هشاشة عظام البراديغم الديمقراطي

زهير الخويلدي

 صحيح أن العدالة ستعمل على حماية الحس المشترك من الانسياق الى العنف لكن بين دغمائية اليمين المحافظ ودغمائية اليسار الثورية ألا يوجد مكان لمقاربة مغايرة...

1 – عصر الديمقراطية:

 ان الديمقراطية تنتشر في طول العالم وعرضه.

نحن نعيش الآن دون شك في عصر متوجها الى الديمقراطية لأن النماذج الفاسدة في طور التلاشي واحد بعد الآخر وأشكال السلطة تتبدل وأنماط الحكم تطورت شيئا فشيئا لتصل الى مرتبة الدولة بالمعنى الحقيقي للكلمة، كما أن النظريات المغلقة ألقت بها الطبقة الناشئة في مزبلة التاريخ وكذلك الأفكار الكلانية المعادية للروح الديمقراطية باتت مستهجنة من قبل النخب المثقفة والمتعلمة ومحسوما فيها من قبل الشعوب والجماهير وداست عليها الحشود بالأقدام في كافة أرجاء المعمورة.

 ان الكل اليوم دون سفسطة يريد ديمقراطية، وبكل بساطة إننا نعيش لحظة البراديغم الديمقراطي بمعنى أن جملة المشاكل والآراء والأفكار التوجيهية والنظريات والتصورات التي تتعلق بتنظيم العلاقات بين الأفراد فيما بينهم وبين المجتمع والدولة تطرح ضمن المسطح الذي تنبسط فوقه فكرة الديمقراطية،بعبارة أخرى كل من يبحث عن موطن قدم له في المجتمع ومن يريد الحصول على الصحة والتعليم والشغل والمسكن والحياة الكريمة فانه يطلب الحقنة الديمقراطية من أجل تسكين أوجاعه وكأنها وصفة سحرية تنقل عاشقها من العدم الى الوجود ومن الظلام الى النور.

عبر فوكوياما عن هذا التوجه بقوله: يتخذ الطابع العالمي للثورة الليبرالية الراهنة أهمية خاصة ذات دلالة وهذا يشكل فعلا شهادة إضافية بأن هناك عملية أساسية تجري وتفرض صورة مشتركة من التطور على جميع المجتمعات الانسانية وبالاختصار هناك ما يشبه التاريخ الشمولي للبشرية باتجاه الديمقراطية الليبرالية.

ان زراعة شجرة الديمقراطية وتربية الناس على مبادئها ونشر غسيل الاستبداد وترسيخ عقلية المواطنة وثقافة التمدن والسلم كفيل بأن يحقق الاطمئنان والثروة والأمن والازدهار للفرد والمجتمع وعلى صعيد الجسد والروح على السواء ومن ناحية المادة والفكر معا. ان النظام الديمقراطي هو المثل الأعلى الذي ينبغي أن يحاكى والمرحلة الأخيرة من تطور المجتمع البشري وهو الأكثر تعبيرا عن طموح الانسانية لتحقيق جملة أهدافها على الأرض الواقع وهو النظام السلام العالمي الذي يعبر عن تضامن الدول وتعاونها حيث يسود التسامح واللاعنف والتعددية والنسبية والاحترام والاعتراف العلاقات الدولية.

ان موجة الديمقراطية عمت جل بلدان العالم بعد تراجع الانقلابات العسكرية وتصاعد الانتفاضات الشعبية واختفاء بعض الأنظمة الحديدية وتفكك الدول الاشتراكية وبروز الاحتكام الى صناديق الاقتراع والتداول السلمي على الحكم والفصل بين السلطات كطريقة علمية لتسيير الشأن العام بحيث بان بالكاشف اذن أن الديمقراطية يمكن أن تعرف على أنها نظام دستوري أو جمهوري يشتغل فيه مبدأ صوت واحد لكل فرد وحيث يتوفر قدر معقول من تداول السلطة.

لقد عوض الازدهار الاقتصادي حالة الإعياء الإيديولوجي وانتصرت العولمة وقيم التحرر على سياسات الانكماش والشعارات القومية وارتبطت إعادة الهيكلة والخوصصة بتطوير البني التحتية للاستثمار الاجتماعي والسوق الاشتراكي وفشلت صناعات القطاع العام وأسلوب التخطيط المركزي وزادت الحاجة الى المبادرات الفردية والمهن الحرة وظهرت موجة تحررية جديدة في الإنتاج والترويج والاستهلاك. يؤكد صاموال هنتغتون هذه الحقيقة بقوله:خلال السبعينات والثمانينات أكثر من 30 بلدا تغيرت من نظم تسلطية الى نظم ديمقراطية والعديد من الأسباب كانت مسؤولة عن هذه الموجة من التحولات. التطور الاقتصادي بدون شك هو عامل أساسي ساهم في هذه التغييرات...

 لكن اذا كانت الديمقراطية تنتشر بكثافة في جميع أنحاء العالم فإنها غير موجودة وتتعثر كلما حاول البعض الاهتمام بها والانخراط فيها وممارستها في الفضاء العربي وكأن هذه التربة معدة أصلا لرفض هذه النبتة وغير مهيأة لزرعها، فان كانت الديمقراطية هي هدف قابل للتحقيق، فهل هذا الهدف يمكن أن يستديم أم أنها من أكبر أوهام الحداثة؟ أليست الديمقراطية نظام سياسة قابل للتغير ومعرض للفساد؟

2 - انتقادات الديمقراطية:

يتعرض أي نظام ديمقراطي لأطروحات مضادة وهامة...تترسخ بسبب التغيرات الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع الحديث وأيضا بسبب التغيرات العالمية المرافقة للعولمة.

يرى البعض من الشموليين الجالسين على الكراسي لفترة طويلة أن المصلحة القومية والواجب الوطني يفترضان الاحتراس من القيام بإصلاحات ديمقراطية لأن ذلك سيؤدي الى صعود قوى غير ديمقراطية تهدد السلم الأهلي وتسبب الفوضى والخراب لحالة الأمن والاستقرار التي تعيشها بلدانهم بفضل اتباع سياسة وقائية توريثية.

ومن جهة مقابلة يرى بعض المعارضين الحالمين بالجلوس ولو لمرة واحدة على أي كرسي أن القيم الكونية والمبادىء الأخلاقية والسلوكيات المتحضرة تقتضي القيام بإصلاحات ديمقراطية وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وإصلاح الدساتير والقوانين مما يكفل مشاركة الجميع والتشجيع على التنظم في هيئات وجمعيات من أجل المحاسبة والرقابة وتقوية منظمات المجتمع المدني من نقابات وأحزاب وجمعيات ترعى بالدفاع عن حقوق الانسان مع إطلاق حرية الإعلام وحماية الملكية الفكرية ويبررون مطمحهم بأن الحياة الانسانية الحقيقية هي تكون ضمن نظام ديمقراطي يشجع على ارداة الحياة وتنمي طاقات الناس في التفكير والقول والفعل وتجلب السعادة والخير والرخاء.

 هذا الرأي تعززه طموحات القوى المعولمة التي تعتبر النموذج الديمقراطي خيارا سياسيا لابد من تعميمه على جميع دول العالم باعتباره أفضل الأنظمة السياسية الممكنة التي تحقق التنمية والحداثة بالنسبة للشعوب الطامحة الى التقدم والتطوير ويصل بها الأمر الى التبشير به عن طريق البعثات الثقافية ووسائل الاتصال وفرضه عن طريق القوة من خلال الضغط على الأنظمة والتدخل في شؤونها الداخلية وشن الحروب وتغيير الأنظمة بالقوة وتطويعها من أجل خدمة مصالح الرأسمال العالمي.

 لكن المعضلة الكبرى أن الجمهور وأغلبية الناس تعودوا على العلاقة الهرمية مع الذين يحكمونهم ويماثلون بين علاقتهم بربهم بعلاقتهم بسلطانهم ومن المعلوم أن الدين مشتق من كلمة دان ويدين والتي تفيد دانت الشعوب لمليكها أي ذلت له وخضعت وبالتالي فإنها ترضى بحالة الوصاية وتقبل النمط الفرعوني من العلاقة السياسية وتفضل الثبات والاستمرار والاستقرار على التغيير والحركة والانقطاع.

نستخلص اذن الأسباب الأربعة التي تجعل من الديمقراطية مصابة بهشاشة العظام وفاقدة لنقاط ارتكاز صلبة وهي النمط الشمولي التوريثي للحكم والأسلوب البهرج والمزور للمعارضة والبرنامج الاختراقي التوسعي للعولمة وهي عاهات مستديمة لا يقدر أي مجتمع تفكيكها وتفاديها.فلماذا تكاثرت الأصوات المنتقدة للبراديغم الديمقراطي؟

اذا أخضعنا النظام المتبع في العالم اليوم والذي يسمي نفسه بالديمقراطي للنقاش والتقييم الموضوعي فإننا سنكتشف أنه يعاني من العديد من الأمراض وتخترقه تناقضات عديدة وفي حاجة الى الإصلاح وترقيع من أجل أن تدور عجلته ويشتغل محرك بحثه ولذلك تعالت الأصوات المنددة به والباحثة عن بديل عنه وعدم التعويل عليه دائما كنموذج سحري وتجربة ناجحة صالحة لاستنساخ في أي مكان.

في هذا السياق يقول فوكوياما: إننا لا نستطيع تفسير ظاهرة الديمقراطية بشكل مرضي اذا ما حاولنا فقط فهمها بالتعابير الاقتصادية.فالتفسير الاقتصادي للتاريخ يقودنا الى أبواب الأرض الموعودة – الديمقراطية الليبرالية- ولكنه لا يمكننا من اجتياز هذه الأبواب.

تهاجم الديمقراطية من الجهتين المتناقضتين أقصى اليمين وأقصى اليسار دون أن يكون هذا النموذج حكرا على خندق الوسط،فاليمين الديني المتشدد ينظر الى النظام الديمقراطي على أنه يريد أن يفرض قوانين وضعية متعارضة مع قوانين السماء التي يتضمنها الشرع وينادي بالدولة الدينية ويستهجن المطالبة بالعدالة والمساواة بين أفراد غير متساوين بالطبع، أما أقصى اليسار فانه يعتبر النهج الديمقراطي تبريرا سياسيا لتفوق طبقة على البقية وتلطيفا لسيطرتها واستغلالها لمقدرات المجتمع.

ان انتقادات النظام الديمقراطي دواعيها هو مآل هذا النظام ومدى قدرته على الاستمرارية لأن هذا النظام لا يستطيع أن يستمر دون وجود ديمقراطيين في الفضاء العمومي ولكن وجود الديمقراطيين مرتبط باستمرارية باستمرار النظام الديمقراطي وبالتالي فنحن ندور في حلقة مفرغة ودائرة مغلقة.

يعبر فوكوياما عن هذه الانتقادات بقوله: في المدى الطويل فان الديمقراطية الليبرالية هي نفسها يمكن أن تكون عرضة للتخريب إما بسبب الإفراط في رغبة التشوف الأنوي أو بسبب الايزوتيميا التي هي الرغبة المتعصبة في الاعتراف بالمساواة. وبالنسبة لنا فان الحالة الأولى هي التي تمثل في نهاية المطاف الخطر الأكبر على الديمقراطية.

انتقادات الديمقراطية تعود الى عجزها عن تحقيق الثروة والنمو الاقتصادي لأنها تخلف العديد من الضحايا الفقراء وتسبب البطالة والتضخم المالي والكساد وازدياد البون الفاصل بين الطبقات وعوض أن تنشر السلام بين الأمم انخرطت عدة أنظمة تدعي الديمقراطية في نزعات دامية وحروب مدمرة مما قوض السلم العالمي وتحولت الى غول يهدد أمن الشعوب الضعيفة. علاوة على ذلك لم الديمقراطية ملائمة لتحقيق الغايات النهائية للطبيعة البشرية بل تمثل عائق يمنع الناس من الوصول الى أهدافهم وذلك عندما أصيبت بعدوى بيروقراطية الإدارة وشخصنة القرارات وسيطرة اللوبيات وتفشي الرشوة والفساد والمحاباة والموالاة وتوظيف القوانين والسلطات لخدمة الطبقة السياسية الحاكمة. وكما يرى فوكوياما:ان أكبر أعداء الديمقراطية في عصرنا قد هاجموا بالضبط الديمقراطية الشكلية باسم الديمقراطية الجوهرية.

لقد نشبت الآن صراعات بين فئات عدة داخل بعض الدول التي تتبع النموذج الديمقراطي وانخرطت دول ديمقراطية أخرى في نزاع ضد أنظمة ديمقراطية مغايرة كما تحالفت بعض الأنظمة الديمقراطية ضد الأنظمة أخرى غير ديمقراطية وصنفت نفسها ضمن محور الخير واعتبرت الدول التي تحاربها مدرجة طبيعيا ضمن محور الشر ولعل هذا التحالف المقدس بين الديمقراطية والميل الى العدوان وشن الحروب ظل أمرا غير مفهوم بالنسبة لكل المتابعين.لكن هل بقي للحديث عن الديمقراطية معنى بعد هذه الانزلاقات؟

3– تجديد الديمقراطية:

النظم السياسية لا يجب أن تكون جامدة أبدا وأنها تزول ان لم تتطور

يتزايد الاهتمام بالديمقراطية عند معظم الشعوب المحرومة منها والتي تعاني ويلات الاستبداد والكلانية وذلك بغية استنساخها والتعويل عليها في أي عملية إصلاح أو تنمية وفي كل رغبة في تحقيق نهضة مدنية شاملة ومن أجل تأصيل تنوير مستقبلي. لكن الاهتمام بالديمقراطية بالنسبة للدول التي ترسخت فيها التجارب الديمقراطية واستقرت فيها لعبة الانتخابات والتداول السلمي على السلط وآمنت بدور المؤسسات يتضاعف من أجل المحافظة على هذه المكاسب وتفاديا للتدحرج والانحطاط ولأن أحسن وسيلة للحفاظ على النظام الديمقراطي هي إعادة التفكير فيه وابتكار أشكال جديدة له وتطويرها بالاعتراف بالتعددية واستكشاف أشكال جديدة للحقول الثقافية وحقوق الأقليات.حول هذا الأمر يقول فوكوياما:في كل العصور هناك أناس اجتازوا الخطى غير الاقتصادية وخاطروا بحياتهم وأملاكهم للنضال من اجل الحقوق الديمقراطية. لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين أي بدون إنسان ديمقراطي يرغب في الديمقراطية ويقوم بتطويعها وهو في الوقت نفسه يطوع من قبلها.

ان أهم تجديد حدث في الحقل الديمقراطي هو ظهور ما يسمى بالديمقراطية الاجرائية وهي التي تربط تحقيق العدالة السياسية بالتمكن من التمييز بين الحقوق المدنية والحقوق والاجتماعية والحقوق السياسية والحقوق الشخصية المعنوية والعمل على احترامه ان كانت متوفرة والمطالبة بإيجادها ان كانت غائبة.

ويعيد هذا التجديد تسمية الحقوق المدنية بأنها حقوق حريات وتتمثل في حرية التعبير والانتماء والحركة وتحمي الفرد من اعتداءات الآخرين أما الحقوق السياسية فهي حقوق مشاركة ومساهمة وتتمثل في العمل والتأمين والتربية والصحة وتحمي الفرد من اعتداء الدولة، وتسمى أيضا الحقوق الحريات حقوق الشخص وحقوق المشاركة حقوق المواطنة.

ما نلاحظه أن هذا النموذج الجديد لا ينبغي أن يفرض من الخارج على المجتمع بل يتم الوصول اليه إجرائيا بعد الانطلاق من وضع أصلي يغلب عليه الموقف اللاأدري بخصوص البدائل الجاهزة والانخراط في مناقشة جمهورية موسعة يتم خلالها إجراء حوار عقلاني ينتهي بإجماع متقطع أو توافق مؤقت يتميز بحالة من التسامح والتوازن المعقول بين المشاركين والتوصل الى الاعتراف المتبادل بين الشخصيات.

ان المبادئ التوجيهية التي تناضل من أجلها الديمقراطية هي الحرية والمساواة والتضامن وهي مبادئ ضرورية من أجل توزيع عادل للمنافع والمساوئ المادية والمعنوية وبغية احترام الكرامة الانسانية وانجاز تواصل كوني. من هذا المنطلق: ان العدالة السياسية تستند الى مفهوم تواصلي للحرية الجماعية وهذا يدفعنا الى القول في نهاية التحليل بأن العدالة هي رهن بحرية تواصل حقيقي حيث يمكن لكل مواطن تسجيل موضوع للنقاش العلني في جدول أعمال المفكرة السياسية.

لقد بدأت بعض الدول المتقدمة تمارس هذا البراديغم وتعيشه بحكم زعمها وجود ديمقراطيين حقيقيين ونتيجة اعتقاد منظريها أن العقلية الديمقراطية قد تغلغلت في الذهنية الاجتماعية ويجوز اليوم التعويل على هذه الكفاءات لنشرها في مختلف البلدان التي مازالت محرومة من هذه النعمة وبلغة أخرى ان مستقبل الديمقراطية يعتمد كما اعتمد دائما على البعد الدولي ويتركز الاهتمام في النقاش المعاصر حول الديمقراطية على كيفية نشر الديمقراطية في مناطق أخرى من العالم أو العالم ما قبل الحديث .

لكن من أدرانا أن هذه الديمقراطية الاجرائية قد حازت على عظام صلبة؟ وأليست التجربة التاريخية هي وحدها الكفيلة بأن تكشف عن هشاشة عظامها مجددا؟ فهل نستخلص من ذلك أننا في عصر العولمة وفي ظل عودة النمط الإمبراطوري الى التواجد مقبلين كرها على عصر ما بعد ديمقراطي؟

* كاتب فلسفي

........................

المراجع:

جان مارك فيري  فلسفة التواصل  ترجمة عمر مهيبل   منشورات الاختلاف الجزائر الطبعة الأولى 2006

فرانسيس فوكوياما  نهاية التاريخ والإنسان الأخير  ترجمة مركز الإنماء القومي بيروت الطبعة الأولى 1993

فريد هاليداي  الكونية الجذرية لا العولمة المترددة  ترجمة خالد الحروب  دار الساقي الطبعة الأولى 2002

صاموال هنتغتون  صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي ترجمة مالك عبيد أبو شهيوة ومحمود محمد خلف الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع لبيا 1999

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 22 آذار/2008 - 14/ربيع الاول/1429