كربلاء ألمٌ مستمر: بين تحديات الإرهاب الاقليمية وصِراعات الأحزاب المحلية

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: فيما كان الوقت يقترب من اذان المغرب عصر يوم الاثنين دوى انفجار هائل في قلب مدينة كربلاء المقدسة مخلفا عشرات الضحايا من القتلى والمصابين ممن كانوا في ركن "المخيم الحسيني" الذي يبعد حوالي مئة متر عن ضريح الإمام الحسين (ع).

وفور وقوع الاعتداء هرع الناس لرفع الجثث واسعاف الجرحى تمهيدا لنقلهم الى المستشفيات وسط ارتباك واضح في رد فعل الاجهزة الأمنية التي ضربت طوقا محكما حول مكان الحادث مانعةً الجموع المتأثرة من الوصول اليه ومعلنة حظر التجوال في المدينة المقدسة.

يقول خيري صالح، شاهد عيان، بينما كنت في الطريق الى بيتي الذي يقع في منطقة المخيم القريبة من مكان الحادث، استوقفني احد المعارف قليلا وبينما كنت اسلم عليه دوى الانفجار على بعد خمسين متر تقريبا عنّا، وبعد ان انقشعت الأتربة وزال الغبار لم أرَ سوى اكوام لحم بشرية متناثرة وعشرات الجرحى من عُمّال المَسطَر والكَسَبة الذين كانوا يفترشون الارض باغراض بسيطة يبيعونها بحثا عن لقمة عيش لعوائلهم.

كما شاهدتُ العديد من الزوار الاجانب واغلبهم من الايرانيين، وهم في حالة فوضى وخوف نتيجة موت واصابة البعض منهم بالانفجار.

وقال شاهد عيان اخر لم يشأ ذكر اسمه، ان الدمار الذي خّلفه الانفجار كان كبيرا جدا بحيث لم نستطع معرفة ما اذا كان عملا انتحاريا او عبوة ناسفة مزروعة مسبقا، فقد كانت اكوام القتلى والجرحى والمشوهين في وضعية كارثية لا يمكن تصورها.

وتراوحت ردود افعال المواطنين الاخرى بين مُستهجن لضعف الفاعلية في الاجراءات الامنية المخصصة لحراسة المنطقة، وبين باحث عن خلفيات التهيئة لمثل هكذا اعتداء مريع في "اكثر مناطق كربلاء بل العراق حماية امنية".

ارتفاع حصيلة الانفجار إلى 47 قتيلا و75جريحا 

وذكر مدير إعلام صحة كربلاء،الثلاثاء، إن حصيلة الانفجار ارتفعت إلى 47قتيلا و 75 جريحا بينهم نساء وأطفال، معظمهم حالتهم خطرة وهناك أشلاء غير معروفة لعدد آخر من القتلى.

وأوضح سليم كاظم، لوكالة أصوات العراق أن "حصيلة التفجير الذي وقع مساء الاثنين بالقرب من ضريح الإمام الحسين في كربلاء ارتفعت إلى 47 قتيلا و (75) جريحا".

وأضاف أن "هناك أشلاء مقطعة ومحترقة بين القتلى لأشخاص لم تحدد هوياتهم بعد"

وأشار إلى أن خمسة من الزوار الإيرانيين بين القتلى وثمانية بين الجرحى.

وكانت منطقة المخيم التي تبعد (300) متر عن مرقد الإمام الحسين وسط كربلاء شهدت، مساء الاثنين، انفجارا أسفر في حصيلته الأولية عن مقتل 40 مدنيا، وإصابة 71 آخرين بحسب مصدر طبي.

وشهد وسط مدينة كربلاء بعد الانفجار انتشارا واسعا للأجهزة الأمنية التي أعلنت حظر التجوال في المدينة القديمة، حتى إشعار آخر.

وقال شهود عيان إن الأجهزة الأمنية انتشرت في شوارع كربلاء، وان سيارات الشرطة تجولت في أرجاء المدينة، معلنة بدء حظر التجوال عبر مكبرات الصوت.

مدير شرطة كربلاء: الانفجار سببه عبوة ناسفة واعتقال ستة من المشتبه بهم 

من جهته قال مدير شرطة كربلاء إن الانفجار نتج عن عبوة ناسفة من صنع محلي داخل المدينة وليس انتحارية فجرت حزامها الناسف كما أشيع، مضيفا انه تم اعتقال ستة من المشتبه بهم على خلفية الحادث.

وقال اللواء رائد شاكر جودت خلال مؤتمر صحفي عقده في مبنى قيادة الشرطة "ما حدث عند مغيب الشمس هو انفجار عبوة ناسفة وليس انتحارية كانت ترتدي حساما ناسفا".

وأضاف" خبراء المتفجرات أكدوا إن العبوة هي من تصنيع محلي وصنعت  داخل مركز المدينة".

وأشار" الذين خططوا وصنعوا العبوة الناسفة يعرفون إن الإجراءات الأمنية المشددة وسيارات ومعدات كشف المتفجرات تمنعهم من إدخالها إلى وسط المدينة فصنعوها في الداخل"منوها إلى إن " الهدف من هذا الانفجار هو التأثير على معنويات المواطنين وتصعيد الغضب ضد العناصر الأمنية وإسقاطا للنجاحات المتحققة مثلما هو إسقاط للحكومة المحلية".

مكتب الصدر بكربلاء يستنكر حادث التفجير ويتهم "التكفيريين" بتدبيره 

من جهة اخرى استنكر مدير مكتب الشهيد الصدر في كربلاء حادث الانفجار الذي وقع مساء، الاثنين، في المدينة، واتهم  "الجماعات التكفيرية" بالوقوف وراء الحادث، واصفا إياه بالعمل الإرهابي الذي يستهدف وحدة المسلمين وليس طائفة بذاتها.

وقال عبد الهادي المحمداوي لوكالة اصوات العراق أن"هذا الانفجار الذي وقع في ساحة المخيم وبالقرب من مكتب الشهيد الصدر(30م عن المكتب) لا تقوم بمثل هذه الأعمال إلا الجماعات التكفيرية." مضيفا ان "الانفجار يستهدف وحدة المسلمين مثلما يستهدف النسيج العراقي"

وتابع " التكفيريون اخذوا يستخدمون هذه المرة النساء في أعمالهم داخل كربلاء لان لا مجال لهم بالوصول إلى ضريحي الإمام الحسين وأخيه العباس."

واستطرد "لو كان باستطاعتهم الوصول إلى العتبتين لنفذوا أعمالهم التكفيرية." منوها الى ان " عمليات التفتيش الجيدة حول المنطقة جعلت هذه الانتحارية تنفذ عملها بالقرب من مكتب الشهيد وهذا له دوافع دنيئة ".

القبض على شرطي بتهمة زرع عبوة ناسفة في كربلاء 

وذكر مدير شرطة كربلاء وقائد عملياتها إن الأجهزة الأمنية ألقت، الاثنين، القبض على احد عناصر الشرطة بتهمة زرع عبوة ناسفة قبل نحو أسبوع.

وقال اللواء رائد شاكر جودت "ألقت الأجهزة الأمنية القبض على احد العناصر المسؤولة عن زرع عبوة ناسفة في احد الطرق الرئيسية وهو احد عناصر الشرطة وينتمي إلى إحدى الجهات السياسية." من دون ذكر تفاصيل أخرى.

وتابع" المتهم اعترف أثناء التحقيقات بمسؤوليته عن زرع العبوة ناسفة."

وكانت عبوة ناسفة انفجرت على الطريق المؤدي إلى حي الحر والقريب من مستشفى النسائية والتوليد( 2كم جنوب كربلاء ) في الحادي عشر من الشهر الجاري أثناء محاولة عدد من العناصر الأمنية تفكيكها وتسببت بجرح خمسة من العناصر الأمنية وطفلا كان متواجدا في المنطقة.

مدير الشرطة ينفي وجود تصفيات سياسية تقوم بها الأجهزة الأمنية 

من جانب اخر نفى مدير شرطة كربلاء، إن تكون عمليات الاعتقال الجارية في المدينة هي للتصفيات السياسية، وقال ان ما يجري من عمليات دهم واعتقال هي بحق الخارجين عن القانون، واصفا الاتهامات الموجهة لجهازه بهذا الخصوص بأنها "إشاعات وخطاب تحريضي لا يخدم المدينة". 

وأوضح اللواء جودت ردا على الاتهامات التي وجها مدير مكتب الشهيد الصدر في مؤتمر صحفي عقده اليوم"لا توجد تصفيات سياسية تقوم بها الأجهزة الأمنية في المحافظة." مبينا ان "جميع الإجراءات المتخذة والمتمثلة بعمليات دهم وتفتيش وحملات اعتقال تجري بحق الخارجين عن القانون ومن اجل الحفاظ على امن واستقرار كربلاء ".

وكان مدير مكتب الصدر في كربلاء اتهم بوقت سابق من اليوم محافظ كربلاء وقائد شرطتها بمحاولة تصفية التيار الصدري مناشدا رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورؤساء الكتل النيابية في المجلس وممثل الأمم المتحدة في العراق بالاطلاع على خفايا مايجري للصدريين على أيدي الأجهزة الأمنية.

وقال الشيخ عبد الهادي المحمداوي في مؤتمر صحفي عقده اليوم، الاثنين، في مقر المكتب بكربلاء أن "هذه الهجمة يقودها محافظ كربلاء ومدير الشرطة ورئيس الوزراء نوري المالكي باعتباره مشرفا على غرفة العمليات وهو راض لما يجري لأبناء التيار الصدري". مضيفا أن "هؤلاء يستخدمون أساليب ملتوية لإخفاء ما يجري عن أعين الناس وتزوير الحقائق وإعطاء وعود كاذبة لحل الأزمة".على حد قوله.

ونفى مدير الشرطة أيضا "وجود محتجزين لديه ولم يطلق سراحهم ضمن قرار العفو العام  وقال"ما لدينا موقوفين وفق أوامر قضائية" منوها الى ان "لجان في حقوق الإنسان كثيرة والبرلمان العراقي زارت الموقوفين واطلعت على ملفاتهم."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 19 آذار/2008 - 11/ربيع الاول/1429