مسيرة عزاء تتحدى الارهاب وتصل الى سامراء من كربلاء

مكتب المرجع السيد الشيرازي ينتقد عدم جدية العمل لإعمار المرقدين

شبكة النبأ: في مبادرة شجاعة وجريئة جاءت بدعوات وتأييدات سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، وتمت تزامناً مع إحياء ذكرى شهادة الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه، انطلقت من قلب مدينة الإمام الحسين الشهيد صلوات الله عليه قافلة شعبية حاشدة تصدرتها ممثلية المرجع السيد الشيرازي، وضمّت جموعاً غفيرة من الزائرين من أهالي كربلاء المقدسة ومدينة الشطرة التابعة لمحافظة الناصرية، بقصد زيارة العتبات والمزارات المقدسة في مدينتي بلد وسامراء المشرفة، وبالذات مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري سلام الله عليهما، والذي لازال يشكو أمة المسلمين كافة جريمة التفجير والهدم الآثمة التي اقترفتها زمر الإرهاب التكفيري قبل سنتين.

فقد تحرّكت القافلة صباح السبت 7 ربيع الأول 1429 للهجرة، والتي تعدّ الأولى من نوعها، تمكنت وبتوفيق من الباري تعالى وبركة أهل البيت سلام الله عليهك من كسر طوق الحصار الشديد الذي فرضته الجماعات الطائفية والزمر الإرهابية المسلحة حول مدينة سامراء، ومنعها محبّي أهل البيت من الوصول والدخول إليها وزيارة المرقد الطاهر للإمامين العسكريين سلام الله عليهم وإعادة بنائه من جديد، بعد مرور أكثر من سنتين على جريمة تفجيره.

وحال وصول قافلة الزوّار إلى مدينة بلد، توجّهوا لزيارة مرقد مولانا السيد محمد عليه السلام، حيث استقر الجميع في صحن المرقد الشريف ومكثوا فيه لغاية صباح الأحد 8 ربيع الأول، وأقاموا مراسم الزيارة وشعائر إحياء مناسبة شهادة الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه، عبر مجالس عزاء ومواكب سيّارة مهيبة، لاقت مباركة ودعم أهالي مدينة بلد ووجهائها. بحسب تقرير موقع الرسول الاعظم.

ومع الساعات الأولى من صباح الأحد قرّر الزوّار وبإجماع شامل وعزم وإصرار حازم على التوجه إلى مدينة سامراء والوصول إلى داخل مرقد الإمامين العسكريين سلام الله عليهما رغم كل المحاذير والمخاطر المحفوفة، ورغم بعض النصائح التي قدّمتها بعض الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية المنتشرة هناك بالتريث في ذلك. فتمكنت أفواج الزائرين المشفوعة بالإيمان وحبّ الرسول وعترته صلوات الله وسلامه عليهم، من الوصول إلى مركز سامراء، ومن ثم الدخول إلى المرقد الطاهر المهدّم للإمامين سلام الله عليهما وأدّوا مراسم الزيارة وشعائر العزاء بداخله، في مشهد إيماني مؤثر جسّد ذروة العزم والتحدّي الحسيني لكل من هو معاد للإسلام المحمدي الأصيل ونهج وخط آل الرسول محمد صلى الله عليه وآله.

وضمت هذا السيرة ايضا، مواطنون من محافظات كربلاء المقدسة وبغداد والكاظمية وبلد والبصرة والعمارة والكوت الحلة والنجف ومناطق اخرى، وتمكنت بذلك الاعلان عن فشل كل المحاولات التي تبذلها اطراف متعددة لمنع زيارة  المرقدين المطهرين في سامراء وبقية المراقد المقدسة، والتي ظلت سارية المفعول منذ التفجير الارهابي الاول لهما.

وحال انتشار خبر توجه مسيرة العزاء والزيارة من كربلاء الى سامراء، قام اهالي بلد باستقبال المسيرة في بداية مدينتهم، بحفاوة كبيرة وبدموع العزاء والفرح لبدء كسر حاجز منع زيارة المراقد المقدسة في سامراء ، والاعلان عن الاصرار على زيارتها مهما كانت التحديات والمخاطر. وشارك في الاستقبال مسؤولون ورجال دين ومسؤولو مواكب حسينية وتم دعوتهم الى مأدبة غداء في حسينية السور وماجاورها، ومن هناك شكلت المسيرة بمشاركة اهالي بلد موكب عزاء انطلق من بلد الى  مرقد السيد محمد عليه السلام مشيا على الاقدام، وهناك ادى الجميع مراسم الزيارة والعزاء واقيمت لهم مأدبة عشاء في حسينية المربعة.

وفي صباح الاحد أنطلقت مسيرة الزيارة والعزاء من بلد  الى سامراء ، برعاية مؤسسة الرسول الاعظم يتقدمهم امينها العام السيد عارف نصر الله وبمشاركة من اهالي بلد الذين كانوا ينتظروه هذه اللحظة بفارغ الصبر بعدما مل المواطنون سماع وعود رسمية بتامين الزيارة الى سامراء منذ التفجير الاول للممرقدين في العام المنصرم .

وقال مشاركون في المسيرة لموقع نهرين نت:" كانت لحظات تحسب من العمر حقا ،ومشاعرنا لايمكن وصفها حيث كان الجميع في بكاء وحزن والكل ينادي هيهات منا الذلة لبيك يامولاي ياعلي الهادي.. لبيك يامولاي ياعسكري ياأبا الحجة".

واضافوا قائلين:" خرجت قوات كبيرة من الجيش تصاحبها مروحيات لتامين الحماية لنا، وقام الجنود باطلاق النيران معبرين عن فرحتهم لقدوم المسيرة والتي سجلت بداية تاريخ جديد لاتباع اهل البيت الذي كانوا يمنعون من قبل  القوات الامريكية والحكومية من اداء هذه الزيارة".

وقال اخر مشارك في مسيرة العزاء والزيارة:" والله لقد قالوا لنا الجنود وهم يبكون.. اين انتم..؟! لماذا تركتم مراقد ائمتكم..؟! ولماذا لاتزورهم وتتحدوا الارهاب..؟!  تعالوا وكونوا شاهدين على ان لاوجود لإعمار في المرقدين، وحالهما يرثى لها كل انسان غيور، وليس المسلم فقط او من هم اتباع اهل البيت".

وبعد الصلاة القى السيد عارف نصر الله كلمة شكر فيها الحضور على الاستقبال الرائع والحفاوة البالغة التي استقبلوا بها, كما تحدث حول فاجعة سامراء وكيفية الضغط على أصحاب القرار والمرجعيات لإتخاذ اللازم لبناء المرقدين باعتبار كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته وحذر من اللعب السياسية في قضية سامراء ودخولها ضمن لعبة التوافقات..

وعن سؤال وجهه موقع الرسول الاعظم للسيد نصر الله عن الدافع الاساسي للقيام بمثل هذه الخطوة الهامة والجريئة فقال: الدافع الاساسي هو زيارة العتبات المقدسة، وفك الحصار عن المنطقة الذي استمر أكثر من ثلاث سنوات والتي لم يدخلها أي زائرمنذ ذلك الحين, وبعد استغاثة أبناء المنطقة خلال زيارة الاربعين والتشاور معنا حول هذه القضية وان هناك حصار مفروض على المنطقة فقد مرعلى مدينة بلد ومرقد سيد محمد (عليه السلام ) سنة كاملة لم يدخلها اي زائر ولم يخرج منها احد حتى ان المؤن والمواد الغذائية وأسباب العيش قد قطعت على المدينة لمدة سنة فاستغاثوا بممثلية السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) المتمثل بالسيد عارف نصر الله فأعددنا برنامجا لفك هذا الحصار والضغط على اصحاب القرار لتأمين الطريق والاستمرار في تأمينه لمواصلة دخول الزوار لهذه العتبات المقدسة.

واضاف السيد عارف، زارنا وفد من ادارة اعمار سامراء وقدم لنا صور وسيديات عن كيفية بدأ عملية الاعمار وقد لمسنا من خلال الصور أنها قضية اعلامية فقط لذلك قررنا السعي للوقوف على الحقيقة وفعلا دخلنا المرقدين الشريفين ولا أستطيع التعبير او وصف الامر المفجع فان الألسن تكل والاقلام تعجز من ان تعبر عن ذلك الموقف الذي يهز الضمير الانساني من الاعماق.

واضاف، انا اعتقد ان الاخوة المسؤولين قد منعوا الناس من الدخول الى سامراء الا بقرار من رئاسة الوزراء حتى لا تنكشف مدى حجم الكارثة والفاجعة والمصيبة لانها كارثة عقائدية تفوق تصور الانسان, فعندما رايت هول الفاجعة عرفت بانه فعلا من حق السماء ان تمنع عنا بركاتها ولا يستجاب دعائنا لإهمالنا مرقد الامامين العسكريين(عليهما السلام) وعدم المتابعة والسعي الحقيقي لإعماره واعادة بناءه.

وعن لقاءاته بالمسؤولين في سامراء، قال السيد عارف نصر الله، نعم التقيت بعدد من المسؤولين هناك كمحافظ صلاح الدين وقائد عمليات سامراء ومسؤول في لجنة الاعمار وتم التباحث حول امور الاعمار وقد سالت احد المسؤولين هناك، لماذا تم تسليم ملف اعمار المرقدين الى منظمة اليونسكو فهي منظمة عالمية بحماية الآثار, فأجاب: أولا من اجل إعادة نفس الانقاض الى البناء, وحلاً لمشكلة الخلاف بين الوقف الشيعي والسني ومايمكن ان تثيره من حساسيات طائفية.

فقلت: الحقيقة, اما الانقاض فهي ليست كالانقاض الأخرى, وسوف نحتاجها للتبرك في بيوتنا وشفاء مرضانا, وهذا ضمن عقيدتنا.

والقضية الثانية: إن تاريخ بناء القبة والمنارتين لا يعود الى مئات السنين بل اقل من مئة عام ولذا فسوف لن نحتاج الى إعادة الانقاض الى مكانها الاول, وهناك العديد من التصاميم الاسلامية الحديثة, او ان يتم إعادة بناء المرقد الطاهر على غرار العتبة الكاظمية المشرفة فهي تضم ايضا امامين مصومين من ائمة اهل البيت عليهم السلام...

واضاف السيد عارف، اما عن الطائفية فهي لاتحكم هنا بل قانون ادارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الصادر في منتصف كانون الاول عام 2005, والمصادق عليه من قبل الجمعية الوطنية, والذي لم يفعل بعد, والظاهر ان الاخوة تجاهلوا هذا القانون, وأحب ان ان اسال ومن خلالكم، المسؤولين على ذلك لعلنا نحصل على جواب شاف لتسائلنا.

كما إننا لا نتكلم من منطلق طائفي ونقول بصراحة إن نسبة الشيعة في العراق 85 بالمئة, والمراجع العظام داخل العراق وخارجه في العالم كله يطالبون بأن تكون العتبات المقدسة تحت الادارة الشيعية, وهذا حق طبيعي وديمقراطي, فلكل عتبة خصوصية ولكل جهة اسلوبها في ادارة العتبات الخاصة بها.

واضالف السيد، لقد عاتبت الاخ المسؤول عن كل هذا التأخير والتسويف, وان ذلك ليس من مصلحة احد, لأن الحقائق سوف يتم اكتشافها عاجلا ام آجلا امام الشعب, وسوف يعلم ايضا ان حقيقة خدع الوسائل الأعلامية, مهما تم محاصرة المنطقة, ومكان الحادث وسوف تخترق الجماهير الحصار المفروض عليها, ولن يخفى عيه اي شيء بإعتبار ان الشعب العراقي وحدة واحدة, وما عاد العراق كالماضي حين يتم اخفاء الحقائق عنه ايام النظام الديكتاتوري.

مكتب المرجع السيد الشيرازي ينتقد عدم جدية العمل لإعمار المرقدين

هذا وكان مكتب سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله في كربلاء المقدسة، قد وجه رسالة الى رئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني ورئيس الوزراء السيد نوري المالكي ورئيس وأعضاء مجلس النواب العراقي، جاء فيها:

لقد زار وفد من وجهاء كربلاء المقدسة العاملين معنا وبرفقة جمع غفير من الموالين لأهل البيت عليهم السلام مدينة سامراء المقدسة في أجواء أمنية مشددة وعادوا اليوم بانطباع غير جيد.

مما يؤكد عدم جدية العمل لإعمار المرقدين الطاهرين. وانطباعهم موثق بالأفلام الميدانية الناطقة ونحن نقول لكم وبكل صراحة: ان محكمة التاريخ ستحاسب كل الذين عاشوا هذه المرحلة من تاريخ العراق وشاهد فاجعة سامراء الدامية التي أصبحت عاراً وشناراً في جبين العراق.

واضافت الرسالة، ان الاهمال والسكوت مظلمة بحق أهل البيت عليهم السلام، وبحق هذا الوطن ومقدساته لذا فإننا نرى من الواجب الشرعي والوطني علينا أنْ نرفع إليكم مطالبينا وهي كالآتي:

أولاً: يجب تحديد سقف زمني لا يتعدى الثلاثة اشهر والجدية في العمل على مدار الساعة وتكثيف عدد العاملين إلى أعلى عدد ممكن لغرض إنجاز هذه المهمة.

ثانياً: يجب أن يكون العمل بيد شركة عراقية وبأيد عراقية لا أجانب وغرباء لا يعرفون قدسية هذه المراقد الطاهرة.

ثالثاً: يلزم تأمين الطرق للزائرين.

وختمت الرسالة بالقول، اننا لو فُسح لنا المجال، على أتم الاستعداد لتحمل هذه المهمة المقدسة أداءً للواجب وتحملاً للمسؤولية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 20 آذار/2008 - 12/ربيع الاول/1429