بعد خمس سنوات: الوضع في العراق كارثي ولكن هناك تفاؤل..

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: لا يختلف اثنان في اننا اذا ماركنّا الانفتاح والديمقراطية وارتفاع معدل الدخل الفردي في العراق جانباً، فإننا لن نرى سوى صور الدمار واليأس التي خلفتها خمس سنوات من الحرب وكذلك تردي الخدمات لأدنى المستويات بفعل الفساد الاداري والمالي الذي اخترق جميع مفاصل الدولة، بالاضافة الى  المعاناة الكبيرة في قطاعات التعليم والزراعة والصناعة وعموم البنى التحتية، ولكن العراقيين لازالوا متفائلين بمستقبل افضل.

ومع اقتراب الذكرى الخامسة للغزو الأمريكي للعراق، اجمعت اثنان من أبرز المنظمات الدولية على "كارثية" الوضع الإنساني في هذا البلد، في تقريرين رسما صورة قاتمة للأوضاع هناك.

وجاء في تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي" تحت عنوان "المذبحة واليأس" رغم مزاعم تحسن الوضع الأمني خلال الأشهر الأخيرة، إلا أن الوضع الإنساني كارثي."

وأوردت "أمنستي" في تقريرها المكون من  24 صفحة  أنه بسبب فقدان الأمن فإن القانون والنظام والانتعاش الاقتصادي أصبحوا أموراً بعيدة المنال، حيث السواد الأعظم من العراقيين يعانون الفقر ونقص الغذاء والماء الصالح للشرب، فضلا عن ارتفاع نسبة البطالة.

ولفت التقرير إلى أن أكثر من أربعة عراقيين من بين كل عشرة يعيشون تحت خط الفقر، في وقت شارف فيه النظام الصحي والتعليمي في البلاد على الانهيار، فضلا عما تعانيه الفتيات والنساء من مخاطر على حياتهن بسبب التشدد.

ومضى التقرير إلى القول إن الفشل في التحقيق بمزاعم انتهاك حقوق الإنسان في العراق يعد واحداً من أهم ما يستدعي القلق مستقبلاً.

وذكر التقرير أنه على الرغم من أن ما يتداول من تحسن الأمن في الأشهر الأخيرة فإن وضع حقوق الإنسان ما زال كارثياً.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر: العراق أزمة إنسانية لا تلين

وبدورها، وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقريرها الصادر تحت عنوان: "العراق: أزمة إنسانية لا تلين" جاء فيه أنه " رغم التقدم المحدود على صعيد الأمن في بعض أنحاء العراق، إلا أن للعنف المسلح تأثيراً كارثياً.. ومازال المدنيون يذهبون ضحية العمليات القتالية.""

ورغم التحسن الأمني المحدود في بعض المناطق ما زال العنف المسلح يخلف أثراً كارثياً. ومازال المدنيون يذهبون ضحية العمليات القتالية. أما الجرحى فلا يتلقون في غالب الأحيان ما يكفي من الرعاية الطبية.، وفق المنظمة الدولية.

وذكرت اللجنة أنه بعد خمس سنوات على اندلاع الحرب في العراق ظل الوضع الإنساني في معظم أنحاء البلاد من بين الأوضاع الأكثر خطورة في العالم. وقد حرم النزاع ملايين العراقيين من الحصول على ما يكفي من المياه وخدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية.

وفي بعض مناطق البلاد التي يسكنها 27 مليون نسمة لا توجد شبكات للمياه والصرف الصحي وأرغمت امدادات المياه العمومية الضعيفة بعض العائلات على انفاق ثلث دخلها الشهري الذي يقدر معدله بنحو 150 دولارا شهريا على شراء مياه الشرب النظيفة.

وقالت اللجنة الدولية "بعد خمسة أعوام من اندلاع الحرب في العراق أصبح الوضع الانساني في معظم أنحاء البلاد من بين أكثر الأوضاع خطورة في العالم" واصفا نظام الرعاية الصحية في العراق بأنه "بات الآن في حال أسوأ من ذي قبل."

واللجنة التي مقرها سويسرا مفوضة بمساعدة ضحايا الحروب ومراقبة الالتزام بالقانون الدولي للحرب الذي تحدده اتفاقيات جنيف.

وقال التقرير ان عشرات الالاف من العراقيين اختفوا منذ بدء الحرب. وكانت الحرب تستند الى تقارير خاطئة للمخابرات الامريكية تشيرالى ان صدام كان يخفى أسلحة الدمار الشامل. ولم يتم العثور على شيء منها.

وقال التقرير "كثير ممن قتلوا في أعمال العنف الحالية لم يتم التعرف عليهم لان نسبة مئوية صغيرة من الجثث تسلم الى المؤسسات الحكومية مثل معهد الطب الشرعي في بغداد."

وتقدم اللجنة الدولية للصليب الاحمر معدات الطب الشرعي الى معاهد الطب العدلي والشرعي لتمكنها من فحص عينات الحمض الاميني ومقارنتها بعينات من العائلات التي تبحث عن ذويها المفقودين.

وجاء في التقرير ان المسؤولين العراقيين يعتقدون ان اكثر من 2200 طبيبا وممرضة قتلوا و250 اختطفوا منذ عام 2003. وتشير الاحصاءات الى ان 20 الفا من الكوادر الطبية (من مجموع 34 الفا) قد اضطروا الى مغادرة البلاد منذ الغزو الامريكي.

وجاء في التقرير ايضا ان عشرات الآلاف من العراقيين قد اختفوا منذ بدء الحرب عام 2003، وان "العديد من ضحايا العنف الحالي لم يجر التعرف عليهم لأن نسبة قليلة جدا من الجثث التي يعثر عليها تسلم الى السلطات الطبية القضائية."

هذا ويحاجج الامريكيون ومسؤولو الحكومة العراقية بأن الوضع الامني قد تحسن في العراق منذ بدء الحملة الامنية الاخيرة في العام الماضي التي زجت الولايات المتحدة لاجلها بقوات اضافية بلغت 30 الف جنديا.

الفقر والمعاناة يبددان أحلام العراقيين

بوصفه مراهقا حلم مازن طاهر أن يأتي الغزو الأمريكي للعراق بالحريات والديمقراطية عقب الإطاحة بالدكتاتور صدام حسين.

لكن بعد خمس سنوات من عنف لا يتوقف ومع بلوغه بداية مرحلة الشباب تبددت آماله وحل محلها اليأس.

يقول طاهر الذي كان في الخامسة عشر من عمره حين جاء الأمريكيون " انه أمر محزن وغريب. تحول الحلم العراقي إلى كابوس."

وأضاف "حين كنت صغيرا حلمت بالخلاص من الدكتاتورية لتحل محلها الديمقراطية. رحل صدام ولكن حال العراق أسوأ. يسقط قتلى يوميا والساسة العراقيون كاللصوص.. انها لعنة من الله."

كان مستقبل طاهر أمامه وقلبه مفعم بالأمل قبل الغزو. ولكنه اليوم مثل كثيرين ممن تحولوا من مرحلة المراهقة إلى الرشد خلال الاحتلال يريد مغادرة البلاد.

وكانت فاطمة عبد المهدي في السابعة عشر من عمرها حين غزت الولايات المتحدة العراق.

وتقول "حين اطيح بصدام اعتقدت ان أبواب السعادة فتحت وانني سأكف عن ارتداء الملابس المستعملة وابدو مثل الفتيات اللائي اراهن على شاشات التلفزيون."

والآن تعمل فاطمة معلمة في ميناء البصرة الجنوبي ولكن مثل كثيرات في سنها تقول ان حياتها اضحت أسوأ واسرتها افقر بعد خمس سنوات من عدم الاستقرار والمصاعب.

وتابعت "لا زلت ارتدي ملابس مستعملة. اذا امكنني ايجاد فرصة عمل ولو في السودان أو الصومال فسأهرب من العراق في اسرع وقت ممكن. ليتني لم اولد في العراق."

ويخشى أطباء نفسيون من ان الشبان العراقيين الذن تبددت احلامهم في سن المراهقة قد يلجأون لحلول أكثر عنفا من مجرد السعي لمغادرة البلاد.

ويقول حيدر عبد المحسن الطبيب النفسي بمستشفى ابن رشد في بغداد ان تبدد الأحلام والفقر يجبران كثيرين من المراهقين والشبان في بداية مرحلة الرشد على ترك الدراسة والجامعة مبكرا.

ويصبح هؤلاء الشبان الذين تغشاهم المرارة بلا اتجاه واهدافا سهلة للمسلحين الذين ارتكبوا أعمال عنف أدت لمقتل عشرات الآلاف من العراقيين منذ بدء الغزو.

وذكر عبد المحسن لرويترز "تلك بداية المعاناة. يتركون الدراسة لانهم يعتقدون انها لن تضمن لهم مستقبلا باهرا."

ويقول "حينئذ تستغل جماعات مسلحة بعضهم في ارتكاب أعمال عنف. المراهقون هدف سهل."

ويعاني بالغون اصغر سنا أيضا ولكن بشكل اخر حين يرون كيف يعيش نظراؤهم في دول عربية اغني وأكثر استقرارا وفي الغرب. وتعني المخاوف الأمنية صعوبة الحفاظ على الروابط الاجتماعية وقلة وسائل الترفيه المتاحة.

وفي غياب احصاءات يقول عبد المحسن ان عدد المرضى الذين يعالجهم الآن بات أكثر منه قبل عام 2003.

ويضيف "في اغلب الحالات يأتي أفراد من الاسرة يشكون من انهم يعانون من أرق أو يتعاطون مخدرات أو يعانون من مشاكل نفسية."

وبالطبع فان آلاف العراقيين الذين فقدوا افرادا من اسرهم جراء العنف يكابدون ألما أكثر حدة.

فصابرين جواد سنية في الحادية والعشرين من عمرها تركت الدراسة عقب مقتل والدها الذي كان ضمن الحرس الجمهوري لصدام أثناء الغزو.

وتقول الشابة التي كانت تعشق والداها الذي دللها "هل يمكنك تصور مشاعري./التحول/ من حياة اجتماعية وخدم ورفاهية إلى اسرة مشردة". وكانت اسرتها قد فرت إلى سوريا ولم تعد إلى بغداد إلا في الآونة الأخيرة.

يقول عبد المحسن ان عددا كبيرا من الشبان العراقيين اضحوا أكثر تحفظا وانطواء بينما أصبح الشبان الأكثر قوة أكثر عملية في التعامل مع ما يحدث.

كان نور الدين إبراهيم من مدينة بعقوبة شمالي بغداد في الخامسة عشر ويدرس في المدرسة الثانوية حين غزت قوات تقودها الولايات المتحدة العراق.

وكغيره حلم بحريات لم تكن تخطر على بال أحد في عهد صدام. وبدأت هذه الأحلام تخبو بعد نحو عام حين بدأت المتاجر تغلق ابوابها فيما اضحت بعقوبة معقلا للمسلحين وساحة للاقتتال الطائفي.

ويدرس إبراهيم في بغداد حاليا لنيل شهادة في الفنون ويقول انه اعتاد التوقف المستمر عن الدراسة بعدما اضحت الجامعات هدفا للهجمات.

ويقول "ندرس يوما ثم نمكث في المنزل عشرة أيام. احب كرة القدم وهذا يعني ان بوسعي ممارسة رياضتي المفضلة."

في استطلاع للرأي: العراقيون أكثر تفاؤلا

 وأظهر استطلاع للرأي أجري لصالح مؤسسات إعلامية عالمية كبرى أن العراقيين الآن "أكثر تفاؤلا" بحياتهم ومستقبلهم، من أي وقت مضى خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وقد اجري الاستطلاع لصالح عدد من الشبكات الإعلامية (بي بي سي وايه بي سي إضافة إلى أن أتش كيه اليابانية وأيه آر دي الألمانية.

الوضع الامني

62 بالمئة: الوضع الأمني جيد

61 بالمئة: القوات الأجنبية تفاقم الوضع

وتبين نتائج الاستطلاع أن 55 بالمئة من العراقيين ، يرون أن حياتهم "جيدة" مقارنة بـ 39 بالمئة فقط حسب نتائج استطلاع أجرى في أغسطس/ آب 2007.

ويخلص لاستطلاع الذي أجري في الفترة مابين 12 و20 فبراير/ شباط 2008 إلى أن العراقيين "متفائلون بالنسبة للمستقبل" وترى الغالبية أن تحسن الوضع المعيشي سيتواصل "رغم وجود بعض المشاكل في توفير المتطلبات الأساسية" كالكهرباء والماء إضافة إلى عدم توفر فرص عمل كافية.

الحياة بشكل عام

55 بالمئة جيدة

45 بالمئة ستكون أفضل

وتعتقد غالبية المشاركين في الاستطلاع وعددهم 2,228 شخصا من مختلف المحافظات العراقية، أن مستوى الأمن في مناطقها قد تحسن مقارنة بالسنة الماضية، لكن الهاجس الأمني لا يزال المشكلة الرئيسية في البلاد.

العراقيون منقسمون لكنهم أقل تشاؤما 

وترى غالبية العراقيين أن وجود القوات الأمريكية زاد من سوء الوضع الأمني، لكن عدد الذين يريدون انسحابا فوريا لتلك القوات قد هبط مقارنة بالسنة الماضية.

وتشير النتائج إلى أن 33 بالمئة فقط من سكان المناطق السنية يشعرون بأن حياتهم الآن أفضل لكن هذه النسبة ترتفع في مناطق الشيعة الى 62 بالمئة و73 بالمئة في كرستان.

وحول ما يتوقعه العراقيون لبلادهم خلال سنة من الآن يرى 45 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع بأن الأمور ستكون أفضل في حين كانت النتيجة، وذلك مقابل 23 بالمئة في استطلاع أجري في أغسطس آب الماضي.

الثقة بالحكومة وقوات الأمن والميليشيات

43 بالمئة يثقون بأداء الحكومة

67 بالمئة يثقون بقوات الأمن

22 بالمئة يثقون بالميليشيات

وفي ما يتعلق بالوضع الأمني يرى 62 بالمئة من المشاركين من جميع المناطق أن الأمن في مناطقهم "جيد" مقارنة بـ 43 بالمئة العام الماضي. لكن نصف الذين شملهم الاستطلاع من جميع المناطق يرون أن الأمن هو العقدة الرئيسية في العراق بينما يتوزع النصف الآخر على اختيار مصاعب أخرى سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية.

ولا تزال نسبة الذين يرون أن وجود القوات الأمريكية جعل الوضع أكثر سوءا عالية، إذ بلغت 61 بالمئة رغم أنها أقل من النسبة التي استخلصها استطلاع أغسطس العام الماضي (72 بالمئة)، وفي نفس الوقت يريد 38 بالمئة خروج القوات الأمريكية حالا أي أقل بـ 9 بالمئة حسب الاستطلاع السابق.

ويتفق العراقيون من المناطق التي يسكنها الشيعة أو السنه في تقييم نوعية الحياة التي يعيشونها من حيث توفر بعض ضرورات الحياة كالكهرباء والماء والوقود والرعاية الصحية، إذ ترى نسبة عالية من المستطلعة آراؤهم أن مستوى تلك الخدمات رديء، على عكس ما يراه سكان المناطق الكردية.

لكن الموقف يختلف إزاء توفر المواد الغذائية والمنزلية الأساسية إذ يرى 69 بالمئة أنها متوفرة مقارنة بـ 38 بالمئة العام الماضي.

مستقبل العراق

66 بالمئة مع عراق موحد

32 بالمئة مع حكومات محلية

9 بالمئة مع استقلال المنطقة التي ينتمون إليها

الثقة بالحكومة

واستعادت الحكومة بعض الثقة بها، حيث هبطت هذه الثقة من 53 بالمئة عام 2004 إلى 39 بالمئة في مارس/ آذار العام الماضي، ثم عاودت الارتفاع في الاستطلاع الحالي إلى 49 بالمئة.

كما ارتفعت قليلا الثقة بالأمريكيين لكنها لم تحقق المستوى الذي حققته في الفترة بعد الدخول إلى العراق. فقد كانت نسبة العراقيين الذين يثقون بالقوات الأمريكية وقوات التحالف 25 بالمئة في استطلاع فبراير/ شباط 2004. لكن نسبتهم هبطت الى 14 بالمئة في استطلاع 2007 ثم ارتفعت قليلا الى 20 بالمئة في الاستطلاع الحالي.

أما الثقة بالميليشيات المحلية فقد هبطت الى 22 بالمئة مقارنة بـ 36 بالمئة في عام 2007، واللافت أن ثقة الشيعة بالميليشيا انحدرت من 51 بالمئة في مارس/ آذار 2007 إلى 28 بالمئة في فبراير/ شباط 2008.

وهذا هو الاستطلاع الخامس من نوعه الذي يجرى منذ دخول القوات الأمريكية للعراق وإزاحة النظام السابق من الحكم.). وكانت استطلاعات مشابهة للرأي قد جرت في فبراير/ شباط 2004 ونوفمبر/ تشرين الأول 2005 وفبراير 2007 وأغسطس/ آب 2007.

إنخفاض أعداد المقاتلين الأجانب المتسللين للعراق لنحو 40 شهريا 

وفي سياق متصل قال مسؤول في الجيش الأمريكي إن (90%) من العمليات "الإنتحارية" في العراق ينفذها مقاتلون أجانب معظمهم شباب "مغرر بهم"، مضيفا بأن المتسللين منهم إلى البلاد من سورية انخفض عددهم لما بين (40-50) مقاتلا شهريا.

وأضاف مدير شعبة الإتصالات في الجيش الأمريكي الأدميرال جريجوري سميث، خلال مؤتمر صحفي عقده في بغداد اليوم (الأحد)، أن " المعركة في العراق قاسية.. معركة بين أقلية قاتلة تريد زعزعة البلاد من خلال قتل الناس الأبرياء عشوائيا وممارسة حملة من الإرهاب والتخويف لكي يغرسوا عقيدة أجنبية فاسدة من الحقد والتفرقة، وبين أغلبية ساحقة من العراقيين الذين يرفضون هذه العقيدة والعنف ويريدون بناء العراق الجديد."

وذكر أن معظم العنف الذي يشهده العراق "ينفذ من قبل مقاتلي (القاعدة) الأجانب."

وعرض سميث ما قال إنه "نتائج استجواب (48) من هؤلاء المقاتلين الأجانب المعتقلين"، لافتا  إلى أنه اتضح منها أن المستجوبين "من الذكور غير المتزوجين، ومتوسط أعمارهم (22 سنة) ومعظمهم ليس لديهم خبرة عسكرية، مالم يكونوا جاءوا من بلدان فيها خدمة عسكرية إلزامية."

وأشار إلى أن هؤلاء المقاتلين "كانوا في الأصل منخرطين في وظائف من ذات الأجور القليلة، مثل سواق التاكسي وعمال البناء، وهم منحدرون من عوائل تصنف اقتصاديا من العوائل الفقيرة والمتوسطة، وهم من عوائل كبيرة العدد ولم يجدوا الفرصة لإثبات أنفسهم."

وقال سميث إن أغلب هؤلاء " أرادوا ممارسة التأثير، ولم يخبروا عوائلهم بأنهم ذاهبون إلى العراق للقتال مع (القاعدة) خوفا من الرفض"، زاعما أن المعتقلين "وصفوا آبائهم بأنهم قساة ومتعسفون"، وأن تربيتهم "كانت، في أغلب الأحيان، تربية دينية.. لكن ليست متطرفة."

وأوضح المسؤول العسكري الأمريكي أن تجنيد هؤلاء الشبان "يتم بواسطة حوارات تبدو غير ضارة حول الإسلام، ثم بعد أسابيع تتحول الحوارات من خلال المجندين إلى التفسيرات المشوهة للإسلام والجهاد في العراق."بحسب اصوات العراق.

وذكر أن الإتصالات مع هؤلاء "كانت تبدأ في المساجد المحلية أو أماكن العمل، وبعدها يتم دعوتهم إلى مناقشات أكبر في مساجد يرتادها المجندون، حيث تبدأ عملية التلقين من خلال عرض أفلام فيديو عن الوضع في العراق، تظهر ما يفترض أنه انتهاكات للعراقيين يقوم بها الأمريكيون، كما تصور هجمات (القاعدة) ضد القوات الأمريكية."

وأشار سميث إلى أن عملية التلقين استخدمت "موضوعين رئيسين، هما أن الأمريكيين ينتهكون الناس في العراق، وأن واجب المجندين هو الإنتقام من هذه الانتهاكات بالإنضمام إلى جهاد (تنظيم) القاعدة في العراق."

ومضى قائلا " الإرهابيون المعتقلون أخبرونا بأن أفلام قناة ( الجزيرة) كانت تستخدم، عادة، في عملية التلقين بهذه الجلسات."

وقال مسؤول الإتصالات في الجيش الأمريكي بالعراق "معظم الإرهابيين جاءوا عن طريق الجو إلى دمشق، ثم (من سورية) عن طريق البر إلى العراق."

وأضاف "هؤلاء المتطوعون الأجانب أخبرونا عند وصولهم إلى العراق، قصصا متماثلة لما حدث لهم، وأن أعضاء (القاعدة) في العراق عاملوهم بارتياب ونظروا إليهم نظرة استصغار، وعاملوهم بقسوة وتم عزلهم، وانقصت عنهم المواد الغذائية، خصوصا الذين جاءوا لتنفيذ عمليات انتحارية."

وتتهم الإدارة الأمريكية سوريا بتسهيل تهريب المقاتلين الأجانب إلى العراق، عبر الحدود بين البلدين، وهو الاتهام الذي تنفيه دمشق باستمرار، وتقول إنها تتخذ الإجراءات اللازمة لضبط الحدود على جانبها.

وزاد سميث قائلا " أثناء استجواب الأشخاص الـ (48) أخبرونا أنه قد غرر بهم، بعد أن وعدوهم بأنهم سيقاتلون الأمريكيين.. لكن أملهم خاب عندما عرفوا أن أغلب العنف الذي شاهدوه كان موجها إلى الشعب العراقي."

وتابع "كما اشتكى هؤلاء من أنهم ضللوا عندما أخبروهم أن (القاعدة) منتصرة في العراق، وبدلا من ذلك وجدوا منظمة مطاردة بشكل دائم من قبل قوات الأمن، ومرفوضة من الشعب العراقي."

وذكر أن هؤلاء الأشخاص "قالوا إنهم فقدوا الثقة، وكانوا فقط يريدون العودة إلى أهلهم.. لكن المسؤولين عن تهريبهم إلى (القاعدة) أخذوا جوازاتهم وأموالهم، وأصبحوا محاصرين ويائسين."

وكشف سميث عن أنه "في منتصف العام (2007) كان يدخل إلى العراق (120) مقاتلا أجنبيا كل شهر"، مشيرا إلى أن هذا العدد " انخفض الآن إلى ما بين (40 - 50) مقاتلا شهريا."

وأضاف قائلا "(41 %) من هؤلاء الإرهابيين الأجانب جلبوا إلى العراق من بلدان شمال وشرق إفريقيا، و(40 %) جاءوا من السعودية."

وأوضح المسؤول العسكري الأمريكي أن الإنخفاض في أعداد المتسللين "بسبب عوامل عدة، منها قدرة قوات التحالف والأمن العراقي، وتضييق إجراءات التأشيرة والهجرة، وتعزيز أمن الحدود والمطارات، بالإضافة إلى زيادة الوعي في البلدان التي يأتي منها المتطوعون."

وقال سميث "(50 %) تقريبا من الإرهابيين الأجانب الذين يأتون إلى العراق يقومون بالعمليات الإنتحارية، و(90 %) من القائمين بالعمليات الإنتحارية في البلاد هم من (الإرهابيين) الأجانب."

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 20 آذار/2008 - 12/ربيع الاول/1429