بعد خمس سنوات.. الحرب في العراق مالها وما عليها

شبكة النبأ: بعد خمس سنوات من حرب العراق يعتقد كبار القادة في الجيش الأمريكي أنهم وصلوا الى أهدافهم بنجاح، جاء ذلك عبر الخطاب الذي أدلى به الرئيس الأمريكي عشية الذكرى الخامسة للحرب في العراق. غير ان الحليف الاكبر للولايات المتحد يرى غير ذلك اذ أعلن مؤخرا رئيس وزراء بريطانيا فتح تحقيق في مشاركة بلاده في هذه الحرب.

أما القادة العراقيون فيملؤهم التفاؤل بشأن بلادهم، خلاف ما يراه المواطن العراقي، فهو يعتبر ان الولايات المتحدة قد حققت مصالحها الخاصة بها، رغم اكاذيب وسيلتها في الاجتياح منها اسلحة الدمار الشامل، كما ويعتبر ان الولايات المتحدة هي امتداد لحكم الطاغية السابق، ويرى الشارع العراقي في قياداته السياسية عدم الكفاءة والخبرة، الى جانب التناحر الداخلي على السلطة متناسين بذلك مصلحة البلاد العليا وحياة المواطن العراقي.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تعرض لك اهم الجوانب والتداعيات عقب غزو العراق وما هو رأي السياسة العالمية والمراقبين الدوليين والسياسة العراقية في هذه الفترة إلى جانب ذلك بعض الاستطلاعات لمواطنين عراقيين:

خمس سنوات الوقت يداهم القادة العراقيين

حذر المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق ستيفان دي مستورا قادة العراق قائلا ان "الوقت ينفد" امامهم لكي يحلوا الخلافات التي تعرقل العملية السياسية.

وقال دي مستورا لوكالة فرانس برس: يجب ان يكون هناك المزيد من الحوار بينهم لان الوقت يضيق.

واضاف، نحن هنا للعمل مع العراقيين لكن عليهم ان يعلموا وهم يعلمون ذلك لكن علينا ان نذكرهم ان الوقت يضيق ويجب ان يتحركوا من تلقاء ذاتهم للعمل سوية.

وبمناسبة مرور خمسة اعوام على الحرب في العراق عبر دي مستورا عن اعتقاده ان عام 2008 سيكون حاسما بالنسبة للبلاد التي تمزقها الحرب. بحسب (الـ فرانس برس).

وتابع، ان تراجع اعمال العنف في البلاد يفسح امام العراقيين المجال لتمرير مشاريع القوانين المهمة التي قد تنهي النزاع الطائفي الذي اسفر عن مقتل عشرات الالاف.

واشار دي مستورا على وجه الخصوص الى مشروع قانون النفط المثير للجدل.

وأشار: ان العملية السياسية لم تاخذ الفرصة الكافية لكي تجعل قانون النفط والقوانين الاخرى تمضي قدما.

ومشروع قانون النفط موضع في ادراج مجلس النواب منذ اكثر من عام بسبب الخلافات الحادة بين الاحزاب الكردية والشيعية والسنية.

الطالباني وعودة الوحدة العراقية

بدوره اعلن الرئيس العراقي جلال طالباني عشية الذكرى الخامسة لاندلاع الحرب ان الغزو الاميركي للعراق في اذار/مارس 2003 انهى باطاحة نظام صدام حسين حقبة وحشية من التعذيب والاستبداد.

وقال طالباني في بيان: ان النظام الوحشي للطاغية سقط هذا النظام الذي حكم العراق لعقود عقود من الظلام والاضطهاد. بحسب وكالة فرانس برس

واضاف ان السجون في عهد صدام كانت مكتظة بسجناء ابرياء تعرضوا للتعذيب ولجرائم وحشية.

وقال: انتهك النظام السابق كل القيم الانسانية. لقد استخدم الاسلحة الكيميائية ضد النساء والاطفال والمسنين في حلبجة ونظم حملة الانفال الوحشية ضد الاكراد.

وأكد ان: تحرير قوات التحالف للعراق فتح المجال امام حقبة جديدة حقبة امل وحقوق ديموقراطية للشعب العراقي. واوضح، تخللت عقبات كثيرة هذه المسيرة التي انطلقت قبل خمس سنوات.

وخلص الطلباني الى القول: ان الرئاسة والشخصيات السياسية في العراق تبذل كل الجهود لمعالجة هذه المشاكل ونقل بلادنا الى بر الامان. معربا عن الامل في ان تسمح الرحلة التي بدأت قبل خمس سنوات بـ"عودة الوحدة الوطنية" الى البلاد.

عراقيون في إستطلاع يعتبرون بوش شبيها بنظام صدام

بعد خمس سنوات على الاجتياح الاميركي لبلدهم يرى عدد كبير من العراقيين ان "الانتصار" الذي تحدث عنه الرئيس الاميركي جورج بوش غير مكتمل بسبب فشل الولايات المتحدة في اعادة الامن واحلال الديموقراطية الموعودة.

وتقول نسرين محمد المدرسة في حي زيونة الراقي وسط بغداد ان: الانتصار الذي تحدث عنه بوش هو انتصار عسكري تمخض عن الاطاحة بنظام الدكتاتور صدام وهذا يحقق مصالح بلاده. وتضيف، لكن الرئيس الاميركي لا يعلم حتى الان مدى فشل جنوده في اعادة الاعمار.

وقد اطاح الاجتياح العسكري بالنظام السابق صدام الذي تم اعدامه في 30 كانون الاول/ديسمبر 2006 بعد ادانته في قضية مقتل 148 شيعيا في بلدة الدجيل اثر محاولة اغتيال تعرض لها هناك العام 1982.

من جهته يقول طارق المعموري رئيس تحرير "البلاد اليوم" الصحيفة السياسية المستقلة: الانتصار يقاس بعدد الاهداف التي اعلنت عنها الولايات المتحدة عند بدء الحرب وكم منها تم تحقيقها.

ويضيف، من الاهداف المعلنة لدى الاميركيين القضاء على نظام صدام حسين لامتلاكه اسلحة الدمار الشامل وعلاقته مع التنظيمات الاسلامية الارهابية والتي لم يستطيع الاميركيون لاحقا اثبات ايا منها. بحسب (الـ فرانس برس).

وتابع المعموري، ان السبب الاخر هو نشر الديموقراطية وهذا الامر تحقق من الناحية النظرية من خلال انتخابات ودستور وحرية الصحافة لكنه فعليا لم يتحقق لان الدولة لا تزال ضعيفة وعاجزة عن تحقيق الامن وتوفير المناخ الحر المناسب لممارسة العملية الديموقراطية.

ويؤكد انه لا يزال امام العراقيين معركة كبيرة يجب ان ينتصروا فيها وهي معركة القضاء على المليشيات وتشكيل قوى عسكرية ولاؤها للدولة وليس لجهة معينة ومعركة الفساد الاداري تمهيدا لبناء دولة حقيقة.

وتدل الجلسات الصاخبة لمجلس النواب العراقي على حجم الهوة بين مختلف الفئات وليس بين الطوائف والقوميات فقط انما داخل كل طائفة ايضا وخصوصا حين مناقشة مشاريع قوانين حيوية مثل النفط والغاز وغيره.

بدوره يقول ابو فراس الدراجي صاحب محل لبيع السجائر في شارع السعدون وسط بغداد ان: واشنطن حققت انتصارا بالسيطرة على المنطقة خصوصا وان العراق بلد استراتيجي لصد الخطر الايراني لقد حققوا مصالحهم فقط وليس مصالح الشعب العراقي.

ويتابع قائلا بحدة، ان بوش يتحدث عن انتصار لكنني اقول انه لم يتحقق شيئا سوى الدمار لهذا البلد حقق امرا واحدا هو القضاء على صدام الذي كان كاتما للحريات وقاتلا الناس.

ويضيف الدراجي، لكن الاميركيين يشكلون امتدادا له فالقرار بيدهم ولا يوجد اي سيادة للحكومة. ليس هناك انتصار لقد جلب الاميركيون امورا كانت بعيدة عنا. لم نعرف يوما الارهاب ولا القتل في الشوارع.

الذكرى الخامسة لحرب العراق وسط قلق شعبي وتفاؤل حكومي 

حتى بعد خمس سنين على انطلاقها مازالت الحرب على العراق تثير تداعيات دولية ومحلية فحين دافع الرئيس الامريكي جورج بوش عن قراره في شن الحرب واصفا اياها "امرا مستحقا" وعد رئيس وزراء بريطانيا الشريك الاكبر في الحرب بفتح تحقيق حول "قرار شن الحرب" الذي اتخذه سلفه توني بلير.

أما في العراق فقد مرت الذكرى الخامسة لبدء الحرب على العراق وسط تحفظ شعبي بشان ما تحقق حتى الان وتفاؤل حكومي لما ستاتي به الأيام القادمة.

الناشطة في مجال المجتمع المدني وحقوق المراة صبا النداوي تقول حول السنوات الخمس الماضية: لقد كانت سنوات مرة لم نذق فيها طعم السعادة مطلقا لاننا لم نحياها بصورة طبيعية. بحسب اصوات العراق.

وتضيف النداوي، حتى داخل المنزل لم تتركنا الكثير من المخاوف من سقوط قذيفة او مداهمة لافراد ينتحلون هوية عسكرية او جهة رسمية. وتتابع، وتظل المخاوف مرتبطة بخروجنا من المنزل حيث لا نامن على انفسنا كما يسهل التعرض لاطلاق نار عشوائي او متقصد او ربما لانفجار مفاجيء او اختطاف.

ورغم مرور سنوات خمسة على اندلاع الحرب وسقوط الالاف من الضحايا بسبب التفجيرات والاعمال المسلحة خلال هذه الفترة الا ان ذاكرة العراقيين مازالت تختزن احداث العشرين من اذار- مارس -2003.

فمع ان ابو نصير وهو من سكنة منطقة بغداد الجديدة، شرقي بغداد، يصف الاعوام الخمسة الماضية بـ"المتقلبة" الا ان ذكريات الحرب ظلت تستوقفه حتى يومنا هذا.

ويقول: عندما دكت القوات الامريكية خلال الحرب معسكر الرشيد القريب من بيتي اضطررت الى الفرار مع عائلتي واللجوء الى منطقة اكثر امنا وكانت بعقوبة ملاذا آمنا للآلاف من العوائل البغدادية.

 ويتابع، شاهدت من بعقوبة، 57 كم شمال شرق العاصمة بغداد، التمثال (تمثال صدام)  وهو يهوي في ساحة الفردوس غير مصدق، ويردف بقوله، لم نكن نعتقد آنذاك سوى انها ضربة اخرى كالتي اعتدنا عليها الهدف منها تدمير البنية التحتية مثل كل مرة.

اما ابو شهد الذي يتفق مع ابو نصير بوصف السنوات الخمسة بالمتقلبة، فانه يطرح للقضية وجها اخر يتمثل بما جرى بعد انتهاء العمليات العسكرية.

اذ يقول ابو شهد: هدات الاوضاع هنيهة بعد انتهاء العمليات العسكرية الا ان العمليات الارهابية بدات بعد مدة فتسببت باغلاقي لمحل عملي الكائن في ابو غريب الى الغرب من العاصمة.

ويستدرك، لم ينته الامر عند حد قطع موارد العيش فقد حصلت بعد مدة تهجيرات للسكان في منطقة سكني حي العدل، غربي بغداد، فنقلت عائلتي الى بيت والدي لاسكن غرفة واحدة بعد ان كنت امتلك منزلا تسكنه الآن عائلتين هجرتا بدورهما من منطقتي الشعلة  والحرية، شمالي غربي بغداد.

وحتى اولئك الذي حلموا برياح التغيير ابان حكم الرئيس السابق صدام حسين الذي اطاحت به القوات الامريكية اثر دخولها بغداد في 9 نيسان –ابريل- 2003، ابدوا تحفضا على ماجرى تطبيقه على ارض الواقع خلال ما فات من الوقت.

علي بدر الطالب في العلوم السياسية بجامعة بغداد يرى ان التعددية الحزبية السمة الاهم التي غلبت على الساحة السياسية ما بعد الحرب في العراق الا انه يعود ويعلن عن خيبة امله بالقول: الاحزاب السياسية جائت لخدمة نفسها وليس لخدمة العراق فتراهم في نزاع دائم.

ولما كان التحفظ طابعا طبع رؤى العراقيين الذين سكنوا جنباته قبل اذار-مارس 2003- فان المبعدين الذين رجعوا الى احضان وطنهم بعد غربة سنين وجدوا في السنوات الخمس فردوسهم الضائع.

وتقول سهاد محمد موظفة، والتي كانت مبعده الى خارج العراق بحجة انها من التبعية الايرانية: بالنسبة لنا نحن كشريحة كبيرة ظلمت وهضم حقها لسنوات عديدة نجد ان الخمس سنوات الماضية كانت على الرغم من الوضع الامني هي الافضل، لانها وحسب تعبيرها، انهت سنوات عديدة من الغربة خارج الوطن فقد كان من الصعب علينا ان نعتبر غير عراقيين ونحن لانعرف الا العربية لغة والعراق وطنا، واردفت، اشعر اني اليوم اصبحت لدي هوية ووطن.

وعلى مستوى المؤسسة الحكومية والتي تقر بصعوبة السنوات الماضية على حياة الناس في العراق فانها تنظر بتفاؤل كبير لما ستأتي به القادمة من الايام.

العميد قاسم عطا الناطق الرسمي باسم الخطة الامنية(خطة حفظ القانون) التي ابتدأت في بغداد منذ منتصف شباط –فبراير من العام الماضي- يرى ان الاوضاع الامنية في طريقها الى مزيد من التحسن في بغداد.

ويضف عطا: مضى اكثر من عام منذ بدء خطة فرض القانون والوضع الامني في تقدم مستمر. وتابع، العمليات الارهابية في انخفاض مشهود ومن خلال ملاحظاتنا للمخططات البيانية نجد ان هناك انخفاضا كبيرا خلال العام 2007 في حجم هذه العمليات اذا ما قورن بالعام 2006.

أغنى مدن العراق نفطيا وحالة عدم الإستقرار

قال مسؤولون وسكان في البصرة الغنية بالنفط جنوب العراق ان التدهور الامني الناجم عن التنافس بين الاحزاب الشيعية بات السمة الغالبة للمدينة التي تعيش حالة عدم استقرار منذ الاجتياح في اذار/مارس 2003.

وقال العميد احمد الساعدي من الجيش: ان الوضع الامني غير مستقر في جميع انحاء العراق وخصوصا في البصرة ثاني مدن البلاد ومنفذها البحري الوحيد لتصدير النفط الى الخارج.

وبرر المسؤول الامني سوء الوضع الامني في المدينة (550 كم جنوب بغداد) بافعال البعثيين لاجهاض العملية السياسية والنظام الديموقراطي الجديد.

من جهته قال صلاح البطاط عضو مجلس المحافظة: انتقلنا الى الحرية والتطلع الى الانسانية بعد سقوط النظام السابق. بحسب وكالة فرانس برس.

واضاف بحسرة، لكن للاسف الشديد لم يستمر فرحنا طويلا حيث تعاونت علينا وتكالبت كل الوحوش الكاسرة التي لا تريد للعراق الجديد وللديمقراطية النجاح وتسعى لاعادتنا الى الظلم عبر دوامة ارهابية.

وانتقلت محافظة البصرة من سلطة القوات البريطانية الى سيطرة القوات العراقية منتصف كانون الاول/ديسمبر 2007.

وينتشر حاليا خمسة آلاف جندي بريطاني في محيط مطار البصرة على بعد عشرة كيلومترات من المدينة حيث يتولون تدريب قوات الامن العراقية.

بدوره قال محمد سالم (32 عاما) وهو موظف حكومي من البصرة ان: اوضاعنا لم تتغير كثيرا فيما زلنا نعاني عدم توفر معظم الاشياء الضرورية لاستمرار الحياة. واضاف، ان التغيير الوحيد يتمثل برحيل صدام حسين لا اكثر. بحسب (ا ف ب).

من جهتها قالت ولاء صادق (21 عاما) الطالبة في كلية القانون ان الامن والامان مفقودان في البصرة. واضافت، تكثر الجريمة وتزداد معدلاتها خصوصا في الاشهر الاخيرة.

وتشهد البصرة نزاعا على النفوذ بين فصائل شيعية متنافسة خصوصا جيش المهدي بزعامة رجل الدين الشاب مقتدى الصدر والمجلس الاسلامي الاعلى في العراق بزعامة عبد العزيز الحكيم بينما يتولى ادارة المدينة مسؤولون من حزب الفضيلة الشيعي.

واشار الساعدي الى ان الوضع الامني كان جيدا بعد سقوط النظام مباشرة لكنه بدا يتدهور لاسباب عديدة بينها ارتفاع معدلات البطالة وتدخل دول الجوار بالاضافة الى عدم جدية التيارات السياسية بنزع اسلحتهم ما ادى الى تصاعد وتيرة اعمال العنف والاغتيالات والخطف.

ويقول مسؤولون ان هناك ما لايقل عن 40 حزبا او جهة تتحرك في المدنية الجنوبية المطلة على الخليج حيث يتم تصدير حوالى مليون و600 الف برميل يوميا من اجمالي صادرات البلاد البالغة نحو مليوني برميل يوميا تمثل المورد الرئيسي للبلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 23 آذار/2008 - 15/ربيع الاول/1429