بان ما تقوم به جهاد في سبيل الله او نتيجة لفقدان الزوج او احد افراد العائلة.

حتى الآن ما زال عدد الانتحاريات قليل قياسا بالانتحاريين. فلم يتعد عدد التفجيرات التي قمن بها ال15 من اصل 677 هجوما انتحاريا منذ عام 2005، اي إن النسبة هي 2 بالمئة من مجموع العمليات الانتحارية في العراق خلال هذه الفترة وكل هذه العمليات نفذها منتمون الى القاعدة، كما يقول عطا.

وتصاعد الظاهرة هذه دفع الحكومة لتجنيد النساء للعمل في الاجهزة الامنية بالشرطة. ويفسر عطا عملية الانتشار المكثف للمفتشات من النساء في الاسواق وكراجات النقل بقوله: نحن كخطة فرض القانون اقترحنا زيادة عدد النساء اللواتي يقمن بعمليات التفتيش للنساء بعد ان اصبح ضرورة. ويحدد عطا طبيعة النساء المشاركات في الخطة منهن متطوعات في وزارة الدفاع ضمن الوحدة العسكرية، واخريات ضمن دوائر الشرطة في وزارة الداخلية، الا ان هذا العدد لا يكفي، حسب عطا لمنع تنفيذ اعمال الارهابية من خلال عمليات التفتيش الاستباقية. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 23 آذار/2008 - 15/ربيع الاول/1429